يواجه الكيان الصهيوني 4 جبهات ساخنة، أطلقت شرارتها المقاومة الفلسطينية بعملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، وهذه الجبهات الساخنة، تسهم في تآكل الادعاء الكاذب لهذا الكيان المحتل لفلسطين، وتضيق الخناق عليه، ومعه كل المساندين والداعمين له، والمتعاطفين معه.
الجبهة الأولى، هي المقاومة الفلسطينية، وتضم 5 فصائل، أهمها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، أما الثانية فهي حزب الله في جنوب لبنان، والثالثة هي صراع هذا الكيان ضد الرأي العام داخل إسرائيل، والذي تتزايد فيه الخلافات مع ارتفاع حجم الخسائر، أما الرابعة فهي حصار الرأي العام العالمي خارج فلسطين المحتلة، حيث تتولد وتنمو كل يوم حقائق تكشف زيف الدعاية المضادة للفلسطينيين والعرب والإسلام.
من بين أهم هذه الحقائق التي توصل إليها الرأي العام العالمي، ما تحدثت به وعايشته مواطنة بريطانية، تدعى "سو سيباني" تعيش في منطقة "سلاو- Slough "23 كيلومترا شمالي العاصمة البريطانية لندن" في 90 ثانية تختزل القضية الفلسطينية برمتها، فهي لاتدعي، أو تبالغ في روايتها، وذلك لأنها تعايشت لتحكي ما حدث لها واستوعبته على مدى 10 سنوات كانت خلالها تقيم في فلسطين المحتلة، فتقول: "عندما كنت في فترة المراهقة، قيل لي أن أذهب إلى "إسرائيل"، التي تحولت من صحراء إلى جنة على الأرض، بفضل المهاجرين اليهود، فقد وصلت إلى هناك، وغمرني الرعب عندما علمت بأنه ينبغي عليَّ ألا أتحدث مع العرب، ولا أركب في سيارة معهم، لأنهم قد يغتصبونني أو يسرقون أموالي، او يقتلونني.. شعرت بصدمة بسبب ذلك، فقد قابلت عربًا في المغرب في إحدى العطلات هناك، ولم يكونوا كذلك، ولم يكونوا كما قيل لي على الإطلاق.. وعندما ركبت سيارة تاكسي في إسرائيل مرة أخرى، قيل لي نفس الرسالة.. وكأنها صيغة جاهزة مكتوبة، وبدأت أتساءل: لماذا كانوا يحاولون تحريضي ضد الناس الآخرين "العرب"، وعندما سمعت ذلك للمرة الثالثة، فكرت في أن أتحقق بنفسي من هذا التحريض ضد هؤلاء.. واكتشف ما يجري حقًا.. وانتهى بي الأمر بالبقاء في فلسطين، وتزوجت من رجل مسيحي فلسطيني، ورزقت منه بابنتين فلسطينيتين، ولدتا في فلسطين، وعشنا معًا هناك 10 سنوات، ورأيت حقيقة الفصل العنصري هناك، ولا يمكن مقارنته مع ما كان يحدث.. فلا شيء يمكن مقارنته بالفظائع، والفصل العنصري الذي يحدث هناك، وهكذا طوال هذه السنوات، كنت أواجه هذه الحملة، وعندما ذهب أطفالي إلى المدرسة، سألوا: من أين أنتم، قالوا: من فلسطين، وقال لهم الناس بالمدرسة: هل تقصدون باكستان؟ فهؤلاء الناس لم يسمعوا قط عن فلسطين، انظروا إلى أي مدى وصلنا، لأن الجميع لا يعرف كلمة "فلسطين"..
سأستمر حتى آخر أنفاسي ادعم فلسطين، وسأخبر العالم والجميع، لماذا علينا أن ندعم فلسطين، إنه أطول ظلم في التاريخ".
هذه السيدة البريطانية، سمعت بنفسها، وتعايشت فعرفت فأدركت بذاتها عن حقيقة هذا الكيان الزائف، ولم تتحدث عن جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي الذي يتم، على مدى 75 عامًا، لشعب على أرضه، أو الحرب الدينية التي اقترفها جيش الاحتلال معتديًا ومساندة المتطرفين من الصهاينة، والاستخفاف بكافة القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، باقتحام يومي ممنهج للمسجد الأقصى، إضافة إلى تدمير أكثر من 88 مسجدًا تدميرًا كليًا، والتدمير الجزئي لـ 174 مسجدًا و3 كنائس بقطاع غزة، واستباحة مسجد في مخيم جنين، والغناء وأداء طقوس تلمودية بداخله.
عندما سألوا وزير الأمن القومي الصهيوني، حول تدنيس واستباحة مسجد جنين من قبل الجنود، قال: "لا مجال لتأديب هؤلاء الجنود في أثناء الحرب، ولا داعي لذلك الأمر، وهذه الأمور لا تهم الجيش الإسرائيلي".. بل يدعو هذا الوزير، إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وفتحه أمام اليهود والزوار من المستوطنين على مدار الساعة.
وللفصل في مسألة المسجد الأقصى وعن الحائط الغربي العتيق للمسجد الأقصى، هل هو حائط المبكى، وهل هو حق لليهود، أم هو حائط البراق وهو حق وملك للمسلمين، فقد انتدبت المحكمة الدولية، في عام 1923، محكمين أوروبيين وقضاة محايدين ومحامين وعلماء التاريخ وآثار دوليين، لم يكن بينهم عربي أو مسلم واحد، وبعد 23 جلسة استمعت إلى شهادة 52 شاهداً، من بينهم 21 من حاخامات اليهود و30 من علماء المسلمين، وشاهد بريطاني، وقدم الطرفان إلى اللجنة 61 وثيقة، وكان حكمها كالتالي:
“للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءًا لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضًا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفًا حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير"..
وإذا كانت الكلمة والملكية للمسلمين وحدهم، فمتى يكون الفعل لأصحاب الحق.. المسلمين؟
*نقلاً عن بوابة الأهرام