عبد العزيز كحيل
عندما استفحلت الحملة التغريبية في الربع الأول من القرن العشرين وطالت الثوابت باسم التجديد سخر الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله من أصحابها الذين يتستّرون وراء مصطلح التجديد للنيل من الإسلام والعربية وقال إنهم يريدون أن يجدّدوا الدين واللغة والشمس والقمر !!! ويدور الزمان دورته ويستفحل التغريب من جديد بعد أفول ، ويتفادى رموز ه مجابهة دين الله و يسلكون مسلك التجديد المزعوم ويعلنون بمناسبة وبدون مناسبة أنهم هم المسلمون حقا وأنهم حماة الإسلام من ’’ الظلاميين المتطرفين ’’ وأن مشاريعهم تهدف بالدرجة الأولى إلى احترام الإسلام وتمجيده وترقيته،وقد أضافوا منذ مدّة قصيرة عبارة جديدة هي ’’ الإسلام كما عاشه أجدادنا ’’ (أي الإسلام التقليدي)الذي صيّرته عصور الانحطاط عبارة عن أشكال ورسوم وممارسات أقرب إلى البدع والطقوس الفلكلورية ، وهو على كل حال إسلام فردي لا صلة له بالمجتمع والتغيير والحضارة ، أي دين لا طعم له ولا رائحة ولا لون !!
وبالإضافة إلى الطابع الفردي والوجداني للدين يفرغ التغريبيون الإسلام من كل ما يحتوي من قيم ومبادئ مميّزة وأخلاق فاضلة وأحكام قطعية فضلا عن الظنية ويستبدلون بها شعارات فضفاضة ’’ إنسانية ’’ في نظرهم ، هي في أحسن الأحوال حق يراد به باطل مثل ’’ دين العدالة والمساواة والتسامح والرقي...’’ ، وهكذا نجدهم يرفضون قانون الأسرة ويعتبرونه أحد أبرز مظاهر الأصولية والرجعية ويصفونه بالخزي والعار وهم يعلمون يقينا أنه مستمدّ من الشريعة الإسلامية بل يعادونه لهذا السبب بالضبط،كيف لا وهذا زعيمهم المغوار – في بلد عربي مسلم - يتهدّد الأحزاب الإسلامية بالويل والثبور إذا هي لم تنزع من برامجها كل إشارة إلى تطبيق الشريعة ، فلا تسييس للإسلام إذن حتى ولو تمسّكت أغلبية الشعب بذلك ، ولا دخل للدين ورجاله وتعليماته في’’ الحياة الشخصية ’’،فجسم المرأة مثلا ملك لها يحقّ لها وحدها أن تتصرّف فيه كما تشاء ، وتنظيم العلاقات الجنسية أمر بدائي عفا عليه الزمان وعصرنا عصر الحرية،ولهذا تزدهر أخبار’’الأمّهات العازبات’’واللقطاء والمومسات في الصحافة التغريبية ، وتقام ندوات وتنشأ جمعيات وتنجز بسرعة فائقة دور للنساء ’’المضطهدات’’ ضحايا قانون الأسرة وأخرى لـ’’براعم’’المجتمع العصراني المنشود الذين لا يعرف لهم آباء...ولا أمّهات في بعض الأحيان،وفي هذا السياق نذكر أن العلمانيين يرفضون بصورة قطعية إدراج الالتزام الديني في الوقاية من السيدا ويستبعدون بالشدة نفسها أيّ دخل للإسلام فيما يتصل بهذا الداء ويفضلون معالجته والوقاية منه بالعوازل الجنسية التي طلبتها بطلاتهم من زعماء الغرب،ورغم أن جميع البشر متأكدون من أن الالتزام بأحكام الشرع كفيلة بمواجهة السيدا فإن العلمانيين عندنا يفضّلون انتشاره على انتشار الإسلام...ومع ذلك فهم المسلمون حقا !!! بل هم وحدهم المسلمون
وفي ميدان الإنتاج الأدبي والفني لا يعترف دعاة الحداثة للإسلام بحق النظر من طرف المرجعية الدينية ولو كانت رسمية ، ويرفضون ذلك باعتباره رقابة لا تغتفر،وفي مقابل’’المتعصّبين’’ الذين يدعون إلى حماية الدين يدعون هم إلى حماية المبدعين وإفساح المجال بلا حدود لكل إنتاج مهما كان نوعه ومحتواه،فما دخل الإسلام في الصور العارية والقبلات المتبادلة والتراث الإنساني؟والحق- عندهم- أن الإسلام مع الأدب والفن والإبداع بلا قيود لكن الأصوليين هم الذين شوهوه.. هكذا يزعمون ... أما ما يعتقونه بالفعل فلا يخفى على أحد .
أما الاقتصاد فلا ينقضي عجب المتنوّرين من إقحام الدين فيه،فما للإسلام والاقتصاد؟ الكلام عن الربا انتهى مع عصور الجمل والحمير،وكل من يتحدث عن الاقتصاد الإسلامي هو دجال أو انتهازي يجب حماية المجتمع منه و تعزيره حتى يرعوي !!
لكن دعنا من هذه المواضيع المتشعّبة ولنعد إلى مجال العقائد والعبادات أي إلى خصوصيات الإسلام ومميّزات المسلم،فإنها هي الأخرى محلّ ’’ تجديد ’’ من طرف أمثال حسين أحمد أمين وفرج فودة وجمال البنّا ،فأضحية العيد تبديد للثروة الحيوانية وآلاف الحجيج استنزاف لخزينة الدولة ..(أما استقدام المطربين والمطربات واللاعبين بمبالغ خيالية فسخاء..إسلامي..أو حداثي) ، وبناء مساجد تكثير لخلايا الإرهاب وتشجيع للعطالة ، واتخاذ يوم الجمعة عطلة شذوذ عن النسق ’’ الإنساني ’’ وضربة قاضية للاقتصاد الوطني،وصيام رمضان شأن خاص لا دخل للمجتمع فيه بالإنكار بل لا بدّ من تشغيل مرافق التغذية خلال الشهر المبارك عملا بمبدإ التسامح وعدم الإكراه الإسلامي...والصلاة؟تلك هي المشكلة،أن يصلي العجائز في الخلوات فأمر مقبول،وأن تدبّج خطب الجمعة لإضفاء الشرعية على السلطة المستبدّة الحاكمة وتبرير انحرافاتها العقدية والحضارية فأمر محتوم،أما أن يلتزم الشباب بالصلاة وتصبح شعيرة يأبه بها المجتمع وينادي لها حتى في الفجر وعبر الإذاعة المسموعة والمرئية فذلك ما لا يمكن أن يقبله العصرانيون بحال لأنّه تمكين للأصولية...أما تلاحظون أن واحدا من أقطابهم يفخر بأن والده كان يصلّي !! وثانيا يعتزّ بأن أباه أدى فريضة الحج... نعم هكذا...أما هم فقد رفعت عنهم التكاليف..
وبقدر ما يهوّنون من شأن الأعياد الإسلامية ويشوّشون على أصالتها بحشرها في شبكة تقاليد الأجداد والعادات المحلية فإنهم يحتفون بما يعتبرونه أعيادا عالمية مثل ميلاد السيد المسيح حيث الخمور والخلاعة والمجون والتحرّر من قيود الدين باسم الدين نفسه... وهم مع ذلك مسلمون !!! ويبقون مسلمين مع أنهم يرفضون حجاب المرأة ولحية الشاب المتدين بل يبغضون المتديّن حتى ولو كان أمرد ويرتدي ثيابا عصرية،ويجمع حديثهم عن الدين الإسلامي بين التحريف والخرافة والأسطورة والوهم ، فقد خصصت جريدة’’ليبرتي’’ الجزائرية الناطقة باسم الحداثة والعصرنة في أحد شهور رمضان ركنا للدين اختارت له محورا واحدا هو تفسير المعوذتين ، فكان الكلام كلّه عن الجنّ والشياطين والعفاريت بحيث يتقزّز منه القارئ...وذلك هدف الجريدة بالتأكيد، ومن يعرفها لا تغيب عنه نيّتها .
أما تاريخ الإسلام فيقرؤونه قراءة انتقائية مغرضة - كما فعل فرج فودة في كتاب الحقيقة الغائبة - يهمّشونه في حاضره ويستميتون في تلغيم مستقبله..ومع كل هذا فهم مسلمون !!!
هذا هو الإسلام الذي يريدون...دين لا ثوابت له،لا يحرّم شيئا ولا يقام باسمه حدّ ولا دخل له في المناهج التربوية ولا يصلح مرجعا فلسفيا أو إيديولوجيا أو سياسيا..إنهم يرفضون ’’هؤلاء الأموات الذين يحكموننا’’ كما كتب أحد أساطينهم وهو يقصد النبي عليه الصلاة والسلام ومن حكم بعده بالشريعة.
إنهم باختصار أنشؤوا شيئا سمّوه الإسلام ليس له من خصائص دين الله شيء،فهل تخلو البلاد يوما من حماة العقيدة حتى يتحقّق هذا الإسلام الذي يريدون؟
عندما استفحلت الحملة التغريبية في الربع الأول من القرن العشرين وطالت الثوابت باسم التجديد سخر الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله من أصحابها الذين يتستّرون وراء مصطلح التجديد للنيل من الإسلام والعربية وقال إنهم يريدون أن يجدّدوا الدين واللغة والشمس والقمر !!! ويدور الزمان دورته ويستفحل التغريب من جديد بعد أفول ، ويتفادى رموز ه مجابهة دين الله و يسلكون مسلك التجديد المزعوم ويعلنون بمناسبة وبدون مناسبة أنهم هم المسلمون حقا وأنهم حماة الإسلام من ’’ الظلاميين المتطرفين ’’ وأن مشاريعهم تهدف بالدرجة الأولى إلى احترام الإسلام وتمجيده وترقيته،وقد أضافوا منذ مدّة قصيرة عبارة جديدة هي ’’ الإسلام كما عاشه أجدادنا ’’ (أي الإسلام التقليدي)الذي صيّرته عصور الانحطاط عبارة عن أشكال ورسوم وممارسات أقرب إلى البدع والطقوس الفلكلورية ، وهو على كل حال إسلام فردي لا صلة له بالمجتمع والتغيير والحضارة ، أي دين لا طعم له ولا رائحة ولا لون !!
وبالإضافة إلى الطابع الفردي والوجداني للدين يفرغ التغريبيون الإسلام من كل ما يحتوي من قيم ومبادئ مميّزة وأخلاق فاضلة وأحكام قطعية فضلا عن الظنية ويستبدلون بها شعارات فضفاضة ’’ إنسانية ’’ في نظرهم ، هي في أحسن الأحوال حق يراد به باطل مثل ’’ دين العدالة والمساواة والتسامح والرقي...’’ ، وهكذا نجدهم يرفضون قانون الأسرة ويعتبرونه أحد أبرز مظاهر الأصولية والرجعية ويصفونه بالخزي والعار وهم يعلمون يقينا أنه مستمدّ من الشريعة الإسلامية بل يعادونه لهذا السبب بالضبط،كيف لا وهذا زعيمهم المغوار – في بلد عربي مسلم - يتهدّد الأحزاب الإسلامية بالويل والثبور إذا هي لم تنزع من برامجها كل إشارة إلى تطبيق الشريعة ، فلا تسييس للإسلام إذن حتى ولو تمسّكت أغلبية الشعب بذلك ، ولا دخل للدين ورجاله وتعليماته في’’ الحياة الشخصية ’’،فجسم المرأة مثلا ملك لها يحقّ لها وحدها أن تتصرّف فيه كما تشاء ، وتنظيم العلاقات الجنسية أمر بدائي عفا عليه الزمان وعصرنا عصر الحرية،ولهذا تزدهر أخبار’’الأمّهات العازبات’’واللقطاء والمومسات في الصحافة التغريبية ، وتقام ندوات وتنشأ جمعيات وتنجز بسرعة فائقة دور للنساء ’’المضطهدات’’ ضحايا قانون الأسرة وأخرى لـ’’براعم’’المجتمع العصراني المنشود الذين لا يعرف لهم آباء...ولا أمّهات في بعض الأحيان،وفي هذا السياق نذكر أن العلمانيين يرفضون بصورة قطعية إدراج الالتزام الديني في الوقاية من السيدا ويستبعدون بالشدة نفسها أيّ دخل للإسلام فيما يتصل بهذا الداء ويفضلون معالجته والوقاية منه بالعوازل الجنسية التي طلبتها بطلاتهم من زعماء الغرب،ورغم أن جميع البشر متأكدون من أن الالتزام بأحكام الشرع كفيلة بمواجهة السيدا فإن العلمانيين عندنا يفضّلون انتشاره على انتشار الإسلام...ومع ذلك فهم المسلمون حقا !!! بل هم وحدهم المسلمون
وفي ميدان الإنتاج الأدبي والفني لا يعترف دعاة الحداثة للإسلام بحق النظر من طرف المرجعية الدينية ولو كانت رسمية ، ويرفضون ذلك باعتباره رقابة لا تغتفر،وفي مقابل’’المتعصّبين’’ الذين يدعون إلى حماية الدين يدعون هم إلى حماية المبدعين وإفساح المجال بلا حدود لكل إنتاج مهما كان نوعه ومحتواه،فما دخل الإسلام في الصور العارية والقبلات المتبادلة والتراث الإنساني؟والحق- عندهم- أن الإسلام مع الأدب والفن والإبداع بلا قيود لكن الأصوليين هم الذين شوهوه.. هكذا يزعمون ... أما ما يعتقونه بالفعل فلا يخفى على أحد .
أما الاقتصاد فلا ينقضي عجب المتنوّرين من إقحام الدين فيه،فما للإسلام والاقتصاد؟ الكلام عن الربا انتهى مع عصور الجمل والحمير،وكل من يتحدث عن الاقتصاد الإسلامي هو دجال أو انتهازي يجب حماية المجتمع منه و تعزيره حتى يرعوي !!
لكن دعنا من هذه المواضيع المتشعّبة ولنعد إلى مجال العقائد والعبادات أي إلى خصوصيات الإسلام ومميّزات المسلم،فإنها هي الأخرى محلّ ’’ تجديد ’’ من طرف أمثال حسين أحمد أمين وفرج فودة وجمال البنّا ،فأضحية العيد تبديد للثروة الحيوانية وآلاف الحجيج استنزاف لخزينة الدولة ..(أما استقدام المطربين والمطربات واللاعبين بمبالغ خيالية فسخاء..إسلامي..أو حداثي) ، وبناء مساجد تكثير لخلايا الإرهاب وتشجيع للعطالة ، واتخاذ يوم الجمعة عطلة شذوذ عن النسق ’’ الإنساني ’’ وضربة قاضية للاقتصاد الوطني،وصيام رمضان شأن خاص لا دخل للمجتمع فيه بالإنكار بل لا بدّ من تشغيل مرافق التغذية خلال الشهر المبارك عملا بمبدإ التسامح وعدم الإكراه الإسلامي...والصلاة؟تلك هي المشكلة،أن يصلي العجائز في الخلوات فأمر مقبول،وأن تدبّج خطب الجمعة لإضفاء الشرعية على السلطة المستبدّة الحاكمة وتبرير انحرافاتها العقدية والحضارية فأمر محتوم،أما أن يلتزم الشباب بالصلاة وتصبح شعيرة يأبه بها المجتمع وينادي لها حتى في الفجر وعبر الإذاعة المسموعة والمرئية فذلك ما لا يمكن أن يقبله العصرانيون بحال لأنّه تمكين للأصولية...أما تلاحظون أن واحدا من أقطابهم يفخر بأن والده كان يصلّي !! وثانيا يعتزّ بأن أباه أدى فريضة الحج... نعم هكذا...أما هم فقد رفعت عنهم التكاليف..
وبقدر ما يهوّنون من شأن الأعياد الإسلامية ويشوّشون على أصالتها بحشرها في شبكة تقاليد الأجداد والعادات المحلية فإنهم يحتفون بما يعتبرونه أعيادا عالمية مثل ميلاد السيد المسيح حيث الخمور والخلاعة والمجون والتحرّر من قيود الدين باسم الدين نفسه... وهم مع ذلك مسلمون !!! ويبقون مسلمين مع أنهم يرفضون حجاب المرأة ولحية الشاب المتدين بل يبغضون المتديّن حتى ولو كان أمرد ويرتدي ثيابا عصرية،ويجمع حديثهم عن الدين الإسلامي بين التحريف والخرافة والأسطورة والوهم ، فقد خصصت جريدة’’ليبرتي’’ الجزائرية الناطقة باسم الحداثة والعصرنة في أحد شهور رمضان ركنا للدين اختارت له محورا واحدا هو تفسير المعوذتين ، فكان الكلام كلّه عن الجنّ والشياطين والعفاريت بحيث يتقزّز منه القارئ...وذلك هدف الجريدة بالتأكيد، ومن يعرفها لا تغيب عنه نيّتها .
أما تاريخ الإسلام فيقرؤونه قراءة انتقائية مغرضة - كما فعل فرج فودة في كتاب الحقيقة الغائبة - يهمّشونه في حاضره ويستميتون في تلغيم مستقبله..ومع كل هذا فهم مسلمون !!!
هذا هو الإسلام الذي يريدون...دين لا ثوابت له،لا يحرّم شيئا ولا يقام باسمه حدّ ولا دخل له في المناهج التربوية ولا يصلح مرجعا فلسفيا أو إيديولوجيا أو سياسيا..إنهم يرفضون ’’هؤلاء الأموات الذين يحكموننا’’ كما كتب أحد أساطينهم وهو يقصد النبي عليه الصلاة والسلام ومن حكم بعده بالشريعة.
إنهم باختصار أنشؤوا شيئا سمّوه الإسلام ليس له من خصائص دين الله شيء،فهل تخلو البلاد يوما من حماة العقيدة حتى يتحقّق هذا الإسلام الذي يريدون؟