القضايا العربية في الحوار الدولي القادم
*لواء طلعت أحمد مسلم
من يتابع الحوار القائم بين القوى الكبرى يجد أن العالم مشغول بعدة قضايا تستحوذ على اهتماماته، ولكن هذه الاهتمامات بعيدة عن قضايا الوطن العربي خاصة الصراع العربي الإسرائيلي، ومن المنتظر أن تتابع الدول العشرون الأكثر تقدماً في العالم بحث القضايا موضع الحوار في مؤتمر قمة العشرين الاقتصادي المزمع عقده في لندن في أوائل شهر أبريل القادم، أي بعد أيام قليلة من القمة العربية المزمع عقدها في نهاية شهر مارس الحالي 2009، وستنكب هذه الدول على بحث القضايا التي ترى أنها ستؤثر على مسارها في المستقبل، خاصة في ظروف الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يحتمل أن تغير من صورة وجه العالم، وما لم تبحثه أو تضعه في الاعتبار يحتمل أن يتضرر نتيجة لإهماله، فالحلول المطلوبة سيكون لها ثمن، وما لم نجعل قضايانا موضع الاهتمام فسيكون الاحتمال الأكبر هو أن ندفع نحن الثمن، ولنتذكر أن إسرائيل تضع قضيتها على جدول الأعمال العالمي تحت عنوان أو عناوين أكبر مثل مكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة التدمير الشامل، وربما قضايا الديمقراطية والحكم الرشيد، بل وقد تتجرأ لتضع حقوق الإنسان على أجندتها رغم سجلها الأسود في هذا المجال. في حين أن جوهر الصراع العربي الإسرائيلي لم يناقش ولم يوضع على الطاولة، كما أن تكرار الحديث عن حل الدولتين يعتبر هروباً من حقائق الصراع وإزاحة للقضية من دائرة الاهتمام، وإبعاداً لها من قضايا الحوار لتكون داخل دائرة الرباعية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة.
ورغم أن الخلافات ما زالت كبيرة بين هذه الدول وأن احتمال تجاوز هذه الخلافات ضعيف إلا أن احتمال الاتفاق يحتمل أن يكون ضاراً، ومجرد الركون إلى أن قضية قطاع غزة قد نوقشت وأمكن التوصل إلى قرارات بشأنها خطر كبير، فالواقع يقول إن مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في شرم الشيخ لم يكن أكثر من مؤتمر للتسول، كما أن كل المبالغ التي جرى الحديث عنها في المؤتمر تعتبر في حال تحقيقها إعانة لإسرائيل باعتبار أن إسرائيل هي المسؤولة عن الإعمار وإعادة الإعمار، حيث إنها قوة الاحتلال من جهة، وهي المتسببة فيما حدث من دمار من جهة أخرى.
الحوار بين الصين والغرب والولايات المتحدة يتمحور حول القضايا التالية، وفقاً لما جاء بكلمات وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها للصين في 22 فبراير 2009: قضية مضيق تايوان واستقلال وعضوية تايوان في المنظمات الدولية، والأزمة المالية، والتنسيق في مجال الاقتصادات الكبرى والاستثمارات والحمائية التجارية، والتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة، وسيادة وفرض القانون، والعلم والتعليم والثقافة، والصحة، والتشاور في مجالات مكافحة الإرهاب والانتشار، وتبادل العلاقات العسكرية، والحوار حول حقوق الإنسان على أساس من الندية والاحترام المتبادل، والتعاون في مجالات الطاقة والبيئة، والتغير المناخي، وتقنية خفض انبعاثات الكربون، والعمل على نجاح مؤتمر البيئة المزمع انعقاده في كوبنهاغن في ديسمبر 2009، وقضايا النشاط النووي لكل من كوريا الشمالية وإيران، والاستقرار في جنوب آسيا، ونزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، والاستقرار في شمال شرق آسيا، والحوار والتعاون في جنوب آسيا، وقضايا الانتشار النووي وأسلحة التدمير الشامل عالميا، والتعاون في حل مشكلة الموضوع النووي الإيراني وإيجاد حل سلمي له من خلال المفاوضات الدبلوماسية، وقضايا نزع السلاح الدولي، والقضايا ذات الاهتمام الكبير للمجتمع الدولي مثل بورما والسودان، وأخيراً القضايا موضوع الاختلاف مثل حقوق الإنسان والتبت والحرية الدينية وحرية التعبير.
الحوار بين الغرب والاتحاد الروسي يتمحور حول قضايا بعضها مختلف، تتركز وفقا للتقارير الصحافية وإصدارات وزارة الخارجية الأميركية حول التوصل إلى معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الاستراتيجية، وإعادة تنشيط المجلس الروسي الأطلسي، وإعادة النظر في نشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية، وتوسيع التعاون الاقتصادي، وتحقيق الأهداف الأميركية في أفغانستان بما فيها انتقال الإمدادات الأميركية إلى أفغانستان عبر الأراضي الروسية وفقا لمعاهدة جديدة، وإزالة التهديد الإيراني، والانتشار النووي، والأمن على طول الحدود الأفغانية ومكافحة الإرهاب، والرغبة الروسية في استعادة النفوذ في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، وإثارة الغرب للشغب داخل روسيا، والثورات الموالية للغرب في كل من جورجيا وأوكرانيا، وتوسع حلف شال الأطلسي غرباً بما فيه احتمال انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف، وقضايا استقلال كل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، واستقلال كوسوفو.
ليس بين قضايا الحوار الدولي قضية عربية أو لها علاقة بالعرب عدا السودان، رغم أننا نجد فيها قضايا أفغانستان وباكستان وإيران وكوريا الشمالية، وربما جاء ذكر العرب عند بحث قضايا عدم الانتشار، وهو هنا يعني ألا يحصل العرب على أسلحة التدمير الشامل ووسائل توصيلها، ولا يمس إسرائيل باعتبار أن امتلاكها لا ينطبق عليه وصف عدم الانتشار، بينما ينطبق على العرب وعلى إيران أيضاً.
كذلك يمكن أن نلاحظ أنه كان من الممكن أن تشتمل هذه القضايا على قضايا القدس، ومحاولات وخطط تهويدها خاصة مع اهتمام العالم الإسلامي بها، والجدار العازل، واللاجئين الفلسطينيين، والاستيطان الإسرائيلي، واحتلال الجولان، بالإضافة إلى قضايا سبتة ومليلية والصحراء الغربية، وغيرها.
خطورة الأمر تتلخص في أن أحداً لا يشعر بأن القضايا العربية يمكن أن تؤثر على مصالحه، بينما شهدنا في الأسبوع الأخير فشل مجلس الأمن مؤخرا في إصدار بيان رئاسي حول السودان لمجرد اعتراض الصين، كما أن معالجة مجلس الأمن للمشروع النووي الإيراني ناجمة عن علاقات إيران بكل من روسيا والصين، ولولا ذلك لتعرضت إيران للكثير سواء كان عدواناً أم عقوبات، وهو ما يوضح أهمية ربط القضايا العربية بمصالح دولية وجعلها على أجندة الحوار الدولي، وهذا يتطلب المحافظة على القضايا ساخنة، واستغلال مصادر القوة العربية لمساندة قضاياها. ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة والغرب يحاولون التأثير على مواقف الدول بربطها بعلاقات تعاون اقتصادية لاستمالتها.
لا أظن أن الوقت قد فات، ولكنه يتطلب تحركا سريعا وفعالا يربط قضايانا بمصالح دولية كبرى خاصة مع كل من الصين والاتحاد الروسي!
*صحيفة العرب القطرية
*لواء طلعت أحمد مسلم
من يتابع الحوار القائم بين القوى الكبرى يجد أن العالم مشغول بعدة قضايا تستحوذ على اهتماماته، ولكن هذه الاهتمامات بعيدة عن قضايا الوطن العربي خاصة الصراع العربي الإسرائيلي، ومن المنتظر أن تتابع الدول العشرون الأكثر تقدماً في العالم بحث القضايا موضع الحوار في مؤتمر قمة العشرين الاقتصادي المزمع عقده في لندن في أوائل شهر أبريل القادم، أي بعد أيام قليلة من القمة العربية المزمع عقدها في نهاية شهر مارس الحالي 2009، وستنكب هذه الدول على بحث القضايا التي ترى أنها ستؤثر على مسارها في المستقبل، خاصة في ظروف الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يحتمل أن تغير من صورة وجه العالم، وما لم تبحثه أو تضعه في الاعتبار يحتمل أن يتضرر نتيجة لإهماله، فالحلول المطلوبة سيكون لها ثمن، وما لم نجعل قضايانا موضع الاهتمام فسيكون الاحتمال الأكبر هو أن ندفع نحن الثمن، ولنتذكر أن إسرائيل تضع قضيتها على جدول الأعمال العالمي تحت عنوان أو عناوين أكبر مثل مكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة التدمير الشامل، وربما قضايا الديمقراطية والحكم الرشيد، بل وقد تتجرأ لتضع حقوق الإنسان على أجندتها رغم سجلها الأسود في هذا المجال. في حين أن جوهر الصراع العربي الإسرائيلي لم يناقش ولم يوضع على الطاولة، كما أن تكرار الحديث عن حل الدولتين يعتبر هروباً من حقائق الصراع وإزاحة للقضية من دائرة الاهتمام، وإبعاداً لها من قضايا الحوار لتكون داخل دائرة الرباعية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة.
ورغم أن الخلافات ما زالت كبيرة بين هذه الدول وأن احتمال تجاوز هذه الخلافات ضعيف إلا أن احتمال الاتفاق يحتمل أن يكون ضاراً، ومجرد الركون إلى أن قضية قطاع غزة قد نوقشت وأمكن التوصل إلى قرارات بشأنها خطر كبير، فالواقع يقول إن مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في شرم الشيخ لم يكن أكثر من مؤتمر للتسول، كما أن كل المبالغ التي جرى الحديث عنها في المؤتمر تعتبر في حال تحقيقها إعانة لإسرائيل باعتبار أن إسرائيل هي المسؤولة عن الإعمار وإعادة الإعمار، حيث إنها قوة الاحتلال من جهة، وهي المتسببة فيما حدث من دمار من جهة أخرى.
الحوار بين الصين والغرب والولايات المتحدة يتمحور حول القضايا التالية، وفقاً لما جاء بكلمات وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها للصين في 22 فبراير 2009: قضية مضيق تايوان واستقلال وعضوية تايوان في المنظمات الدولية، والأزمة المالية، والتنسيق في مجال الاقتصادات الكبرى والاستثمارات والحمائية التجارية، والتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة، وسيادة وفرض القانون، والعلم والتعليم والثقافة، والصحة، والتشاور في مجالات مكافحة الإرهاب والانتشار، وتبادل العلاقات العسكرية، والحوار حول حقوق الإنسان على أساس من الندية والاحترام المتبادل، والتعاون في مجالات الطاقة والبيئة، والتغير المناخي، وتقنية خفض انبعاثات الكربون، والعمل على نجاح مؤتمر البيئة المزمع انعقاده في كوبنهاغن في ديسمبر 2009، وقضايا النشاط النووي لكل من كوريا الشمالية وإيران، والاستقرار في جنوب آسيا، ونزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، والاستقرار في شمال شرق آسيا، والحوار والتعاون في جنوب آسيا، وقضايا الانتشار النووي وأسلحة التدمير الشامل عالميا، والتعاون في حل مشكلة الموضوع النووي الإيراني وإيجاد حل سلمي له من خلال المفاوضات الدبلوماسية، وقضايا نزع السلاح الدولي، والقضايا ذات الاهتمام الكبير للمجتمع الدولي مثل بورما والسودان، وأخيراً القضايا موضوع الاختلاف مثل حقوق الإنسان والتبت والحرية الدينية وحرية التعبير.
الحوار بين الغرب والاتحاد الروسي يتمحور حول قضايا بعضها مختلف، تتركز وفقا للتقارير الصحافية وإصدارات وزارة الخارجية الأميركية حول التوصل إلى معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الاستراتيجية، وإعادة تنشيط المجلس الروسي الأطلسي، وإعادة النظر في نشر نظام الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية، وتوسيع التعاون الاقتصادي، وتحقيق الأهداف الأميركية في أفغانستان بما فيها انتقال الإمدادات الأميركية إلى أفغانستان عبر الأراضي الروسية وفقا لمعاهدة جديدة، وإزالة التهديد الإيراني، والانتشار النووي، والأمن على طول الحدود الأفغانية ومكافحة الإرهاب، والرغبة الروسية في استعادة النفوذ في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، وإثارة الغرب للشغب داخل روسيا، والثورات الموالية للغرب في كل من جورجيا وأوكرانيا، وتوسع حلف شال الأطلسي غرباً بما فيه احتمال انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف، وقضايا استقلال كل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، واستقلال كوسوفو.
ليس بين قضايا الحوار الدولي قضية عربية أو لها علاقة بالعرب عدا السودان، رغم أننا نجد فيها قضايا أفغانستان وباكستان وإيران وكوريا الشمالية، وربما جاء ذكر العرب عند بحث قضايا عدم الانتشار، وهو هنا يعني ألا يحصل العرب على أسلحة التدمير الشامل ووسائل توصيلها، ولا يمس إسرائيل باعتبار أن امتلاكها لا ينطبق عليه وصف عدم الانتشار، بينما ينطبق على العرب وعلى إيران أيضاً.
كذلك يمكن أن نلاحظ أنه كان من الممكن أن تشتمل هذه القضايا على قضايا القدس، ومحاولات وخطط تهويدها خاصة مع اهتمام العالم الإسلامي بها، والجدار العازل، واللاجئين الفلسطينيين، والاستيطان الإسرائيلي، واحتلال الجولان، بالإضافة إلى قضايا سبتة ومليلية والصحراء الغربية، وغيرها.
خطورة الأمر تتلخص في أن أحداً لا يشعر بأن القضايا العربية يمكن أن تؤثر على مصالحه، بينما شهدنا في الأسبوع الأخير فشل مجلس الأمن مؤخرا في إصدار بيان رئاسي حول السودان لمجرد اعتراض الصين، كما أن معالجة مجلس الأمن للمشروع النووي الإيراني ناجمة عن علاقات إيران بكل من روسيا والصين، ولولا ذلك لتعرضت إيران للكثير سواء كان عدواناً أم عقوبات، وهو ما يوضح أهمية ربط القضايا العربية بمصالح دولية وجعلها على أجندة الحوار الدولي، وهذا يتطلب المحافظة على القضايا ساخنة، واستغلال مصادر القوة العربية لمساندة قضاياها. ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة والغرب يحاولون التأثير على مواقف الدول بربطها بعلاقات تعاون اقتصادية لاستمالتها.
لا أظن أن الوقت قد فات، ولكنه يتطلب تحركا سريعا وفعالا يربط قضايانا بمصالح دولية كبرى خاصة مع كل من الصين والاتحاد الروسي!
*صحيفة العرب القطرية