مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الفقـه والفقهـــاء في اليمن فـي عهد الـرسول
د عبدالله الوشلي
لقد اقترن الفقه بالنسبة لليمانيين بدخولهم في دين الله عز وجل، واستجابتهم لتعاليمه، والتزامهم بأحكامه. كما صاحب ذلك اهتماماً كبيراً من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحرصاً شديداً من اليمانيين على التفقه، سواءً على المستوى الجماعي أو الفردي.

وأستطيع أن أحدد بداية النشاط فيه بالسنة السابعة، التي كانت فيها أول وفد يماني رفيع المستوى وكثير العدد، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إثر مقدمه من خيبر، وهو وفد الأشاعرحين قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأصحابه حين رآهم : » أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانيه

مع أنه كان قبل ذلك من بداية الدعوة تواصل يماني، لكن بشكل فردي، ومتفرق، ومحدود

المعلمون والمفقهون المرسلون إلى اليمن والحظ التهامي منهم:وقد تركز النشاط أكثر في أوآخر السنة الثامنه، حين أرسل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوفود المعلمة والمفقهة إلى اليمن، وانتقائه واختياره لأفقه الصحابه وأعلمهم بالقرآن والسنه ليتولوا هذه المهمة في جميع أنحاء اليمن، وكان لتهامة منهم حظ كبير. حيث أغلب الولاة والمعلمين والمفقهين دخلوا تهامة، أو كانت لهم صلة بأطرافها، والجبال المنسوبة إليها.

[1] فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي أرسل إلى همدان، وصنعاء، يذكر ابن سمرة: أنه دخل أرض عك من تهامة، وبنى لهم مسجدا، ودخل عدن أبين، وخطب على منبرها خطبة بليغة ذكر فيها:-

’’إن منكم من يبصر بالليل والنهار، ومنكم من يبصر بإحداهما دون الأخرى’’ وما يؤدي معنى هذا الكلام وذكر الجندي والأهدل وابن الدبيع: أنه دخل اليمن، وعدن، مرة أخرى في زمن أبي بكر وإمرته.

[2] وأبو عبدالرحمن معاذ بن جبل: كان مستقر ولايته الجند، وكان يتردد على عدن، وتذكر بعض الروايات دخوله وادي زبيد، حيث كان أبو موسى الأشعري، وقد أوصاهما الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتطاوعا.

[3] وأبو موسى الأشعري كان موضع تردده تهامة اليمن، من عثر إلى عدن، والياً ومفقها.

[4] وأبو سعيد خالد بن سعيد بن العاص: بعثه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم على صدقات اليمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو باليمن كما يقول ابن عبدالبر، ويذكر ابن سمرة: أنه كان أميرا على ما بين نجران، ورمع، وزبيد.

[5] وخالد بن الولدي القرشي: بعثه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قبل حجة الوداع، ذكره ابن سمرة وغيره وقال الجندي: إن خالداً بعثه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى تهامة، فارتد جماعة من أهل تهامة، وخرج عنهم خالد بعد أن أصلحوا.

[6] والطاهر بن أبي هالة: ولاه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم على بلاد عك والاشعريين- وهي بلاد تهامة اليمن- بعد أن رجع أبو موسى إلى المدينة، لمشاركة الرسول في حجة الوداع.

[7] ويعلى بن أبي أمية: كان واليا على الجند ومخلافها، وعدن، وهي تهاميه تتبع مخلاف الجند.

فهؤلاء الصحابة الذين كانت ولايتهم بارض تهامه وما يتبعها هم الذين كانوا يتولون أمر التفقيه في اليمن، تعليما، وإفتاءً، وقضاءً، بتكليف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهم بذلك.

قال ابن سمرة: وعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله في اليمن عهودا جامعة المعاني الشرعية في الصلاة، والزكاة، والحج، وسائر الأحكام من الحلال والحرام، والخاص والعام وقال في موضع آخر: فهؤلاء عمال النبي صلى الله عليه وسلم ، وفقهاء اليمن في وقته عليه الصلاة والسلام، فمحنوا بردة أهل اليمن، وادعى الاسود العنسي النبوة، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منه ومن أهل اليمن، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بحربه، فحاربوه وقتلوه، وأعز الله الإسلام بقتله، وكان بين ظهوره ومقتله نحواً من أربعة أشهر.

وفي عهده صلى الله عليه وعلى آله وسلم اشتهر رواة يمانيون عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم جلهم تهاميون منهم: أبو موسى الأشعري، والحارث الأشعري، وأبيض بن الحمال المأربي، وأبي عامر الأشعري، وفروة ابن مسيك، فهؤلاء جميعاً صحابيون يمانيون، أوردهم الإمام مسلم بن الحجاج في الطبقات كما يقول ابن سمره، وذكر : أنهم عمال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفقهاء اليمن في وقته عليه السلام.

وذكر ابن سعد في طبقاته: الصحابة الذين استقروا باليمن، وكل الصحابة فقهاء، فذكر منهم :

أبيض بن الحمال المأربي، وفروة بن مسيكسابق الذكر.

وقيس بن مكشوح الذي قتل الأسود العنسي وعمرو بن معدي كرب، من مذحج، وكان فارس العرب، ارتد، ثم أسلم وحسن إسلامه.

وصرد بن عبدالله الأزدي: وكان ينزل جرش. وكان صرد من أقضى قومه، وكان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعجب رسول الله به، فأمره على من أسلم من قومه، وأن يجاهد بمن أسلم من يليه من أهل الشرك من أهل اليمن، وأوصاه بالنفر الذين كانوا معه خيرا. وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عامل رسول الله على جرش

ونمط بن قيس الأرحبي، الهمداني، وحذيفه بن اليمان الأزدي، عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على دبا، وصاحب سر رسول الله، وقيس بن الحصين من مذحج، أمره الرسول صلى الله عليه وسلم على بني الحارث حين وفد عليه مع خالد بن الوليد وكتب له كتابا.

وعبدالله بن المدان المذحجي، ويزيد بن عبد المدان المذحجي، ويزيد بن المحجل المذحجي، وشداد بن عبدالله القناني من بني الحارث بن كعب، وعبدالله بن قراد من بني الحارث بن كعب. كل هؤلاء وفدوا مع خالد بن الوليد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

مالك بن مرارة الرهاوي- ورهاء بطن من مذحج- وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعثه بكتابه إلى ملوك حمير، وكان مع معاذ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكتب يوصي بهم، وعقبة بن نمير، وعبدالله بن زيد، وهم من رسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين وجههم مع معاذ بن جبل إلى اليمن، وكتب يوصي بهم، وأن يجمعوا الصدقة ويدفعوها إليهم، كما أن مهمتهم كانت مهمة معاذ: التعليم، والتفقيه.

وزرارة بن قيس النخعي من مذحج، وكان من وفد النخع الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم للنصف من محرم سنة إحدى عشر من الهجرة، وهم مائتا رجل، وكانوا قد بايعوا معاذ بن جبل باليمن.

وأرطأة بن كعب النخعي: وفد على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأسلم، وعقد له لواء شهد به القادسية.

وأرقم بن زيد بن مالك النخعي: وفد على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ووبر بن يخس الكلبي: وكان من الأبناء الذين كانوا باليمن، فقدم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأسلم، وقدم من عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الأبناء باليمن، فنزل على بنات النعمان بن بزرج، فاسلمن، وبعث إلى فيروس الديلمي، فأسلم، وإلى مركيود فأسلم، وكان إبنه عطاء بن مركيود أول من جمع القرآن بصنعاء، وأسلم باذان باليمن، وبعث بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك سنة عشر.

فهؤلاء الصحابه الذين ذكرهم ابن سعد باعتبارهم في اليمن كانوا هم الذين يواصلون مسيرة الدعوة، والتعليم، والتفقيه لليمانيين، وتخرج على أيديهم عدد كبير من التابعين في اليمن، قامت عليهم مدرسة الفقه، وتحققت بهم الممارسة الفقهيه اجتهادا، وإفتاءً، وقضاءً، وتعليماً ……الخ.

ويعد هؤلاء الولاة الذين أسند اليهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم تعليم اليمانيين وتفقيههم سلف هذه المدرسة الفقهية اليمانية المتميزة.

والنشاط الفقهي في اليمن في عهد النبوه ارتكز كثيرا على خمسة من الولاه:- علي بن أبي طالب، ووبر بن يحنس، وفروة بن مسيك في مخلاف صنعاء وما يتبعه، ومعاذ بن جبل في مخلافي الجند وحضرموت وما يتبعهما، وأبو موسى الأشعري في تهامة اليمن، ثم في مأرب، حيث كان لهم فيها تلاميذ صحبوهم، ولازموهم، وتخرجوا على أيديهم، فمنهم من لازمهم وانتقل معهم حيث انتقلوا، حتى ماتوا، ومنهم من بقي في اليمن ليواصل مسيرة التعليم والتفقيه، ويمارس العمل الفقهي في مختلف المجالات
*الإصلاح نت
أضافة تعليق