مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/01/06 16:47
ربي ما أعظمك
 
ربي...ما أعظمك
 
هي حياة النبض..هي عبادة التوحيد على لساني و على لسان أي واحد يحمل اسم مسلم ..كم لي من التأوهات حول إقرار العبودية لله الواحد الأحد...
في سلاسل جبال العلو كان بديع الشموخ على الأرض و في سماء الصفاء كان سرب الطير في أغانيه  يغدو بتغاريد جميلة  انك الواحد الأحد...رب كل شيء و فوق كل شيء.
في تسع و تسعون اسما كان التهليل بدءا بالرحمان و ختاما  بالصبور ، فكان بين الرحمة و الصبر قيوم الاستجابة و كان الوعد في إحصاء هذه الأسماء دخول الجنة ، فالعرض بسيط و الثواب كبير جدا لا تحصيه عقولنا..
كان في " و إذا مرضت فهو يشفيني"..حنان و رأفة و براء من الداء و كان في " ان في اختلاف الليل و النهار وما خلق الله في السموات و الأرض لآيات لقوم يتقون" ترجمان للتقوى في حسن الصنيع و انسجام الإبداع ، ثم كان في " أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون" تأكيدا بلغة الاختبار إن كان لمن يخلق شبه لمن لا يخلق ، و بإفراد الخشية في جمال الكون شهادة أنه  الخالق البارئ المصور ، ثم كان في قوله " و من آياته خلق السماوات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم ، إن في ذلك لآيات للعالمين و من آياته منامكم بالليل و النهار و ابتغاؤكم من فضله ، إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" ..تمام الوصف في اللسان و اللون و من ثم سبات الليل و فضل النهار سمع للمدركين تدرجا..
هل يبدو أمر الإعجاز هين أمام خالق كل شيء و هل يرد الاستثناء و لو احتمالا؟.
لو تطوعت كل الكلمات لإحصاء هذه النعم عددا سيكون منها التطوع فقط و لن يكون الإحصاء بدا و مرادا..و لو التحمت دموع العيون خشية و رهبا ، فلن تكون الكفاية بسجية الدمع على خدود اللين و الخنوع لعظمته.. 
سآخذ نفسا طويل المدى ، لأن الموقف يربكني و يشعرني بعجلتي و ضعفي في من كانت من بني جنسي الآدمي صفات عدم التمام و الكمال ، فالكمال له و التمام لعظمته..
لوحت في العمق حتى ازداد خشوعا فكان ندى عرقي يبلل جبهتي و يؤرق صفو نومي، فرحت ألزم الصمت إعجابا و انبهارا و من ثم إسقاط التذلل مني على ركبتي من أني لرحمتك يا الله أقع ارضا في كل هزة خوف و خشوع..فلرحمتك أتوق و لعفوك أتشوق و لحماك أبغي بعدا آخرا بكل جوانحي في أن تغفر لي و تهون علي عذابك..و لأعبر عن حبي لك فحبي من غيرك عفو متأخر في مناسبة الاستغفار..و لأعبر لك عن حبي يا قوي يا متين و لو أني لا اعرف التعبير رحت أجمع الحرف و سجع التوبة بأنين البكاء في أني يا رب من غير عفوك أنا عدم ، لذلك بدأت بالدعاء طمعا في نورك و ضيائك..كانت كلمات تندفع من بين أضلعي لترسم الطلب في جملة ذرات خلايا جسمي حتى أشعر بصدق لساني و بقوة حرفي...
ما أحلاها من صورة و أنا أشاهد أكف الناس تتطلع إلى ما فوق وقت كل صلاة كل في صلاته و تسبيحه يرجو عفوك ،و ما أروعه حجاب الصبايا يلف اذقان الطفولة و في حجر البراءة مصحف يشير للفطرة ،كان لامتزاج البراءة مع صدق الديانة حديث  أكيد بفرض التقديس لأسمى دين ، فخوفك يا الله يبدأ من الصغر و قبل النطق في الكلام و خوفك ينتهي في التلفظ بالشهادة لآخر لحظة في الحياة عند وداع الدنيا.
...هي رسالة الوجودية تبدأ بالتوحيد و تنتهي بالتوحيد و فيما بينهما رجاء و طاعة و عودة إليك في كل وقت...ما أعظمك يا الله.
ما أعظمك ..لما كان الوحي يوحى لأنبيائك و رسلك لتبليغ أمرك فكان القبول و الانقياد طوعا و ليس كرها في إمعة مخلصة طاهرة نقية نقاوة السريرة المؤمنة ،و كان لما يكون الفشل في المأمورية يكون الرجوع بين يديك في وقفة  توبة واستذكار ، فكان منك العفو و الصفح الجميل ..فواصلي في كل مرة هي .. ما أعظمك..
حينما أقرأ و اسمع عن  الحي يخرج من الميت و الميت من الحي إما في تعبير ميلاد جديد أو حياة  بعد يأس تبرز في مشاهدي قوة التصميم على الحياة بعد الانتهاء  ، ل
م تكن معادلة معقدة و لا مفارقة مغلطة بل كن فيكون من كانت تدير الكون..
ما أعظمك..لما تحفت فطرتنا  بالحظوة الكبرى بديانة إسلامية عريقة و لغة قرآن عربية لم يحظى يها غيرنا من الأجناس البشرية..ما أعظمك لما ألفت بين قلوبنا و لو من بقاع أرض مختلفة بنواح غير متشابهة ، فلم يكن الفرق بين عربي و لا أعجمي و لا ابيض و لا أسود إلا بالتقوى.
ما أعظمك ، لما استغرب الجن لكلامك في انه قرآنا عجبا لم يترك شيئا إلا عدده و لا كبيرة و لا صغيرة إلا احصاها..قرآن لا ريب فيه من رب العالمين..
ما أعظمك نحرم فتعوضنا، ففيك العوض و منك العوض ..نخطئ فتعفاو عنا ففيك السماحة و منك الحلم..ننسى فتذكرنا ، ففيك الأمل و منك العطاء، نمرض فتشفينا ..ففيك الرجاء و منك التكلان، ننهزم فتنصرنا ، ففيك السلام و منك الثبات ،نضعف فتقوينا ففيك المدد و منك السؤدد ،نحزن فتفرحنا ، ففيك القناعة و منك الولاء .. هو مرادنا يتحقق  بالعودة إليك و الخشوع في طلبك...فما أعظمك..
سخرت لعبدك كل شيء ليعبدك ، فكان من العبد التقصير و الغفلة و مع ذلك تعفو عنه ،يختلف الناس فيما بينهم و قد لا يتسامحون ، لكنك تسامح من نسى أن يستغفرك أو يسبحك أو حتى يذنب ذنبا .
فما أعظمك بعدد نجوم السماء ،ما أعظمك بعدد تسبيح دواب البحر ،ما أعظمك بعدد آهات المستغفرين بالأسحار،ما أعظمك بعدد وريقات الشجر على الأرض و من أعلى الأرض  ، ما أعظمك بعدد رمشات عيون البشر في كل عالمك، ما أعظمك بعدد تسبيح أصابع أيادي البشر ..


ربي...حقا..و صدقا..و أبدا ما أعظمك..
  
 
 
 

مقالات اخرى
أضافة تعليق