شعبان عبدالرحمن
دون ضجيج.. يتجه البنك الدولي لإدخال النظام المالي الإسلامي ضمن نظام تعامله المالي، وذلك في أول سابقة في تاريخ البنك، وهو ما يعد انتصاراً كبيراً للنظرية الاقتصادية الإسلامية.. لكن القوم لا يعلمون أو بالأحرى لا يكترثون! فعلى هامش أحد المؤتمرات المالية التي عقدت بالبحرين مؤخراً قال «أبام يومي» الاختصاصي الأول بالقطاع المالي في البنك الدولي لموقع (CNN) باللغة العربية: إن البنك الدولي يدرس إنشاء صندوق ائتمان إسلامي بالتعاون مع جهات مصرفية ومؤسسات إسلامية في الشرق الأوسط، وأضاف: «إن الصندوق سيشمل مؤسسات وأفراداً ودولاً، وسوف يمول العديد من المشاريع، خصوصاً البنى التحتية، وإذا تم ذلك فإن البنوك والصيرفة الإسلامية ستدخل في النظام المصرفي الدولي لأول مرة، وتساهم في بناء الاقتصاديات العالمية». ومنذ ظهور الكارثة المالية الدولية التي اجتاحت الغرب ومازالت توابعها تترا حتى اليوم برز الحديث في الغرب بقوة عن التوجه نحو النظام المالي الإسلامي باعتباره صمام الأمان من أي كوارث مالية، فقد ثبت أن المؤسسات التي تطبق النظام المالي الإسلامي بطريقة صحيحة لم تتأثر بالكارثة المالية، بل إن دولاً كبرى قررت تطبيق النظام المالي الإسلامي في جوانب مهمة من سياساتها المالية، ففي فرنسا أصدرت الجمعية الوطنية (البرلمان) قبل ثمانية أشهر قانوناً يجيز لوزير المالية الاستعانة بالنظام المالي الإسلامي ضمن النظام المالي للدولة كإصدار صكوك التمويل الإسلامية، كما أصدرت اليابان مؤخراً صكوك تمويل إسلامية لتمويل مشروعات البنية التحتية. إن هناك مؤسسات في أمريكا، وفي الغرب عموماً، تتعامل بجوهر النظام المالي الإسلامي منذ أكثر من ثلاثين عاماً دون الإعلان عن ذلك بعد أن ثبت فشل نظام الفائدة. وفي لندن هناك بنك إسلامي، وهناك العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة في أوروبا تقوم - دون إعلان - بدراسة تطبيق النظرية الاقتصادية الإسلامية، وذلك سعياً لحماية مشروعاتها من الكوارث الدائرة. الأهم عندي.. أن الغرب المشبع بروح الحروب الصليبية خاصة في إداراته التي تشن حروباً ماحقة على بلادنا الإسلامية، وإعلامه الذي لا يكف عن حملات التضليل والزيف ضد الإسلام.. يضطر تحت «سكين» الأزمة المالية وإنقاذاً لـ«عنق» اقتصاده يضطر للتوجه نحو اعتماد النظام المالي الإسلامي في بعض أنشطته، حتى البنك الدولي أصبح مقتنعاً بذلك، ويدرس إدخال النظرية الاقتصادية الإسلامية ضمن نظامه المالي العام، ويحدث ذلك عبر إجراءات أشبه بالإجراءات السرية ودون ضجيج إعلامي، كالضجيج الذي يملأ الدنيا عندما تكون هناك حملة للانتقاص من الإسلام والمسلمين. والاهتمام بالمبادئ والنظم الإسلامية والاعتراف بأهميتها في مجالات عديدة من الحياة يحدث بين الحين والآخر من جانب جهات غربية معتبرة، وإن كان يلاقي مقاومة وسخرية ونقداً لاذعاً من جهات أخرى، ولكنه يحدث، والأهم من ذلك أنه يحدث من جهات أو من شخصيات لها وزنها في المجتمع الغربي - كما أسلفت - ولعل إشارات الأمير «تشارلز» التي تشيد بالحضارة الإسلامية في مناسبات عديدة معروفة، كما أن شهادة كبير أساقفة كانتربري «د. روان ويليامز» التي أنصفت الشريعة الإسلامية معروفة، عندما قال في فبراير من عام 2008م: «إن استخدام بعض جوانب الشريعة الإسلامية يبدو لا مفر منه»، واقتراحه بأن تؤدي الشريعة الإسلامية دوراً في بعض جوانب قوانين الزواج، وتنظيم المعاملات المالية، وطرق الوساطة، وحل النزاعات. وهي التصريحات التي قوبلت بعاصفة إعلامية عاتية ضد الرجل، لكن ذلك لم يمنع انطلاق صوت آخر مهم ومنصف للإسلام، هو صوت اللورد «فيليبس» كبير قضاة «إنجلترا وويلز»؛ الذي أعلن في يونيو 2008م خلال كلمة له بالمركز الإسلامي بشرق لندن أن «مبادئ الشريعة الإسلامية يمكن أن تؤدي دوراً في بعض جوانب النظام القضائي البريطاني»، وإن كان قد أوضح أنه ليس بالإمكان تشكيل محاكم إسلامية في بريطانيا؛ إلا أنه أكد «عدم وجود ما يمنع من اللجوء لقواعد الشريعة الإسلامية في حل النزاعات»، وقال اللورد «فيليبس»: «إن الشريعة الإسلامية عانت من سوء فهم واسع النطاق»، وأعتقد أن العبارة الأخيرة من كلام «كبير القضاة» موجهة - قبل البريطانيين - لكثيرين من المسلمين الذين يخاصمون دينهم وشريعتهم، عن علم مغلوط أو مغشوش؛ بل ومنهم من يستحيي عندما يتذكر أنه مسلم! ويبدو أن أهل الحكم في بلادنا لا يعلمون بتلك التطورات أو يدرون ولا يكترثون.. وفيما يبدو أن لا وقت لكثير من الحكومات لتضيعه في سبيل التوقف عند ذلك، فبعضها مخاصم في الأساس للتوجه الإسلامي في كل شيء، والبعض الآخر منهمك في تثبيت أركان حكمه وإزاحة خصومه من الساحة بصورة أو بأخرى، وهو مستعد في سبيل ذلك أن يدفع الغالي والرخيص من سيادة بلده وقوت شعبه! إن الإسلام سيظل منطلقاً مهما كانت العوائق وتظل مبادئه وقيمه تشق طريقها بين العالمين مهما عبث العابثون المرجفون ومهما دبر وخطط الحاقدون.
*المجتمع
دون ضجيج.. يتجه البنك الدولي لإدخال النظام المالي الإسلامي ضمن نظام تعامله المالي، وذلك في أول سابقة في تاريخ البنك، وهو ما يعد انتصاراً كبيراً للنظرية الاقتصادية الإسلامية.. لكن القوم لا يعلمون أو بالأحرى لا يكترثون! فعلى هامش أحد المؤتمرات المالية التي عقدت بالبحرين مؤخراً قال «أبام يومي» الاختصاصي الأول بالقطاع المالي في البنك الدولي لموقع (CNN) باللغة العربية: إن البنك الدولي يدرس إنشاء صندوق ائتمان إسلامي بالتعاون مع جهات مصرفية ومؤسسات إسلامية في الشرق الأوسط، وأضاف: «إن الصندوق سيشمل مؤسسات وأفراداً ودولاً، وسوف يمول العديد من المشاريع، خصوصاً البنى التحتية، وإذا تم ذلك فإن البنوك والصيرفة الإسلامية ستدخل في النظام المصرفي الدولي لأول مرة، وتساهم في بناء الاقتصاديات العالمية». ومنذ ظهور الكارثة المالية الدولية التي اجتاحت الغرب ومازالت توابعها تترا حتى اليوم برز الحديث في الغرب بقوة عن التوجه نحو النظام المالي الإسلامي باعتباره صمام الأمان من أي كوارث مالية، فقد ثبت أن المؤسسات التي تطبق النظام المالي الإسلامي بطريقة صحيحة لم تتأثر بالكارثة المالية، بل إن دولاً كبرى قررت تطبيق النظام المالي الإسلامي في جوانب مهمة من سياساتها المالية، ففي فرنسا أصدرت الجمعية الوطنية (البرلمان) قبل ثمانية أشهر قانوناً يجيز لوزير المالية الاستعانة بالنظام المالي الإسلامي ضمن النظام المالي للدولة كإصدار صكوك التمويل الإسلامية، كما أصدرت اليابان مؤخراً صكوك تمويل إسلامية لتمويل مشروعات البنية التحتية. إن هناك مؤسسات في أمريكا، وفي الغرب عموماً، تتعامل بجوهر النظام المالي الإسلامي منذ أكثر من ثلاثين عاماً دون الإعلان عن ذلك بعد أن ثبت فشل نظام الفائدة. وفي لندن هناك بنك إسلامي، وهناك العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة في أوروبا تقوم - دون إعلان - بدراسة تطبيق النظرية الاقتصادية الإسلامية، وذلك سعياً لحماية مشروعاتها من الكوارث الدائرة. الأهم عندي.. أن الغرب المشبع بروح الحروب الصليبية خاصة في إداراته التي تشن حروباً ماحقة على بلادنا الإسلامية، وإعلامه الذي لا يكف عن حملات التضليل والزيف ضد الإسلام.. يضطر تحت «سكين» الأزمة المالية وإنقاذاً لـ«عنق» اقتصاده يضطر للتوجه نحو اعتماد النظام المالي الإسلامي في بعض أنشطته، حتى البنك الدولي أصبح مقتنعاً بذلك، ويدرس إدخال النظرية الاقتصادية الإسلامية ضمن نظامه المالي العام، ويحدث ذلك عبر إجراءات أشبه بالإجراءات السرية ودون ضجيج إعلامي، كالضجيج الذي يملأ الدنيا عندما تكون هناك حملة للانتقاص من الإسلام والمسلمين. والاهتمام بالمبادئ والنظم الإسلامية والاعتراف بأهميتها في مجالات عديدة من الحياة يحدث بين الحين والآخر من جانب جهات غربية معتبرة، وإن كان يلاقي مقاومة وسخرية ونقداً لاذعاً من جهات أخرى، ولكنه يحدث، والأهم من ذلك أنه يحدث من جهات أو من شخصيات لها وزنها في المجتمع الغربي - كما أسلفت - ولعل إشارات الأمير «تشارلز» التي تشيد بالحضارة الإسلامية في مناسبات عديدة معروفة، كما أن شهادة كبير أساقفة كانتربري «د. روان ويليامز» التي أنصفت الشريعة الإسلامية معروفة، عندما قال في فبراير من عام 2008م: «إن استخدام بعض جوانب الشريعة الإسلامية يبدو لا مفر منه»، واقتراحه بأن تؤدي الشريعة الإسلامية دوراً في بعض جوانب قوانين الزواج، وتنظيم المعاملات المالية، وطرق الوساطة، وحل النزاعات. وهي التصريحات التي قوبلت بعاصفة إعلامية عاتية ضد الرجل، لكن ذلك لم يمنع انطلاق صوت آخر مهم ومنصف للإسلام، هو صوت اللورد «فيليبس» كبير قضاة «إنجلترا وويلز»؛ الذي أعلن في يونيو 2008م خلال كلمة له بالمركز الإسلامي بشرق لندن أن «مبادئ الشريعة الإسلامية يمكن أن تؤدي دوراً في بعض جوانب النظام القضائي البريطاني»، وإن كان قد أوضح أنه ليس بالإمكان تشكيل محاكم إسلامية في بريطانيا؛ إلا أنه أكد «عدم وجود ما يمنع من اللجوء لقواعد الشريعة الإسلامية في حل النزاعات»، وقال اللورد «فيليبس»: «إن الشريعة الإسلامية عانت من سوء فهم واسع النطاق»، وأعتقد أن العبارة الأخيرة من كلام «كبير القضاة» موجهة - قبل البريطانيين - لكثيرين من المسلمين الذين يخاصمون دينهم وشريعتهم، عن علم مغلوط أو مغشوش؛ بل ومنهم من يستحيي عندما يتذكر أنه مسلم! ويبدو أن أهل الحكم في بلادنا لا يعلمون بتلك التطورات أو يدرون ولا يكترثون.. وفيما يبدو أن لا وقت لكثير من الحكومات لتضيعه في سبيل التوقف عند ذلك، فبعضها مخاصم في الأساس للتوجه الإسلامي في كل شيء، والبعض الآخر منهمك في تثبيت أركان حكمه وإزاحة خصومه من الساحة بصورة أو بأخرى، وهو مستعد في سبيل ذلك أن يدفع الغالي والرخيص من سيادة بلده وقوت شعبه! إن الإسلام سيظل منطلقاً مهما كانت العوائق وتظل مبادئه وقيمه تشق طريقها بين العالمين مهما عبث العابثون المرجفون ومهما دبر وخطط الحاقدون.
*المجتمع