مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الصراع على حماس
الرسالة التي وقعها 11 مفوضا للسلام من مختلف دول العالم، من بينهم وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي، والمفوض السابق في الاتحاد الأوروبي، اللورد كريس باتن، والممثل السابق للمجتمع الدولي في البوسنة، وغاريث إيفانز، وزير الخارجية الأسترالي الأسبق، تؤشر على المرحلة الجديدة التي دخلت فيها حركة حماس. فقد دعا الموقعون على الرسالة، والتي نشرت في صحيفة التايمز البريطانية، إلى التخلي عن السياسة الفاشلة التي تقوم على عزل حركة حماس، وفي المقابل العمل على مشاركتها في العملية السياسية.
ومما جاء في الرسالة كما نشرتها صحيفة الحياة في مقالة للسياسي البريطاني سيريل تاونسند: «لن يكون من الممكن التوصل إلى عملية سلام إسرائيلية فلسطينية من دون حركة حماس. وكما قال موشيه دايان: إذا أردت التوصل إلى السلام، فيجب ألا تتكلم مع أصدقائك بل مع أعدائك. ولا تقوم عملية السلام الفعلية على التفاوض مع ممثل طرف واحد من الفلسطينيين، فيما تتم محاولة تدمير الطرف الآخر».
وفي الوقت نفسه يلاحظ ثمة جهود قوية ومؤثرة من داخل حماس لربط أدائها السياسي مع سوريا، وهناك تصريحات وجهود لربطه بمصر، وهناك أيضا الجهود الأميركية السرية والعلنية للحوار مع حماس. وبرغم ما في ذلك من مؤشرات على الموقع المهم الذي تحتله حركة حماس اليوم في العملية السياسية الجارية وتحولها إلى لاعب لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، فإنها تؤشر أيضا على الصراع الجاري والمتوقع على حركة حماس بين الأطراف السياسية والإقليمية من اللاعبين في مشهد الشرق الأوسط، لأجل دمجها في المشروعات السياسية المتنافسة فيما بينها والمتناقضة في بعض الأحيان.
يبدو المحور السوري الإيراني هو الأقوى في مشهد التنافس والصراع على الحركة، ويهدف هذا المحور بالطبع إلى ربط مشاركة حماس في العملية السياسية بالوصول إلى تفاهمات سياسية وإقليمية مع سوريا وإيران، وهو هدف كبير، ربما يكون أعقد من تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتريد مصر أن تظل القضية الفلسطينية ورقة بيدها في التفاوض والتنسيق مع العالم الخارجي وإسرائيل أيضا، وتريد أوروبا أن يظل جنوب المتوسط وشرقه امتدادا إقليميا لها، ويزعجها كثيرا التفرد الأميركي في المنطقة وتجاهلها أو التعامل معها كشريك أصغر، كما أن العقل الأوروبي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية والتجربة الاستعمارية الطويلة يؤمن بالقدرة على تحقيق الأهداف السياسية المطلوبة بدون حروب وصراعات مسلحة، وأن العداء لا يمنع المشاركة. وتحاول تركيا أيضا أن تؤدي دورا قياديا إقليميا، وربما تراهن على قدرتها أو فرصتها في إنجاح تسوية سياسية تشارك فيها سوريا وحماس، تمنحها دورا إقليميا في المنطقة ومشاركة أوسع وأكثر أهمية في المجتمع العالمي والاتحاد الأوروبي.
ولكن برغم الأهمية الكبرى التي بدأت تحظى بها حماس، فقد تحولت إلى جزء من الصراع والتنافس والتعاون الإقليمي والدولي الذي لا يرى فلسطين وهموم الفلسطينيين واحتياجاتهم سوى مسألة ثانوية لا تستحق التفكير، ماذا يعني معبر رفح بالنسبة للهموم والمشكلات المصرية؟ وماذا تساوي حرب غزة بالنسبة للصراع الكردي التركي؟ وماذا تعني المدارس والبيوت المهدمة في فلسطين بالنسبة لزلزال وقع في إيران؟ فالكبار حتى يستطيعون النظر إلى خريطة المنطقة مرة واحدة تتضاءل غزة والضفة فيها حتى لا تكاد يمكن رؤيتها، هي مهمة وذات أولوية كبرى لا تحتمل التأجيل بالنسبة لأصحابها الذين يريدون استعادة أرضهم المحتلة يرون العالم لا يستقر بغير ذلك، ولكنها لا تساوي محافظة إيرانية أو تركية أو مصرية، ماذا تعني للمصريين بالنسبة لحلايب ونهر النيل؟
كيف يلعب الصغار مع الكبار؟ كيف يواجه الضعفاء الأقوياء؟ هذا السؤال يزداد حيرة وتعقيدا بالنسبة لحماس كلما زادت أهميتها ومكاسبها، فلا أحد يحتاج إليها ضعيفة، والكل يرى نفسه شريكا رئيسا لها عندما تنجح، بل ووصيا عليها.

[email protected]
*صحيفةقطرالدولية
أضافة تعليق