الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من منهج أهل الإسلام الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم، بل يجب نشر محاسنهم وفضائلهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، فذلك من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان الذين مدحهم الله - عز وجل - بقوله: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100).
ولكن حين تطل الخرافات والأباطيل بقرونها كما نشاهد هذه الأيام، وتستغل حادثة استشهاد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما على أرض كربلاء سنة (61هــ)، للتوظيف السياسي والمذهبي، فيما يسمى بالعزاء وأربعينية الحسين، ومواكب اللطميات، والتطبير، وغيرها من الأفكار والتصوّرات الخرافية والهدامة التي تم صناعتها من قبل طائفة شعوبية، والملائمة لمعتقدات المبتدعة وأهواء التيارات الفكرية والسياسية، الخادمة لأعداء الأمة الإسلامية، المهدِّدة لوحدة الأمة وزعزعة الثقة بثوابتها الدينية؛ والمخالفة للحقائق الثابتة من القرآن والسنة؛ لذا كان الواجب علينا التذكير بأهم الحقائق الصحيحة، والمتَّفق عليها حول حادثة استشهاد الحسين رضي الله عنه، وملابساتها، وإزالة بعض الأوهام والتصورات المخالفة للحقائق التاريخية والدينية، والذب عن الصحابة والتابعين، بمن فيهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقرابته، رضي الله عنهم أجمعين، وكشف التوظيف السياسي للشيعة الإمامية البويهية، وسعيهم لنشر عقائدهم وخرافاتهم، بغية السيطرة على الدول الإسلامية وتدميرها، وأهم هذه الحقائق ما يلي:
أولاً: إجماع المسلمين على محبة سيدنا الحسين والبراءة من قاتليه:
حيث يسعى الطائفيون من غلاة الشيعة والإمامية البويهية إلى ادعاء احتكار محبة الحسين رضي الله عنه، والزعم بأنهم شيعته من دون بقية المسلمين، وأن من خالفهم في معتقداتهم وخرافاتهم هم من النواصب والمرتدين، وتركز الآلة الإعلامية لهم على النيل من رموز سلف الأمة وعلمائها؛ للإيحاء أن هؤلاء يبغضون قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فيبعدون الناس عنهم.
ثانياً: الخلافة شورى وليست وصية:
إن الخلافة في الإسلام قائمة على الشورى، وليس هناك وراثة ولا وصية في ذلك، ولا أئمة معصومين، وأن الخلفاء الراشدين الأربعة تمت بيعتهم بالخلافة من أهل الشورى المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم جميعا.
ثالثاً: الفتن والمؤامرات على الإسلام وأهلة مستمرة إلى يوم القيامة:
الفتن والمؤامرات بدأت في الإسلام من أول يوم، ولم يكن مقتل سيدنا الحسين هي الجريمة الوحيدة ولا الأخيرة بل الفتن والجرائم مستمرة إلى يوم القيامة، والخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم تعرضوا لفتن ومؤامرات، بدأت بردة بعض القبائل العربية في أول خلافة أبوبكر الصديق وتم القضاء عليها، ثم اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤه الفارسي، ثم قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان على يد بعض الثائرين، ثم مقتل الخليفة الرابع على يد أحد الخوارج، وكل هذه الجرائم والمؤامرات لا يتم استحضارها، ولا تقديم العزاء فيها أو في غيرها لأن هذا مخالف للإسلام وتعاليمه، فاستحضار مقتل سيدنا الحسين في مناسبة سنوية تمتد لأربعين يوما هو توظيف سياسي، طائفي، واشعال للعواطف القلبية بغية الوصول لمآرب شيطانية، أقلها تمزيق الأمة الإسلامية.
رابعاً: خلافة سيدنا علي رضي الله عنه مجمع عليها بين المسلمين:
إن خلافة سيدنا على رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين مجمع عليها بلا منازع عند كل المسلمين، وأن قتال معاوية له وغيره من الصحابة إنما كان بدعوى مطالبتهم بالقصاص من قتلة سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأن سيدنا علي رضي الله عنه كان يعتقد أن إطفاء الفتنة بإزالة أسبابها يسبق القيام بالقصاص من القتلة، وأن خروج الخوارج عليه كان بسبب قبوله التحكيم، وهي اجتهادات يرى كثير من المسلمين أن الحق فيها كان مع سيدنا علي.
خامساً: خلافة معاوية ابن أبي سفيان خلافة شرعية:
بعد مقتل سيدنا علي رضي الله عنه، أصبح للمسلمين معسكرين، معسكر بقيادة سيدنا الحسن بن علي، ومعسكر بقيادة سيدنا معاوية بن أبي سفيان، وإن خلافة سيدنا معاوية ابن أبي سفيان خلافة شرعية تمت بتنازل سيدنا الحسن بن علي له، على أن يكون الأمر شورى بعده، فاجتمعت كلمة المسلمين، وحقنت دماء المسلمين.
سادساً: خلافة يزيد ابن أبي سفيان لم تقم على الشورى الحقيقية:
إن خلافة يزيد ابن أبي سفيان تمت بالترهيب والترغيب في عهد أبيه، وكانت مخالفة للشورى الحقيقية، وأن هذا الأمر جعل الخلافة تتحول من الشورى إلى الوراثة ونظام ولاية العهد الذي يوصي الخليفة من بعده لولي العهد من أولادة، أو الوصول للخلافة بالقوة والتغلب، والذي قامت عليه كثير من الدول الإسلامية فيما بعد، والاستثناء الوحيد كان في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقد امتنع عدد من الصحابة عن بيعة يزيد منهم سيدنا الحسين، وأن هذا كان حقا له كما هو حق لغيره، وقد شاب خلافة يزيد قتل سيدنا الحسين ومن عارض بيعته، وأما ما اشاعته الفرق المنحرفة عنه من أكاذيب وافتراءات فهي محض أكاذيب، فهو من أقوى الخلفاء الأمويين، وقد بنى دولة لها من الجيوش البرية والبحرية والتنظيم الإداري والعسكري مما جعلها تمتد بعد ذلك من أطراف الصين، حتى جنوب فرنسا.
سابعاً: خروج سيدنا الحسين إلى العراق ومقتله:
إن سيدنا الحسين لم يخرج إلى العراق إلا بعد أن وصلت إليه الكتب والمواثيق من أهل الكوفة، وهو في هذا مجتهد في فعله، ولو كانت هناك وصية له بالخلافة لما احتاج للخروج للعراق من أجل البيعة من المناصرين والأتباع، وأن ما قام به أهل الكوفة من نقض العهد له كان سببا في قتله ومن قتلوا معه، وأن هذا لا يلغي الجريمة المباشرة والشنيعة التي أرتكبها ابن زياد وجيشة في كربلاء، وأن ما أشاعه ويشيعه الإمامية من مرويات وأكاذيب ومسرحيات وتفاصيل في مقتل سيدنا الحسين كلها من نسج الخيال، وأصح مايروى أنه دفن في كربلاء وحمل رأسه ودفن في المدينة رضي الله عنه وأرضاه .
ثامناً: السطحية في فهم طاعة ولي الأمر:
كثيرا ما تأتي المصائب لهذه الأمة من المعتقدات الساذجة والطاعة العمياء، فالقتلة كانوا يعتقدون أنهم على حق وأن ما قاموا به هو طاعة لولي الأمر، ولا يدركون أن طاعة ولي الأمر تكون في المعروف فقط، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكثير من الجرائم تقع من الجيوش والعسكر حتى في زمننا تحت مفهوم الطاعة العمياء.
تاسعاً: إشاعة ثقافة اللعن والكراهية من غلاة الشيعة والإمامية البويهية:
من مفاسد إقامة هذا العزاء كل عام: إشاعة ثقافة اللعن والكراهية وتغذية الحقد ومشاعر الانتقام من خلال شعارات: (يا لثارات الحسين) و(لعن الله أمة قتلتك)، وكلّ ما يوحي بأن المعركة مع أعداء الحسين ما زالت مستمرة، فتغدو الأمة يلعن بعضها بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا، ويستطيل طائفة منها على جماعتها بدعوى الثأر لابن بنت نبيها من أمة خذلته، وهذا يعني أن ذكرى الحسين مشروع استنزاف داخليّ لقوة الأمة وتماسكها وقدرتها على مواجهة أعدائها.
عاشراً: خطر التوظيف السياسي والديني لإحياء عزاء الحسين
استثمرَ الغلاة والإمامية البويهية هذه الجريمةَ، ووظّفوها لصالح أطماعهم السياسية وأهوائهم الدينية، فرفعوا شعار الحسين والانتقام له، وجعلوا من خصومهم ورثةً ليزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد، وزيّنوا لأتباعهم أنهم أنصار الحسين يقاتلون باسمه أعداء الحسين، كل ذلك لحشد الأتباع وطلب الشرعية وتبرير أيّ عنف ضدّ المخالف، وتحقيق لأطماع سياسية مذهبية، حيث عمدوا إلى محنة سيدنا الحسين رضي الله عنه وإلى مصيبته فاستغلّوها وسخّروها خدمةً لتصوّراتهم المذهبية وطموحاتهم في الحكم، فالمعادي لهم هو عدوّ للحسين، والموافق لهم موال للحسين مدافع عن قضيته طالب لثأره.
الحادي عشر: خدمة تيار الأقلية المنشقة عن الأمة:
التوظيف السياسي لجريمة قتل الحسين يخدم تيار الأقلية المنشقة عن الأمة بعقائد تكفير الصحابة والغلوّ في تقديس أهل البيت، واستحلال دم من لا يرى إمامتهم حقًّا إلهيًّا وأصل الأصول الدينية، وهذا الشذوذ العقائدي بحاجَة إلى ما يستره ويحسِّن منظره، فتأتي قضية الحسين وطلب الثأر من قاتليه لتؤدّي هذه المهمة.
الثاني عشر: التكفير والإقصاء للمخالف والجرأة على قتله واستحلال دمه:
ينبغي النظر في عقيدة من يرفع شعار الثأر للحسين؛ لأنها حتمًا عقيدة مصادمة لعقيدة السواد الأعظم للأمة المسلمة، كما أنها منطوية على قدر كبير من التكفير والإقصاء والجرأة على قتل المسلمين واستحلال دمهم.
الثالث عشر: الدعاية المذهبية لأفكار الإمامية البويهية:
لم يعد العزاء يقتصر على الأطماع السياسية، بل لقد غدَا إحياء ذكرى الحسين دعاية مذهبية لأفكار الإمامية البويهية، خاصة عند العوام من الشيعة والسنة المعظِّمين لأهل البيت الجاهلين بتفاصيل العقيدة الإمامية البويهية المصادمة لثوابت الوحي وإجماع المسلمين.
الرابع عشر: التحالف الصليبي الإمامي البويهي:
الرافضة والإمامية هم اشد الطوائف المنتسبة للإسلام بعدا عنه وعداء له، وتعاونا مع أعدائه من اليهود والصليبين، وهناك مخطط وتحالف صليبي إمامي يهودي للقضاء على الأمة الإسلامية وتمزيقها، وهناك حالة من التشابه والتطابق التام في المصالح والمخططات من أجل احكام السيطرة على المنطقة، ابتداء من لبنان ومرورا بسوريا وأجزاء من دول الخليج والعراق واليمن ومصر وتونس والمغرب وصولا إلى باكستان وأفغانستان، وهم لن يألو جهدا في السيطرة على باقي البلدان الإسلامية حتى في الدول الإسلامية في أفريقيا والتي لم تعرف التشيع طوال تاريخها بالتعاون مع الإرادة الصليبية وخاصة من فرنسا وبريطانيا.
الخامس عشر: صيام عاشورا:
يتفق المسلمون جميعا بما فيهم الأئمة من أهل البيت أن صيام عاشورا (العاشر من محرم) سنة ماضية، صامه النبي صلى الله عي وسلم وأمر بصيامه قبل أن يفرض رمضان، لأنه وافق اليوم الذي نجى الله فيه نبيه موسى من فرعون، ثم أصبح بعد ذلك سنة من شاء صامه ومن شاء تركه، ومن شاء صام يوما معه قبله أو بعدة، وأفضل الصيام بعد رمضان هو الصيام في الشهر المحرم، والذي يعنيننا في هذا المقام هو محولات الإمامية والرافضة المتأخرين التشكييك في صيام هذا اليوم، لأنهم يرونه عائقا أما نشر خرافاتهم وأكاذيبهم الباطلة، والنيل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، والمهاجرين والأنصار، والتلبيس على الناس في دينهم، وابدال حياتهم إلى أحزان وآلام، وتأليه غير الله سبحانه، وطلب الغوث والحاجة من الأموات الذين لم ينفعوا أنفسهم وهم أحياء من سيوف الظالمين، فكيف ينفعوا غيرهم وهم أموات.
من منهج أهل الإسلام الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم، بل يجب نشر محاسنهم وفضائلهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، فذلك من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان الذين مدحهم الله - عز وجل - بقوله: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100).
ولكن حين تطل الخرافات والأباطيل بقرونها كما نشاهد هذه الأيام، وتستغل حادثة استشهاد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما على أرض كربلاء سنة (61هــ)، للتوظيف السياسي والمذهبي، فيما يسمى بالعزاء وأربعينية الحسين، ومواكب اللطميات، والتطبير، وغيرها من الأفكار والتصوّرات الخرافية والهدامة التي تم صناعتها من قبل طائفة شعوبية، والملائمة لمعتقدات المبتدعة وأهواء التيارات الفكرية والسياسية، الخادمة لأعداء الأمة الإسلامية، المهدِّدة لوحدة الأمة وزعزعة الثقة بثوابتها الدينية؛ والمخالفة للحقائق الثابتة من القرآن والسنة؛ لذا كان الواجب علينا التذكير بأهم الحقائق الصحيحة، والمتَّفق عليها حول حادثة استشهاد الحسين رضي الله عنه، وملابساتها، وإزالة بعض الأوهام والتصورات المخالفة للحقائق التاريخية والدينية، والذب عن الصحابة والتابعين، بمن فيهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقرابته، رضي الله عنهم أجمعين، وكشف التوظيف السياسي للشيعة الإمامية البويهية، وسعيهم لنشر عقائدهم وخرافاتهم، بغية السيطرة على الدول الإسلامية وتدميرها، وأهم هذه الحقائق ما يلي:
أولاً: إجماع المسلمين على محبة سيدنا الحسين والبراءة من قاتليه:
حيث يسعى الطائفيون من غلاة الشيعة والإمامية البويهية إلى ادعاء احتكار محبة الحسين رضي الله عنه، والزعم بأنهم شيعته من دون بقية المسلمين، وأن من خالفهم في معتقداتهم وخرافاتهم هم من النواصب والمرتدين، وتركز الآلة الإعلامية لهم على النيل من رموز سلف الأمة وعلمائها؛ للإيحاء أن هؤلاء يبغضون قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فيبعدون الناس عنهم.
ثانياً: الخلافة شورى وليست وصية:
إن الخلافة في الإسلام قائمة على الشورى، وليس هناك وراثة ولا وصية في ذلك، ولا أئمة معصومين، وأن الخلفاء الراشدين الأربعة تمت بيعتهم بالخلافة من أهل الشورى المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم جميعا.
ثالثاً: الفتن والمؤامرات على الإسلام وأهلة مستمرة إلى يوم القيامة:
الفتن والمؤامرات بدأت في الإسلام من أول يوم، ولم يكن مقتل سيدنا الحسين هي الجريمة الوحيدة ولا الأخيرة بل الفتن والجرائم مستمرة إلى يوم القيامة، والخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم تعرضوا لفتن ومؤامرات، بدأت بردة بعض القبائل العربية في أول خلافة أبوبكر الصديق وتم القضاء عليها، ثم اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤه الفارسي، ثم قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان على يد بعض الثائرين، ثم مقتل الخليفة الرابع على يد أحد الخوارج، وكل هذه الجرائم والمؤامرات لا يتم استحضارها، ولا تقديم العزاء فيها أو في غيرها لأن هذا مخالف للإسلام وتعاليمه، فاستحضار مقتل سيدنا الحسين في مناسبة سنوية تمتد لأربعين يوما هو توظيف سياسي، طائفي، واشعال للعواطف القلبية بغية الوصول لمآرب شيطانية، أقلها تمزيق الأمة الإسلامية.
رابعاً: خلافة سيدنا علي رضي الله عنه مجمع عليها بين المسلمين:
إن خلافة سيدنا على رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين مجمع عليها بلا منازع عند كل المسلمين، وأن قتال معاوية له وغيره من الصحابة إنما كان بدعوى مطالبتهم بالقصاص من قتلة سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأن سيدنا علي رضي الله عنه كان يعتقد أن إطفاء الفتنة بإزالة أسبابها يسبق القيام بالقصاص من القتلة، وأن خروج الخوارج عليه كان بسبب قبوله التحكيم، وهي اجتهادات يرى كثير من المسلمين أن الحق فيها كان مع سيدنا علي.
خامساً: خلافة معاوية ابن أبي سفيان خلافة شرعية:
بعد مقتل سيدنا علي رضي الله عنه، أصبح للمسلمين معسكرين، معسكر بقيادة سيدنا الحسن بن علي، ومعسكر بقيادة سيدنا معاوية بن أبي سفيان، وإن خلافة سيدنا معاوية ابن أبي سفيان خلافة شرعية تمت بتنازل سيدنا الحسن بن علي له، على أن يكون الأمر شورى بعده، فاجتمعت كلمة المسلمين، وحقنت دماء المسلمين.
سادساً: خلافة يزيد ابن أبي سفيان لم تقم على الشورى الحقيقية:
إن خلافة يزيد ابن أبي سفيان تمت بالترهيب والترغيب في عهد أبيه، وكانت مخالفة للشورى الحقيقية، وأن هذا الأمر جعل الخلافة تتحول من الشورى إلى الوراثة ونظام ولاية العهد الذي يوصي الخليفة من بعده لولي العهد من أولادة، أو الوصول للخلافة بالقوة والتغلب، والذي قامت عليه كثير من الدول الإسلامية فيما بعد، والاستثناء الوحيد كان في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقد امتنع عدد من الصحابة عن بيعة يزيد منهم سيدنا الحسين، وأن هذا كان حقا له كما هو حق لغيره، وقد شاب خلافة يزيد قتل سيدنا الحسين ومن عارض بيعته، وأما ما اشاعته الفرق المنحرفة عنه من أكاذيب وافتراءات فهي محض أكاذيب، فهو من أقوى الخلفاء الأمويين، وقد بنى دولة لها من الجيوش البرية والبحرية والتنظيم الإداري والعسكري مما جعلها تمتد بعد ذلك من أطراف الصين، حتى جنوب فرنسا.
سابعاً: خروج سيدنا الحسين إلى العراق ومقتله:
إن سيدنا الحسين لم يخرج إلى العراق إلا بعد أن وصلت إليه الكتب والمواثيق من أهل الكوفة، وهو في هذا مجتهد في فعله، ولو كانت هناك وصية له بالخلافة لما احتاج للخروج للعراق من أجل البيعة من المناصرين والأتباع، وأن ما قام به أهل الكوفة من نقض العهد له كان سببا في قتله ومن قتلوا معه، وأن هذا لا يلغي الجريمة المباشرة والشنيعة التي أرتكبها ابن زياد وجيشة في كربلاء، وأن ما أشاعه ويشيعه الإمامية من مرويات وأكاذيب ومسرحيات وتفاصيل في مقتل سيدنا الحسين كلها من نسج الخيال، وأصح مايروى أنه دفن في كربلاء وحمل رأسه ودفن في المدينة رضي الله عنه وأرضاه .
ثامناً: السطحية في فهم طاعة ولي الأمر:
كثيرا ما تأتي المصائب لهذه الأمة من المعتقدات الساذجة والطاعة العمياء، فالقتلة كانوا يعتقدون أنهم على حق وأن ما قاموا به هو طاعة لولي الأمر، ولا يدركون أن طاعة ولي الأمر تكون في المعروف فقط، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكثير من الجرائم تقع من الجيوش والعسكر حتى في زمننا تحت مفهوم الطاعة العمياء.
تاسعاً: إشاعة ثقافة اللعن والكراهية من غلاة الشيعة والإمامية البويهية:
من مفاسد إقامة هذا العزاء كل عام: إشاعة ثقافة اللعن والكراهية وتغذية الحقد ومشاعر الانتقام من خلال شعارات: (يا لثارات الحسين) و(لعن الله أمة قتلتك)، وكلّ ما يوحي بأن المعركة مع أعداء الحسين ما زالت مستمرة، فتغدو الأمة يلعن بعضها بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا، ويستطيل طائفة منها على جماعتها بدعوى الثأر لابن بنت نبيها من أمة خذلته، وهذا يعني أن ذكرى الحسين مشروع استنزاف داخليّ لقوة الأمة وتماسكها وقدرتها على مواجهة أعدائها.
عاشراً: خطر التوظيف السياسي والديني لإحياء عزاء الحسين
استثمرَ الغلاة والإمامية البويهية هذه الجريمةَ، ووظّفوها لصالح أطماعهم السياسية وأهوائهم الدينية، فرفعوا شعار الحسين والانتقام له، وجعلوا من خصومهم ورثةً ليزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد، وزيّنوا لأتباعهم أنهم أنصار الحسين يقاتلون باسمه أعداء الحسين، كل ذلك لحشد الأتباع وطلب الشرعية وتبرير أيّ عنف ضدّ المخالف، وتحقيق لأطماع سياسية مذهبية، حيث عمدوا إلى محنة سيدنا الحسين رضي الله عنه وإلى مصيبته فاستغلّوها وسخّروها خدمةً لتصوّراتهم المذهبية وطموحاتهم في الحكم، فالمعادي لهم هو عدوّ للحسين، والموافق لهم موال للحسين مدافع عن قضيته طالب لثأره.
الحادي عشر: خدمة تيار الأقلية المنشقة عن الأمة:
التوظيف السياسي لجريمة قتل الحسين يخدم تيار الأقلية المنشقة عن الأمة بعقائد تكفير الصحابة والغلوّ في تقديس أهل البيت، واستحلال دم من لا يرى إمامتهم حقًّا إلهيًّا وأصل الأصول الدينية، وهذا الشذوذ العقائدي بحاجَة إلى ما يستره ويحسِّن منظره، فتأتي قضية الحسين وطلب الثأر من قاتليه لتؤدّي هذه المهمة.
الثاني عشر: التكفير والإقصاء للمخالف والجرأة على قتله واستحلال دمه:
ينبغي النظر في عقيدة من يرفع شعار الثأر للحسين؛ لأنها حتمًا عقيدة مصادمة لعقيدة السواد الأعظم للأمة المسلمة، كما أنها منطوية على قدر كبير من التكفير والإقصاء والجرأة على قتل المسلمين واستحلال دمهم.
الثالث عشر: الدعاية المذهبية لأفكار الإمامية البويهية:
لم يعد العزاء يقتصر على الأطماع السياسية، بل لقد غدَا إحياء ذكرى الحسين دعاية مذهبية لأفكار الإمامية البويهية، خاصة عند العوام من الشيعة والسنة المعظِّمين لأهل البيت الجاهلين بتفاصيل العقيدة الإمامية البويهية المصادمة لثوابت الوحي وإجماع المسلمين.
الرابع عشر: التحالف الصليبي الإمامي البويهي:
الرافضة والإمامية هم اشد الطوائف المنتسبة للإسلام بعدا عنه وعداء له، وتعاونا مع أعدائه من اليهود والصليبين، وهناك مخطط وتحالف صليبي إمامي يهودي للقضاء على الأمة الإسلامية وتمزيقها، وهناك حالة من التشابه والتطابق التام في المصالح والمخططات من أجل احكام السيطرة على المنطقة، ابتداء من لبنان ومرورا بسوريا وأجزاء من دول الخليج والعراق واليمن ومصر وتونس والمغرب وصولا إلى باكستان وأفغانستان، وهم لن يألو جهدا في السيطرة على باقي البلدان الإسلامية حتى في الدول الإسلامية في أفريقيا والتي لم تعرف التشيع طوال تاريخها بالتعاون مع الإرادة الصليبية وخاصة من فرنسا وبريطانيا.
الخامس عشر: صيام عاشورا:
يتفق المسلمون جميعا بما فيهم الأئمة من أهل البيت أن صيام عاشورا (العاشر من محرم) سنة ماضية، صامه النبي صلى الله عي وسلم وأمر بصيامه قبل أن يفرض رمضان، لأنه وافق اليوم الذي نجى الله فيه نبيه موسى من فرعون، ثم أصبح بعد ذلك سنة من شاء صامه ومن شاء تركه، ومن شاء صام يوما معه قبله أو بعدة، وأفضل الصيام بعد رمضان هو الصيام في الشهر المحرم، والذي يعنيننا في هذا المقام هو محولات الإمامية والرافضة المتأخرين التشكييك في صيام هذا اليوم، لأنهم يرونه عائقا أما نشر خرافاتهم وأكاذيبهم الباطلة، والنيل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، والمهاجرين والأنصار، والتلبيس على الناس في دينهم، وابدال حياتهم إلى أحزان وآلام، وتأليه غير الله سبحانه، وطلب الغوث والحاجة من الأموات الذين لم ينفعوا أنفسهم وهم أحياء من سيوف الظالمين، فكيف ينفعوا غيرهم وهم أموات.