مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الرياحين اليمانية
زيد الشامي
الشباب رياحين تنفح طيبا وعطرا، وهاهم في اليمن ينثرون عبق الحرية في كل أرجاء الوطن، إنهم الثروة التي لا تنضب. ما النفط؟ ما الغاز؟ ما الذهب؟ إنهم أغلى من كل الموارد، لأنها بدونهم لا تساوي شيئا، هم اليوم يزيحون عن وجه اليمن غبار الطغيان والاستبداد، ويغسلون عنه قتام التخلف والهوان، ويعيدون له بهاءه والمجد.. رآهم العالم يحملون رؤوسهم على أكفهم فداء لوطنهم، وبكرم فياض يقدمون أرواحهم ليحيا أبناء شعبهم أعزة كراما!! حماس الشباب المتقد، وشوقهم للتغيير، وعدم مبالاتهم بالخطر يفرض علينا مناشدتهم أن (يلجموا نزوات العواطف بنظرات العقول) وقد كانت مجموعات منهم اقترحت برنامجا زمنيا ينتهي بما سمته الزحف إلى دار الرئاسة، ورغم أن ذلك كان مجرد أفكار معروضة على الساحات، إلا أن وسائل الإعلام تناقلته كخطة للتنفيذ، وهلل كثير من الشباب لذلك، وصار حديثهم عن يوم الزحف، والاستعداد لتقديم التضحيات مهما بلغت، وهم يقصدون بزحفهم نقل الاعتصامات السلمية إلى ساحات المؤسسات العامة تعبيرا عن رفضهم للنظام القائم، وعزيمتهم على التغيير، وهم في حركتهم سيحملون الورد ويرددون الهتافات، فلا نيران معهم ولا أسلحة، لكنهم ربما لا يدركون أن اختيارهم كلمة (الزحف) ستجعل النظام يتخذها ذريعة للإبادة والقتل الجماعي وكأنه يواجه جيشا مدربا مسلحا وليس شعبا أعزل، ولابد أن نذكر شبابنا الثوار بأن إخوانهم في تونس لم يزحفوا نحو القصر الرئاسي، وكذلك صنع زملاؤهم في مصر وتمكنوا من إسقاط نظامين عتيدين بأقل الخسائر الممكنة.. أيها الرياحين الفواحة صمد إخوانكم في تونس ثمانية وعشرين يوما، وفي مصر ثمانية عشر يوما، أما أنتم فقد جاوزتم المائة يوم، وتمكنتم بفضل الله ثم بصبركم وتضحياتكم أن تهدوا أركان النظام فلم يبق له عمود يتكئ عليه، بهتافاتكم، باعتصاماتكم، بمسيراتكم حاصرتموه حتى أصبح يبحث عن لحظة مسلية، وبفارغ الصبر ينتظر الجمعة علها تذهب عنه الأحزان، لكنها تتحول لديه إلى حسرة، فأنتم تصلون الجمعة بالملايين بينما حَشْد السبعين لا يتجاوز عشرين ألفا على أكبر تقدير، مهما حاولت حيل التصوير أن تجسم الصورة، ولم يعد ذلك الميدان ساحة للاسترواح، لقد قطع إربا، وملئ بالحواجز وبمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، وحتى جامع الصالح لم يعد صالحا للصلاة، وهكذا أصبح النظام في وضع لا يحسد عليه، وتمكنتم من محاصرته في المحافظات والمديريات، ولم يبق معه سوى مجاملة الخارج، وهي مجاملة تتآكل وستزول.. أيها الشباب في كل يوم تتسع أمامكم الآفاق، وتضيق على النظام الفرص، يزداد وعي الشعب والتحامه بثورتكم، بينما ينقص أنصار النظام، ويتمنى مقربوه أن يجدوا فرصة لمغادرة الوطن، خرجت هيبته من النفوس، وتهاوت سلطته على الأرض، لم يعد يثق بالمؤسسة العسكرية والأمنية، فعمد على حشد (البلاطجة) وسترون عما قريب أنهم أيضا سينفضون عنه، لأنهم لن يعرضوا أنفسهم لخطر الملاحقة والثأر فهم معروفون عند أصحاب بلادهم، وكل شهيد يسقط لن يذهب دمه هدرا وسيحاكم قاتلوه، وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين. أيها الثوار اليمنيون لقد عملتهم أكثر مما عمله إخوانكم في تونس ومصر، ففي تونس احتشد خمسون ألفا أمام وزارة الداخلية فسلم رئيسهم السلطة وغادر البلاد، وخرج أكثر من مليون مصري في ميدان التحرير بالقاهرة فتنحى مبارك، وأنتم تحتشدون بالملايين، وتخرج مسيراتكم بمئات الآلاف، ولكن النظام لم يسمعكم ولم يفهمكم بعد، فلا يضيركم هذا الإعراض فإنكم لا تدرون «لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا». كان كثير من اليمنيين نائمين وهاهم اليوم يستيقظون، اتسعت رقعة الثورة من عواصم المحافظات إلى المديريات والعزل والقرى، وتوزعت دماء الشهداء على كل مناطق الجمهورية، وكأني بثمار الثورة تنضج وتتبارك لتصبح لكل الناس، وما كان يمكن أن تكون كذلك لو لم تأخذ هذا البعد الزماني والمكاني. أيها الشباب الكريم هل رأيتم تأييد إخوانكم العسكريين والتحامهم بالمواطنين، كيف التزموا أن يحافظوا على بقائهم في مراكز تموضعهم حتى لا يتحركوا للاعتداء على إخوانهم المعتصمين، ولن يقبلوا أن يوجهوا نيران أسلحتهم إلى صدور زملائهم الذين سبقوهم لتأييد ثورة الشعب السلمية، ولعلكم تدركون أيضا ذلك التأييد الذي يأتيكم من إخوانكم في بلاد الاغتراب على امتداد كل القارات.. يا ورود اليمن ورياحينها: لقد أصبحتم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر، ولكن مع الصبر والمصابرة عليكم أن تجددوا في أساليب الاحتجاج ولن تعدموا وسائل عديدة تضيق الخناق على النظام وبالطرق السلمية وبأقل كلفة، ولكل أجل كتاب «وما تشاءون إلا أن يشاء الله».
*الصحوة نت
أضافة تعليق