مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
سنن مهجورة : صلاة الأوابين
سنن مهجورة : صلاة الأوابين
د. عمرو الشيخ*

ما أجمل أن تستمر صلة العبد بربه جل وعلا حتى في غير وقت الفريضة.. حين يجتزئ الإنسان من وقته المزدحم بشؤون الحياة ومشاغلها جزءاً يسيراً يقف فيه بين يدي مولاه العظيم وخالقه الكريم ، طاهراً متطهراً ليؤدي صلاة الضحى مبتغياً بذلك الأجر والثواب من الكريم الوهاب .

ولأن لصلاة الضحى زمناً محددا يكون الناس -عادة-مشغولين خلاله بأعمالهم ، فالموظف في وظيفته ، والمعلم في معهده ، والطالب في فصله ، والعامل في عمله ، والتاجر في محله ،

والطبيب في عيادته ، والجندي في ثكنته ، والمرأة في بيتها ؛ إلا أن هناك من يوفقه الله سبحانه وييسر له اغتنام بعض الشيء من وقته لتأدية صلاة الضحى تقرباً إلى الله جل وعلا ، وطمعاً في ثوابه ، وليكون بذلك واحداً من الموفقين الذين يحرصون على إحياء شعيرة من شعائر الدين ،

ويواظب على سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم التي ورد في فضلها أحاديث كثيرة ؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) أخرجه مسلم.

فلو لم يكن لها فضل إلا أنها تجزئ عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان كل يوم لكفاها فضلاً ، وزاد المرء عليها حرصـاً ، وصلاة الضحى –أحبتى-من سنن الهدى ومن أجل النوافل والقربات وهي صلاة الأوابين المختبين إلى ربهم عز وجل. هجرها كثير من الناس إلا من رحمه الله. وإني لأتضرع إلى الله العلى القدير أن يعينني وإياكم على المحافظة عليها فقد ثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب)) أخرجه ابن خزيمة.

أتدري ما معنى أوَّاب؟ الأوَّاب الذي على طاعة الله مقبل وإلى رضاه رجَّاع.

قال الإمام الطبري في تفسيره وصلاة الضحى وصية الناصح الأمين صلوات ربي وسلامه عليه لأبي هريرة على وجه الخصوص ولأمته على وجه العموم. كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى ونوم على وتر) وفي رواية: (بأن لا أنام حتى أوتر) .

فهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فانظر ماذا أنت فاعل بها؟!.

ويقول الإمام الغزالي عن المواظبة عليها:

’’إنَّما هي من عزائم الأفعال وفواضلها’’ (الأحياء1/196)

فيا إخوة الإسلام : أين نحن من هذا الفضل العظيم الذي دلنا عليه معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم مقابل عملٍ يسيرٍ لا يتجاوز أداء بعض الركعات التي قال بعض أهل العلم : أن أقلها ركعتان ، ولماذا لا نحافظ عليها ونربي عليها أبناءنا ونعدها جزءاً من واجباتنا اليومية التي نحرص على أدائها مهما كان الحال ، ومهما كانت الظروف .

فهنيئاً لمن حافظ على صلاة الضحى ، وهنيئاً لمن لم يشغله عنها شاغل ، وهنيئاً لمن عمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

*وقتها:

اختلف العلماء في تحديد وقت صلاة الضحى. وخلاصة القول أنَّ هناك وقت جواز ووقت فضيلة. فوقت الجواز يبدأ من بعد طلوع الشمس وارتفاعها إلى قبل الزوال. وأما وقت الفضيلة فقد بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) أخرجه مسلم ،

و الفصال: جمع فصيل، والفصيل صغار الإبل والرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس. فيكون معنى الحديث: صلاة الأوابين حين يشتد الحر وتشتد الشمس وتجد الإبل ذلك الحر. وهذا يكون قبل ساعة من الزوال، والله أعلم. وهذا أفضل الأوقات لأدائها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على من يؤديها في هذا الوقت بأنه من الأوابين .

وبعد... نذكركم –أحبابنا- بقول أمنا عائشة رضي الله عنها تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان أحب العمل إليه أدومه وإن قل)) ..

نعم قليل دائم خير من كثير منقطع.

فلنبدأ من الآن أيها الأحباب في إحياء هذه السنة بالمحافظة على أدائها و لنكن من الأوابين .
.اامشكاة
أضافة تعليق