أعلم أن المعاصى كلها سموم للقلب وأسباب لمرضه وهلاكه، وهى منتجة لمرض القلب وإرادته غير إرادة الله عز وجل، وسبب لزيادة مرضه.
قال ابن المبارك: رأيت الذنوب تُميت القلوب ...وقد يورث الذل إدمانُها.
وترك الذنوب حياة القلوب ....وخيرُ لنفسك عصيانُها.
فمن أراد سلامة قلبه وحياته فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم، ثم بالمحافظة عليه بعدم تعاطى سموم جديدة، وإذا تناول شيئاً من ذلك خطأ سارع إلى محو أثرها بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية .
ونقصد بالسموم الأربعة: 1- فضول الكلام، 2- وفضول النظر، 3- وفضول الطعام، 4- وفضول المخالطة، وهي أشهر هذه السموم انتشاراً، وأشدها تأثيراً فى حياة القلب .
1 - فضول الكلام :
الحمد لله الذى أحسن خلق الإنسان وعدّله، وألهمه نور الإيمان فزينه به وجملهُ وعلمه البيان فقدمه به وفضله، وأمده بلسان يترجم به عما حواه القلب وعقله، فاللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة، فإنه صغير جرمُهُ عظيم طاعته وجُرمه، إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان، ومن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان فى كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هارٍ إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، عن معاذ t عن النبى e قال: ’’وهل يكب الناس فى النار على وجوههم - أو قال : على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ ’’[1] .
والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عملٍ حصد الرامة، من زرع عشراً من قول أو عمل حصد الندامة .
وقد وردت الأخبار الكثيرة فى لتحذير من آفات اللسان وبيان خطره.
فمن ذلك قوله تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(ق :الآية : 18) .
وعن سفيان بن عبد الله الثقفى قال: قلت يارسول الله ما أخوف ما تخاف علىّ ؟ قال : ’’هذا وأخذ بلسانه’’[2] .
وعن عقبة بن عامر t قال: قلت يارسول الله ما النجاة ؟ قال : ’’ أمسك عليك لسانك ... ’’[3].
وقال e: ’’من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت’’[4].
وهو من جوامع كلمه e فالكلام إما أن يكون خيراً فيكون العبد مأمورا بقوله، وإما أن يكون غير ذلك فيكون مأموراً بالصمت عنه .
وعن أبى هريرة t أنه سمع رسول الله e يقول : ’’إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها فى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب’’[5] .
وعن عبد الله بن مسعود tقال : ’’والله الذى لا إله إلا هو ليس شىء أحوج إلى طول سجن من لسانى ’’ .
وكان يقول: ’’يا لسان قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم ’’ .
وعن أبى الدرداء t قال : ’’ أنصف أذنيك من فيك وإنما جعل لك أذنان وفم واحدٌ لتسمع أكثر مما تتكلم ’’ .
وعن الحسن البصرى : قال : كانوا يقولون : إن لسان المؤمن وراء قلبه فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره بقلبه ثم أمضاه، وإن لسان المنافق أمام قلبه، فإذا هم بشيء أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه .
* فإذا قلت : فهذا الفضل الكبير للصمت ما سببه ؟
فاعلم أن سببه كثرة آفات اللسان من الخطأ والكذب والغيبة والنميمة والفحش والمراء وتزكية النفس والخوض فى الباطل والخصومة والفضول والتحريف والزيادة والنقصان وإيذاء الخلق وهتك العورات فهذه آفات كثيرة وهى سياقة إلى اللسان لا تثقل عليه ولها حلاوة فى القلب وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان، فلذلك عظمت فضيلة الصمت، مع ما فيه من جمع الهم، ودوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة، والسلامة من تبعات القول فى الدنيا، ومن حسابه فى الآخرة فقد قال تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق :الآية : 18) .
[1] واه الترمذى (10/87، 88) الإيمان وقال: حسن صحيح وابن ماجه (3973) الفتن ، والحاكم (2/413) التفسير، وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبى وصححه الألبانى .
[2] رواه الترمذى (9/249) الزهد وقال حسن صحيح، وابن ماجة (3972) الفتن، والدارمى (2/298) الرقاق ، والحاكم (2/313) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبى والألبانى .
[3] رواه الترمذى ( 9/247) الزهد، وأحمد (5/259)، وابن المبارك (134) الزهد، وصححه الألبانى لطرقه فى الصحيحة رقم (890).
[4] رواه البخارى (10/445) الأدب ، ومسلم (2/18) الإيمان ، وأبو داود (5032) الأدب ، وابن ماجة ( 3971) الفتن .
[5] رواه البخارى (11/266) الرقاق ، ومسلم (18/117) الزهد، والترمذى (9/195) الزهد بلفظ : ’’ إن الرجل ليتكلم بالكلمة لايرى بها بأساً يهوى بها سبعين خريفاً فى النار ’’ وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .
قال ابن المبارك: رأيت الذنوب تُميت القلوب ...وقد يورث الذل إدمانُها.
وترك الذنوب حياة القلوب ....وخيرُ لنفسك عصيانُها.
فمن أراد سلامة قلبه وحياته فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم، ثم بالمحافظة عليه بعدم تعاطى سموم جديدة، وإذا تناول شيئاً من ذلك خطأ سارع إلى محو أثرها بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية .
ونقصد بالسموم الأربعة: 1- فضول الكلام، 2- وفضول النظر، 3- وفضول الطعام، 4- وفضول المخالطة، وهي أشهر هذه السموم انتشاراً، وأشدها تأثيراً فى حياة القلب .
1 - فضول الكلام :
الحمد لله الذى أحسن خلق الإنسان وعدّله، وألهمه نور الإيمان فزينه به وجملهُ وعلمه البيان فقدمه به وفضله، وأمده بلسان يترجم به عما حواه القلب وعقله، فاللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة، فإنه صغير جرمُهُ عظيم طاعته وجُرمه، إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان، ومن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان فى كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هارٍ إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، عن معاذ t عن النبى e قال: ’’وهل يكب الناس فى النار على وجوههم - أو قال : على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ ’’[1] .
والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عملٍ حصد الرامة، من زرع عشراً من قول أو عمل حصد الندامة .
وقد وردت الأخبار الكثيرة فى لتحذير من آفات اللسان وبيان خطره.
فمن ذلك قوله تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(ق :الآية : 18) .
وعن سفيان بن عبد الله الثقفى قال: قلت يارسول الله ما أخوف ما تخاف علىّ ؟ قال : ’’هذا وأخذ بلسانه’’[2] .
وعن عقبة بن عامر t قال: قلت يارسول الله ما النجاة ؟ قال : ’’ أمسك عليك لسانك ... ’’[3].
وقال e: ’’من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت’’[4].
وهو من جوامع كلمه e فالكلام إما أن يكون خيراً فيكون العبد مأمورا بقوله، وإما أن يكون غير ذلك فيكون مأموراً بالصمت عنه .
وعن أبى هريرة t أنه سمع رسول الله e يقول : ’’إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها فى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب’’[5] .
وعن عبد الله بن مسعود tقال : ’’والله الذى لا إله إلا هو ليس شىء أحوج إلى طول سجن من لسانى ’’ .
وكان يقول: ’’يا لسان قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم ’’ .
وعن أبى الدرداء t قال : ’’ أنصف أذنيك من فيك وإنما جعل لك أذنان وفم واحدٌ لتسمع أكثر مما تتكلم ’’ .
وعن الحسن البصرى : قال : كانوا يقولون : إن لسان المؤمن وراء قلبه فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره بقلبه ثم أمضاه، وإن لسان المنافق أمام قلبه، فإذا هم بشيء أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه .
* فإذا قلت : فهذا الفضل الكبير للصمت ما سببه ؟
فاعلم أن سببه كثرة آفات اللسان من الخطأ والكذب والغيبة والنميمة والفحش والمراء وتزكية النفس والخوض فى الباطل والخصومة والفضول والتحريف والزيادة والنقصان وإيذاء الخلق وهتك العورات فهذه آفات كثيرة وهى سياقة إلى اللسان لا تثقل عليه ولها حلاوة فى القلب وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان، فلذلك عظمت فضيلة الصمت، مع ما فيه من جمع الهم، ودوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة، والسلامة من تبعات القول فى الدنيا، ومن حسابه فى الآخرة فقد قال تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق :الآية : 18) .
[1] واه الترمذى (10/87، 88) الإيمان وقال: حسن صحيح وابن ماجه (3973) الفتن ، والحاكم (2/413) التفسير، وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبى وصححه الألبانى .
[2] رواه الترمذى (9/249) الزهد وقال حسن صحيح، وابن ماجة (3972) الفتن، والدارمى (2/298) الرقاق ، والحاكم (2/313) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبى والألبانى .
[3] رواه الترمذى ( 9/247) الزهد، وأحمد (5/259)، وابن المبارك (134) الزهد، وصححه الألبانى لطرقه فى الصحيحة رقم (890).
[4] رواه البخارى (10/445) الأدب ، ومسلم (2/18) الإيمان ، وأبو داود (5032) الأدب ، وابن ماجة ( 3971) الفتن .
[5] رواه البخارى (11/266) الرقاق ، ومسلم (18/117) الزهد، والترمذى (9/195) الزهد بلفظ : ’’ إن الرجل ليتكلم بالكلمة لايرى بها بأساً يهوى بها سبعين خريفاً فى النار ’’ وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .