جُنت ملامح صوت الموت فاعتبروا
واختل وصف رغيف العيش فابتدروا
من أين يأتي صفير للفناء ومن
يستحلب الرعب من أفواه من غدروا
من ذا الذي ينسج الآهات ذي كفنا
يستقطب الويل في تخريب ما عمروا
من يُسمع الموج أن الرمل مذ رحلت
مدود شط الألى… ما فيه مدكر
من في سماع الدنى يُلقي بهامسة
تذرذر الدمع من نزف ولا تذر
من ذا يعير ذبيح الهزل حنجرة
تعلو صراخا بواد ما به بشر
ومن يُلوّح في بيداء أفنية
ذابت خطاهم بها والموت يستعر
من ذا يخط على الأشلاء ملحمة
تروي لأهل بطون الأرض من ظهروا
من يُسمع الدار حين السقف يحضنها
أن الحجارة يطوي أفقها القدر
أن المفاتيح للأبواب مخلصة
تبث شوقا لمن غابوا ومن حضروا
أن الطفولة مرآة يحطمها
قصف الرعود ففيها الرعب يُختصر
أن الحساسين في الأجواء قد عزفت
لحن الغروب لمن عن أرضها غبروا
أن الشياطين جاسوا في الديار وقد
حطت وساوسهم فيها وما اعتذروا
من يخبر الريح أن الأرض مذ حملت
مخاضُها الأسد في الساحات قد زأروا
أن الأجنة مثلُ الشوك مذ بُذرت
أنطافها رشقت بالموت من مكروا
أن الحفاة بلا نعل تسير بهم
خطى مباركة بالأمر تأتمر
أن الجنازير تطوى تحت أرجلهم
طي السجلات بالنيران تأتزر
وأن كف الألى للأرض قد عشقوا
تذيب مخرز من بالزَّيف يستتر
ومن تخلوا فيوما سوف تلفحهم
حمّى الحقائق والآثام كم صغروا
من يطفئ النور في أبصار من ملكوا
رؤيا الضلال ومن قد خانه النظر
هذي رؤاهم وقد ذاب الجليد بها
فعاد في حَرجٍ من نقصه البصر
وعاد في وهَنٍ أمر الألى ركعوا
وفوق أعتاب أسياد لهم سكروا
إن المواقف والأحداث غربلة
تَمِيز من خان عمّن للدما ثأروا
من يخبر الشمس أن الفجر في ولهٍ
يشتاق مشرقها لكنه حذر
من يقنع الأفق أن النور منبجس
من الظلام وأن الحق منتصر
وأن من حملوا راياته انتفضوا
وفوق أهدابنا نحو العلا خطروا
وأسكتوا الموت لما اجتاح واتحدوا
وأخمدوا الخوف لما استأسد الخطر
لهم على الأرض صولات لها ارتجفت
أعتى القلوب وعزم ليس ينكسر
وسيف نور جرى في باطل فمحت
ملامح الحق … ليلا بات يُحتضر
هذا مخاض بأحشاء الثرى وبه
آلام ميلاد صبح ليس يندثر
*نقلاً عن موقع منار الإسلام للأبحاث والدراسات