ننادي نحن كمراقبين اقتصاديين، وينادي معنا رجال المال، وأيضاً المسؤولون العرب، بتوسيع التجارة البينية بين الأقطار العربية، ولكن هذه المناداة لا تتجاوز أجهزة الإعلام بالنسبة لنا كمراقبين، ولا تتجاوز منابر الغرف التجارية التي تعب منسوبوها من المناداة بزيادة النشاط الاقتصادي بين البلدان العربية.
أما المسؤول العربي فهو ينادي بذلك في كل ظهور له، ولكن يبدو أنه يعلن ذلك على سبيل التمني لا على سبيل تحقيق هدف محدد، ذلك أن الهدف يحتاج لوضع خطة لتحقيقه، ليس هذا فحسب بل والسعي الجاد لتحقيق الهدف، ولكن يبدو أنه «كلام ليل يمحوه النهار!».
لماذا نقول ذلك؟ لأن التجربة أثبتت ذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك بلد عربي يرحب مسؤولوه ليل نهار بالاستثمار العربي، ولكن الاستثمار العربي يتفاجأ حينما يبدأ العمل أنه لا يستطيع إخراج الأرباح!
طبعاً هذا أمر يعيق الاستثمار بغض النظر عن أسبابه.
في الدول العربية فرص كثيرة تستحق الاستثمار، وأنا على يقين أننا لو بدأنا بها لتطورت بشكل تدريجي، وأصبحت رمزاً تفخر به الدولة، وفتحت فرصاً وظيفية للمواطنين وغيرهم.
ولدينا في الأقطار العربية فرص استثمارية كثيرة، منها الزراعية، والصناعية، والسياحية، وأيضاً نشاط الخدمات، إذن ما الذي يجعل المستثمر العربي يستثمر غرباً ويترك العالم العربي؟
ما يجعله يفعل ذلك عدم وجود ضمانة لاستثماره، ولا نعني بالضمانة ضمان الربح للمستثمر، ذلك أن الربح مرهون بكفاءة دراسة الجدوى، ومناسبة المشروع للمجتمع، وكفاءة تشغيله.
ولكن نعني بها عدم مضايقة المستثمر من قبل المسؤولين الرسميين، إما لغرض الرشوة أو بطلب المشاركة مقابل الحماية، وكأننا في أرض خلاء ينتشر بها قطاع الطرق، ولسنا في دولة!
الأمر الآخر يجب أن تكون أنظمة الاستثمار واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ليعرف المستثمر ما له وما عليه، مع حفظ حقوق الدولة المضيفة للاستثمار مثل رسوم التصاريح وغيرها، مع أن المهم في هذا الشأن هو فتح الفرص الوظيفية، وتوطين المعرفة، وتطوير النشاط أياً كان نوعه، تجاري، صناعي، زراعي، أو غير ذلك.
لذلك يفترض أن تحصر مزايا كل قطر عربي على حدة، وتحدد الفرص الاستثمارية القابلة للنجاح في هذا القطر وفق الميز التنافسية، ومن ثم تسوق عبر غرف التجارة العربية، وستجد من يستثمر بها من العرب إذا وجدوا بيئة استثمارية تضمن حقوقهم. ودمتم.
*نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط*