د. غالب القرشي.. فقيه المفكرين
تعوّد الناس على استبداد وظلم الحاكم، إلا أنني متفائل
ثابت الأحمدي
قالوا: عبقرية الإنسان مرتبطة بعبقرية المكان، فحيثما التقيا ولد التاريخ العظيم.
هناك في أربطة الحرم المكي حيث أعظم مكان على وجه البسيطة ارتبطت روح متوثبة تحمل هما وهمة بأهداف بعيدة وتطلعات كثيرة، وقد حدقت بعينيين مبصرتين نحو أفق لازوردي، مبتدئة مشوار حياة كلها جد ومثابرة، يفصل ما بين كل عمل وعمل عمل آخر.
أتخيله رجلا تاما في غضارة الشباب، عالما في صورة متعلم وهو يختلف إلى أربطة العلم صباحا ومساء وفيما بينهما يمارس عمله الخاص بما يكفل له الاستمرار في طلب العلم، هذا هو الدكتور غالب عبدالكافي حميد القرشي المولود في شرعب الرونة بتعز عام 67م ذو السبعة عشر ابنا، الذي تعلم صغيرا القرآن الكريم والخط ومبادئ الحساب وعلوم اللغة في الكُتاب قبل أن ينتقل إلى مكة المكرمة طالبا للعلم والعمل معا، فدرس في معهد الحرم المكي الإعدادية والثانوية بمناهجه العلمية المتقدمة التي تشبه إلى حد كبير مناهج الأزهر الشريف، هذا صباحا، أما في المساء فقد التحق بالمدرسة الليلية التربوية.
في المعهد الصباحي والمدرسة التربوية الليلية قرأ وتعلم مناهج الشريعة وعلوم اللغة العربية وأصول العقيدة «الحنبلية» حتى نال شهادة الثانوية العامة إضافة إلى الإجازات العلمية، كل ذلك في سبع سنوات.
في جلسة الحوار بيننا، لم نبتعد كثيرا -بالطبع- عن محمد عبدالوهاب وأتباعه، والحديث عن التوأمة «الثيوسياسية» الحاصلة في المملكة العربية السعودية منذ عقود، وفقهاء الحاكم.. الخ.
بدا الرجل مدافعا باقتدار عن محمد بن عبدالوهاب، عضو الدولة السعودية منذ التأسيس الأول لها -حتى أقنعني حقيقة ببعض الآراء التي كنت أعتقد خلافها- يقول: هذا الرجل -يقصد محمد عبدالوهاب- مثل أئمة العلم، وقد عاصر الشوكاني والصنعاني، وبينهما مراسلات. ويضيف: لا أخفيك، أنا معجب بهذه الشخصية وكتبه موجودة، وهي تشهد على منهجه، وهناك أخطاء من بعض الأتباع لا تعبر عنه.
ذكرته أثناء الحوار بفتوى اللحيدان -رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، كإشارة غير صريحة لحقيقة فقهاء من طراز «اتبعني» ولمن لم يعرف الفتوى أذكره بها: الفتوى تحرم مناصرة إخواننا الفلسطينيين بالمظاهرت كأقل واجب نقدمه لهم بحجة أنها فساد في الأرض وتلهي عن ذكر الله!! أجاب: أنا لا أدافع عن العلماء الحاليين عدا من يرفعون راية الجهاد، ومقاتلة العدو، هذه الفتوى ليست وهابية، لأن المظاهرات من وسائل الضغط المعاصرة ولها أسس شرعية قديمة، وقد رد عليه علماء سعوديون، أما هو فقد تم استبعاده، مستدركا: العلماء ليسوا كلهم طوع الحاكم.
بعيدا عن الوهابية.. منذ مطلع الستينات من القرن المنصرم وحتى فترة ما بعد النكسة - بتعبير إخواننا القوميين، كان للرجل ميول ناصرية، وبقدر ما كان محبا لشعار «التضامن الإسلامي» الذي كان ينادي به الملك فيصل رحمه الله، كان محبا وعاشقا لشعار «الاتحاد الاشتراكي العربي» الذي رفعه بالمقابل جمال عبدالناصر -رحمه الله.
جاءت «النكسة» وأطاحت بكل الأحلام، وبدا عبدالناصر على شاشة التلفاز يذرف دموع الأسى، وقيادات الجمهورية العربية اليمنية آنذاك في السجن الحربي قريبين من رجالات الإخوان الذين عذبوا على ما لم يفعلوا، غير أن السياط اللاهبة لا تلفح أجساد قياداتنا اليمنية.. الخ.
من هنا بدأ الرجل «يتيمن» (من اليمين) وبدأ يفتح عينيه على بعض كتب الإخوان الإحيائية، لا يزال يتذكر أول كتاب قرأه للشيخ محمد الغزالي رحمه الله، وهو في إحدى زوايا الحرم المكي «عقيدة المسلم» نهاية عام 67م ولحظتها مر وهابي معتق بجانبه فلمحه بين يده، ما جعله يقطب حاجبيه مغاضبا جراء جريمة يمارسها شاب داخل الحرم، ناصحا ابن عبدالكافي القرشي بعدم قراءته ومحذرا إياه من الشيخ محمد الغزالي «اتق الله ولا تقرأ هذه الكتب»!!
في تقديري أن هذه الفترة أقصد فترة ما بعد النكبة مباشرة شكلت للرجل صراعا داخليا بين فكره وفقهه، ودائما ما يتعرض علماء أعلام لمثل هذه النوبات الحميدة.
بدأ الرجل يوازن بين تقليدية ما تلقاه وفقه الواقع، وبدأ يقرأ بنهم مستفيض للشيخ محمد الغزالي -تاركا نصيحة صاحبه- وسيد قطب، والقرضاوي وسعيد حوى الذي صودرت كتبه فيما بعد من حلقات الحرم بحجة الأنفاس الصوفية التي فيها!! وآخرين. كما هام بشعر وليد الأعظمي ويوسف العظم ومحمد إقبال وسيد قطب وحفظ منها الكثير ما جعله يتأثر بمفرداتها والروح العابقة بالتجديد، وينظم الشعر وهذه مفاجأة لمن لم يعرف أن الدكتور غالب القرشي شاعر.
من مدرسة الشهيد سيد قطب
في مرحلة الماجستير والدكتوراه احتك كثيرا بعدد من المشائخ الأعلام وممن لهم قدم راسخ في الثقافة والعلوم لعل أبرزهم الشيخ الدكتور مناع خليل القطان الذي أشرف عليه في المرحلتين الأولى على رسالته الموسومة «أولويات الفاروق السياسية» ماجستير 80م والثانية بعنوان «أولويات الفاروق في الإدارة والقضاء» الدكتوراه 87م.
وللعلم فمناع القطان (مصري) حمل الجنسية السعودية ومحمد محمود الصواف (عراقي) والطنطاوي (سوري) ومحمد المبارك (سوري) والشيخ الشعراوي (مصري) ومحمد قطب (مصري)، أعلام أكاديمية وتربوية احتضنهم الملك فيصل أثناء ملاحقة حكوماتهم لهم، وساهموا مساهمة فعالة في صياغة وإعداد المناهج التربوية السعودية، ونكاية بعبدالناصر فقد أسس الملك فيصل مدرسة في المدينة المنورة أسماها مدرسة الشهيد سيد قطب كما كانت صحيفة المدينة تنشر يوميا عمودا صحفيا من مؤلفاته، إضافة إلى ترويسة خاصة قصيرة فيها مختارات من أقوال سيد قطب.
أراني تجاوزت معلومة مهمة، تتعلق بأول تأثر واحتكاك بالإخوان للرجل، ذلك راجع إلى عام 1970م تقريبا في سكن الطلاب بمكة المكرمة، وبمن؟ بالشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني.. كيف؟ يقول: التقيت الشيخ عبدالمجيد لأول مرة خلال 5 دقائق فقط، وهو واقف بسكن الطلاب، فأعجبنا بهيئته ومنطقه وأثر علينا بكلامه، ومن هنا تعرفنا على بعض الإخوان... الخ.
وفي تقديري أن حلقات التواصل بدأت من حينها، وكانت المملكة تسمح لتنظيم الإخوان بممارسة أنشطتهم السرية شريطة ألا يتعلق العمل بشخصيات سعودية فكثير من رموز حركة الإخوان عاشوا هناك ومارسوا عملهم التنظيمي والتجاري بهدوء وبإشراف المملكة.. الخ.
الفقيه الصحفي، يبحث عن عمل
خلال فترة دراسته هناك عمل محررا صحفيا بصحيفة المدينة مع زميل مصري، كان يحرران صفحة «المدينة الإسلامية» المتنوعة، وإثر عودته بعد الماجستير أسس مع محمد بن عبدالله اليدومي وآخرين صحيفة الصحوة بصنعاء عام 85م كما أسس قبل ذلك مع آخرين مجلة الإرشاد وعمل فيها محررا وكاتبا فيما بين 83-86م كما أنه أيضا من المؤسسين للدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح بعد الوحدة وأول رئيس لها وقد أسس إثر ذلك المركز الإعلامي في انتخابات 93م.
حين عاد من المملكة إثر نيله شهادة الماجستير ظل عاما ونصف عام متجولا بين أروقة الجامعة باحثا عن عمل، ولكن ثمة صعوبات وعراقيل وثمة حسابات ومعايير أخرى آنذاك إثر سيطرة تيار معين عليها، ولارتباط الجامعة بجهات أخرى أيضا استطاع أن يلتحق بها متعاقدا من هذا الطريق... الخ.
وعاد عام 88م فالتحق بكلية الآداب حتى عام 92م ليلتحق بكلية الشريعة بعدها وإلى اليوم وقد عمل وزيرا للأوقاف والإرشاد خلال 93-97م ثم عضوا في المجلس الاستشاري من 97-2000م ثم عضوا بمجلس الشورى من 2000-2003م فعضوا بمجلس النواب وإلى اليوم.
حين قلت له أنت فقيه الإصلاح، رفض ذلك بشدة مؤكدا أن فقيه الإصلاح هو الأستاذ ياسين عبدالعزيز الذي لم ير فقيها مثله، مشيرا إلى أن هذا اللقب تداوله البعض إثر نشره كتابا بعنوان «ولاية المرأة في ميزان السياسة الشرعية» قبل سنوات.
ليس هناك ديمقراطية حقيقية فـي اليمن
ولم نبتعد في نقاشاتنا عن قضية ترفيع المكتب النسوي بالإصلاح إلى دائرة مستقلة ومواجهته بورقة أخرى مقابل ورقة «التحريم» التي وقع عليها 37 عالما وتبناها الشيخ عبدالمجيد الزنداني، فقال فقيه السياسة الشرعية بإيجاز: «لم نستطع أن نزحزحهم ولم يستطيعوا أن يزحزحونا، فقالوا هذا حرام، وقلنا هذا حلال».
كما لم نبتعد عن سؤال آخر عما يجري في الساحة من عراك وتدافع؟ فرد: أنا من الناس الذين هم غير راضين عن الوضع بأي حال من الأحوال، ولا أصدق أن هناك ديمقراطية حقيقية، فالهامش الديمقراطي الذي كنا ندعيه قد ضاق، الجيش لا يحزب، لكن الحزب الحاكم يحزبه لصالحه، القضاء لا يحزب، لكن الحزب الحاكم يحزبه، المال العام كذلك، الإعلام لا يجير إلا للحزب الحاكم، وهذه الإمكانات هي التي جعلت الحزب الحاكم ينشر الفساد في البلاد، وكثير من الناس لا يدركون ذلك، لأن الناس قد تعودوا على الاستبداد وظلم الحاكم، ومع هذا فأنا متفائل بالخير!
هنا وفي كلامه الأخير تساوى فقه الرجل مع تفكيره خاصة وللكواكبي -رحمه الله- حضور بين السطر الأخير.. أليس كذلك!؟
.الأهالي نت
تعوّد الناس على استبداد وظلم الحاكم، إلا أنني متفائل
ثابت الأحمدي
قالوا: عبقرية الإنسان مرتبطة بعبقرية المكان، فحيثما التقيا ولد التاريخ العظيم.
هناك في أربطة الحرم المكي حيث أعظم مكان على وجه البسيطة ارتبطت روح متوثبة تحمل هما وهمة بأهداف بعيدة وتطلعات كثيرة، وقد حدقت بعينيين مبصرتين نحو أفق لازوردي، مبتدئة مشوار حياة كلها جد ومثابرة، يفصل ما بين كل عمل وعمل عمل آخر.
أتخيله رجلا تاما في غضارة الشباب، عالما في صورة متعلم وهو يختلف إلى أربطة العلم صباحا ومساء وفيما بينهما يمارس عمله الخاص بما يكفل له الاستمرار في طلب العلم، هذا هو الدكتور غالب عبدالكافي حميد القرشي المولود في شرعب الرونة بتعز عام 67م ذو السبعة عشر ابنا، الذي تعلم صغيرا القرآن الكريم والخط ومبادئ الحساب وعلوم اللغة في الكُتاب قبل أن ينتقل إلى مكة المكرمة طالبا للعلم والعمل معا، فدرس في معهد الحرم المكي الإعدادية والثانوية بمناهجه العلمية المتقدمة التي تشبه إلى حد كبير مناهج الأزهر الشريف، هذا صباحا، أما في المساء فقد التحق بالمدرسة الليلية التربوية.
في المعهد الصباحي والمدرسة التربوية الليلية قرأ وتعلم مناهج الشريعة وعلوم اللغة العربية وأصول العقيدة «الحنبلية» حتى نال شهادة الثانوية العامة إضافة إلى الإجازات العلمية، كل ذلك في سبع سنوات.
في جلسة الحوار بيننا، لم نبتعد كثيرا -بالطبع- عن محمد عبدالوهاب وأتباعه، والحديث عن التوأمة «الثيوسياسية» الحاصلة في المملكة العربية السعودية منذ عقود، وفقهاء الحاكم.. الخ.
بدا الرجل مدافعا باقتدار عن محمد بن عبدالوهاب، عضو الدولة السعودية منذ التأسيس الأول لها -حتى أقنعني حقيقة ببعض الآراء التي كنت أعتقد خلافها- يقول: هذا الرجل -يقصد محمد عبدالوهاب- مثل أئمة العلم، وقد عاصر الشوكاني والصنعاني، وبينهما مراسلات. ويضيف: لا أخفيك، أنا معجب بهذه الشخصية وكتبه موجودة، وهي تشهد على منهجه، وهناك أخطاء من بعض الأتباع لا تعبر عنه.
ذكرته أثناء الحوار بفتوى اللحيدان -رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، كإشارة غير صريحة لحقيقة فقهاء من طراز «اتبعني» ولمن لم يعرف الفتوى أذكره بها: الفتوى تحرم مناصرة إخواننا الفلسطينيين بالمظاهرت كأقل واجب نقدمه لهم بحجة أنها فساد في الأرض وتلهي عن ذكر الله!! أجاب: أنا لا أدافع عن العلماء الحاليين عدا من يرفعون راية الجهاد، ومقاتلة العدو، هذه الفتوى ليست وهابية، لأن المظاهرات من وسائل الضغط المعاصرة ولها أسس شرعية قديمة، وقد رد عليه علماء سعوديون، أما هو فقد تم استبعاده، مستدركا: العلماء ليسوا كلهم طوع الحاكم.
بعيدا عن الوهابية.. منذ مطلع الستينات من القرن المنصرم وحتى فترة ما بعد النكسة - بتعبير إخواننا القوميين، كان للرجل ميول ناصرية، وبقدر ما كان محبا لشعار «التضامن الإسلامي» الذي كان ينادي به الملك فيصل رحمه الله، كان محبا وعاشقا لشعار «الاتحاد الاشتراكي العربي» الذي رفعه بالمقابل جمال عبدالناصر -رحمه الله.
جاءت «النكسة» وأطاحت بكل الأحلام، وبدا عبدالناصر على شاشة التلفاز يذرف دموع الأسى، وقيادات الجمهورية العربية اليمنية آنذاك في السجن الحربي قريبين من رجالات الإخوان الذين عذبوا على ما لم يفعلوا، غير أن السياط اللاهبة لا تلفح أجساد قياداتنا اليمنية.. الخ.
من هنا بدأ الرجل «يتيمن» (من اليمين) وبدأ يفتح عينيه على بعض كتب الإخوان الإحيائية، لا يزال يتذكر أول كتاب قرأه للشيخ محمد الغزالي رحمه الله، وهو في إحدى زوايا الحرم المكي «عقيدة المسلم» نهاية عام 67م ولحظتها مر وهابي معتق بجانبه فلمحه بين يده، ما جعله يقطب حاجبيه مغاضبا جراء جريمة يمارسها شاب داخل الحرم، ناصحا ابن عبدالكافي القرشي بعدم قراءته ومحذرا إياه من الشيخ محمد الغزالي «اتق الله ولا تقرأ هذه الكتب»!!
في تقديري أن هذه الفترة أقصد فترة ما بعد النكبة مباشرة شكلت للرجل صراعا داخليا بين فكره وفقهه، ودائما ما يتعرض علماء أعلام لمثل هذه النوبات الحميدة.
بدأ الرجل يوازن بين تقليدية ما تلقاه وفقه الواقع، وبدأ يقرأ بنهم مستفيض للشيخ محمد الغزالي -تاركا نصيحة صاحبه- وسيد قطب، والقرضاوي وسعيد حوى الذي صودرت كتبه فيما بعد من حلقات الحرم بحجة الأنفاس الصوفية التي فيها!! وآخرين. كما هام بشعر وليد الأعظمي ويوسف العظم ومحمد إقبال وسيد قطب وحفظ منها الكثير ما جعله يتأثر بمفرداتها والروح العابقة بالتجديد، وينظم الشعر وهذه مفاجأة لمن لم يعرف أن الدكتور غالب القرشي شاعر.
من مدرسة الشهيد سيد قطب
في مرحلة الماجستير والدكتوراه احتك كثيرا بعدد من المشائخ الأعلام وممن لهم قدم راسخ في الثقافة والعلوم لعل أبرزهم الشيخ الدكتور مناع خليل القطان الذي أشرف عليه في المرحلتين الأولى على رسالته الموسومة «أولويات الفاروق السياسية» ماجستير 80م والثانية بعنوان «أولويات الفاروق في الإدارة والقضاء» الدكتوراه 87م.
وللعلم فمناع القطان (مصري) حمل الجنسية السعودية ومحمد محمود الصواف (عراقي) والطنطاوي (سوري) ومحمد المبارك (سوري) والشيخ الشعراوي (مصري) ومحمد قطب (مصري)، أعلام أكاديمية وتربوية احتضنهم الملك فيصل أثناء ملاحقة حكوماتهم لهم، وساهموا مساهمة فعالة في صياغة وإعداد المناهج التربوية السعودية، ونكاية بعبدالناصر فقد أسس الملك فيصل مدرسة في المدينة المنورة أسماها مدرسة الشهيد سيد قطب كما كانت صحيفة المدينة تنشر يوميا عمودا صحفيا من مؤلفاته، إضافة إلى ترويسة خاصة قصيرة فيها مختارات من أقوال سيد قطب.
أراني تجاوزت معلومة مهمة، تتعلق بأول تأثر واحتكاك بالإخوان للرجل، ذلك راجع إلى عام 1970م تقريبا في سكن الطلاب بمكة المكرمة، وبمن؟ بالشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني.. كيف؟ يقول: التقيت الشيخ عبدالمجيد لأول مرة خلال 5 دقائق فقط، وهو واقف بسكن الطلاب، فأعجبنا بهيئته ومنطقه وأثر علينا بكلامه، ومن هنا تعرفنا على بعض الإخوان... الخ.
وفي تقديري أن حلقات التواصل بدأت من حينها، وكانت المملكة تسمح لتنظيم الإخوان بممارسة أنشطتهم السرية شريطة ألا يتعلق العمل بشخصيات سعودية فكثير من رموز حركة الإخوان عاشوا هناك ومارسوا عملهم التنظيمي والتجاري بهدوء وبإشراف المملكة.. الخ.
الفقيه الصحفي، يبحث عن عمل
خلال فترة دراسته هناك عمل محررا صحفيا بصحيفة المدينة مع زميل مصري، كان يحرران صفحة «المدينة الإسلامية» المتنوعة، وإثر عودته بعد الماجستير أسس مع محمد بن عبدالله اليدومي وآخرين صحيفة الصحوة بصنعاء عام 85م كما أسس قبل ذلك مع آخرين مجلة الإرشاد وعمل فيها محررا وكاتبا فيما بين 83-86م كما أنه أيضا من المؤسسين للدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح بعد الوحدة وأول رئيس لها وقد أسس إثر ذلك المركز الإعلامي في انتخابات 93م.
حين عاد من المملكة إثر نيله شهادة الماجستير ظل عاما ونصف عام متجولا بين أروقة الجامعة باحثا عن عمل، ولكن ثمة صعوبات وعراقيل وثمة حسابات ومعايير أخرى آنذاك إثر سيطرة تيار معين عليها، ولارتباط الجامعة بجهات أخرى أيضا استطاع أن يلتحق بها متعاقدا من هذا الطريق... الخ.
وعاد عام 88م فالتحق بكلية الآداب حتى عام 92م ليلتحق بكلية الشريعة بعدها وإلى اليوم وقد عمل وزيرا للأوقاف والإرشاد خلال 93-97م ثم عضوا في المجلس الاستشاري من 97-2000م ثم عضوا بمجلس الشورى من 2000-2003م فعضوا بمجلس النواب وإلى اليوم.
حين قلت له أنت فقيه الإصلاح، رفض ذلك بشدة مؤكدا أن فقيه الإصلاح هو الأستاذ ياسين عبدالعزيز الذي لم ير فقيها مثله، مشيرا إلى أن هذا اللقب تداوله البعض إثر نشره كتابا بعنوان «ولاية المرأة في ميزان السياسة الشرعية» قبل سنوات.
ليس هناك ديمقراطية حقيقية فـي اليمن
ولم نبتعد في نقاشاتنا عن قضية ترفيع المكتب النسوي بالإصلاح إلى دائرة مستقلة ومواجهته بورقة أخرى مقابل ورقة «التحريم» التي وقع عليها 37 عالما وتبناها الشيخ عبدالمجيد الزنداني، فقال فقيه السياسة الشرعية بإيجاز: «لم نستطع أن نزحزحهم ولم يستطيعوا أن يزحزحونا، فقالوا هذا حرام، وقلنا هذا حلال».
كما لم نبتعد عن سؤال آخر عما يجري في الساحة من عراك وتدافع؟ فرد: أنا من الناس الذين هم غير راضين عن الوضع بأي حال من الأحوال، ولا أصدق أن هناك ديمقراطية حقيقية، فالهامش الديمقراطي الذي كنا ندعيه قد ضاق، الجيش لا يحزب، لكن الحزب الحاكم يحزبه لصالحه، القضاء لا يحزب، لكن الحزب الحاكم يحزبه، المال العام كذلك، الإعلام لا يجير إلا للحزب الحاكم، وهذه الإمكانات هي التي جعلت الحزب الحاكم ينشر الفساد في البلاد، وكثير من الناس لا يدركون ذلك، لأن الناس قد تعودوا على الاستبداد وظلم الحاكم، ومع هذا فأنا متفائل بالخير!
هنا وفي كلامه الأخير تساوى فقه الرجل مع تفكيره خاصة وللكواكبي -رحمه الله- حضور بين السطر الأخير.. أليس كذلك!؟
.الأهالي نت