الشَّاعر
لا زالَ صوتُكَ قائلاً كلَّ الّذي لا ينتمي !
شيءٌ من الخمرِ المقدَّسِ
مِن قوافي
هَجْعةِ الصحراء
من قُبَلِ النسيمِ المفعمِ
شيءٌ من القنديلِ
يشربُ ضوءُهُ من أعظمي
لا زال صوتُكَ يزرعُ الأشجان في روح السَّحابِ
وفي مواويلِ النّوارسِ
في الأزاهيرِ الحزينةِ
وهْيَ ترقدُ فوقَ سطحِ البحرِ ترنو للسّماءِ
وفي الصّدى الممتدِّ في الغاباتِ .. في ناي الخطا .. في رِفقة الشَّاي القتيلةِ بين خاطرتي .. وخارطةِ الطريقِ الملهمِ .
لا زال صوتُك خارجاَ عن كلِّ أسرابِ الزّمانِ
وكلّ إقطاعِ الزّمان
وكلِّ سلطانِ الزّمانْ
هو خارجٌ حتى على معنى الخروجِ
وعن حروفِ الأبجديَّةِ
خارجٌ حتى على القوسِ الذيي صنعتهُ أيدي الفوضويَّة .
لا زال صوتكَ .. كانثيالاتِ الرَّبابةِ في فضاءاتِ الغروبْ
لكنّهُ لا ينطفي أبداً
وإن غمرتْهُ أمطارُ الهبوبْ
لا زال حيَّاً رغمَ خِصبِ جراحهِ
وربيعِ آلافِ الحِرابْ
تلك التي في الحيِّ ترقص حولها نارُ الذئابْ
قد أزهرتْ أحْزانهُ
وتسلَّقت جدرانَ قامتهِ
وطلَّتْ من نوافذِ مقلتيهِ على الخرابْ .
لا زالَ صَوْتُك مُثقلاً بالحبِّ
رغمَ شحوبِ طلعتهِ الهِلاليّةْ
فوق النُّجودِ
وفوقَ أوراقِ السُّهادِ
وفوق أجفانٍ ضبابيَّةْ
لا زال يعرفُ كيف يفتتحُ الصَّباحَ بنا
ويشحذ طاقةَ الأملِ الموشَّى بالحنينِ
وكيف ينفحُ تربةَ الوديانِ
كيف يذيقها ريقَ الغمائمِ ..
كيف يفرشُها برنَّاتِ الخلاخلِ ..
كيف يصبغها بأجملِ ما بدنيا الفنِّ من ألوانْ
لا زال صوتُكَ أوّلَ الدُّنيا وآخرها
وأضوأ نغمةٍ في عالم الإنسان .
طارق السكري