بقلم/ سيف العسلي
• مقدمة
في البداية اتقدم بالتعازي الحارة لأسر الشهداء و اسال الله ان يغمدهم برحمته و ان يعصم قولبنا و قلوب ذويهم بالصر و السلوان. و كذلك فان اعو الله ان يمن بالشفاء العاجل لكل الجرحى و ان يجعل ذلك في ميزان حسناتهم في الاخرة.
من الواضح ان عملية الانتقال السلمي للسلطة لم تعد محل نقاش بل ان هناك اجماعا داخليا و خارجيا عليها. فلا السلطة من حيث المبدا تعارض ذلك لا المعارضة لديها خيارا اخر في الوقت الحاضر ذلك.
و يبدو ان الاشكالية تكمن في اليات الانتقال السلمي للسلطة التي تحافظ على وحدة اليمن و توفر الاساس القوى لعملية انطلاق عملية بناء الدولة الحديثة في اليمن. و فالسلطة ترى ان ذلك يجب و ممكن ان يتحقق من خلال الدستور الحالي و المؤسسات الدستورية. اما احزاب اللقاء المشترك فتعتقد ان ذلك غير ممكن و انما يجب ان يتم ذلك من خلال التوافق الحزبي. و لا شك ان شاب الثورة يرفضون مقترحات كل من السلطة و احزاب اللقاء المشترك.
تأتي هذه المقترحات كمساهمة مني معذرة الى الله و لعلهم يتقون. انها تمثل الجهد الذي اقدر عليه لمساعدة شعبي على الخروج من ازماته الحالية و عدم الانجرار الى ازمات اكثر خطورة راجيا من الله العلي القديم ان يتقبلها مني ان ينفع بها انه على كل شيء قدير.
و من اجل توضيح ابعاد هذه المقترحات فانه لا بد من الحديث و لو بشكل مختصر عن الخلفية التاريخية و الاوضاع و الموافق الحالية و سيتبع ذلك الحديث عن الالية المقترحة ثم الخاتمة و ذلك على النحو التالي.
• الخلفية
من الواضح ان هناك تداخلا بين ثورة الشباب و الازمات السياسية التي سبقتها ثم تفاعلت معها. فمن الواضح ان البلاد كانت تعاني من ازمة سياسية حادة منذ يناير 2009 عندما تم تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة و ملزمة وفقا لدستور الجمهورية اليمن و قانون الانتخابات. و لا شك ان توافق الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك على تأجيل الانتخابات البرلمانية قد مثل خرقا الدستور و التحايل عليه قد مثل سابقة خطيرة وفقا للأعراف و الممارسات الديمقراطية.
فما الانتخابات الا الاحتكام للشعب مالك السلطة و مصدرها. و بالتالي فإنها حق للشعب كل الشعب سواء اولئك الذي شاركوا في الانتخابات السابقة او الذين لم يشاركوا فيها و سواء أولئك الذي نجحوا فيها او الذين لم يوافقهم الحظ بالنجاح. و من ثم فانه لا يحق لمن نحج في الانتخابات الماضي ان يحرم غيرهم من الانتخابات بحجة التوافق السياسي بينهم. فالتأجيل المعتبر هو ما يمكن ان ينتج عن توافق سياسي من الجميع و لا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا كانت هناك اسباب قاهرة مثل الكوارث و بقدرها فقط.
و على الرغم من ذلك فلم يستطع كل من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك على الاتفاق حول الظروف و الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه في 2011 . و لا شك ان ذلك يمثل خرقا اخر للدستور و للاتفاق .
و لا شك ان ذلك يدل على فقدان النظام الحالي لمشروعيته في 27 ابريل. فعدم قيام الانتخابات يعني عدم وجود برلماني شرعي. اذا انه لا يمكن الاستناد الى بعض نصوص الدستور و التي تنص انه في حالة عدم انتخاب برلمان جديد يستمر البرلمان في ممارسة مهامه حتى يتم اجراء انتخابات جديدة. ذلك ان هذه الحالة مرتبطة بحدوث اسباب قهرية و هي في حقيقة الامر غير موجودة. فالأسباب الحقيقة لعدم اجراء الانتخابات تعود الى فشل الاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان على التوافق على اجرائها. و بما انها فشلت في الاستفادة من التأجيل السابق فانه تتحمل مسئولية ذلك الامر الذي يعني انه لا يحق لها ان تستفيد من تقصيرها في مسئوليتها و الا لترتب على ذلك ان يتم التهرب من المسئولية من خلال التساهل في القيام بالواجبات.
فاذا ما سقطت شرعية مجلس النواب فان شرعية النظام السياسي الحالي ستسقط هي الاخرى نتيجة لوجود تضامن بين مكونات السلطة الثلاث في الدستور الحالي. و يتضح عمق الازمة السياسية التي تسببت بها الاحزاب الممثلة في مجلس النواب من حقيقة الاختلاف و التباين بينها.
فالحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك يختلفون حول النظام السياسي برمته و حول اليات الانتخابات و التداول السلمي للسلطة. و لا شك ان هذه الموضوعات لا تخص هؤلاء فقط و انما تخص ابناء الشعب كله. و كان عليهم ان يشارك الشعب في ذلك و اذا ما فشلوا فعليهم ان يتم الرجوع الى الشعب.
و بدلا من ذلك فانهم حاولوا ان يقاسموا السلطة بينهم ففشلوا. و لذلك فان هذه الازمة كانت في البداية تخص النخب السياسية و لكنهم صدروها الى الشعب من دون اي شعور بالمسئولية. فمن الواضح ان كلا من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك قد اسقطا كل من المشروعية الدستورية و التوافق السياسي و الحزب.
و بذلك فان هنا جميعا مسئولين عنما لحق بالبلاد من اضرار فادحة. فالتمرد على الدول و ضياع هبيتها قد وصلا الى مستويات خطيرة جعل العام الخارجي يصنفها بانها دولة فاشلة. و قد ترتب على ذلك تراكم القضايا المصيرية و عدم التصدي لها في الوقت المناسب. مما ترتب عليه زيادتها و تصاعد تكاليفها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
و لقد ترتب على ذلك ان تم افشال كل مؤسسات الدولة الامر الذي انعكس سلبا على الوطن بكامله. فالي جانب الازمة السياسية و المتمثلة في غياب الامن و العدل و الاحتقان السياسي و اشاعة مناخ التناحر فان البلاد قد وقعت بأزمة اقتصادية نتيجة لعدم القيام بالمهام الاساسية لا دارة الاقتصاد و نتيجة للتكاليف المباشرة و غير المباشرة للازمة الاقتصادية. و الامثل على ذلك كثيرة مثل البطالة او تدهور قيمة العملة اليمن و ارتفاع الاسعار و تدني الدخل الحقيقي و انتشار الفقر ليصيب غالبة اليمنيين.
لذلك فان ثورة الشباب هذه لم تكن رغبة او نزوة او محاكة لما جرى في بعض الدول العربية و انما كانت نتيجة حتمية لفشل النخب السياسية في ادرة البلاد و عدم سماحها لغيرها بأخذ زمام المبادرة.
لا شك انه ينبغي على ثورة الشباب اذن لا تتعصب مع بعض القوى السياسية ضد البعض الاخر و انما هو ازاحتها من المشهد كي يتاح للقوى اليمينة الحية ان تنجح فيما فشل فيه هؤلاء. ان شرعيته ثورتكم تنبع من حقيقة فشل النخب السياسية في اصلاح نفسها و بالتالي تحسين الاوضاع في البلاد و من تمسكها باحتكار المشهد السياسي و عدم السماح لأي قوى جديدة.
فهدف ثورة الشباب المباركة هذه هو ان لا يحدث و لا سمح الله تفكك المجتمع تحت ضغط المشاكل و الازمات و انعدام الافق في التعامل معها مما سيجبر كل من يعاني من ذلك الى ان يكون رب ابله. و في هذه الحالة فان الكل سيكون ضد الكل و بالتالي تنهار الدولة و المجتمع بل و مكونات المجتمع. و شك ان ذلك سيكون كارثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
ان ثورة الشباب هذه قد وحدت بفضل الله اليمن كله بجميع مناطقه و فئاته و قبائله و توجهاته. و لا شك ان ذلك امر في غاية الاهمية. ان ذلك سيعمل على معالجة القضايا الملحة بروح جماعية مما يجعلها عادلة و شاملة و قابلة للاستمرار.
و لذلك فان عليكم يا شباب الثورة عليكم ان تدركوا ان قضيتكم مختلفة و ان الحلول التي ستخدم قضيتكم مختلفة. و لذلك فان عليكم ان تحذروا من ان تفرض النخب السياسية قضيتها و حلولها عليكم. و من اجل ذلك فانه من المهم ان تعملوا يا شباب الثورة على فرض الية جديد تنبع من المصلحة الوطنية و ليس من المصالح الضيقة لأي من القوى السياسية المتصارعة.
• الوضع الراهن
يمكن ان نفرق بين ثلاث موافق و مقترحات للتعامل مع الاوضاع التي تمر بها البلاد و بالتالي المعالجات المقترحة من قبل اصحاب هذه المواقف.
• موقف الرئيس و الحزب الحاكم
يتلخص موقف الرئيس و حزبه الحاكم ان لليمن مؤسسات دستورية و ديمقراطية و يمكن الرجوع اليها للتعامل مع مجمل القضايا التي تهم البلاد و التي في مجملها قضايا عادية تعاني منها كل الدول. و على هذا الاساس فان الاوضاع طبيعية و انما الذي يصورها على خلاف ذلك هو احزاب اللقاء المشترك بهدف القفز الى السلطة من خلال خلق ظروف غير طبيعية لأنها غير قادرة على الوصول اليها في ظل الظروف الطبيعية.
و يعتقد الرئيس و المؤتمر ان احزاب اللقاء المشترك قد استغلت ثورة الشباب للتخفي ورائها لتحقيق مصالحه غير المشروعة و غير المبررة. و لذلك فهي في العلن تتبنى رؤى شباب الثورة و في الخفي تفاوض على ابتزاز الرئيس و الحزب الحاكم بهدف الحصول على تنازلات تقوي احتمالات الاستيلاء على السلطة.
و من الواضح ان الرئيس يفسر و يتعامل مع كل مبادرات اللقاء المشترك على ان طريقهم الوحيدة للوصول للسلطة لا يمكن ان تنجح الا من خلال اضعاف الرئيس و الحزب الحاكم بكل الطرق و السبل الممكنة. و لسوء الحظ فان احزاب اللقاء المشترك لا تهتم و لا تدرك ان اضعاف النظام بشكل مطلق قد يعني اضعاف الدولة اليمنية. و هذا ما حدث فعلا. لقد ترتب على المشاكل التي تعرض لها اليمن و لم تحظى بالاهتمام الكافي لمعالجتها سواء من قبل الرئيس و الحزب الحاكم او من قبل احزاب المعارضة ان ضعف النظام و الدولة معا.
و وفقا لذلك فانه يمكن تفسير و فهم كل المبادرات التي تقدم بها و التي يتقدم بها الان و الي يمكن ان يتقدم بها في المستقبل. انها ببساطة تقوم على اساس اضعاف النظام بكل الطرق و الوسائل الممكنة حتى و لو ترتب على ذلك اضعاف للدولة. فالنظام في اليمن هو الدولة و الدولة هي النظام.
موقف احزاب اللقاء المشترك
اما موقف احزاب اللقاء المشترك فيتلخص في ان بقاء الرئيس في منصبه يعني استمرار احتكاره و حزب الحاكم للسلطة. فمهما كان قانون الانتخابات و مهما كانت الضمانات فان الرئيس و الحزب الحاكم من خلال سيطرته على المال العام و الوظيفة العامة و وسائل الاعلام الرسمية و المؤسسات الامنية سيكون قادرا على كسب اي انتخابات سواء عن طريق الترغيب او الترهيب او التزوير.
على هذا الاساس فان احزاب اللقاء المشترك تتعامل مع مبادرات الرئيس و الحزب الحاكم السابقة و الحالية على انها تقوم على محور ثابت و هو ضرورة اجراء انتخابات برلمانية قبل الحديث عن اي تنازل للرئيس من منصبه. ففي هذه الحالة فانه من المتوقع ان يساعد بقاء الرئيس حتى ما بعد الانتخابات البرلمانية سيعمل على تماسك المؤتمر و على قدرته على الحصول على الاغلبية. و في هذه الحالة فان موفق الرئيس و المؤتمر سيكون قويا بما فيه الكفاية للتحكم في النظام القادم.
و من اجل ذلك لم تنجح كل المبادرات التي تقدم بها كل من الرئيس و الحزب الحاكم من جهة و احزاب اللقاء المشترك من جهة اخرى. و لذلك فان تحيزكم يا شباب الثورة لأي من الطرفين يعني في حقيقة الامر زيادة الامر سواء من غير وجود اي احتمال معقول للنجاح. و من ثم فان عليكم ان تتبنوا موقفا مختلفا و بالتالي حلولا مختلفة.
• موقف شباب الثورة
ينبغي ان يكون موقف شباب الثورة هو كسر حلقة الجمود السياسي من اجل فتح المشاركة للكل القوى الأساسية الموجودة على الساحة بدون تميز او تحيز او محابة. و لا شك انكم بثورتكم هذه التي يشارك فيها كل فئات الشعب بما في ذلك الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك و الاخرون قادرون على تحقيق ذلك.
ان ذلك يتطلب التعامل مع موفق كل من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك من منظور وطني. ما يجري في البلاد في حقيقة الامر سببه الاساسي هو التصرفات و الاهداف التي تبناها كل من الرئيس و حزبه من جانب و احزاب اللقاء المشترك و المتمحورة حول محالة كل طرف في احتكار السلطة دون الاخر و دون القوى السياسية الاخرى المهمشة او المقصاة.
و لا شك ان ذلك يتطلب ان يسمح لكل صاحب راي ان يقول رايه و ان يتم المقارنة بين هذه الآراء و التوافق على تلك الآراء التي تتعامل مع الجميع بنفس المعاير اي بنفس الحقوق و الواجبات.
و من خلال ذلك فإنكم ستتمكنون من حل مشاكل البلاد و مشاكل هذه الاحزاب. و لا شك ان ذلك سيؤسس لنظام سياسي جديد لا يقوم على الاقصاء لأي طرف و قادر على تمكين الجميع من اتخاذ القرارات الهامة للتعامل مع اي قضايا او مشاكل من منظور وطني لا يفرق بين مصالح الوطن و مصالح الاحزاب المشروعة و مصالح الافراد.
• الاليات المقترحة
ان الثورة السلمية هي تلك الثورة التي تتمتع بانضباط ديني و اخلاقي قوي يمكنها من التمسك بقيم مثل التجرد و العدالة و الانصاف. و اذا كان من خصائص الثورة السلمية تجنب العنف بكل اشكاله و انواعه فان من اهم خصائصها ان تتعامل مع الكل بالعدل حتى مع من كانت الثورة ضدهم و من يعملون على افشالها.
و من اجل ذلك فانه لا بد من التعامل مع ثلاث قضايا اساسية متداخلة و لكنها تتميز عن بعضها البعض في بعض الوجوه. هذه القضايا هذه هي اولا تحديد اسس بناء الدولة الحديثة الجديدة. و ثانيا الاسس الضرورية لإدارة المرحلة الانتقالية من الناحية الدستورية و القانونية. و ثالثا ايقاف التدهور في الاوضاع المعيشية و الامنية خلال المرحلة الانتقالية.
ففيما يخص القضية الاولى فانه من المستحيل بل و من المفضل ان لا يتم مناقشة و الاتفاق على اسس بناء الدولة الحديثة خلال المرحلة الانتقالية. فقد يتم البدا بذلك لكن يجب السماح لها ان تأخذ وقتها الكافي و تستمر حتى ما بعد المرحلة الانتقالية.
ان ربط المرحلة الانتقالية بهذه المهمة سيعمل على تشجيع بعض القوى السياسية على افشال هذه المرحلة او تمديدها و بالتالي ايقاف عملية بناء الدولة الحديثة عند هذه النقطة. هذا من ناحية و من ناحية فقد يتم التوافق على هذه الاسس بشكل متناقض و غير عملي مما يجعلها غير قابلة للتطبيق كما حدث خلال التحضير للوحدة اليمنية. و كذلك فانه من المستحيل ان يتم مناقشة كل وجهات النظر و التوافق عليها خلال فترة قصيرة.
و لذلك يجب فصل هذه المهمة عن المهام الاخرى و اعطائها الوقت الكافي و عدم الربط بينها و بين عملية الانتقال من المرحلة الانتقالية الى المرحلة الطبيعية.
و من اجل ذلك و حتى لا يكون هناك فراغ خلال المرحلة الانتقالية فانه لا بد من الاتفاق على اسس دستورية مؤقتة يتم الاحتكام اليها خلال هذه المرحلة. و لا شك ان هذه الاسس يجب ان تنحصر في النص على كون هذه المرحلة انتقالية و ان المهمة الاساسية لها هي التحضير و الاعداد للانتخابات البرلمانية و الرئاسية و توفير كل الضمانات الدستورية و القانونية و الاجرائية الكافية لجعل هذه الانتخابات حرة و نزيهة.
و في نفس الوقت فانه لا بد من ايجاد الاليات الضرورية لجعل مؤسسات الدولة قادرة على معالجة اوضاع المواطنين و تحسين اوضاعهم المعيشية و الامنية و التعامل مع بعض المظالم الواضحة و الغير قابلة للتأجيل.
و حتى يتم تنفيذ هذه المهام فانه لا بد من تشكيل مجلس عسكري يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية. و من المهم ان عملية اختيار هذا المجلس يجب ان تناط بشباب الثورة. و في حل الاتفاق على ذلك يقوم رئيس الجمهورية بالاستقالة و بالتالي تولي هذه المجلس لمهامه.
يتولى هذه المجلس حفظ الامن في البلاد و الاشراف على عملية انتقال السلطة خلال المرحلة الانتقالية. يتقدم شباب الثورة بمقترحات بأسماء المرشحين لرئاسة الحكومة الانتقالية و على المجلس العسكري ان يكلف احد المرشحين. و بعد ذلك يقوم الرئيس المكلف بالتشاور مع شباب الثورة و المجلس العسكري حول اسماء الوزراء المقبولين و الذي يجب ان يكونوا تكنقراطيين و ليس سياسيين.
و من خلال التشاور بين المجلس العسكري و شباب الثورة و القوى السياسية يتم التوافق على اعضاء مجلس تأسيسي لصياغة الدستور الجديد و الذي يجب ان يعرض على الاستفتاء العام. فان تم التوافق على هذا الدستور فمن الممكن ان يتم الاستفتاء عليه في نفس الوقت الذي ستتم فيه الانتخابات البرلمانية و ان لم يتم التوافق فان هذا المجلس ان يسلم كل الوثائق التي في حوزته الى مجلس النواب المنتخب و الذي يتولى عملية اكمال هذه المهمة.
و بعد انتخاب كل من مجلس النواب الجديد و الرئيس الجديد ينحل المجلس العسكري و الحكومة المؤقتة تلقائيا و تتولى السلطات الجديدة مهامها كاملة.
• الخاتمة
من الواضح ان الاصرار على ضرورة الالتزام بالدستور الحالي في عملية الانتقال السلمي للسلطة غير ممكن لعدم التمكن من الاحتكام له في الماضي.
كذلك فان اتفاق الاحزاب السياسية على الية اخرى لعملية الانتقال السلمي للسلطة ايضا غير ممكن لأنه كان متاحا لها ذلك خلال السنتين الماضيتين و لم تتمكن من فعل ذلك.
ايضا ان انفراد طرفي النزاع في ادارة المرحلة الانتقالية غير عادل و غير مبرر و سوف يترتب عليه غالب و مغلوب و منتصر و مهزوم مما قد يكرر عملية الاقصاء و الاحتكار التي حدثت بعد احداث عام 1994.
لا يمكن نقل السلطة سلميا بما يتفق مع حقيقة الاوضاع و تهيئة المناخيات المناسبة لعملية الانتقال بسلاسلة و توفير ظروف النجاح و تجنب العنف و الانتقال الا اذا تولى المرحلة الانتقالية جهات وشخصيات محايدة. و لا شك ان الشباب يمثل هذه الجهة و لا شك ان القوات المسلحة و الامن تحتوي على قيادات وطنية محايدة سياسيا و كذلك فان المجتمع اليمني لديه من الكوادر المستقلة و المتزنة ما يمكن من تطبيق هذه الالية او اي اليات اخرى مشابه.
*مأرب برس
• مقدمة
في البداية اتقدم بالتعازي الحارة لأسر الشهداء و اسال الله ان يغمدهم برحمته و ان يعصم قولبنا و قلوب ذويهم بالصر و السلوان. و كذلك فان اعو الله ان يمن بالشفاء العاجل لكل الجرحى و ان يجعل ذلك في ميزان حسناتهم في الاخرة.
من الواضح ان عملية الانتقال السلمي للسلطة لم تعد محل نقاش بل ان هناك اجماعا داخليا و خارجيا عليها. فلا السلطة من حيث المبدا تعارض ذلك لا المعارضة لديها خيارا اخر في الوقت الحاضر ذلك.
و يبدو ان الاشكالية تكمن في اليات الانتقال السلمي للسلطة التي تحافظ على وحدة اليمن و توفر الاساس القوى لعملية انطلاق عملية بناء الدولة الحديثة في اليمن. و فالسلطة ترى ان ذلك يجب و ممكن ان يتحقق من خلال الدستور الحالي و المؤسسات الدستورية. اما احزاب اللقاء المشترك فتعتقد ان ذلك غير ممكن و انما يجب ان يتم ذلك من خلال التوافق الحزبي. و لا شك ان شاب الثورة يرفضون مقترحات كل من السلطة و احزاب اللقاء المشترك.
تأتي هذه المقترحات كمساهمة مني معذرة الى الله و لعلهم يتقون. انها تمثل الجهد الذي اقدر عليه لمساعدة شعبي على الخروج من ازماته الحالية و عدم الانجرار الى ازمات اكثر خطورة راجيا من الله العلي القديم ان يتقبلها مني ان ينفع بها انه على كل شيء قدير.
و من اجل توضيح ابعاد هذه المقترحات فانه لا بد من الحديث و لو بشكل مختصر عن الخلفية التاريخية و الاوضاع و الموافق الحالية و سيتبع ذلك الحديث عن الالية المقترحة ثم الخاتمة و ذلك على النحو التالي.
• الخلفية
من الواضح ان هناك تداخلا بين ثورة الشباب و الازمات السياسية التي سبقتها ثم تفاعلت معها. فمن الواضح ان البلاد كانت تعاني من ازمة سياسية حادة منذ يناير 2009 عندما تم تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة و ملزمة وفقا لدستور الجمهورية اليمن و قانون الانتخابات. و لا شك ان توافق الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك على تأجيل الانتخابات البرلمانية قد مثل خرقا الدستور و التحايل عليه قد مثل سابقة خطيرة وفقا للأعراف و الممارسات الديمقراطية.
فما الانتخابات الا الاحتكام للشعب مالك السلطة و مصدرها. و بالتالي فإنها حق للشعب كل الشعب سواء اولئك الذي شاركوا في الانتخابات السابقة او الذين لم يشاركوا فيها و سواء أولئك الذي نجحوا فيها او الذين لم يوافقهم الحظ بالنجاح. و من ثم فانه لا يحق لمن نحج في الانتخابات الماضي ان يحرم غيرهم من الانتخابات بحجة التوافق السياسي بينهم. فالتأجيل المعتبر هو ما يمكن ان ينتج عن توافق سياسي من الجميع و لا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا كانت هناك اسباب قاهرة مثل الكوارث و بقدرها فقط.
و على الرغم من ذلك فلم يستطع كل من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك على الاتفاق حول الظروف و الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه في 2011 . و لا شك ان ذلك يمثل خرقا اخر للدستور و للاتفاق .
و لا شك ان ذلك يدل على فقدان النظام الحالي لمشروعيته في 27 ابريل. فعدم قيام الانتخابات يعني عدم وجود برلماني شرعي. اذا انه لا يمكن الاستناد الى بعض نصوص الدستور و التي تنص انه في حالة عدم انتخاب برلمان جديد يستمر البرلمان في ممارسة مهامه حتى يتم اجراء انتخابات جديدة. ذلك ان هذه الحالة مرتبطة بحدوث اسباب قهرية و هي في حقيقة الامر غير موجودة. فالأسباب الحقيقة لعدم اجراء الانتخابات تعود الى فشل الاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان على التوافق على اجرائها. و بما انها فشلت في الاستفادة من التأجيل السابق فانه تتحمل مسئولية ذلك الامر الذي يعني انه لا يحق لها ان تستفيد من تقصيرها في مسئوليتها و الا لترتب على ذلك ان يتم التهرب من المسئولية من خلال التساهل في القيام بالواجبات.
فاذا ما سقطت شرعية مجلس النواب فان شرعية النظام السياسي الحالي ستسقط هي الاخرى نتيجة لوجود تضامن بين مكونات السلطة الثلاث في الدستور الحالي. و يتضح عمق الازمة السياسية التي تسببت بها الاحزاب الممثلة في مجلس النواب من حقيقة الاختلاف و التباين بينها.
فالحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك يختلفون حول النظام السياسي برمته و حول اليات الانتخابات و التداول السلمي للسلطة. و لا شك ان هذه الموضوعات لا تخص هؤلاء فقط و انما تخص ابناء الشعب كله. و كان عليهم ان يشارك الشعب في ذلك و اذا ما فشلوا فعليهم ان يتم الرجوع الى الشعب.
و بدلا من ذلك فانهم حاولوا ان يقاسموا السلطة بينهم ففشلوا. و لذلك فان هذه الازمة كانت في البداية تخص النخب السياسية و لكنهم صدروها الى الشعب من دون اي شعور بالمسئولية. فمن الواضح ان كلا من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك قد اسقطا كل من المشروعية الدستورية و التوافق السياسي و الحزب.
و بذلك فان هنا جميعا مسئولين عنما لحق بالبلاد من اضرار فادحة. فالتمرد على الدول و ضياع هبيتها قد وصلا الى مستويات خطيرة جعل العام الخارجي يصنفها بانها دولة فاشلة. و قد ترتب على ذلك تراكم القضايا المصيرية و عدم التصدي لها في الوقت المناسب. مما ترتب عليه زيادتها و تصاعد تكاليفها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
و لقد ترتب على ذلك ان تم افشال كل مؤسسات الدولة الامر الذي انعكس سلبا على الوطن بكامله. فالي جانب الازمة السياسية و المتمثلة في غياب الامن و العدل و الاحتقان السياسي و اشاعة مناخ التناحر فان البلاد قد وقعت بأزمة اقتصادية نتيجة لعدم القيام بالمهام الاساسية لا دارة الاقتصاد و نتيجة للتكاليف المباشرة و غير المباشرة للازمة الاقتصادية. و الامثل على ذلك كثيرة مثل البطالة او تدهور قيمة العملة اليمن و ارتفاع الاسعار و تدني الدخل الحقيقي و انتشار الفقر ليصيب غالبة اليمنيين.
لذلك فان ثورة الشباب هذه لم تكن رغبة او نزوة او محاكة لما جرى في بعض الدول العربية و انما كانت نتيجة حتمية لفشل النخب السياسية في ادرة البلاد و عدم سماحها لغيرها بأخذ زمام المبادرة.
لا شك انه ينبغي على ثورة الشباب اذن لا تتعصب مع بعض القوى السياسية ضد البعض الاخر و انما هو ازاحتها من المشهد كي يتاح للقوى اليمينة الحية ان تنجح فيما فشل فيه هؤلاء. ان شرعيته ثورتكم تنبع من حقيقة فشل النخب السياسية في اصلاح نفسها و بالتالي تحسين الاوضاع في البلاد و من تمسكها باحتكار المشهد السياسي و عدم السماح لأي قوى جديدة.
فهدف ثورة الشباب المباركة هذه هو ان لا يحدث و لا سمح الله تفكك المجتمع تحت ضغط المشاكل و الازمات و انعدام الافق في التعامل معها مما سيجبر كل من يعاني من ذلك الى ان يكون رب ابله. و في هذه الحالة فان الكل سيكون ضد الكل و بالتالي تنهار الدولة و المجتمع بل و مكونات المجتمع. و شك ان ذلك سيكون كارثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
ان ثورة الشباب هذه قد وحدت بفضل الله اليمن كله بجميع مناطقه و فئاته و قبائله و توجهاته. و لا شك ان ذلك امر في غاية الاهمية. ان ذلك سيعمل على معالجة القضايا الملحة بروح جماعية مما يجعلها عادلة و شاملة و قابلة للاستمرار.
و لذلك فان عليكم يا شباب الثورة عليكم ان تدركوا ان قضيتكم مختلفة و ان الحلول التي ستخدم قضيتكم مختلفة. و لذلك فان عليكم ان تحذروا من ان تفرض النخب السياسية قضيتها و حلولها عليكم. و من اجل ذلك فانه من المهم ان تعملوا يا شباب الثورة على فرض الية جديد تنبع من المصلحة الوطنية و ليس من المصالح الضيقة لأي من القوى السياسية المتصارعة.
• الوضع الراهن
يمكن ان نفرق بين ثلاث موافق و مقترحات للتعامل مع الاوضاع التي تمر بها البلاد و بالتالي المعالجات المقترحة من قبل اصحاب هذه المواقف.
• موقف الرئيس و الحزب الحاكم
يتلخص موقف الرئيس و حزبه الحاكم ان لليمن مؤسسات دستورية و ديمقراطية و يمكن الرجوع اليها للتعامل مع مجمل القضايا التي تهم البلاد و التي في مجملها قضايا عادية تعاني منها كل الدول. و على هذا الاساس فان الاوضاع طبيعية و انما الذي يصورها على خلاف ذلك هو احزاب اللقاء المشترك بهدف القفز الى السلطة من خلال خلق ظروف غير طبيعية لأنها غير قادرة على الوصول اليها في ظل الظروف الطبيعية.
و يعتقد الرئيس و المؤتمر ان احزاب اللقاء المشترك قد استغلت ثورة الشباب للتخفي ورائها لتحقيق مصالحه غير المشروعة و غير المبررة. و لذلك فهي في العلن تتبنى رؤى شباب الثورة و في الخفي تفاوض على ابتزاز الرئيس و الحزب الحاكم بهدف الحصول على تنازلات تقوي احتمالات الاستيلاء على السلطة.
و من الواضح ان الرئيس يفسر و يتعامل مع كل مبادرات اللقاء المشترك على ان طريقهم الوحيدة للوصول للسلطة لا يمكن ان تنجح الا من خلال اضعاف الرئيس و الحزب الحاكم بكل الطرق و السبل الممكنة. و لسوء الحظ فان احزاب اللقاء المشترك لا تهتم و لا تدرك ان اضعاف النظام بشكل مطلق قد يعني اضعاف الدولة اليمنية. و هذا ما حدث فعلا. لقد ترتب على المشاكل التي تعرض لها اليمن و لم تحظى بالاهتمام الكافي لمعالجتها سواء من قبل الرئيس و الحزب الحاكم او من قبل احزاب المعارضة ان ضعف النظام و الدولة معا.
و وفقا لذلك فانه يمكن تفسير و فهم كل المبادرات التي تقدم بها و التي يتقدم بها الان و الي يمكن ان يتقدم بها في المستقبل. انها ببساطة تقوم على اساس اضعاف النظام بكل الطرق و الوسائل الممكنة حتى و لو ترتب على ذلك اضعاف للدولة. فالنظام في اليمن هو الدولة و الدولة هي النظام.
موقف احزاب اللقاء المشترك
اما موقف احزاب اللقاء المشترك فيتلخص في ان بقاء الرئيس في منصبه يعني استمرار احتكاره و حزب الحاكم للسلطة. فمهما كان قانون الانتخابات و مهما كانت الضمانات فان الرئيس و الحزب الحاكم من خلال سيطرته على المال العام و الوظيفة العامة و وسائل الاعلام الرسمية و المؤسسات الامنية سيكون قادرا على كسب اي انتخابات سواء عن طريق الترغيب او الترهيب او التزوير.
على هذا الاساس فان احزاب اللقاء المشترك تتعامل مع مبادرات الرئيس و الحزب الحاكم السابقة و الحالية على انها تقوم على محور ثابت و هو ضرورة اجراء انتخابات برلمانية قبل الحديث عن اي تنازل للرئيس من منصبه. ففي هذه الحالة فانه من المتوقع ان يساعد بقاء الرئيس حتى ما بعد الانتخابات البرلمانية سيعمل على تماسك المؤتمر و على قدرته على الحصول على الاغلبية. و في هذه الحالة فان موفق الرئيس و المؤتمر سيكون قويا بما فيه الكفاية للتحكم في النظام القادم.
و من اجل ذلك لم تنجح كل المبادرات التي تقدم بها كل من الرئيس و الحزب الحاكم من جهة و احزاب اللقاء المشترك من جهة اخرى. و لذلك فان تحيزكم يا شباب الثورة لأي من الطرفين يعني في حقيقة الامر زيادة الامر سواء من غير وجود اي احتمال معقول للنجاح. و من ثم فان عليكم ان تتبنوا موقفا مختلفا و بالتالي حلولا مختلفة.
• موقف شباب الثورة
ينبغي ان يكون موقف شباب الثورة هو كسر حلقة الجمود السياسي من اجل فتح المشاركة للكل القوى الأساسية الموجودة على الساحة بدون تميز او تحيز او محابة. و لا شك انكم بثورتكم هذه التي يشارك فيها كل فئات الشعب بما في ذلك الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك و الاخرون قادرون على تحقيق ذلك.
ان ذلك يتطلب التعامل مع موفق كل من الحزب الحاكم و احزاب اللقاء المشترك من منظور وطني. ما يجري في البلاد في حقيقة الامر سببه الاساسي هو التصرفات و الاهداف التي تبناها كل من الرئيس و حزبه من جانب و احزاب اللقاء المشترك و المتمحورة حول محالة كل طرف في احتكار السلطة دون الاخر و دون القوى السياسية الاخرى المهمشة او المقصاة.
و لا شك ان ذلك يتطلب ان يسمح لكل صاحب راي ان يقول رايه و ان يتم المقارنة بين هذه الآراء و التوافق على تلك الآراء التي تتعامل مع الجميع بنفس المعاير اي بنفس الحقوق و الواجبات.
و من خلال ذلك فإنكم ستتمكنون من حل مشاكل البلاد و مشاكل هذه الاحزاب. و لا شك ان ذلك سيؤسس لنظام سياسي جديد لا يقوم على الاقصاء لأي طرف و قادر على تمكين الجميع من اتخاذ القرارات الهامة للتعامل مع اي قضايا او مشاكل من منظور وطني لا يفرق بين مصالح الوطن و مصالح الاحزاب المشروعة و مصالح الافراد.
• الاليات المقترحة
ان الثورة السلمية هي تلك الثورة التي تتمتع بانضباط ديني و اخلاقي قوي يمكنها من التمسك بقيم مثل التجرد و العدالة و الانصاف. و اذا كان من خصائص الثورة السلمية تجنب العنف بكل اشكاله و انواعه فان من اهم خصائصها ان تتعامل مع الكل بالعدل حتى مع من كانت الثورة ضدهم و من يعملون على افشالها.
و من اجل ذلك فانه لا بد من التعامل مع ثلاث قضايا اساسية متداخلة و لكنها تتميز عن بعضها البعض في بعض الوجوه. هذه القضايا هذه هي اولا تحديد اسس بناء الدولة الحديثة الجديدة. و ثانيا الاسس الضرورية لإدارة المرحلة الانتقالية من الناحية الدستورية و القانونية. و ثالثا ايقاف التدهور في الاوضاع المعيشية و الامنية خلال المرحلة الانتقالية.
ففيما يخص القضية الاولى فانه من المستحيل بل و من المفضل ان لا يتم مناقشة و الاتفاق على اسس بناء الدولة الحديثة خلال المرحلة الانتقالية. فقد يتم البدا بذلك لكن يجب السماح لها ان تأخذ وقتها الكافي و تستمر حتى ما بعد المرحلة الانتقالية.
ان ربط المرحلة الانتقالية بهذه المهمة سيعمل على تشجيع بعض القوى السياسية على افشال هذه المرحلة او تمديدها و بالتالي ايقاف عملية بناء الدولة الحديثة عند هذه النقطة. هذا من ناحية و من ناحية فقد يتم التوافق على هذه الاسس بشكل متناقض و غير عملي مما يجعلها غير قابلة للتطبيق كما حدث خلال التحضير للوحدة اليمنية. و كذلك فانه من المستحيل ان يتم مناقشة كل وجهات النظر و التوافق عليها خلال فترة قصيرة.
و لذلك يجب فصل هذه المهمة عن المهام الاخرى و اعطائها الوقت الكافي و عدم الربط بينها و بين عملية الانتقال من المرحلة الانتقالية الى المرحلة الطبيعية.
و من اجل ذلك و حتى لا يكون هناك فراغ خلال المرحلة الانتقالية فانه لا بد من الاتفاق على اسس دستورية مؤقتة يتم الاحتكام اليها خلال هذه المرحلة. و لا شك ان هذه الاسس يجب ان تنحصر في النص على كون هذه المرحلة انتقالية و ان المهمة الاساسية لها هي التحضير و الاعداد للانتخابات البرلمانية و الرئاسية و توفير كل الضمانات الدستورية و القانونية و الاجرائية الكافية لجعل هذه الانتخابات حرة و نزيهة.
و في نفس الوقت فانه لا بد من ايجاد الاليات الضرورية لجعل مؤسسات الدولة قادرة على معالجة اوضاع المواطنين و تحسين اوضاعهم المعيشية و الامنية و التعامل مع بعض المظالم الواضحة و الغير قابلة للتأجيل.
و حتى يتم تنفيذ هذه المهام فانه لا بد من تشكيل مجلس عسكري يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية. و من المهم ان عملية اختيار هذا المجلس يجب ان تناط بشباب الثورة. و في حل الاتفاق على ذلك يقوم رئيس الجمهورية بالاستقالة و بالتالي تولي هذه المجلس لمهامه.
يتولى هذه المجلس حفظ الامن في البلاد و الاشراف على عملية انتقال السلطة خلال المرحلة الانتقالية. يتقدم شباب الثورة بمقترحات بأسماء المرشحين لرئاسة الحكومة الانتقالية و على المجلس العسكري ان يكلف احد المرشحين. و بعد ذلك يقوم الرئيس المكلف بالتشاور مع شباب الثورة و المجلس العسكري حول اسماء الوزراء المقبولين و الذي يجب ان يكونوا تكنقراطيين و ليس سياسيين.
و من خلال التشاور بين المجلس العسكري و شباب الثورة و القوى السياسية يتم التوافق على اعضاء مجلس تأسيسي لصياغة الدستور الجديد و الذي يجب ان يعرض على الاستفتاء العام. فان تم التوافق على هذا الدستور فمن الممكن ان يتم الاستفتاء عليه في نفس الوقت الذي ستتم فيه الانتخابات البرلمانية و ان لم يتم التوافق فان هذا المجلس ان يسلم كل الوثائق التي في حوزته الى مجلس النواب المنتخب و الذي يتولى عملية اكمال هذه المهمة.
و بعد انتخاب كل من مجلس النواب الجديد و الرئيس الجديد ينحل المجلس العسكري و الحكومة المؤقتة تلقائيا و تتولى السلطات الجديدة مهامها كاملة.
• الخاتمة
من الواضح ان الاصرار على ضرورة الالتزام بالدستور الحالي في عملية الانتقال السلمي للسلطة غير ممكن لعدم التمكن من الاحتكام له في الماضي.
كذلك فان اتفاق الاحزاب السياسية على الية اخرى لعملية الانتقال السلمي للسلطة ايضا غير ممكن لأنه كان متاحا لها ذلك خلال السنتين الماضيتين و لم تتمكن من فعل ذلك.
ايضا ان انفراد طرفي النزاع في ادارة المرحلة الانتقالية غير عادل و غير مبرر و سوف يترتب عليه غالب و مغلوب و منتصر و مهزوم مما قد يكرر عملية الاقصاء و الاحتكار التي حدثت بعد احداث عام 1994.
لا يمكن نقل السلطة سلميا بما يتفق مع حقيقة الاوضاع و تهيئة المناخيات المناسبة لعملية الانتقال بسلاسلة و توفير ظروف النجاح و تجنب العنف و الانتقال الا اذا تولى المرحلة الانتقالية جهات وشخصيات محايدة. و لا شك ان الشباب يمثل هذه الجهة و لا شك ان القوات المسلحة و الامن تحتوي على قيادات وطنية محايدة سياسيا و كذلك فان المجتمع اليمني لديه من الكوادر المستقلة و المتزنة ما يمكن من تطبيق هذه الالية او اي اليات اخرى مشابه.
*مأرب برس