مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
قوة نصرالله وضعفه
قوة نصرالله وضعفه
-محمدأبورمان
فيما يبدو جانب الضعف الأساسي، لدى نصر الله، في ذلك الولاء المطلق لإيران وتحديداً لمرشد الجمهورية، وهو ولاءٌ يستفز كثيراً من العرب، مع إدراك أنّ إيران هي الراعي الرئيس لهذا الحزب سياسياً ومالياً وعسكرياً، وطائفياً. وبالرغم من الدعم الذي تقدّمه إيران لحزب الله، بخاصة عسكرياً، ولحماس وفصائل المقاومة، فإنّ هنالك جانبين لا يمكن تبريرهما والقفز عنهما في سياستها الخارجية:

اختطف حسن نصر الله الأضواء في يوم القدس العالمي، في خطابه الذي خصّص جزءاً كبيراً منه للحديث عن القدس والقضية الفلسطينية وحق العودة.

الأهم من هذا وذاك، أنّ زعيم حزب الله لم يفوّت هذه المناسبة من دون التذكير، على أعتاب العيد، بمأساة غزة وأطفالها، الذين يحول الحصار (العربي- الدولي) لها دون وصول مواد لبناء منازل تقي الناس حرّ الصيف وبرد الشتاء، بعد أن هدّمها العدوان الإسرائيلي.

لم يقّدم نصر الله لأطفال غزة أموالاً وعوناً مادياً مباشراً، بل ربما قدّمت دول عربية أكثر منه بكثير، لكنه قدّم خطاباً سياسياً وضعه في أعين الغزّيين والعرب في منزلة عالية من الشعبية والمصداقية، التي لا تتمتع بها الحكومات العربية حتى لدى شعوبها!

قوة نصر الله تكمن هنا. فبالإضافة إلى الكاريزما التي يتمتّع بها الرجل، فإنّه يمتلك خطاباً سياسياً يملأ فراغاً روحياً ورمزياً لدى الشعوب العربية، عنوانه الكرامة المُهْدرة، وفي الوقت نفسه يحمل هذا الخطاب لغة عقلانية مقنعة، ويستند إلى حجج واقعية لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها.

ثمة ثلاث دعائم وروافع تمنح الرجل مصداقية وشعبية:

الأولى، حالة النظام الرسمي العربي (أمام إسرائيل)، التي لا يمكن تبريرها أو تفسيرها، ضمن أي موازين قوى عسكرية وسياسية واقتصادية.

الثانية، أنّه يلتزم بما يقول، وليس فاسداً، ولا تاجر سياسة، وهذا يرفعه كثيراً في أعين الشارع العربي المتعطّش لهذا النوع من القيادة.

وثالثاً، السياسات الغربية، المنحازة لإسرائيل في منطقتنا، التي تجعل من الإنسان العربي رقماً صفرياً، لا قيمة له، بينما تتعامل بصورة مختلفة تماماً مع الإسرائيليين.

فيما يبدو جانب الضعف الأساسي، لدى نصر الله، في ذلك الولاء المطلق لإيران وتحديداً لمرشد الجمهورية، وهو ولاءٌ يستفز كثيراً من العرب، مع إدراك أنّ إيران هي الراعي الرئيس لهذا الحزب سياسياً ومالياً وعسكرياً، وطائفياً.

بالرغم من الدعم الذي تقدّمه إيران لحزب الله، بخاصة عسكرياً، ولحماس وفصائل المقاومة، فإنّ هنالك جانبين لا يمكن تبريرهما والقفز عنهما في سياستها الخارجية:

الأول، على النقيض مما يقوله نصر الله، فإنّ إيران لا تدعم هذه القوى، فقط لأنها ضد إسرائيل وأميركا، إنما لوجود مصالح حيوية إقليمية إيرانية، هي المعيار الرئيس الذي يحكم سياسة إيران.

الثاني، ما تقوم به السياسة الإيرانية في العراق من تخريب البلد، والتلاعب به أمنياً وسياسياً، خدمة لمصالحها، ومحاولة خلق دولة ضعيفة هشة تابعة لها، وتمدد نفوذها بصورة غير مقبولة في هذه الدولة العربية.

مع التذكير أنّ إيران ساهمت، سابقاً، بصورة مباشرة وغير مباشرة في احتلال كلّ من العراق وأفغانستان، من قبل القوات الأميركية، مما أدى إلى اختلال كبير في موازين القوى لصالح إسرائيل.

نصر الله زاد (في خطابه) من جرعة الحديث عن إيران للتغطية على أحداث الجمعة في طهران، بخاصة على هتافات الإصلاحيين اللافتة ’’لا غزة ولا لبنان، نستشهد من أجل إيران’’، وكذلك ما تعرّضت له قيادات إيرانية إصلاحية في مقدمتهم خاتمي وموسوي من اعتداء وضرب.

فعلى ما يبدو، فإنّ نصر الله لجأ إلى التأكيد على الدور الإيراني تجاه العرب، ومديحه المبالغ فيه للرئيس نجاد والمرشد، لإضعاف صدى أحداث طهران لدى الشارع العربي وأنصار حزب الله في الداخل، وقلقهم من الوضع المتوتر في طهران.

من طرفه، فإنّ النظام الرسمي العربي لا يخفي عداءً واضحاً لإيران، ولا يحاول الوصول إلى أي صفقة إقليمية معها، تضمن مصالح الجميع، مع أنّها أقرب من سراب السلام مع إسرائيل، ومن أي تسوية محترمة معها!
*مجلة العصر
أضافة تعليق