بقلم : جمال الشاعر
إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا..
جاء في حكم وقصص الصين القديمة أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال
له: امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا علي
قدميك.. فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون.. سار مسافة طويلة
فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها.. ولكنه غير رأيه
وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد.. سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن
يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه.. لكنه تردد مرة أخري وقرر مواصلة السير
ليحصل علي المزيد والمزيد.. ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبدا.. فقد
ضل طريقه وضاع في الحياة, ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك
الشديد.. لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية.
النجاح الكافي صيحة أطلقتها لوراناش وهوارد ستيفنسون.. يحذران فيها من
النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا للمزيد دون أن
يشعر بالارتواء.. من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب ويقاوم الشهرة
والأضواء والثروة والجاه والسلطان.
لا سقف للطموحات في هذه الدنيا.. فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول
نكتفي بهذا القدر.. ونواصل الإرسال بعد الفاصل.. بعد فاصل من التأمل
يتم فيه إعادة ترتيب أولويات الأجندة..
الطموح مصيدة.. تتصور إنك تصطاده.. فإذا بك أنت الصيد الثمين.. لا
تصدق؟!.. إليك هذه القصة..
ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة ووضعها في حقيبته
ونهض لينصرف.. فسأل الآخر: إلي أين تذهب؟!.. فأجابه الصديق: إلي
البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني.. فرد الرجل: انتظر لتصطاد
المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي.. فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك؟!..
فرد الرجل.. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه:
ولماذا أفعل هذا؟.. قال له كي تحصل علي المزيد من المال.. فسأله
صديقه: ولماذا أفعل ذلك. فرد الرجل: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في
البنك.. فسأله: ولماذا أفعل ذلك., فرد الرجل: لكي تصبح ثريا..
فسأله الصديق: وماذا سأفعل بالثراء؟! فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام
عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك..
فقال له الصديق العاقل هذا هو بالضبط ما أفعله الآن و لا أريد تأجيله
حتي أكبر ويضيع العمر.. رجل عاقل.. أليس كذلك!!
يقولون المستقبل من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة, ولكن الإنسان ـ كما يقول
فنس بوسنت ـ أصبح في هذا العالم مثل النملة التي تركب علي ظهر الفيل..
تتجه شرقا, بينما هو يتجه غربا.. فيصبح من المستحيل أن تصل إلي ما
تريد.. لماذا لأن عقل الإنسان الواعي يفكر بألفين فقط من الخلايا, أما
عقله الباطن فيفكر بأربعة ملايين خلية.
وهكذا يعيش الإنسان معركتين.. معركة مع نفسه ومع العالم المتغير
المتوحش.. ولا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا.
يحكي أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدي أحكم رجل في
العالم.. مشي الفتي أربعين يوما حتي وصل إلي قصر جميل علي قمة جبل.. وفيه
يسكن الحكيم الذي يسعي إليه.. وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا
من الناس.. انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره.. انصت الحكيم بانتباه
إلي الشاب ثم قال له: الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل
القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين.. وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتي ملعقة
صغيرة فيها نقطتين من الزيت: امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن
ينسكب منها الزيت.
أخذ الفتي يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتا عينيه علي الملعقة.. ثم رجع
لمقابلة الحكيم الذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟..
الحديقة الجميلة؟.. وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟.. ارتبك
الفتي واعترف له بأنه لم ير شيئا, فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت
من الملعقة.. فقال الحكيم: ارجع وتعرف علي معالم القصر.. فلا يمكنك
أن تعتمد علي شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه.. عاد الفتي يتجول في
القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة علي الجدران.. شاهد الحديقة
والزهور الجميلة.. وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأي.. فسأله
الحكيم: ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟.. نظر الفتي إلي
الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا.. فقال له حكم الحكماء:
تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع
الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتي مغزي القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء, وقطرتا
الزيت هما الستر والصحة.. فهما التعويذة الناجحة ضد التعاسة.
يقول إدوارد دي بونو أفضل تعريف للتعاسة هو انها تمثل الفجوة بين قدراتنا
وتوقعاتنا..
اننا نعيش في هذه الحياة بعقلية السنجاب.. فالسناجب تفتقر إلي القدرة
علي التنظيم رغم نشاطها وحيويتها.. فهي تقضي عمرها في قطف ثمار البندق
بكميات أكبر من قدرتها على الاستهلاك.. فتأكل بعضه.. ثم تخبئ الكميات
الباقية وتدفنها في مخابئ ثم تنسى أماكن هذه الحفر.. وتذهب لتعيش عبثية حفر
كينز التي أصبحت علامة علي من يعيش في عبثية لا نهائية.. يحفر ثم
يردم.. ولا يحصل بعد كل هذا العذاب.. لا علي البندق ولا علي قشر البندق
حتي.
ألا توافقني بأنها حقا.. عقول من النوع السنجابي!!
إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا..
جاء في حكم وقصص الصين القديمة أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال
له: امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا علي
قدميك.. فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون.. سار مسافة طويلة
فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها.. ولكنه غير رأيه
وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد.. سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن
يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه.. لكنه تردد مرة أخري وقرر مواصلة السير
ليحصل علي المزيد والمزيد.. ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبدا.. فقد
ضل طريقه وضاع في الحياة, ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك
الشديد.. لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية.
النجاح الكافي صيحة أطلقتها لوراناش وهوارد ستيفنسون.. يحذران فيها من
النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا للمزيد دون أن
يشعر بالارتواء.. من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب ويقاوم الشهرة
والأضواء والثروة والجاه والسلطان.
لا سقف للطموحات في هذه الدنيا.. فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول
نكتفي بهذا القدر.. ونواصل الإرسال بعد الفاصل.. بعد فاصل من التأمل
يتم فيه إعادة ترتيب أولويات الأجندة..
الطموح مصيدة.. تتصور إنك تصطاده.. فإذا بك أنت الصيد الثمين.. لا
تصدق؟!.. إليك هذه القصة..
ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة ووضعها في حقيبته
ونهض لينصرف.. فسأل الآخر: إلي أين تذهب؟!.. فأجابه الصديق: إلي
البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني.. فرد الرجل: انتظر لتصطاد
المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي.. فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك؟!..
فرد الرجل.. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه:
ولماذا أفعل هذا؟.. قال له كي تحصل علي المزيد من المال.. فسأله
صديقه: ولماذا أفعل ذلك. فرد الرجل: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في
البنك.. فسأله: ولماذا أفعل ذلك., فرد الرجل: لكي تصبح ثريا..
فسأله الصديق: وماذا سأفعل بالثراء؟! فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام
عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك..
فقال له الصديق العاقل هذا هو بالضبط ما أفعله الآن و لا أريد تأجيله
حتي أكبر ويضيع العمر.. رجل عاقل.. أليس كذلك!!
يقولون المستقبل من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة, ولكن الإنسان ـ كما يقول
فنس بوسنت ـ أصبح في هذا العالم مثل النملة التي تركب علي ظهر الفيل..
تتجه شرقا, بينما هو يتجه غربا.. فيصبح من المستحيل أن تصل إلي ما
تريد.. لماذا لأن عقل الإنسان الواعي يفكر بألفين فقط من الخلايا, أما
عقله الباطن فيفكر بأربعة ملايين خلية.
وهكذا يعيش الإنسان معركتين.. معركة مع نفسه ومع العالم المتغير
المتوحش.. ولا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا.
يحكي أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدي أحكم رجل في
العالم.. مشي الفتي أربعين يوما حتي وصل إلي قصر جميل علي قمة جبل.. وفيه
يسكن الحكيم الذي يسعي إليه.. وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا
من الناس.. انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره.. انصت الحكيم بانتباه
إلي الشاب ثم قال له: الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل
القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين.. وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتي ملعقة
صغيرة فيها نقطتين من الزيت: امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن
ينسكب منها الزيت.
أخذ الفتي يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتا عينيه علي الملعقة.. ثم رجع
لمقابلة الحكيم الذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟..
الحديقة الجميلة؟.. وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟.. ارتبك
الفتي واعترف له بأنه لم ير شيئا, فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت
من الملعقة.. فقال الحكيم: ارجع وتعرف علي معالم القصر.. فلا يمكنك
أن تعتمد علي شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه.. عاد الفتي يتجول في
القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة علي الجدران.. شاهد الحديقة
والزهور الجميلة.. وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأي.. فسأله
الحكيم: ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟.. نظر الفتي إلي
الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا.. فقال له حكم الحكماء:
تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع
الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتي مغزي القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء, وقطرتا
الزيت هما الستر والصحة.. فهما التعويذة الناجحة ضد التعاسة.
يقول إدوارد دي بونو أفضل تعريف للتعاسة هو انها تمثل الفجوة بين قدراتنا
وتوقعاتنا..
اننا نعيش في هذه الحياة بعقلية السنجاب.. فالسناجب تفتقر إلي القدرة
علي التنظيم رغم نشاطها وحيويتها.. فهي تقضي عمرها في قطف ثمار البندق
بكميات أكبر من قدرتها على الاستهلاك.. فتأكل بعضه.. ثم تخبئ الكميات
الباقية وتدفنها في مخابئ ثم تنسى أماكن هذه الحفر.. وتذهب لتعيش عبثية حفر
كينز التي أصبحت علامة علي من يعيش في عبثية لا نهائية.. يحفر ثم
يردم.. ولا يحصل بعد كل هذا العذاب.. لا علي البندق ولا علي قشر البندق
حتي.
ألا توافقني بأنها حقا.. عقول من النوع السنجابي!!