إندونيسيا تودع مؤسس صناعاتها الإستراتيجية ورائد التحول الديمقراطي
جاكرتا- صهيب جاسم
ودعت إندونيسيا رئيسها الثالث بحر الدين يوسف حبيبي عن عمر ناهز 83 عاما، الذي انتقل إلى رحمة الله بعيد مغرب الأربعاء في المستشفى العسكري بجاكرتا، وأوقفت القنوات التلفزيونية الإندونيسية جميع تغطياتها لتتابع الحدث من المستشفى إلى منزل أسرة حبيبي ثم دفنه، حيث يعد حبيبي من الشخصيات التي تلقى اجماعا وطنيا قل أن يجده سياسي من جيله أو من الذين جاؤوا من بعده.
حبيبي أبا للديمقراطية والقوانين الإصلاحية الست
ارتبط اسم حبيبي بالتحول الديمقراطي في إندونيسيا قبل 21 عاما، حتى يوصف بأنه "أبٌ للديمقراطية"، فعندما تداعت الأزمة المالية الآسيوية منذ أواسط عام 1997، وتحولت بفعل أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى دولية إلى حراك طلابي وشعبي، أجبر ذلك الرئيس محمد سوهارتو وبعد حكم طال لاثنين وثلاثين عاما على أن يقدم استقالته، ليسلم الحكم لحبيبي الذي كان قد اختاره سوهارتو نائبا له قبل أسابيع فقط من استقالته من الرئاسة.
كانت فترة رئاسة حبيبي قصيرة لكنه ترك أثرا كبيرا لمن بعده، فلم يدم حكمه سوى 17 شهرا وكانت فترة عصيبة ولم يكن من السهل قيادة بلد واسع المساحة و مهدد في وحدته ووجوده السياسي وأمنه الاجتماعي، تسلم حبيبي الرئاسة في 21 مايو من عام 1998 وحتى 20 أكتوبر من عام 1999، مسميا حكومته ذات الوظيفة الإنتقالية تلك بحكومة التنمية الديمقراطية، فألغى القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، مطلقا الحريات الصحفية، ورافعا كل آليات الرقابة التي كانت مفروضة على العمل الإعلامي من خلال وزارة الإعلام طوال عقود مضت.
ولتحقيق التحول الديمقراطي سُن في عهد حبيبي قانون الأحزاب واضعا خارطة طريق لإنهاء الحضور العسكري في البرلمان، كما أنه أسس للحكم المحلي والذاتي في الأقاليم من خلال تقنين ذلك، ووسن قانونا للإنتخابات الذي فتح المجال لتعددية حزبية غابت عن البلاد منذ الخمسينيات، قانونا يعيد رسم عضوية البرلمان ومجلس الشعب الاستشاري، وقانونا للصحافة، وقانونا سادسا للمصرف المركزي الإندونيسي.
وما ينساه كثيرون أنه أدار مع الفريق الذي معه الأزمة المالية الآسيوية في فترة وصلت قيمة الروبية إلى أدنى مستوياتها، فعندما استلم السلطة كانت قيمة الروبية قد وصلت إلى نحو 15 ألف روبية مقابل الدولار الواحد، ولم يترك القصر الرئاسي حتى أعادها إلى مستوى 6500 روبية فقط مقابل الدولار الواحد، كما كان له دور في الحفاظ على وحدة البلاد التي شهد سكانها على مسلسل فصل تيمور الشرقية عنها من خلال استفتاء لاقى دعما خارجيا في أغسطس من عام 1999، وشكل صدمة للإندونيسيين.
مؤسس صناعة الطيران الإندونيسية
لم يكن حبيبي عسكريا أو سياسيا كغيره من السياسيين في حزب غولكار الحاكم آنذاك، فقد كان ذو خلفية علمية متميزة أهلته لأدوار يتذكرها الإندونيسيون، فلفترة استمرت عقدين قبل تسلمه الرئاسة كان وزيرا للبحوث والتقنية، ورئيسا لهيئة البحوث والتطبيقات العلمية، بدأها بوضع خطة لتوفير فرص تعليمية لآلاف من الشباب الإندونيسيين في تخصصات علمية مهمة، وتابع أولائك دراستهم في اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، ليستفيد منهم لاحقا في الصناعات التي أسسها.
ثم قاد حبيبي فريقا موسعا في مختلف الصناعات الإستراتيجية، فخلال تسلمه لوزارة البحوث والتقنية أسس شركة إنكا لصناعة القطارات، وشركة بال لصناعة السفن، وشركة إنتي لأجهزة الإتصالات، وشركة بينداد لصناعة السلاح والمعدات والعربات العسكرية، مازالت كلها قائمة ومنتجة، كما برزت من بينها شركة صناعة الطائرات في مدينة باندونغ التي حققت عددا من الإنجازات التصنيعية، بتصنيع عدد من الطائرات وبدخولها صناعة أجزاء لطائرات لشركات عملاقة.
يعود ذلك تعليميا إلى أن حبيبي- الذي ولد في بلدة باري باري جنوب غرب جزيرة سولاويسي عام 1936 – كان من الطلبة المتميزيين في معهد باندونغ التقني في جاوا الغربية، الذي تخرج منه ليتابع دراسته في ألمانيا في مجال هندسة الطيران وتحديدا في صناعة الطائرات بين عامي 1955 و 1965، وأنهى مراحل دراسته العليا حتى الدكتوراه بكفاءة وامتياز، وكانت له إختراعات وإبداعات في مجاله اعترف بها عالميا، وحصل بذلك على جوائز علمية في بلاده ومن بريطانيا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن بينها جائزة إدوارد وارنر، وجائزة تيدروي فان كارمان الألمانية.
وفي عام 1973 طلب الرئيس الأسبق سوهارتو من حبيبي العودة إلى بلاده، وهنا بدأت مسيرة اهتمام حبيبي بصناعة الطيران منذ تأسيسه ورئاسته لشركة حكومية حديثة التأسيس لصناعة الطائرات والمروحيات عام 1976 كأول شركة من نوعها في جنوب شرق آسيا، وكان يدرك ومنذ وقت مبكر أن بلاده التي تعد أكبر أرخبيل في العالم مقبلة على نمو سريع للنقل الجوي خلال عقدين أو ثلاثة، وكان تقديره دقيقا ونراه يحدث اليوم، فدفع حينها بصناعة طائرات صغيرة ومتوسطة تناسب النقل بين الجزر، وهي الصناعة التي أجبرت الأزمةُ الآسيويةُ الحكومةَ في أواخر أيام سوهارتو على إيقافها، ليفقد 16 ألف مهندس وفني متخصص في مجال الطيران عمله، ويسافر كثير منهم للعمل في مصانع حول العالم، ورغم عودة المصنع إلى العمل مجددا إلا أنه مازال بحاجة إلى دعم وإلى كثير من الجهد.
وقد ورَثَ حبيبي لابنه "إلهام أكبر حبيبي" وجيل من المهندسين هذا الولع بالصناعة الجوية فأسس عام 2012 شركة خاصة تعمل في مجال صناعة الطائرات، بدأت العام الماضي بتصميم طائرة ستعرف بإسم آر80- نسبة إلى سعتها 80-90 راكبا-، مستوحاة من مشروع طائرة إن 250 الذي تعثر إنجازه بسبب الأزمة المالية عام 97، ويفترض حسب الخطة أن يبدأ إنتاجها وبيعها للشركات عام 2025، ويسعى المشروع لجذب استثمارات أجنبية لتسريع إنجازه، الذي يوصف بأنه كان آخر مشاريع حبيبي قبل وفاته.
إتحاد المثقفين ودخول المدنيين لأروقة السلطة
في ظل حكم الجنرال سوهارتو الذي كان معتمدا على الجيش و حزب غولكار ونخبة ثرية متحالفة معه، وفي ظل دور ضيق لأي نشاط حزبي آخر، أسس حبيبي "اتحاد المثقفين المسلمين الإندونيسيين" "إتشمي" عام 1990، وانضم إليه نحو عشرين ألف مثقف، من اقتصاديين ومهندسين وكتاب وأدباء وقانونيين وناشطين اجتماعيين، وكان من بين تلك الشخصيات من كان له دور في التحول الديمقراطي في البلاد أمثال أمين رئيس الذي قاد مسار الإصلاح الدستوري في مجلس الشعب الإستشاري.
لم يكن اتحاد المثقفين "إتشمي" منظمة جماهيرية مثل العديد من المنظمات الجماهيرية ذات الملايين من الأعضاء بل كانت منتدى للنخب المثقفة التي بدأت الدخول في آخر سنوات حكم سوهارتو إلى أروقة السلطة ، ومن خلال ذلك الاتحاد بدأت حضور المدنيين في الحكومة يلاحظ، لكون رئيس الاتحاد هو حبيبي نفسه الوزير المعروف في حكومة سوهارتو، وبعد أن ظلت تلك الشخصيات المثقفة المسلمة ضعيفة الحضور في مؤسسات الدولة مقابل حضور واضح للعسكر وللأقليات الدينية طوال ربع قرن تقريبا.
إنسحب الرئيس حبيبي من الساحة السياسية مع انتهاء فترته الإنتقالية في أكتوبر من عام 1999 بسبب تنافس داخل حزبه غولكار آنذاك، بعد أن أدى دوره في المرحلة الإنتقالية، وغير ساعٍ للعودة إلى المنافسة السياسية مجددا، وهو ما رفع من مكانته في قلوب الإندونيسيين نخبا وجماهيرا، ليقضي بقية عمره في العمل البحثي من خلال "مركز حبيبي" الذي اهتم بمراقبة الممارسة السياسية الديمقراطية وأداء الإعلام، إلى جانب متابعة مشاريع صناعية عدة، وفي السنوات الأخيرة عرضت السينما الإندونيسية عددا من الأفلام التي تحكي قصة حياته.
جاكرتا- صهيب جاسم
ودعت إندونيسيا رئيسها الثالث بحر الدين يوسف حبيبي عن عمر ناهز 83 عاما، الذي انتقل إلى رحمة الله بعيد مغرب الأربعاء في المستشفى العسكري بجاكرتا، وأوقفت القنوات التلفزيونية الإندونيسية جميع تغطياتها لتتابع الحدث من المستشفى إلى منزل أسرة حبيبي ثم دفنه، حيث يعد حبيبي من الشخصيات التي تلقى اجماعا وطنيا قل أن يجده سياسي من جيله أو من الذين جاؤوا من بعده.
حبيبي أبا للديمقراطية والقوانين الإصلاحية الست
ارتبط اسم حبيبي بالتحول الديمقراطي في إندونيسيا قبل 21 عاما، حتى يوصف بأنه "أبٌ للديمقراطية"، فعندما تداعت الأزمة المالية الآسيوية منذ أواسط عام 1997، وتحولت بفعل أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى دولية إلى حراك طلابي وشعبي، أجبر ذلك الرئيس محمد سوهارتو وبعد حكم طال لاثنين وثلاثين عاما على أن يقدم استقالته، ليسلم الحكم لحبيبي الذي كان قد اختاره سوهارتو نائبا له قبل أسابيع فقط من استقالته من الرئاسة.
كانت فترة رئاسة حبيبي قصيرة لكنه ترك أثرا كبيرا لمن بعده، فلم يدم حكمه سوى 17 شهرا وكانت فترة عصيبة ولم يكن من السهل قيادة بلد واسع المساحة و مهدد في وحدته ووجوده السياسي وأمنه الاجتماعي، تسلم حبيبي الرئاسة في 21 مايو من عام 1998 وحتى 20 أكتوبر من عام 1999، مسميا حكومته ذات الوظيفة الإنتقالية تلك بحكومة التنمية الديمقراطية، فألغى القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، مطلقا الحريات الصحفية، ورافعا كل آليات الرقابة التي كانت مفروضة على العمل الإعلامي من خلال وزارة الإعلام طوال عقود مضت.
ولتحقيق التحول الديمقراطي سُن في عهد حبيبي قانون الأحزاب واضعا خارطة طريق لإنهاء الحضور العسكري في البرلمان، كما أنه أسس للحكم المحلي والذاتي في الأقاليم من خلال تقنين ذلك، ووسن قانونا للإنتخابات الذي فتح المجال لتعددية حزبية غابت عن البلاد منذ الخمسينيات، قانونا يعيد رسم عضوية البرلمان ومجلس الشعب الاستشاري، وقانونا للصحافة، وقانونا سادسا للمصرف المركزي الإندونيسي.
وما ينساه كثيرون أنه أدار مع الفريق الذي معه الأزمة المالية الآسيوية في فترة وصلت قيمة الروبية إلى أدنى مستوياتها، فعندما استلم السلطة كانت قيمة الروبية قد وصلت إلى نحو 15 ألف روبية مقابل الدولار الواحد، ولم يترك القصر الرئاسي حتى أعادها إلى مستوى 6500 روبية فقط مقابل الدولار الواحد، كما كان له دور في الحفاظ على وحدة البلاد التي شهد سكانها على مسلسل فصل تيمور الشرقية عنها من خلال استفتاء لاقى دعما خارجيا في أغسطس من عام 1999، وشكل صدمة للإندونيسيين.
مؤسس صناعة الطيران الإندونيسية
لم يكن حبيبي عسكريا أو سياسيا كغيره من السياسيين في حزب غولكار الحاكم آنذاك، فقد كان ذو خلفية علمية متميزة أهلته لأدوار يتذكرها الإندونيسيون، فلفترة استمرت عقدين قبل تسلمه الرئاسة كان وزيرا للبحوث والتقنية، ورئيسا لهيئة البحوث والتطبيقات العلمية، بدأها بوضع خطة لتوفير فرص تعليمية لآلاف من الشباب الإندونيسيين في تخصصات علمية مهمة، وتابع أولائك دراستهم في اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، ليستفيد منهم لاحقا في الصناعات التي أسسها.
ثم قاد حبيبي فريقا موسعا في مختلف الصناعات الإستراتيجية، فخلال تسلمه لوزارة البحوث والتقنية أسس شركة إنكا لصناعة القطارات، وشركة بال لصناعة السفن، وشركة إنتي لأجهزة الإتصالات، وشركة بينداد لصناعة السلاح والمعدات والعربات العسكرية، مازالت كلها قائمة ومنتجة، كما برزت من بينها شركة صناعة الطائرات في مدينة باندونغ التي حققت عددا من الإنجازات التصنيعية، بتصنيع عدد من الطائرات وبدخولها صناعة أجزاء لطائرات لشركات عملاقة.
يعود ذلك تعليميا إلى أن حبيبي- الذي ولد في بلدة باري باري جنوب غرب جزيرة سولاويسي عام 1936 – كان من الطلبة المتميزيين في معهد باندونغ التقني في جاوا الغربية، الذي تخرج منه ليتابع دراسته في ألمانيا في مجال هندسة الطيران وتحديدا في صناعة الطائرات بين عامي 1955 و 1965، وأنهى مراحل دراسته العليا حتى الدكتوراه بكفاءة وامتياز، وكانت له إختراعات وإبداعات في مجاله اعترف بها عالميا، وحصل بذلك على جوائز علمية في بلاده ومن بريطانيا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن بينها جائزة إدوارد وارنر، وجائزة تيدروي فان كارمان الألمانية.
وفي عام 1973 طلب الرئيس الأسبق سوهارتو من حبيبي العودة إلى بلاده، وهنا بدأت مسيرة اهتمام حبيبي بصناعة الطيران منذ تأسيسه ورئاسته لشركة حكومية حديثة التأسيس لصناعة الطائرات والمروحيات عام 1976 كأول شركة من نوعها في جنوب شرق آسيا، وكان يدرك ومنذ وقت مبكر أن بلاده التي تعد أكبر أرخبيل في العالم مقبلة على نمو سريع للنقل الجوي خلال عقدين أو ثلاثة، وكان تقديره دقيقا ونراه يحدث اليوم، فدفع حينها بصناعة طائرات صغيرة ومتوسطة تناسب النقل بين الجزر، وهي الصناعة التي أجبرت الأزمةُ الآسيويةُ الحكومةَ في أواخر أيام سوهارتو على إيقافها، ليفقد 16 ألف مهندس وفني متخصص في مجال الطيران عمله، ويسافر كثير منهم للعمل في مصانع حول العالم، ورغم عودة المصنع إلى العمل مجددا إلا أنه مازال بحاجة إلى دعم وإلى كثير من الجهد.
وقد ورَثَ حبيبي لابنه "إلهام أكبر حبيبي" وجيل من المهندسين هذا الولع بالصناعة الجوية فأسس عام 2012 شركة خاصة تعمل في مجال صناعة الطائرات، بدأت العام الماضي بتصميم طائرة ستعرف بإسم آر80- نسبة إلى سعتها 80-90 راكبا-، مستوحاة من مشروع طائرة إن 250 الذي تعثر إنجازه بسبب الأزمة المالية عام 97، ويفترض حسب الخطة أن يبدأ إنتاجها وبيعها للشركات عام 2025، ويسعى المشروع لجذب استثمارات أجنبية لتسريع إنجازه، الذي يوصف بأنه كان آخر مشاريع حبيبي قبل وفاته.
إتحاد المثقفين ودخول المدنيين لأروقة السلطة
في ظل حكم الجنرال سوهارتو الذي كان معتمدا على الجيش و حزب غولكار ونخبة ثرية متحالفة معه، وفي ظل دور ضيق لأي نشاط حزبي آخر، أسس حبيبي "اتحاد المثقفين المسلمين الإندونيسيين" "إتشمي" عام 1990، وانضم إليه نحو عشرين ألف مثقف، من اقتصاديين ومهندسين وكتاب وأدباء وقانونيين وناشطين اجتماعيين، وكان من بين تلك الشخصيات من كان له دور في التحول الديمقراطي في البلاد أمثال أمين رئيس الذي قاد مسار الإصلاح الدستوري في مجلس الشعب الإستشاري.
لم يكن اتحاد المثقفين "إتشمي" منظمة جماهيرية مثل العديد من المنظمات الجماهيرية ذات الملايين من الأعضاء بل كانت منتدى للنخب المثقفة التي بدأت الدخول في آخر سنوات حكم سوهارتو إلى أروقة السلطة ، ومن خلال ذلك الاتحاد بدأت حضور المدنيين في الحكومة يلاحظ، لكون رئيس الاتحاد هو حبيبي نفسه الوزير المعروف في حكومة سوهارتو، وبعد أن ظلت تلك الشخصيات المثقفة المسلمة ضعيفة الحضور في مؤسسات الدولة مقابل حضور واضح للعسكر وللأقليات الدينية طوال ربع قرن تقريبا.
إنسحب الرئيس حبيبي من الساحة السياسية مع انتهاء فترته الإنتقالية في أكتوبر من عام 1999 بسبب تنافس داخل حزبه غولكار آنذاك، بعد أن أدى دوره في المرحلة الإنتقالية، وغير ساعٍ للعودة إلى المنافسة السياسية مجددا، وهو ما رفع من مكانته في قلوب الإندونيسيين نخبا وجماهيرا، ليقضي بقية عمره في العمل البحثي من خلال "مركز حبيبي" الذي اهتم بمراقبة الممارسة السياسية الديمقراطية وأداء الإعلام، إلى جانب متابعة مشاريع صناعية عدة، وفي السنوات الأخيرة عرضت السينما الإندونيسية عددا من الأفلام التي تحكي قصة حياته.