خطوة صغيرة قد لا تلفت انتباه الكثيرين، لكنها قد تكون بدايةَ تغيرٍ في طبيعة الصراع الروسي الأوكراني، ومن ثم في الحرب المستمرة منذ فبراير 2022. وإذا صح أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، فلعل ما حدث في دافوس يومي 14 و15 يناير عشية الافتتاح الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وما ورد في تقريره السنوي، هو هذه الخطوة.
شاركتْ وفودٌ من 83 دولة ومؤسسة دولية في محادثاتٍ جديدةٍ لبحث فرص إحلال السلام في أوكرانيا. هذه المحادثات هي الرابعةُ من نوعها، لكنها أوسع نطاقاً من سابقاتها. كما أنها شهدت نقاشاً جدياً حول ما تعتبرُها أوكرانيا خطة سلامٍ من جانبها. وهذا تطورٌ مهمٌ بالرغم من عدم التوصل إلى نتيجةٍ محددة بسبب اختلاف المواقف تجاه بعض بنود هذه الخطة. وهذا أمرٌ مُعتادٌ في أية خطوةٍ أولى في طريقٍ قد لا يكونُ قصيراً. فالمهمُ أن يكون لها ما بعدها من أجل تحقيق تراكم تدريجي يُغير في النهاية طبيعة الصراع. ويبدو أن هناك فرصةً للمضي في هذا الطريق، وخاصةً في ضوء عدم تعجّل روسيا في رفض الاقتراح المثير للجدل الوارد في تقرير منتدى دافوس، وهو تشكيلُ أسطولٍ محايد لمرافقة السفن التجارية في البحر الأسود. فقد استخدم الكرملين لغةً حذرةً في تفاعله مع هذا الاقتراح، إذ أعلن أن الأمر يتطلبُ معرفةَ تفاصيل أكثر حوله، الأمر الذي يعني أنه يُخضعُه للدرس قبل إعلان موقف نهائي تجاهه. وربما يفتح هذا الاقتراح باباً، حتى وإن كان صغيراً، لوساطةٍ قد يكونُ لها ما بعدها أيضاً.
وربما تتوافر فرصة، في هذه الحالة، لتجاوز الصراع الصفري بين روسيا من ناحية وأوكرانيا وحلفائها في الناحية الثانية. فالصراعاتُ الصفرية ليست قابلةً للحل، أو قُل إنها الأكثرُ صعوبةً، لأن إصرار أي طرفين مُتحاربين، كلٌّ على مواقفه أو مطالبه كاملةً، يحولُ دون التقائهما عند نقطةٍ لا يُشترط أن تكون في الوسط تماماً، ولكن المهم أن تكون ُمرضيةً لكلٍ منهما بدرجةٍ ما.
ليس سهلاً بالتأكيد أن يتحول صراعٌ صفري إلى نزاعٍ قابلٍ للحل على هذا النحو، لكنه ليس مستحيلاً في ضوء سوابق منها الصراع العربي الإسرائيلي الذي ظل صفرياً لنحو ثلاثة عقود، إلى أن خلقت حرب 1973 أجواء مُختلفةً أتاحت البدء في خطوات صغيرة جداً مثل اتفاقات فض الاشتباك بين القوات المصرية والسورية والإسرائيلية. لكن التراكم، الذي تحقَّق بواسطة هذه الخطوات أدى إلى بداية تحولٍ أكبر عندما زار الرئيس الراحل أنور السادات القدس عام 1977.
لا يُستبعد، إذن، أن تصبح خطوة صغيرة في منتدى دافوس بداية تغيرٍ تدريجيٍ في مسار الصراع الروسي الأوكراني في ضوء الجمود النسبي في الأوضاع الميدانية بعد إخفاق هجوم كييف المضاد، وانشغال حلفائها الأساسيين بالحرب في غزة.
فهل يحدث هذا التحول في عام 2024؟ سؤال يحمل أملاً في إحلال السلام ليس في شرق أوروبا فقط، بل في الشرق الأوسط والعالم كله أيضاً.
*نقلاً عن صحيفة الإتحاد الإخبارية
شاركتْ وفودٌ من 83 دولة ومؤسسة دولية في محادثاتٍ جديدةٍ لبحث فرص إحلال السلام في أوكرانيا. هذه المحادثات هي الرابعةُ من نوعها، لكنها أوسع نطاقاً من سابقاتها. كما أنها شهدت نقاشاً جدياً حول ما تعتبرُها أوكرانيا خطة سلامٍ من جانبها. وهذا تطورٌ مهمٌ بالرغم من عدم التوصل إلى نتيجةٍ محددة بسبب اختلاف المواقف تجاه بعض بنود هذه الخطة. وهذا أمرٌ مُعتادٌ في أية خطوةٍ أولى في طريقٍ قد لا يكونُ قصيراً. فالمهمُ أن يكون لها ما بعدها من أجل تحقيق تراكم تدريجي يُغير في النهاية طبيعة الصراع. ويبدو أن هناك فرصةً للمضي في هذا الطريق، وخاصةً في ضوء عدم تعجّل روسيا في رفض الاقتراح المثير للجدل الوارد في تقرير منتدى دافوس، وهو تشكيلُ أسطولٍ محايد لمرافقة السفن التجارية في البحر الأسود. فقد استخدم الكرملين لغةً حذرةً في تفاعله مع هذا الاقتراح، إذ أعلن أن الأمر يتطلبُ معرفةَ تفاصيل أكثر حوله، الأمر الذي يعني أنه يُخضعُه للدرس قبل إعلان موقف نهائي تجاهه. وربما يفتح هذا الاقتراح باباً، حتى وإن كان صغيراً، لوساطةٍ قد يكونُ لها ما بعدها أيضاً.
وربما تتوافر فرصة، في هذه الحالة، لتجاوز الصراع الصفري بين روسيا من ناحية وأوكرانيا وحلفائها في الناحية الثانية. فالصراعاتُ الصفرية ليست قابلةً للحل، أو قُل إنها الأكثرُ صعوبةً، لأن إصرار أي طرفين مُتحاربين، كلٌّ على مواقفه أو مطالبه كاملةً، يحولُ دون التقائهما عند نقطةٍ لا يُشترط أن تكون في الوسط تماماً، ولكن المهم أن تكون ُمرضيةً لكلٍ منهما بدرجةٍ ما.
ليس سهلاً بالتأكيد أن يتحول صراعٌ صفري إلى نزاعٍ قابلٍ للحل على هذا النحو، لكنه ليس مستحيلاً في ضوء سوابق منها الصراع العربي الإسرائيلي الذي ظل صفرياً لنحو ثلاثة عقود، إلى أن خلقت حرب 1973 أجواء مُختلفةً أتاحت البدء في خطوات صغيرة جداً مثل اتفاقات فض الاشتباك بين القوات المصرية والسورية والإسرائيلية. لكن التراكم، الذي تحقَّق بواسطة هذه الخطوات أدى إلى بداية تحولٍ أكبر عندما زار الرئيس الراحل أنور السادات القدس عام 1977.
لا يُستبعد، إذن، أن تصبح خطوة صغيرة في منتدى دافوس بداية تغيرٍ تدريجيٍ في مسار الصراع الروسي الأوكراني في ضوء الجمود النسبي في الأوضاع الميدانية بعد إخفاق هجوم كييف المضاد، وانشغال حلفائها الأساسيين بالحرب في غزة.
فهل يحدث هذا التحول في عام 2024؟ سؤال يحمل أملاً في إحلال السلام ليس في شرق أوروبا فقط، بل في الشرق الأوسط والعالم كله أيضاً.
*نقلاً عن صحيفة الإتحاد الإخبارية