صرح اللواء سعيد قاسمي القيادي السابق في قوات الحرس الثوري الإيراني والقيادي الحالي في تشكيلات أنصار حزب الله قبل أيام أنه بإمكان إيران "التجاوز عن القدس وأمريكا، ولكن لا يمكنها أن تتجاوز عن آل سعود تنفيذاً لوصية الخميني التي قال فيها "في الوقت المناسب سوف ننتقم من أمريكا وآل سعود حتى نزيل هذه الحرقة من قلوبنا ونطبعها على قلوبهم".
وبناءً على ذلك فتحرش إيران بقيادة المملكة العربية السعودية واختلاقها الحجج والذرائع عن طريق استغلال موسم الحج وتسييسه وإثارة الشغب والمظاهرات وإعلان البراء أثناء فريضة الحج تنفيذاً لوصية الخميني الذي أفتى بعدم صحة الحج واكتماله لأتباعه مالم يُحدِثوا الفوضى وإعلانات التبرؤ. هذا التحرش يوقده عداء تاريخي للعرب والذي لم يمحه التعايش والتمازج والتداخل معهم قرون طويلة من الزمن ولا زال السجال بين الجانبين مذ معركة ذي قار التي انتصف فيها العرب لأنفسم مروراً بمعركة قادسية المثنى وسعد بن ابي وقاص في عهد عمر رضي الله عنه التي انتصر فيها الاسلام على كسرى الفرس وصولاً إلى قادسية صدام حسين التي شكلت حاجز صدٍ للنار التي أشعلتها ثورة الخميني وأرادت تصديرها لإذكاء نار الحقد الطائفية في البلدان العربية المجاورة.
إنّ هذا الاستهداف الفارسي للسعودية هو استهداف لآخر قلاع الزعامة السنية، ومهبط الوحي والرسالات السماوية، وديار المقدسات الإسلامية مهوى أفئدة المسلمين في العالم كله، وآخر حصونه. يأتي ذلك بعد تدخلها المباشر في سوريا والعراق شمال وشرق المملكة مع بذورها المزروعة في معظم دول الخليج من خلال الجاليات الإيرانية المستعربة الحاملة للهويات العربية والناطقة بلسانها وذات الولاءات والأهواء الإيرانية.
ولقد حذرنا وحذّر المفكرون غير مرة أنّ الأخطار التي تهدد العرب شعوباً وأنظمة أشد وأنكى من التهديدات الإسرائيلية لأن العداء الاسرائيلي ظاهر ومعلن وبديانة وأهداف واضحة، أما إيران الخميني فقد ألتحفت بالإسلام الاثنى عشري وأبطنت العداء للعرب كل العرب وعمدت على تشويه تاريخهم وتراثهم الإسلامي وأوغلت في الطعن بعدالة صحابة رسول الله رموز العرب الدينية وقياداتهم التاريخية عن طريق حملات إعلامية مركزة تبثها قنوات مقروءة ومسموعة ومرئية بكل اللغات مثيرة بذلك كل أسباب الطائفية والعنصرية في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية.
ومن الجدير ذكره في هذه التناول أنّ عداء ومطامع إيران ترافقهما خطط إستراتيجة ثابتة يحفها إيمان راسخ وعزيمة صلبة وبرامج تصنيع عسكرية ونووية متطورة ذات أبعاد توسعية على أهم منطقة تتمتع بمميزات وخصائص جيوبولوتيكية غنية وهي منطقة الجزيرة العربية، والتي تحتوي على أهم مصادر الطاقة في العالم وتحظى باهتمام المجتمع الإسلامي والدولي ومجمع أهم نقاط التحكم الإستراتيجي كونها تسيطر على مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس المعابر المائية الأهم لتدفق النفط وطرق التجارة العالمية إلى الشرق والغرب، ومجال سير القوات العسكرية للقوى الدولية العابرة بين كل من البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهندي.
هذه المطامع التوسعية تتطابق مع ما أورده قائد القوات البحرية الايرانية حبيب الله ساري قبل ثلاث سنوات بأنه لجمهورية إيران «مصالح إستراتيجية في البحر ليس فقط في منطقة الخليج الفارسي (العربي) وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر الاحمر ولكنها تتجاوز أعالي البحار.
منطقتنا العربية وتحديدا الجزيرة العربية منطقة تراود كل أحلام العالم قديمه وحديثه والتي نالت أولويات مطامع الدول الاستعمارية بوجوهها وأساليبها القديمة والحديثة، وبرغم كل ذلك فحكّام هذه المنطقة ومُلَّاك الأرض والثروات والمقدسات والمعابر والمضايق عنها غافلون والإعداد للدفاع عنها متكاسلون، ومتواكلون أو متوكلون على قوى دولية تضع أولوياتها ومصالحها الاقتصادية فوق مصالح أصحاب الأرض والسيادة والنفوذ عليها، ومستعدة لأن تتعامل مع شياطين الإنس والجن حفاظاً على مصالحها، ومع القوى الصاعدة الأقوى نفوذاً وتسليحاً وعزيمةً وإصرار.
وكحقيقة واضحة على تغليب لغة المصالح لدى القوى الدولية فهاهي اليوم تتحاور وتتفق فيما بينها وبين الدولة الفارسية التي ناصبتها العداء لعقود مديرة ضهرها لعرب الجزيرة أصحاب الحق والقضايا العادلة لأن هذه القوى أيقنت بتخاذل عرب الجزيرة وتواكلهم ولم تشعر أو تلمس ما يستفز أو يلفت عنايتها كجهد في بناء القوة المعادلة والممانعة والرادعة للقوة الإيرانية واستراتيجياتها المستقبلية وعلى قاعدة نحنُ مع الأقوى ولن نظل جنود حراسة إلى الأبد كما أفصح عن ذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما.