د.غادة حمزة الشربيني
من روائع ما قرأت كتاب ( جدد حياتك ) للشيخ الإمام محمد الغزالى رحمه الله ,ومن أجمل ما ورد في الكتاب قوله : (إن تجديد الحياه لا يأتى بإضافة بعض الأعمال الصالحة لحياة الفرد وسط جملة من السلوكيات الخاطئة ) ، فلن يفضى ذلك إلى خير ,وإنما إذا أراد المسلم الاستقامة فعلية بتجديد نفسه تجديدا شاملا .
وعندما نظرت حولى وجدت أننا بحاجة إلى تجديد يرتكز على دعائم وأسس قوية ,وتأتى الثقة في مقدمة هذه الأسس, والثقة هذه حالة عقلية يمكن الحكم على مدى توافرها من خلال ملاحظة سلوك الآخرين ومن خلال التجربة, وهى ليست بين البشر بعضهم بعضا فقط ,وإنما الثقة قد تكون بين البشر والماديات التي يتعاملون معها , كالثقة في منتج أو ماركة معينة, فاقتناء منتج بعينه دون تردد هو دليل الثقة به , و نتيجة للتجربة بمعنى أن الثقة تأتى نتاج التعامل وتظهر آثارها مستقبلا .
والبحث عن الثقة له مبرراته التي منها :
أن غياب الثقة يخلق نوعا من التراخى في أداء العمل ,ويهدر الوقت في محاولة الإقناع, ومن ثم يحدث التراجع في تحقيق النتائج المرجوة , وعلى ذلك يصبح النجاح رهنا بوجود الثقة .
شيء آخر مرتبط بالثقة وهو نظام العمل الذى يمكنه أن يخلق ويدعم الثقة أو يمحوها , فقد نجد مؤسسات تمتلك كفاءات ولكن غياب الثقة يحول دون الاستفادة منها ,ولعل الطريق لإنجاح مؤسساتنا يفرض علينا بناء الثقة من خلال :
1. الشفافية والوضوح مع الآخرين و اطلاعهم على طبيعة أعمالهم وأدوارهم ومدى أهميتها في تحقيق النجاح , وكذلك اطلاعهم على إمكانات المؤسسة وتطلعاتها.
2. الجدية والالتزام في تنفيذ وتحقيق الأهداف , فالإفراط في الوعود دون تحقيقها قد يخلق جوا من انعدام المصداقية.
3. إنشاء جسور للتواصل بهدف تمديد الثقة في الآخرين بطرق متعددة كتفويض السلطة والمشاركة في وضع الأهداف وتنفيذها .
وختاما الثقة كلمة حروفها ثلاثة : ( الثاء) وتعني الثبات ، و( القاف ) وتعني قوةً دافعةً ، و(التاء المربوطة ) وتعني تكامل الأدوار .
ومن هنا فإنه يمكن القول : الثقة عملية تكاملية التأثير الاجتماعي على الآخرين فوجودها يمنح القوة في الإقناع , و يحقق الثبات والقناعة في ضرورة القيام بالأعمال الموكلة إلينا حتى وإن كنا لا ندرى عنها الكثير.
د/غادة حمزة الشربيني
مستشار بعمادة التطوير الأكاديمي والجودة