أ. غالب يونس
إنها الصدمة، بل هى الصاعقة التى صعقت عبدة النار المجوس وأدخلتهم فى الإسلام، ولعلنا نقف على تلك الحادثة بكثير من التأمل، وذلك عن قصد منا؛ لأن ما حدث للفرس، بنهاوند 19هج لما سقطت فارس فى عهد عمربن الخطاب رضى الله عنه تحديداً، هو السبب الرئيس الذى جعل التحالف اليهودى الفارسى يضرب ضربته فى جسد الأمة، وهو داخلها، وذلك حين يُنشئ مذهب (التشيع) ومن ثم يتدرج حتى يتحول المذهب من فكرة دينية تحمل حباً وولاءً لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، لتصير بمرور الزمن عقيدة أخرى شاذة، لا علاقة لها بالإسلام إلا فى الظاهر والعلن.
من هنا كان الحقد الفارسى اليهودى، ليس مُنصبّاً على عمر بن الخطاب فحسب بل طال الحقد من سبقه (الصديق رضى الله عنه) ومن أتى بعده (عثمان بن عفان رضى الله عنه) ذلك أن عهد الخلفاء الثلاثة، هو عهد زوال كل من استعبد العباد وتجرأ على الله، وكان فى مقدمهم الفرس وأعوانهم اليهود، إلا أن مصيبة الفرس كانت فادحة، فقد زالت دولتهم نهائياً، وتحولوا فى عهود الخلفاء الثلاثة إلى أتباع وموالى، وكان منهم السبايا والأرقاء والخدم، بعد أن كانوا ملوكاً وأسياداً، من هنا كان العداء الدفين.
ويصف هذه الحالة العلامة الشهيد « إحسان إلهى ظهير » بقوله تحت عنوان ((سبب انتشار التشيع فى إيران وبغضهم الصحابة : ولما افْتُتحت إيرانُ على يد الفاروق الأعظم، ومَزَّق جموعها، وكسر شوكتها، وهدم ملوكيتها نقم أهل إيران على الفاروق ورفقته وجنوده لِمَا جُبِلُوا على المملوكية وأُشربوا حُبَّها، فوجد اليهود فارس مزرعة خصبة لغرس بذور الفتنة فيها، وكان من الاتفاقات أن ابنة (يَزدُجرد – ملك إيران) «شهربانو» زُوِّجت من حسين بن على – رضى الله عنهما – بعدما جاءت مع الأسـارى الإيرانـيين، فلما دَبَّر اليهود لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين عثمان بن عفان رضى الله عنه وتَتَرَّسُوا بعلىّ رضى الله عنه بدون إذن منه ومعرفة، وادعوا الولاية والخلافة لعلى وأولاده رضوان الله عليهم أجمعين، يعاونهم أهل إيران نقمةً على الفاروق ورفقته، وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الذين فتحوا إيران، وعثمان الذى وسَّع نطاق الفتوحات الإسلامية، وأقام اعوجاجهم، ونفى بغاتهم، وخاصة بعدما رأوا أن الدم الذى يجرى فى عروق على بن الحسين، الملقب بزين العابدين وفى أولاده دم إيرانى من قبل أمه « شهربانو ابنة يزدجرد » ملك إيران من سلالة الساسانيين المقدسين عندهم.
فلأجل هذا دخل أكثر أهل فارس فى الشيعية لما يجدون فيها التسلية بالسباب على الصحابة رضوان الله عليهم، وعمر، وعثمان، فاتحى إيران، ومطفئى نار المجوسية فيها، ومن هناك اتفقوا مع اليهودية الماكرة، ولأجل هذا اتحدوا معهم وسلكوا مسلكهم، ونهجوا منهجهم )) كتاب السنة والشيعة ص52/ إحسان إلهى ظهير
ويقول المستشرق الإنجليزى ( براؤون ماسيو فى كتابه/ إيران والتشيع ) الذى سكن إيران مدة طويلة، ودرس تاريخها دراسة وافية، ضافية، يقول فى صراحة: « من أهم أسباب عداوة أهل إيران للخليفة الراشد، الثانى، عمر، هو أنه فتح العجم، وكسر شوكته، غير أنهم (أى أهل إيران) أعطوا لعدائهم صِبغة دينية، مذهبية، وليس هذا من الحقيقة بشىء »
ووضَّح فى مقام آخر أكثر من هذا وقال: « ليس عداوة إيران وأهلها لعمر بن الخطاب بأنه (عمر) غصب حقوق علىّ وفاطمة، بل لأنه فتح إيران وقضى على الأسرة الساسانية – ثم يذكر أبياتا فارسية لشاعر إيرانى ما نصها فى اللغة الفارسية:
(بشكست عمر بشت هزبران اجم را
برباد فنا داد ركك وريشه جم را
اين عريده بر غصب خلافت ز على نيست
با آل عمر كينه قديم است عجم را)
« يعنى أن عمر كسر ظهور أسود العرنين المفترسة، واستأصل جذور آل جمشيد (ملك من أعاظم ملوك فارس).
ليس الجدال على أنه غصب الخلافة من على، بل إن المسألة قديمة يوم فتح إيران »
ويقول: « إن أهل إيران وجدوا فى أولاد على بن الحسين تسلية وطمأنينة بما كانوا يعرفون أن أم على بن الحسين هى ابنة ملكهم «يزدجرد» فرأوا فى أولادها حقوق الملك قد اجتمعت مع حقوق الدين، فمن هنا نشأ بينهم علاقة سياسية، ولأجل أنهم (أهل إيران) كانوا يقدسون ملوكهم لاعتقادهم أنهم ما وجدوا الملك إلا من السماء ومن الله، فازدادوا فى التمسك بهم » ص35
وتواصل ذاك العداء وذات التحالف مع اليهود ليصل عبر الزمان لمحطة العصر .. فى ذاك المخطط المخطط الصهيونى،المرسوم والمنشور .. قبل أكثر من ستين عاماً ! والذى نفذه الغزاة الأمريكان فى 2003م على أرض العراق،بالتعاون مع الأحزاب الشيعية ذات الولاءات الإيرانية .. وبمباركة المرجعيات الشيعية ! وفى مقدمتهم آية الله السيستانى ( المولود سنة 1930م بمدينة شهد الإيرانية .. والفارسى الجنسية حتى هذه اللحظات )
فقد تحالف ( التشيع الصفوى الإيرانى ) مع الأمريكان والصهاينة،على تدمير العراق وتفتيته،والخلاص من القوة الأولى التى تخشاها الصهيونية فى المشرق العربى،ولتأجيج الصراع المذهبى بين الشيعة والسنة،وإننا على يقين من أن كثيرين من شيعة العراق،قد وقفوا موقف الرفض من الاحتلال الأمريكى فى 2003م وانخرط كثير منهم فى المقاومة المسلحة لهذا الاحتلال،ولهؤلاء الشيعة الوطنيين العروبيين المقاوميين – تراث وسلف وتاريخ – لعل أقربه إلى ذاكرة الحاضر هؤلاء الشيعة الذين شاركوا سنة 1920م فى الثورة الوطنية العراقية ضد الاحتلال الإنجليزى ( ثورة العشرين )
إن المأساة العراقية قد مثّلت أكبر الزلازل التى أصابت العلاقات الشيعية السنية منذ قرون .. فهناك أحزاب شيعية تكونت وتدربت وتسلحت فى ظل ولاية الفقيه الشيعية الإيرانية .. ثم تواطأت وتحالفت مع الأمريكان والصهاينة فى القضاء على قوة العراق ووحدته .. ثم عادت هذه الأحزاب مع الغزو الأمريكى للعراق 2003م ودخلت عمائم كبيرة وكثيرة .. ومعها الميليشيات التابعة لها .. إلى بغداد على ظهور دبابات الأمريكان وطائراتهم !
وهناك مراجع شيعية كبرى يقلدها الملايين من عامة الشيعة،صمتت صمت الرضا عن الغزو الأمريكى .. وأفتت بعدم المقاومة،فأفسح أنصارها الطريق وفتحوا أبواب الجنوب العراقى أمام جحافل الغزو الزاحفة من الكويت .
ومنذ اليوم الأول لاحتلال العراق،قام التنسيق الكامل والتعاون الدائم،بين هذه المراجع الشيعية الإيرانية،وبين سلطات الاحتلال .. لا ضد المقاومة السنية وحدها،وإنما أيضا ضد المقاومة حتى ولو كانت شيعية عربية .. من هنا برز التمايز فى داخل الصف الشيعى،بين ما يسمى ( بالتشيع الصفوى الإيرانى ) وبين ( التشيع العربى ) وقد مثّل ( بول بريمر ) الذى حكم العراق المحتل ما بين 12 مايو 2003م وحتى 28 يونيو 2004م المندوب السامى الأمريكى فى العراق،ولقد أنجز - خلال هذه الشهور الأربعة عشر – تدمير كل مقومات العراق،المادية والبشرية ..
والآن عبر الحوثيين حاول الإيرانيون وبالتحالف مع الأمريكان كما العراق حاولوا تحويل اليمن لولاية فارسية لاستهداف العروبة فى مقتل، حين يكون مصير الجنوب السعودى، ومنفذ باب المندب الحيوى لمصر فى قبضتهم .. لولا يقظة السعودية ومصر .. إذ كانت المفاجأة للحليفيين معاً هم والأمريكى المتوتر .. ساعة أعلن السفير السعودى فى الولايات المتحدة بدء عملية ( عاصفة الحزم ) الأمر الذى وضع الأمريكى فى مأزق خطير .. إما يعارضه فيتكشف للعالم العربى دوره فى تخريب المنطقة، حين يدعم عصابات الحوثى والإيرانى، والعملية سوف تتواصل رغماً عنه، فيخسر كل شيء .. وإما يتظاهر بمعرفته بها مسبقاً ويركب موجة الأحداث ويكسب ود المنتصرين العرب .. فاختار الأخيرة وباع الإيرانى الفارسى بثمن بخس، الأمر الذى دفع تركيا وقطر للحاق بضربة الحزم العربية تلك التى صار فيها الواقع يقول "لقد باءت محاولات الفرس الإيرانيين بالفشل، وها هى دورة الأحداث تأخذ طريقها صوب سقوط المخططات الشيطانية" .