ومضة تربوية قرآنية
هي كالبذرة إن تعهدتها بالرعاية والاهتمام جادت لك بأطايب الثمر، وإن أهملتها لن تخرج إلا نكدا، ألا وهي التربية، فالتربية فنٌ من الفنون، لايتقنه الكثير، والقرآن الكريم يحمل في طياته العديد من المعاني التربوية الرائعة التي يغفل عنها الكثير، وفي هذه المقالة القصيرة سأقتصر على قول الحق تبارك وتعالى لموسى عليه السلام : }وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه:13]، هذه الآية الشريفة رسالة لكل مربي، أُلقيت على عاتقه مسؤولية التربية، أيّاً كان موضعه أباً أو شيخاً أو استاذاً...الخ، والرسالة التي حملتها لنا هذه الآية الشريفة تتمحور في شقين:الشق الأول: أن يدرس المربي شخصية المتربي، وأن يقيس إن كان قادراً على تحمل ما يُلقى إليه أم لا، وما أصدق المثل الذي يقول: " إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع "، ونستنبط هذا الفهم من قول الحق تبارك وتعالى لموسى عليه السلام : " وَأَنَا اخْتَرْتُكَ "، فهذا الاختيار من رب العالمين لموسى عليه السلام لم يكن عبثاً، لكنه اصطفاء لمن هو عليمٌ بالسرائر، ولعلمه المسبق تبارك وتعالى أن موسى عليه السلام أهلٌ لتحمل هذه المسؤولية.
الشق الآخر: تهيئة المتربي للمهمة التي ستُلقى عليه، وذلك بوقفة جادّة معه، من خلالها يوضح له أهمية الأمر المُلقى عليه. فكم من مُرَبٍّ اليوم القى المهام كباقة مستعجلة للمُتَرَبّي، فيتلقاها وهو لايدرك أهمية الأمر الملقى عليه، فيستسهل في آدائها، مما يجعل المُرَبّي يلقي باللوم عليه. ونستبط هذا الفهم، من قول الله تعالى: } فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}، فهنا يهيأ الله عزو جل موسى للكلام الذي سيسمعه لأهميته البالغة، حيث جاء في الآية التي تليها: }إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي{.فهذه رسالة ربانية لكل من يسعى إلى تحقيق النجاح في تربيته، من خلال الاقتباسات القرآنية النيّرة.