بعد اتفاقية السلام الإثيوبية الأخيرة بين جبهة تيغراي والحكومة الفيدرالية الإثيوبية لوقف الأعمال العدائية، يلوح في أفق الحراك السياسي الإثيوبي نوع جديد من الحراك التفاوضي، قد يؤدي إلى خلق نوع من الاستقرار في المنطقة.
تلك التحركات السياسية والتفاوضية الجديدة باتت واضحة؛ فمصادر أفادت بأن جولة أخرى من عملية التفاوض بين الحكومة الإثيوبية وجيش تحرير أورومو المعروف اختصاراً بـ"أونق شيني" قد انطلقت في العاصمة التنزانية دار السلام، قبل أيام.
ومع قلة انتشار تفاصيلها، تتحفظ الحكومة والجبهة ووسائل الإعلام المحلية، عن نشر أي تفاصيل سوى البداية والتحركات الأولية، متخوفة من التسرع في الخروج بنتائج مبكرة.
ورغم ذلك، تبدو هذه الجولة أكثر قوة ودعماً، مع إعلان أسماء الطرفين اللذين يمثلان كل طرف، وسط دعم إقليمي ودولي لهذه الجولة، ممثلاً في دور للولايات المتحدة والنرويج والإيغاد وكينيا، وهي جهات كانت قد لعبت دوراً كبيراً في إنجاح اتفاقية بريتوريا بين جبهة تحرير تيغراي والحكومة الفيدرالية الإثيوبية التي مر عليها عام كامل.
إن جيش تحرير أورومو الذي يعرف اختصاراً بـ"أونق شيني"، على الرغم من النقد الموجه له، في ظل تحركاته العسكرية التي أضرت بسكان بعض المناطق، إلا أنه يتملك شعبية كبيرة في منطقة أوروميا صاحبة الاسم. ويعد الجيش أكبر القوى المسلحة في الوقت الحالي، بعد خروج جبهة تحرير تيغراي من ساحة المعارك بتوقيع اتفاق السلام.
وفي حال تم التوقيع على اتفاقية مع هذه المجموعة، تكون إثيوبيا قد طوت صراعاً آخر في مناطق عدة من أجزاء كبيرة في البلاد، الشيء الذي قد يساعد على استقرار البلاد، وإخراجها من مأزق الانهيار والصراع المتواصل.
كانت الجولة السابقة للطرفين قد كتب لها الفشل بسبب بعض الأجندات، ولم تحقق أي خطوات تذكر بحسب البيانات الرسمية، لكن الجولة الحالية قد تكون مهمة في ظل مشاركة قيادات كبيرة من جيش تحرير أورومو، في خطوة توضح مدى تمسك الطرفين بحوار من أجل مواطنيهما.
وكان جيش تحرير أورومو يوصف بأنه الجناح العسكري لجبهة تحرير أورومو "حزب سياسي إثيوبي معارض"، إلا أنه بعد دخول عدد من التنظيمات السياسية للبلاد في عام 2018، انسلخ وبات يعمل بمواجهات عسكرية مختلفة عن توجهات الحزب، الذي بدوره انقسم بين جناحين.
هذه التحركات جعلت الحكومة الإثيوبية في عدة سياقات، تصرح بأنها لم تستطع أن تتفاوض مع جهة ليس لها مرجعية سياسية وقيادات واضحة، مما خلق نوعًا من التباعد، وأدى بدوره إلى أن يقوم جيش تحرير أورومو، الذي صنفته الحكومة قبل أعوام منظمة إرهابية، بتحركات متعددة في مناطق غرب أوروميا، وأجزاء من إقليم أمهرا خلال السنوات الماضية.
إن أي توافق قد ينجم عن مفاوضات تنزانيا الحالية، سيكون خطوة أخرى متقدمة على طريق السلام الإثيوبي، قد يعيد لأديس أبابا نوعاً من الاستقرار الذي افتقدته خلال السنوات الثلاث الماضية، بفعل توسع الصراع والحروب التي عاقت التنمية واستقرار حركة المواطنين.
فعلى الحكومة الإثيوبية والمجموعات المسلحة، تقديم التنازلات من أجل تحقيق السلام المنشود في المناطق الإثيوبية التي ذاقت الأمرين خلال فترة من الزمن.
*نقلاً عن صحيفة العين الإخبارية*