مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
سيدة المدائن الثائرة
جمال انعم
عز كلها ساحة حرية ، ميدان ثورة ، أرضٌ غضبى ، فضاءٌ ملتهبٌ يستعصي على التطويق والحصار والإقتحام .

الثورة لم تعد خيمة منصوبةً في قلب الشارع ، هي الآن : وطنٌ ’’ منتصب القامة يمشي ’’ هي الآن : شعبٌ واقفٌ في وجه الطغيان .

أدت الخيمة مهمتها، أدت الساحات دورها ، وأوى الشعب إلى ذاته ، أوى إلى حريته وكرامته ، الثورة لا تؤطرها اليوم الساحات ،لا تحددها الخيام ، لقد صارت مفتوحة على فضاء الوطن كله .

خيمتنا أتسعت ، إرتفعت ، إمتدت ، ضربت أوتادها عميقاً في اليمن .

الخيمة التي يحرقها صالح الأن قد أنجزت حرقه ، أشعلت الوطن في وجهه جحيماً يطالبه الرحيل ، الساحة التي يحتلها أخرجته بعيداً كنفاية، طردته كوباء .

من يحكم الآن ؟الخيمة أم القصر ؟ الأحرار في الساحات أم عبدُ السلطة سجين الأسوار .

يهاجم صالح بعصابته ساحة الحرية بتعز وقد تحرر الوطن منه ، يهجم بقتلته وقد عانق الشعب الحياة وتخلص من خوف الموت ، وأبى التكسر والإنكسار .

تدفع تعز ثمن تقدمها وتصدرها هذا المد العظيم ، تعز فاتحة المجد ، وأول الحشد ، أم الشهداء وسيدة مدائننا الثائرة ، الحالمة المقاومة ، أرتنا كم هي الأحلام والأشواق قادرة على أن تخمش وجه البغي ، وتسقط خرافة الإستبداد .

تعز هزمت صالح في العمق ، أذلت كبريائه منذُ البدء ،سلخت غروره ، أرته كم هو ضعيف وهش وأيلٌ إلى الزوال .

يبدي صالح عنفاً مفرطاً ضد أكثر المناطق إهانةً وإذلالاً له ، يتعامل بجنون مع الرجال الذين أروه قزميته . يواجه مذلاته بوحشية في نهم وأرحب والحيمتين وفي الحصبة بصنعاء ، حيث يقف شيخُ حاشد واخوته في تحدٍ وقد سدوا دونه كل المسالك والدروب ، أيام من الحرب الضارية واليائسة ضد منزل الشيخ عبدالله اختبار محبط للقوة ، القبيلة الباسلة في دفاع عن النفس مشروع ، ويمنحها الجو العام التفوق المعنوي اللازم والشجاعة الفائقة .

الحرب ضد تعز محاولة تعويض لا أكثر ، تعويض عن هزيمته المنكرة في صنعاء ،

إقتحام ساحة هنا أو هناك لن ينقذ صالح ونظامه المنهار ، لن يغير شيئاً في المعادلة الثورية القائمة ، إنحسم الخيار الشعبي ، إنحسم القرار برحيل صالح محلياً وإقليمياً ودولياً .

إحتلال ساحة لن يعيق الثورة ولن يقلص حركة الثوار ، غادرت الثورة الخيمة منذ وقتٍ مبكر ، هي الآن تسكن اليمن كلها ، تجاوزت إمكانات التعويق والتقويض ، صارت أكبر من أن تحتويها الساحات ، من يقوى الآن على إيقافنا ، من يستطيع إقتحام أرواحنا وحرق إراداتنا ؟ قال الوطن كلمته الأخيرة وما عاد بمقدور أي قوة إسكات هذا اللهب الذي يطوق حكم الحثالة من كل اتجاه .

منتصرون أنتم بسلمية نضالكم ، منتصرون بإلتزامكم الأخلاقي في المواجهة .

صالح رجلٌ محتضر ،بقايا نظام في حالة تعفن ، تعتاش عليه الجرذان ، يحرص الرجل على أن يبدو دائماً في وضع إجتماع ، يحرص أن يُرى وسط محيط هو فيهم أكبر الغارقين ،لا تخطئ العين شعور الرجل بالوحدة والعزلة القاسية ، يلملم حشده ويرى وحده ، هو جمعٌ وخطاب وكاميرا وحيدة ، ورجلٌ وحيد يحاول عبثاً إثبات وجودٍ كاذب ، يأتي بهم كي يسد بعض فراغ روحه ، لتنفرد الكآبة بهم في كل مرة ، ويبدو الوجوم سيد الحضور .

هزمته الثورة بسلميتها وفككت قواه الرئيسة دائرة بعد أخرى ، سحبت من تحته كامل البساط ، حصرته في السبعين ، خلف سورٍ لا يقيه ، في قصرٍ أمتلأ بأشباح الرحيل ، وخلى مما يؤنس ويدعو إلى مقام مطمئنٍ يطول .

أعز جليس فيه ذو الوجه الثخين ماسح القذارات ، والرجل الضفدع حامي المستنقع .

إن الذين يرتكبون المجازر بحق الثائرين أبناء وطنهم لا يمكن أن يكونوا أسوياء

إن من يقتل شعبه إرضاء لرجلٍ مريض تسيطر عليه شهوات سلطويه آثمة ، لا يمكن أن يكونوا أبناءً خُلصّاً لهذا الشعب .

تنز الكلمات دماً يا تعز ، تتهشم اللغة ، تنكسر كل التعابير ، لا لغة تمسح وجه شوارعك المضرجة بالدماء ، لا لغة تنزع الرصاص من القلب ، لاشي مما يقال يخيط الجرح ويجبر الكسر ، لا لغةٌ سواكِ ، تُعزينا حين يعّزُ الصبر وتعز الكلمات .



’’هديل’’.. صباح يلمع ذهباً ..

كان عصر الخميس الفائت سخيا بهديل فهد عبدالملك الشيباني، الطفلة ابنة الحادية عشرة ، بشغف بالغ واهتمام كبير اعتلت منصة ساحة التغيير بصنعاء مقدمة مائة ألف ريال دعما للثورة ، باعت ذهبها من أجل إسناد أحلامها التي تتبرعم في تراب الوطن الثائر .. من قال أن معين الحب آخذ في النضوب .. من قال أن النهر يجف وأن الجداول تخلف الجريان .

هديل ندىً يبلل القلب ،يؤكد أصالة اخضرار روح اليمن ..

هذا ذهبك ياهديل صباح يلمع.

مأئة ألف وردة لك يا بنت السخاء الكبير
*الصحوة نت
أضافة تعليق