تعد الأزمات في الميدان التربوي سلاح ذو حدين، ومن يجيد التعامل معها يعرف كيف يستثمر الفرص ويقلل من المخاطر، ومن يتعامل معها باستهتار وعفوية تحيط به المخاطر وتفوته الفرص.
وفي أجواء أزمة كورونا، وفي ظل الاستنفار العالمي لمواجهة هذا الوباء الجائحة، ثمة واجبات مهمة وحساسة على الدعاة أن يضطلعوا بها، ومن المهام المطلوبة من الداعية والتي يجب أن يتعبد الله بها:
١ـ المساهمة في نشر الوعي الوقائي من الفيروس، والالتزام بتوجيهات وزارة الصحة، فلو ساهمت نصائحك في إحياء نفسٍ واحدة؛ فكأنما أحييت الناس جميعاً {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، ويا له من أجر عظيم.
٢ـ استثمار شعور الناس أن المرض قريب منهم في بث الأمل وبعث روح الطمأنينة في نفوسهم بالموعظة الحسنة التي تقربهم إلى الله، وتحبب إليهم التوبة، وتزرع في قلوبهم الأمل والتوكل على الله مع العمل بالأسباب.
٣ـ استثمار بقاء الأسر في البيوت لفترات طويلة بإعداد برامج تربوية أسرية متنوعة؛ تقوم فيها الأسرة بدور المدرسة والأسرة والجماعة الثقافية.
٤ـ توعية الناس بكيفية التعامل مع الشائعات والتحقق منها، وعدم تداول المعلومات غير الصحيحة، فبعض المعلومات الصحية المغلوطة قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، ولا سيما مع وجود شركات تجارية تستغل هلع الناس للترويج لمنتجاتها، مع ترويج شائعات عن تأثير هذه المنتجات على فيروس كورونا.
٥ـ نشر التفاؤل بين الناس، ورفع المعنويات، وتعزيز الصحة النفسية بالكلمة الطيبة، والابتسامة.
٦ـ استثمار وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ كل ما سبق، بعد قرار المكوث المنزلي، وإغلاق المساجد والديوانيات وأماكن التجمعات.
وفي مقابل هذه الواجبات؛ ثمة محاذير وتنبيهات لأخطاء غير مقصودة يقع فيها بعض الدعاة والوعاظ، ويلزم التنبيه إليها، ومنها:
١ـ الجزم بأن الفيروس عقاب من الله لشعب معين، أو نظام معين، أو أتباع دين معين، أو فئة معينة، فمع أن العقاب الإلهي الذي يمكن أن يعم المجتمعات نتيجة السكوت عن المظالم والانحراف عن الفطرة وارد؛ إلا أن تحديد شعب أو نظام أو دين أو فئة فيه نوع من التقول على الله بغير علم، فالفيروس ابتلاء للإنسانية جمعاء، ولا يفرق بين مسلم وغير مسلم، فهو من كلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برٌّ ولا فاجر.
٢ـ تهوين الالتزام بالإجراءات الوقائية باسم القضاء والقدر والتوكل، فهذا التهوين يتضمن إساءة بالغة لمفهوم القضاء والقدر، وعدم إلقاء النفس بالتهلكة، والوقوع في بدعة الجبرية والمتواكلين.
٣ـ عدم تقبل بعض الدعاة للتعليق المؤقت لشعائر الصلاة في المساجد، والاعتقاد بأن هذه مؤامرة، وإعلان ذلك باسم الرأي الآخر، وبالتالي إثارة النفوس، فمن قدم هذا الرأي هم علماء أجلاء من مختلف بقاع العالم، وأولوية حفظ النفس والمصلحة الإنسانية العامة أكثر أهمية من صلاة الجماعة في هذه الظروف، وإن كان ثمة رأي مخالف؛ يمكن إيصاله للمسؤولين درءاً للفتنة، والالتزام بقرارات الدولة.
٤ـ عدم الاستعجال بنشر أي فكرة أو خاطرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة التريث والتفكير بصواب الفكرة وشرعيتها، وتوافقها مع مقاصد الشريعة والمصلحة العامة، وخاصة في ظل هذه الظروف.
٥ـ الانضواء والابتعاد والانعزال وعدم المشاركة المجتمعية عبر الوسائل المتاحة في النصح والموعظة ورفع المعنويات.
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وأن يوفق البشرية في احتواء هذا الوباء.