حتى ولو....
لو في طول العام من سنة كنت تائها لوحدك... و لم يكن معك دليل.. لو في الثانية من ساعة يدك خفق نبض قلبك أسى وحزنا لما آل إليه مصيرك.. ماذا كنت ستفعل؟.
لو في رمشة عينيك تأسفت فيها لمن غدروا بك وبطموحك.. لو في ومضة برق انتفضت ضد أساليب الاهانة... لو في قفزة رفض من صلب جسدك أعلنت فيها عن التحرر..
هل حقا ستتوه؟.
لو في يوم من الأيام أذنبت ذنوبا كثيرة وكثيرة وظلت تدعو الله وتلح في الدعاء تكبيرا وحمدا واستغفارا.. وفيك كل الإيمان بصدق أن الله لن يخذلك.. ولو كان فيه رحيل منك عن انقطاع الرجاء ممن أحببتهم بصدق.. هل فعلا ستندم على كل ما قمت به؟.
لو في دنيا السخرية أظلم ليلك طويلا وطال صمتك في الظلمات صبرا لما آلت إليه مسيرتك..
لو في صبح التطلع إلى هناك أين يوجد أفق أملك.. ترى أي إجابة ستكفكف دموع محنتك؟
وعدا لن تنكسر، وأكيد لن يتحطم ما خططت له ولن ينهار هرم شموخك.. إن شاء الله ستجد الطريق.. لأن الله يشعر بك.
لو قلت يا الله بصوت الصراخ المتألم سيسمعك ولو من بعيد ويحن عليك ويرفق بك ويشفي ألمك وجرحك.. مهما طال زمن العذاب و الشكوى إليه.
إن شاء الله سيتحقق الحلم الذي كان بالأمس فكرة.. فلو اجتمع الإنس والجن على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد قدره الله عليك.. ولو التف حولك مجانين العالم من مرضى القلوب ليحولوا عبقريتك غباءًا متناثرًا، و يقيدوا يديك حتى لا تتسلق العالي من السفلي.. أبدا لن يقدروا.. ولو بعثروا لأجل ذلك أوراق رسالتك في شوارع التيه والضياع.. قسما لن تضيع خطوات كفاحك..
إن شاء الله سينتشلك الله من وسط طوفان الغدر.. حتى ولو خاف قلبك أن يتوب من كثرة المعاصي والأخطاء.. حتى ولو ارتجفت عيناك من كثرة الضعف والوهن.. حتى ولو سقطت أرضا استسلاما لاستماتة المقاومة.. حتى ولو حاولت النهوض من انحناءة ظهرك رفضا لموت المذلة في صعوبة للنهوض.. حتما ستنهض من كبوتك..
إن شاء الله سيمتد عودك بمعونة الله و قدره.. إن شاء الله سترتفع قامتك إلى أعلى.
لكنك لو أردت الاستسلام من باب الخوف والتولي.. أو ركنت لمن أرادوا منك كيانا مدمرا..
ولو أعطيت لصناع الفشل فرصة ليهزموك، ولو رضيت بالحمل المزيف فوق ظهرك ثقلا طوال عمرك.. صدقا و أكيد لن تنتصر.. ولن تنجح ولن تتفوق.. فكم من لو فتحت باب الشيطان، فكان الانهزام.
ولكن باختيار العزيمة ستخلط كل الحسابات وتضلل كل النوايا وتفقد كل عزائم القطيعة...
ولك كان تترك نفسك عزيزة عليك يا مؤمن ولا تركن للو التنكر، فكم من لو لوت ذراعك وكبلت يديك وصممت أذنيك في أن لا تسمع كلمات التشجيع.. لكنك إن قلت يا الله لن تشعر بلو الشك والظنون.. بل ستسمع لصرخة اليقين في أنك لجأت إلى الله فهو كافيك وحاميك وناصرك.
فلك أن تختار يا مؤمن بين عزم الإصرار ولو الضعف.. ولست أخالك ستختار الثانية لأنك إلى الله أفضل وأقوى من المؤمن الضعيف.. فقط لا تعطي فرصة للو العاطفة الحانية وقت الحاجة إلى الانتصار حتى لا تقع مرة ثانية في نفس الخطأ.. فإن كان القانون لا يحمي المغفلين فبإمكان لو الشيطان أن تقتلك موتا بطيئا وأنت لا تدري.. ومن ثم لن ترحمك لو الغفلة.. فكن بالله متيقنا وبالرسول مقتديا ولن يكون للو الشك مكان في قلبك الخاشع.. فالله هو القوي المتين الرحمان الرحيم ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109]، فلو كانت البحار مدادا لكلمات الله لنفذ وانتهى مائها ولكن تبقى كلمات الله لا يفنيها شيء ولا أحد يقدر على ذلك.. لأنه الواحد الأحد فوق كل شيء و ليس كمثله شيء.