مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
مبارك راعي الزنادقة
د. محمد عمارة
| 24-05-2011 01:12

على طريق ’’ الزندقة ’’، التي أصبحت ’’ظاهرة فكرية ’’ – في عهد حكم حسني مبارك – لها رموزها – الذين تحرسهم مباحث أمن الدولة -.. ولها مشاريع فكرية، تفرض على القراء..بل وتقر، على طلاب الجامعات!- في هذا الإطار أعيد النشر والانتشار لمقولات الفلسفة الوضعية اللادينية الغربية – التي تبلورت وسادت في القرنين السادس عشر والسابع عشر -.. فكان زنادقة مصر مقلدين لزنادقة أوربا، حذو له النعل بالنعل، ودونما أية إضافات أو إبداعات..اللهم إلا محاولة نقل ما قيل عن المسيحية واليهودية إلى عالم الإسلام..وإلى اللغة العربية.

وفي إطار هذه الظاهرة..وبعد تأليه الإنسان، بدلاً من الله، دعا رمز من رموز هذه الظاهرة إلى أنسنة النبوة والوحي ’’ فكتب يقول: ’’إن النبوة التي تتحدث عن إمكانية اتصال النبي بالله، وتبليغ رسالة منه، وهي في الحقيقة تبحث في الإنسان كحلقة اتصال بين الفكر والواقع..فالنبوة ليست غيبية..بل حسية..والغيبيات اغتراب عنها، والمعارف النبوية دنيوية حسية’’!

وبعد أنسنة الألوهية..وأنسنة النبوة والوحي، ذهب صاحب هذا ’’ الفكر ’’ إلى أنسنة عالم الغيب، فقال: ’’إن أمور المعاد إنما تعبر، على طريقتها الخاصة، وبالأسلوب الفني، الذي يعتمد على الصور والخيال، عن أماني الإنسان في عالم يسوده العدل والقانون.. إنها تعبير عن مستقبل الإنسان في عالم أفضل’’!.

وبعد أنسنة هذه العقائد – الألوهية..والنبوة..والوحي أو الغيب – ذهب صاحب هذا ’’ الفكر ’’ إلى القول بأن الوحي لم يأت بجديد..وأن العقل لا يحتاج إلى هذا الوحي بحال من الأحوال.. فقال: ’’إن العقل ليس بحاجة إلي عون، وليس هناك ما يند عن العقل..والوحي لا يعطي الإنسانية شيئا لا تستطيع أن تكتشفه على أنه من وضع الإنسان ولقد أدي ذلك إلى تغيير مفهوم الوحي والنبوة.. والعقيدة لم تخرج من النص، بل النص هو الذي خرج من العقيدة..’’!..

وعلي هذا الدرب – درب أنسنة العقائد الإلهية..وتفريغ الدين من الدين!-ذهب صاحب هذا ’’ الفكر ’’ إلى ضرورة التخلي عن ألفاظ ومصطلحات كثيرة، مثل: الله..والرسول..والدين..والجنة..والنار..والثواب..والعقاب..لأنها مصطلحات قطعية، تجاوز الحس والمشاهدة، وتشير إلي مقولات غير إنسانية..فمصطلح ’’الإنسان الكامل’’ أكثر تعبيرًا من لفظ ’’الله’’ كذلك دعا – صاحب هذا ’’الفكر’’ إلى الانتقال من العقل إلي الطبيعة، ومن الروح إلي المادة، ومن الله إلي العام، ومن النفس إلي البدن، ومن وحدة العقيدة إلي وحدة السلوك!..فالتوحيد هو وحدة البشرية ووحدة التاريخ!..والعلمانية هي جوهر الوحي!..والإلحاد هو التجديد!..وهو المعني الأصلي للإيمان!!..

هكذا بلغت الزندقة حدودها القصوى – في مصر الإسلامية -..وحرستها دولة حسني مبارك علي مدار ثلاثين عاما!..
*المصريون
أضافة تعليق