لا يا قلبي لا تبكِ
لا يا قلبي، لا تحيرني في بحر الأسى، اترك لي متسعًا من الأمل، أجوب عبر نسماته إلى حيث الجمال، سينطلق مني وإلى أمثالي ممن يكنون لي احترامًا وودًّا صادقًا؛ لأني واسيت فيهم ذاك الدمع اللامع من عيون لطالما كتبت عنها الكثير من صميم الفؤاد، أوَليس الفرق بينكما أن القلب أوسع في ضم الإحساس والشعور بطاقية الفؤاد؟
وإني لأرجو من العلي القدير أن يثبت قلبي كما جاء: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ﴾ [القصص: 10].
لا تقلب يا قلبي مواجع أخفيت العمق من القضية الأم ليوم أكون فيه على أتم الاستعداد أن أقول الحقيقة.. لا تؤلمني بداخلي، فيكفيني أني أتألم كلما تحيرت في نبضك لمن واسيتهم يومًا وأيامًا حتى ألفوا رنة الإحساس مني أني على صدق الانتفاضة لغيري لا أبغي انتهاكًا لحرمتك في أجساد الغير.. فلا تُعِد على لساني قولاً أو ذكرًا إلا ذكر الله، وكلك يا قلب إمداد لي بدم الحياة حينما تخشع يا قلب في انحناءة صلاتي، فتتحير لطول سجودي، وشكرًا لعبراتي التي واستني في تذللي لله.. لست نادمة على أي شيء سوى أني أتعبتك يا قلبي وأنا أفتح باب الطيبة منك لمن أضر بك اليوم، فلا تبكِ، عما قريب ستطرب لفرحي.
فإن كان بالأمس انطلق الصدى من روحي، فاليوم سينطلق الندى منك في استقامة لهامة الشرفاء.. شرفاء الأحرار من وسِعوا الدنيا جمالاً ولحنًا ورقة وتفاؤلاً برغم كل مكابدات الزمن والأحداث التي أتعبت كاهلي.. لكن لحظة مودة هي لحظة جميلة، وحتى لو أنها وردة، فهي ليست قليلة بالنسبة لي، والابتسامة أجمل وسامة، إذًا اتركني يا قلبي أعيش لأعلم معنى حروف الخير، وأرسم كلمة حب على رمال الشط الذهبية، في أني هكذا اجتهدت وسهرت وصبرت ونلت بقبضة يدي شرف النجاح بأحلى امتياز.
إذًا يا جوهرة صدري، لا تبكِ علي؛ فأنا أعي ميزان التحمل لدي، ولست أحمِّلك ما لا تطيق؛ لأن لي زادًا هو رصيدي في المقاومة، إنها صلابتك يا قلبي.. فلا تبكِ، وإني في مسيرة الإبداع بفنيات النصر في تميز، هو هدفي.. هو برنامجي في هذه الحياة.
ثِقْ يا قلبي أن الإبداع له ذبذبات الإعجاب، لا يتقنها أي كان، سوى من كان في صدره قلب أبيض، وإني في متعة من على زورق الارتحال في معية الله، لن أقول الآه بعد اليوم؛ لأني في شوق أهديه لك يا قلبي، ولست أقطع عنك حبائل الأمان بعد أن وجدت برد اليأس بين جوانحي، فأبدلت دمعة الألم بدمعة فرح لأغني على حل وترحال.. فالحل في أن لا مشكلة تعيق شرود روحي إلى حيث الهناء، والارتحال طبعًا مع البحر والشمس والطيور الجميلة.. فالأمواج ألفت مني تطلع قامتي ضد غضب التمرد من اصطدام العنف بصخري، فالكل منكسر، ولست بخائفة من محاولات الغيض، قلبي لا تبكِ فتبكيني، وإني في تساؤل إن كان يصح أن يمتزج دمع الحزن مع الفرح؟!
لا لا تبك فتتعبني في بكائي.. لست أقدر على أن أطيل الشرود وأحبابي بانتظار ابتسامتي الآملة.. لا لا تبك فتحيرني وتحير ذاكرتي في أن تتذكر من رحلت عني بموت كتبه القدر لتتركني وحدي أجوب شوارع الدنيا في تيهٍ مني أحيانًا، وإني لأحمل على كاهلي أمانة الفرحة، إذًا اتركني أنتفض فرحًا وسرورًا وحُبورًا؛ لأني أستحق أن أفرح بعد طول معاناة.. معاناة القلب الجريح ... فلا تفكرني فيمن تمنيت حضورها لفرحتي..