من الأشلاء قد نُسِج اللثامُ
ومن رقص السقوف همى الغمامُ
ومن قرع الأسنة وهج درب
يشقُّ الصخر والدنيا زحامُ
يلوّحُ بالعقيدة في ثبات
وللتوحيد يدعونا إمامُ
وقسامٌ أسال القَطر فينا
وكم مرت بنا عُصُر جَهامُ
فجاء الغيث والأجواء قحط
وروّى الظامئين فتًى همامُ
أراق المستحيل دمًا سَفوحًا
على الظُّلّام إذ رُدَّ الظلامُ
وسحر السّاحرين مضى انقلابًا
ومن نفثاتهم عَبَر السّقامُ
كأن المعجزاتِ تعود فينا
ونور الدرب يشعله القتامُ
ومن تحت الرّكام تفور روح
إذا انتفضت يعانقها المرامُ
فإنّ الأرض قد هزّت رباها
يراقصها عشيق مستهامُ
وترفل في الثّرى بثياب خزٍّ
ومَهر الأرض يدفعه عظامُ
شباب يفتدون بكل غال
نسائمها ويشتعل الغرامُ
وحين الكون يخنق خافقيها
يبدد ثقله أسد كرامُ
من الأنفاق كالأطياف تشدو
بنادقهم يساندها الحِمامُ
مناجل ليس تقطف جني زرع
ولكن للرؤوس سعى انتقام
على الأعداء أثقل من جبال
وفي السجدات يُبكيهم قيام
يناور جمعُهم شيطانَ إنس
أباة ليس يُغريهم سلامُ
ففي الهيجاء سطوتهم زئير
وحشد عدوهم منهم حطامُ
فهذي ثلة ربطت عراها
بصوت الحق فارتفع السّنامُ
ومن تحت الثّرى انطلقت سهامٌ
وفي قوس الرّدى تُجلى السّهام
ولمّا زغرد البارود فيها
تَجلّى الجبن وانكشف اللئامُ
فجاسوا فوقهم عرضا وطولا
فخرَّ لوقع سطوتهم أنامُ
وهم من نسل يعرب غير أنّ الـْـ
عقيدة ليس يحميها الكلامُ
” وليسوا منهمُ بالعيش فيهم
ولكنْ معدن الذهب الرّغامُ “
ويأبى الفخر بالجبن انتصارًا
وسيف الحقّ للشّهدا وسامُ
لغير دمائهم رفضوا انصياعًا
فبين الأرض والسّيف انسجامُ
وخيل الله لا ترضى امتثالًا
سوى للحقّ يشعلُها اللّجامُ
غدًا فرسان أرض القدس تسمو
بوقع صهيلها انتفض الوئامُ
وفي الأرجاء تنشر طيب عطر
ويهدل فوق أقصاها الحَمامُ
فأنعم بالملثّم إذ تجلّت
نسائمه ويا نعمَ اللّثامُ
*نقلاً عن موقع منار الإسلام للدراسات والأبحاث*