20-3-2009
هل يمكن أن نتصور مشهد محاكمة الرئيس الأمريكي السابق بوش بتهم القتل والكذب والاحتيال على القانون واختلاق الأزمات للتغطية على الحروب؟ المشهد من الصعب تصوره، لأن العدالة الأمريكية لم ترتق بعد إلى درجة تسمح بها لرئيس في السلطة الحالية (أوباما)، بمحاسبة رئيس سابق انتهت عهدته (بوش).
بقلم يوسف شلي
هل يمكن أن نتصور مشهد محاكمة الرئيس الأمريكي السابق بوش بتهم القتل والكذب والاحتيال على القانون واختلاق الأزمات للتغطية على الحروب؟ المشهد من الصعب تصوره لأن العدالة الأمريكية لم ترتق بعد إلى درجة تسمح بها لرئيس في السلطة الحالية (أوباما)، بمحاسبة رئيس سابق انتهت عهدته (بوش).
وقد صرح الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في حوار له مع شبكة (abc) الأمريكية، قائلا: ’’لا أعتقد أن أحدا فوق القانون’’. وهنا تبرز مجموعة من التساؤلات المشروعة حول:
ـ هل يمكن محاكمة الرئيس الأمريكي أمام محكمة جنائية أمريكية بعد أن غادر البيت الأبيض؟
ـ هل يفقد حصانته الرئاسية في مواجهة سيل من الاتهامات والإجراءات القانونية؟
ـ هل بالإمكان اتهامه بقتل جنود أمريكيين ومدنيين عراقيين وأفغانيين في حرب أسسها على حفنة من الأكاذيب وكثيرا من الخدع المتعمدة؟
ـ هل يمكن إصدار عقوبة الإعدام ضده، ومحاكمة آخرين في الإدارة مثل ديك تشيني وكوندوليزا رايس وغيرهما بتهمة التواطؤ مع القاتل لارتكاب جريمته؟
في بادرة غير مسبوقة، قدم السيناتور الأمريكي باتريك ليهي، رئيس لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ في 11 فبراير 2009، مقترحا من أجل تشكيل ’’لجنة الحقيقة’’، للتحقيق في تجاوزات مفترضة للإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق بوش، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا إثر حقبة الفصل العنصري (الأبارتيد).
وأشار السيناتور إلى أن لجنة كهذه ستنظر في مسائل التجاوزات في حق الدستور الأمريكي، وفي تقنيات الاستجواب الشبيهة بالتعذيب، خاصة مع معتقلي غوانتنامو وفي السجون الأفغانية والعراقية والمعتقلات السرية، إضافة إلى عمليات التصنت الهاتفي من دون إذن قضائي.
وعرض ’’باتريك ليهي’’ مقترحه أثناء خطاب ألقاه في جامعة جورج تاون في واشنطن، حيث قال إن فكرته تشكل حلاً وسطاً بين الداعين لمحاكمة المسؤولين في إدارة بوش، وأولئك الذين يريدون طي الصفحة، وأوضح أن إحدى الوسائل لتحقيق هذا الهدف، هي عملية مصالحة ومصارحة بالحقيقة من خلال لجنة محايدة.
وفي السياق ذاته، طالبت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، بمقاضاة الرئيس السابق بوش وأركان إدارته على ما ارتكب من جرائم في حق أمريكا، وفي حق شعوب المنطقة بحجة محاربة الإرهاب.
ودعا زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي ستيني هوير، إدارة الرئيس أوباما إلى التحقيق في الوسائل المثيرة للجدل التي استخدمها المحققون الأمريكيون في عهد الرئيس الأمريكي السابق في استجواب المعتقلين، وأن تدرس الإدارة الجديدة تلك الوسائل التي اتبعت خلال السنوات الثمان الماضية، ومعاقبة من قام بها حتى لا يتكرر الأخذ بها في المستقبل، لما فيها من تطاول على الدستور الأمريكي وتعدٍ فاضح على القانون الدولي العام.
وفي هذا الصدد، لم يكن شيئا أكثر ضررا وتشويها لصورة أمريكا في العالم من اكتشاف الشعب الأمريكي الذي نشأ على احترام القانون و’’تقديسه’’، أن السلطة التنفيذية سمحت باستعمال وسائل التعذيب والمعاملة القاسية في حق الموقوفين بتهم ’’الإرهاب’’ أو ’’التطرف الإسلامي’’. و قد اختارت إدارة بوش هذه الأساليب، بل حاولت الإبقاء على هذه السياسات والإجراءات في سرية تامة، بعيدا عن رقابة الكونجرس الأمريكي ووسائل الإعلام.
وكم مرة صرح الرئيس بوش أمام العالم استهجانه للتعذيب، وأن إدارته تتصرف وفقا للقانون؟ وخلال الشهر الماضي، اقترح بعض الساسة في واشنطن حلا وسطا للوصول إلى حقيقة ما حدث من تجاوزات خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى نحو يدعو إلى التعاون وكشف الحقيقة. ويرى هؤلاء أن ذلك يمكن أن يتحقق على أفضل وجه إذا تم إقرار لجنة تحقيق غير حزبية ومحايدة، من شأنها إلقاء الضوء على أخطاء ارتكبت ـ عن قصد أو دونه ـ في الإدارة السابقة حتى يتسنى للإدارة الحالية برئاسة أوباما الاستفادة من هذه الأخطاء وعدم تكرار حدوثها.
وليس من الوارد ـ حسب المحللين ـ إقدام رئيس الولايات المتحدة الجديد أوباما والمدعي العام ايريك هولدر للموافقة على تطبيق الدستور وترك العدالة تأخذ مجراها الطبيعي. وهناك بالتأكيد بعض المزايا في اقتباس بعض تجارب البلدان الأخرى في أصول المحاكمات، وخاصة في جنوب إفريقيا، التي وظفت من أجل معرفة الحقيقة وليس الانتقام.
ويعترف باتريك ليهي قائلا: ’’يجب ألا نخاف مما قمنا به، وأن نحاسب أنفسنا كما فعلت الدول التي أخطأت...’’ مضيفا: ’’علينا أن ندرك أن الأمن القومي وسيلة لحماية بلدنا ونحن من خلال تفعيل القوانين وتطوير القيم، لا نسعى إلى التخلص منهم’’.
وأشار رئيس اللجنة الفرعية لحماية الدستور والعضو في لجنة الشؤون القضائية، النائب الديمقراطي روس فينجولد، إلى أنه ليس من الحكمة ’’التخلي ببساطة عن احتمال محاكمة منتهكي القانون’’. وثمن فينجولد مبادرة باتريك ليهي، مؤكدا أن ’’التوصل إلى كل الحقائق حول ما حدث على مدى السنوات الثماني الماضية هو جزء هام من استعادة سيادة القانون’’، في حين أن مجلس الشيوخ أبرز المدافعين عن الدستور اليوم، حذر من التمادي في مواصلة عملية المساءلة والتحقيق.
وخلال الجلسة العلنية في الكونجرس، قال فينجولد: ’’وبخصوص مسألة الحصانة، أعتقد أننا يجب أن نتعامل معها بحذر’’. وأضاف: ’’هناك حالات قد تحتاج إلى تدخل النيابة العامة فقط، وأنا لا أريد لجنة تحقيق للحيلولة دون ذلك، وهؤلاء الذين انتهكوا القانون بصراحة ينبغي محاكمتهم...’’.
وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة سوف تطوي صفحة مظلمة من تاريخها على النحو الذي قد يعيد بريق صورتها من جديد في أذهان العالم، كونها بلد القانون والحريات وحقوق الإنسان.
وفي هذا المجال، وافق الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية رأي فينجولد القائل بأن المحاكمات لا ينبغي استبعادها. وقد حث الاتحاد وزارة العدل على ضرورة تعيين مدع عام لإجراء التحقيق في انتهاكات بوش وإدارته للدستور الأمريكي وحقوق الإنسان الأساسية، إذا ما اقتضى الأمر، ومن ثم توجيه التهم الجنائية ضد أفراد من إدارة بوش- تشيني الذين خرقوا القانون.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا الاتحاد إلى إنشاء لجنة في الكونجرس تعمل جنبا إلى جنب مع لجنة الحقيقة والمصالحة. فالجمع بين اللجنتين سيكون إطارا فعّالا لإعادة النظر في سياسات إدارة الرئيس بوش، وهو ما يفسر إصرار الاتحاد لإعادة إحياء ’’نموذج’’ لجنة التحقيق السابقة برئاسة السناتور فرانك شرش التي اضطلعت بالتحقيق في تجاوزات السلطة التنفيذية عام 1970.
وبالمناسبة، يتم تداول كتاب بعنوان ’’محاكمة جورج بوش بتهمة القتل’’، من تأليف المحامي الشهير فنسنت بيجليوسي (*)، وجاءته ردود فعل واسعة في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، كلها تؤيد ما يطالب به من محاكمة الرئيس بوش وأركان إدارته، بتهمة القتل العمد لآلاف الجنود الأمريكيين ومئات الآلاف من المدنيين العراقيين الأبرياء، ومن بينهم الأطفال الرضع، مما جعل الكاتب يطالب بإعدام الرئيس السابق على الجرائم التي ارتكبها في حق الإنسانية، وكذلك إنزال عقوبات صارمة على أركان إدارته تصل إلى الإعدام أيضا لما ارتكبوه من جرائم في حق العراق وأفغانستان.
كما يدعو إلى محاكمة كل من ساعده في تقديم وثائق مخابراتية مزورة، لإثبات علاقة ما بين الرئيس الراحل صدام حسين وتفجيرات 11 سبتمبر 2001، أو قام بتزوير وثائق مخابراتية أخرى عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، استند إليها في غزوه للعراق على الرغم من التقارير السابقة التي قدمها مجلس الأمن القومي الأمريكي التي تنفي وجود أسلحة الدمار الشامل.
-------------------------------------------
(*) وهو مدعي عام عرف في مطلع حياته المهنية بمحاكمة تشارلز مانسون، الشاب ’’الهيبي’’ الذي قاد مجموعة من الفتيات في عملية اقتحام منزل النجمة السينمائية شارون تيت وقتلها مع ضيوفها بدم بارد، وهذا في عام 1970، كما تولى محاكمة عشرات المتهمين في قضايا معقدة من الجرائم المنظمة إلى عصابات تهريب المخدرات إلى التجاوزات المالية والضريبية لبعض الشخصيات العامة من الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة على حد سواء.
*مجلة العصر
هل يمكن أن نتصور مشهد محاكمة الرئيس الأمريكي السابق بوش بتهم القتل والكذب والاحتيال على القانون واختلاق الأزمات للتغطية على الحروب؟ المشهد من الصعب تصوره، لأن العدالة الأمريكية لم ترتق بعد إلى درجة تسمح بها لرئيس في السلطة الحالية (أوباما)، بمحاسبة رئيس سابق انتهت عهدته (بوش).
بقلم يوسف شلي
هل يمكن أن نتصور مشهد محاكمة الرئيس الأمريكي السابق بوش بتهم القتل والكذب والاحتيال على القانون واختلاق الأزمات للتغطية على الحروب؟ المشهد من الصعب تصوره لأن العدالة الأمريكية لم ترتق بعد إلى درجة تسمح بها لرئيس في السلطة الحالية (أوباما)، بمحاسبة رئيس سابق انتهت عهدته (بوش).
وقد صرح الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في حوار له مع شبكة (abc) الأمريكية، قائلا: ’’لا أعتقد أن أحدا فوق القانون’’. وهنا تبرز مجموعة من التساؤلات المشروعة حول:
ـ هل يمكن محاكمة الرئيس الأمريكي أمام محكمة جنائية أمريكية بعد أن غادر البيت الأبيض؟
ـ هل يفقد حصانته الرئاسية في مواجهة سيل من الاتهامات والإجراءات القانونية؟
ـ هل بالإمكان اتهامه بقتل جنود أمريكيين ومدنيين عراقيين وأفغانيين في حرب أسسها على حفنة من الأكاذيب وكثيرا من الخدع المتعمدة؟
ـ هل يمكن إصدار عقوبة الإعدام ضده، ومحاكمة آخرين في الإدارة مثل ديك تشيني وكوندوليزا رايس وغيرهما بتهمة التواطؤ مع القاتل لارتكاب جريمته؟
في بادرة غير مسبوقة، قدم السيناتور الأمريكي باتريك ليهي، رئيس لجنة الشؤون القضائية في مجلس الشيوخ في 11 فبراير 2009، مقترحا من أجل تشكيل ’’لجنة الحقيقة’’، للتحقيق في تجاوزات مفترضة للإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق بوش، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا إثر حقبة الفصل العنصري (الأبارتيد).
وأشار السيناتور إلى أن لجنة كهذه ستنظر في مسائل التجاوزات في حق الدستور الأمريكي، وفي تقنيات الاستجواب الشبيهة بالتعذيب، خاصة مع معتقلي غوانتنامو وفي السجون الأفغانية والعراقية والمعتقلات السرية، إضافة إلى عمليات التصنت الهاتفي من دون إذن قضائي.
وعرض ’’باتريك ليهي’’ مقترحه أثناء خطاب ألقاه في جامعة جورج تاون في واشنطن، حيث قال إن فكرته تشكل حلاً وسطاً بين الداعين لمحاكمة المسؤولين في إدارة بوش، وأولئك الذين يريدون طي الصفحة، وأوضح أن إحدى الوسائل لتحقيق هذا الهدف، هي عملية مصالحة ومصارحة بالحقيقة من خلال لجنة محايدة.
وفي السياق ذاته، طالبت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، بمقاضاة الرئيس السابق بوش وأركان إدارته على ما ارتكب من جرائم في حق أمريكا، وفي حق شعوب المنطقة بحجة محاربة الإرهاب.
ودعا زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي ستيني هوير، إدارة الرئيس أوباما إلى التحقيق في الوسائل المثيرة للجدل التي استخدمها المحققون الأمريكيون في عهد الرئيس الأمريكي السابق في استجواب المعتقلين، وأن تدرس الإدارة الجديدة تلك الوسائل التي اتبعت خلال السنوات الثمان الماضية، ومعاقبة من قام بها حتى لا يتكرر الأخذ بها في المستقبل، لما فيها من تطاول على الدستور الأمريكي وتعدٍ فاضح على القانون الدولي العام.
وفي هذا الصدد، لم يكن شيئا أكثر ضررا وتشويها لصورة أمريكا في العالم من اكتشاف الشعب الأمريكي الذي نشأ على احترام القانون و’’تقديسه’’، أن السلطة التنفيذية سمحت باستعمال وسائل التعذيب والمعاملة القاسية في حق الموقوفين بتهم ’’الإرهاب’’ أو ’’التطرف الإسلامي’’. و قد اختارت إدارة بوش هذه الأساليب، بل حاولت الإبقاء على هذه السياسات والإجراءات في سرية تامة، بعيدا عن رقابة الكونجرس الأمريكي ووسائل الإعلام.
وكم مرة صرح الرئيس بوش أمام العالم استهجانه للتعذيب، وأن إدارته تتصرف وفقا للقانون؟ وخلال الشهر الماضي، اقترح بعض الساسة في واشنطن حلا وسطا للوصول إلى حقيقة ما حدث من تجاوزات خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى نحو يدعو إلى التعاون وكشف الحقيقة. ويرى هؤلاء أن ذلك يمكن أن يتحقق على أفضل وجه إذا تم إقرار لجنة تحقيق غير حزبية ومحايدة، من شأنها إلقاء الضوء على أخطاء ارتكبت ـ عن قصد أو دونه ـ في الإدارة السابقة حتى يتسنى للإدارة الحالية برئاسة أوباما الاستفادة من هذه الأخطاء وعدم تكرار حدوثها.
وليس من الوارد ـ حسب المحللين ـ إقدام رئيس الولايات المتحدة الجديد أوباما والمدعي العام ايريك هولدر للموافقة على تطبيق الدستور وترك العدالة تأخذ مجراها الطبيعي. وهناك بالتأكيد بعض المزايا في اقتباس بعض تجارب البلدان الأخرى في أصول المحاكمات، وخاصة في جنوب إفريقيا، التي وظفت من أجل معرفة الحقيقة وليس الانتقام.
ويعترف باتريك ليهي قائلا: ’’يجب ألا نخاف مما قمنا به، وأن نحاسب أنفسنا كما فعلت الدول التي أخطأت...’’ مضيفا: ’’علينا أن ندرك أن الأمن القومي وسيلة لحماية بلدنا ونحن من خلال تفعيل القوانين وتطوير القيم، لا نسعى إلى التخلص منهم’’.
وأشار رئيس اللجنة الفرعية لحماية الدستور والعضو في لجنة الشؤون القضائية، النائب الديمقراطي روس فينجولد، إلى أنه ليس من الحكمة ’’التخلي ببساطة عن احتمال محاكمة منتهكي القانون’’. وثمن فينجولد مبادرة باتريك ليهي، مؤكدا أن ’’التوصل إلى كل الحقائق حول ما حدث على مدى السنوات الثماني الماضية هو جزء هام من استعادة سيادة القانون’’، في حين أن مجلس الشيوخ أبرز المدافعين عن الدستور اليوم، حذر من التمادي في مواصلة عملية المساءلة والتحقيق.
وخلال الجلسة العلنية في الكونجرس، قال فينجولد: ’’وبخصوص مسألة الحصانة، أعتقد أننا يجب أن نتعامل معها بحذر’’. وأضاف: ’’هناك حالات قد تحتاج إلى تدخل النيابة العامة فقط، وأنا لا أريد لجنة تحقيق للحيلولة دون ذلك، وهؤلاء الذين انتهكوا القانون بصراحة ينبغي محاكمتهم...’’.
وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة سوف تطوي صفحة مظلمة من تاريخها على النحو الذي قد يعيد بريق صورتها من جديد في أذهان العالم، كونها بلد القانون والحريات وحقوق الإنسان.
وفي هذا المجال، وافق الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية رأي فينجولد القائل بأن المحاكمات لا ينبغي استبعادها. وقد حث الاتحاد وزارة العدل على ضرورة تعيين مدع عام لإجراء التحقيق في انتهاكات بوش وإدارته للدستور الأمريكي وحقوق الإنسان الأساسية، إذا ما اقتضى الأمر، ومن ثم توجيه التهم الجنائية ضد أفراد من إدارة بوش- تشيني الذين خرقوا القانون.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا الاتحاد إلى إنشاء لجنة في الكونجرس تعمل جنبا إلى جنب مع لجنة الحقيقة والمصالحة. فالجمع بين اللجنتين سيكون إطارا فعّالا لإعادة النظر في سياسات إدارة الرئيس بوش، وهو ما يفسر إصرار الاتحاد لإعادة إحياء ’’نموذج’’ لجنة التحقيق السابقة برئاسة السناتور فرانك شرش التي اضطلعت بالتحقيق في تجاوزات السلطة التنفيذية عام 1970.
وبالمناسبة، يتم تداول كتاب بعنوان ’’محاكمة جورج بوش بتهمة القتل’’، من تأليف المحامي الشهير فنسنت بيجليوسي (*)، وجاءته ردود فعل واسعة في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، كلها تؤيد ما يطالب به من محاكمة الرئيس بوش وأركان إدارته، بتهمة القتل العمد لآلاف الجنود الأمريكيين ومئات الآلاف من المدنيين العراقيين الأبرياء، ومن بينهم الأطفال الرضع، مما جعل الكاتب يطالب بإعدام الرئيس السابق على الجرائم التي ارتكبها في حق الإنسانية، وكذلك إنزال عقوبات صارمة على أركان إدارته تصل إلى الإعدام أيضا لما ارتكبوه من جرائم في حق العراق وأفغانستان.
كما يدعو إلى محاكمة كل من ساعده في تقديم وثائق مخابراتية مزورة، لإثبات علاقة ما بين الرئيس الراحل صدام حسين وتفجيرات 11 سبتمبر 2001، أو قام بتزوير وثائق مخابراتية أخرى عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، استند إليها في غزوه للعراق على الرغم من التقارير السابقة التي قدمها مجلس الأمن القومي الأمريكي التي تنفي وجود أسلحة الدمار الشامل.
-------------------------------------------
(*) وهو مدعي عام عرف في مطلع حياته المهنية بمحاكمة تشارلز مانسون، الشاب ’’الهيبي’’ الذي قاد مجموعة من الفتيات في عملية اقتحام منزل النجمة السينمائية شارون تيت وقتلها مع ضيوفها بدم بارد، وهذا في عام 1970، كما تولى محاكمة عشرات المتهمين في قضايا معقدة من الجرائم المنظمة إلى عصابات تهريب المخدرات إلى التجاوزات المالية والضريبية لبعض الشخصيات العامة من الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة على حد سواء.
*مجلة العصر