مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
رسالة الأستاذ الجامعي
رسالة الأستاذ الجامعي


يتسنم الأستاذ الجامعي مكانة عليا في خارطة المجتمع بما يمتلكه من رصيد معرفي ، وخبرة حياتية وبما يمنحه إياه موقعه في المؤسسة العلمية ( الجامعة ) التي تعد ذروة السلم التعليمي ، ونتيجة لذلك فإن السؤال الذي يلقي بنفسه في زحام هذه الحروف فحواه : ما رسالة الأستاذ الجامعي التي يستوجب عليه القيام بأدائها؟؟؟
هل مهمته تقتصر على عملية حشو أذهان طلابه بكمٍ من المعلومات التي يتلقنها الطالب ويحفظها أحيانا مجمدة دون حياة فإذا ما جاء الاختبار ألقت الذاكرة بما فيها وتخلت ، واستراح الطالب من عبئها وعبء الملزمة التي تحتويها ، ومن علامات ذلك أن بعض الطلاب يلقي بالملزمة عقب انتهاء الاختبار ، وربما يمزقها ليروي سخطه من كابوس طالما أقض عليه مضجعه . ( طبعاً إن كان من الذين يهتمون بقراءة ما فيها ) . فهل مهمة الأستاذ الجامعي محصورة على عملية التلقين ، ومقصورة على حدود قاعة الدرس أو المكتب الخاص به ، أو أن هناك مساحة أوسع لأدائه ومجالات أرحب لرسالته ؟؟؟
إن قناعتي أن رسالة الأستاذ الجامعي ذات شعب ثلاث :
- الشعبة الأولى : تتحدد بدوره التربوي مع طلابه وهو دور تمتزج فيه عملية التعليم وتلقين المعارف والمهارات بعملية التربوي فالأستاذ الجامعي ينبغي أن يتذكر أنه مربٍ لهذا الجيل الذي بين يديه وأنه إذا ساء لحظ بصيرة جاءت على يده البصائر حولا ـ كما يقول أحمد شوقي ـ وهذا يقتضي أن بتحرر الأستاذ الجامعي من تلك الصور المترسخة في الأذهان التي تقزم رسالة الأستاذ الجامعي وتحصرها في التلقين البارد والأداء الرتيب في القاعة الدراسية . وهي بلا شك صورة شائهة تمسخ جلال الصورة الحقيقية للأستاذ الجامعي وتحيله إلى شريط تسجيل .
إن واقع الطالب الجامعي المعاصر بأوجاعه المتناسلة تفرض على الأستاذ الجامعي أن يقدم المعلومة في وعاء تربوي يسهم في بناء التصور السليم للطالب و علاج القصور التربوي لديه، ويبعث فيه الأمل ، ويغرس فيه الإيجابية ليكون عنصراً فاعلاً في المجتمع ، يبني ولا يهدم ، ينتج ولا يستهلك ، يفكر ولا يتلقى .
- أما الشعبة الثانية من رسالة الأستاذ الجامعي فتتمثل بعلاقته بالمجتمع الذي يعيش فيه ، فلا يقتصر أداؤه على القاعة الدراسية ، ونشاطه في إطار الجامعة بل ينبغي أن يتعداه ليسهم بدور فاعل في قضايا المجتمع وشؤون التنمية ، فالمجتمع ينتظر من المتخصصين أن يقدموا عصارة فكرهم وخلاصة خبرتهم في خدمة المجتمع لتخصب مجال التنمية الشاملة ، وذلك يحقق تواصلاً فاعلاً بين الأستاذ الجامعي والمجتمع الذي يعيش فيه .
- الشعبة الثالثة من رسالة الأستاذ الجامعي تتعلق بتكوينه العلمي والمثابرة في التزود بكل جديد في عالم تخصصه ، ومتابعة المستجدات في مجالات الحياة الأخرى ، لأن بعض الأساتذة الجامعيين يكتفي بالحصول على شهادة الدكتوراه ويشنقها ببرواز أنيق في مكتبته ، وينسى أن تلك الشهادة ليست سوى بوابة للدخول في فضاء البحث العلمي وتحقيق المُكْنَة في التخصص ومتابعة الجديد والمتجدد في عالم المعرفة الدافق في عصر تميز بالسرعة المذهلة والإنجاز المتسارع .
وإذا لم يستوعب الأستاذ الجامعي المستجدات المعاصرة ويقوم بمواكبتها فعليه أن يستيقن أن الزمن لا يجيد الانتظار .


د/ عبد الحميد الحسامي
كلية العلوم الإنسانية / قسم اللغة العربية
جامعة الملك خالد - أبها
*تربيتنا
أضافة تعليق