طه خليفة
أكثر الأسماء بروزاً فيما يسمى الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب ’’النور’’ هو ياسر برهامي الذي يوصف بأنه نائب رئيس الدعوة السلفية. لم يسعدني الحظ لرؤية رئيس تلك الدعوة مرة واحدة يتحدث في الإعلام، فهل يحتكر ياسر الشاشات، هل يمنعها عن رئيسه، هل يظن أنه وجه إعلامي جذاب، نجم فضائي؟!. لا أعلم دوراً محدداً لهذا الرجل منذ برز على الساحة، دور برع فيه وقدم شيئاً مفيداً للمجتمع والسياسة والدين. من هو برهامي، ما دوره وعمله ووظيفته، فهذا يأتي استكمالا لمقالي هنا أمس عن فائدة حزب ’’النور’’ في الحياة السياسية، والإضافة التي يقدمها للحياة الحزبية، والقضية الرئيسية التي يتبناها ويدافع عنها، والمصالح المجتمعية التي يعبر عنها. واضح أننا أمام نتوء حزبي آخر بلا فاعلية حقيقية، مجرد رقم يضاف إلى عدد كبير من الدكاكين الحزبية رغم أن بدايته جاءت قوية ومبشرة وحصل على المرتبة الثانية في أول برلمان بعد ثورة 25 يناير والوحيد حتى الآن، وتوقعي أنه لن يحصد نتائج مماثلة في البرلمان القادم بعد أن انكشف الأداء الضعيف للإسلاميين، وانفصالهم عن الواقع الحياتي، وأن البراعة في تقديم خدمات اجتماعية في شارع أو حي أو قرية لا يكفي لإدارة دولة شديدة التعقيد والتنوع، وبعد أن ثبت أن رفع الشعار الديني مجرد لعب على المشاعر، وبالمقابل فإن التيارات المدنية تتشارك معهم في عدم القدرة على إدارة وبناء دولة، وهذه النتيجة البائسة حصيلة عقود من الحكم الشمولي والفردي انتهى إلى تصحر سياسي شامل في مصر. هل ’’النور’’ حزب وظيفي، نشأ بالإيحاء أو التوجيه، لأهداف معينة، ودوره أن يظهر ويختفي ويعلو وينخفض كلما استدعت الحاجة والضرورة لدى من يحركه من خلف الستار؟!. ياسر برهامي الأب الروحي لهذا الحزب، هل هو شيخ، داعية، فقيه، عالم، مجتهد، أم هو كل ذلك؟!. هل هو سياسي، مفكر، كاتب، مؤلف، ناشط، حقوقي، أم هو كل ذلك؟!. يُقال إنه طبيب، فأين عمله في الطب، هل يعمل في مستشفى، مستوصف، عيادة، أم اعتزل المهنة، لم نره يتحدث في الطب، ماهي مهاراته في الطب، ماذا قدم لخدمة المجتمع والبشرية في هذا العلم الحيوي؟!. هل ياسر برهامي هو كل ذلك في نفس الوقت، سوبرمان طرزان، ’’ سبع صنايع’’؟!. لست ضد برهامي، لكني مع الوضوح والتحديد، ولست مع اللعب على كل الأحبال، ولست مع الهرولة سراً إلى أحمد شفيق مثلا، والإنكار ثم الاعتراف بأنه ذهب إليه بعد أن حاصره الإعلام وضيق الخناق عليه، لماذا لم يذهب في وضح النهار، ويصطحب معه الكاميرات، فقد كان شفيق ينتظر إعلانه رئيساً، أم هو اللعب صباحاً مع الإخوان، والتسلل ليلا إلى شفيق، وقد استمرت اللعبة مع الإخوان، فلما أوشكت مركبهم على الغرق قفز ’’النور’’ منها إلى مركب 3 يوليو، وقبل ذلك كان الإخلاص للسلطة المباركية وأجهزة أمنها واعتبار 25 يناير خروجاً على الحاكم الشرعي الذي لا يجوز حتى لو كان ظالماً وقام بجلد الظهر، ثم حدثت الاستدارة الكاملة ناحية الثورة بعد نجاحها وقطف ثمارها في حزب سياسي صار رقماً مهماً في معادلة الحكم والسياسة ومجالاً للجذب بين الخصمين اللدودين الإخوان من جهة والقوى المدنية من جهة حتى مال ’’النور’’ إلى الكفة الراجحة ودخل بلاط السلطان الجديد ومازال مدللاً لليوم ولم تقترب السلطة من مساجده وجمعياته وأمواله وعناصره وأظن أن علاقته الجيدة مع السلطة ستستمر فهو من موالي السلطان في كل عصر وأوان. ولذلك ليس بمستغرب أنه طوال الأيام الماضية لا يتوقف عن طلب الجلوس مع المرشحين للرئاسة وخصوصاً عبد الفتاح السيسي الذي يتهيأ له القصر حتى يطرح الأسئلة عليهما ويدرس إجابتيهما ليقرر من يدعمه. كلنا يعرف مسبقا أنه سيدعم السيسي، وليس صباحي، فالسيسي هو من يوفر له الحماية، ولو رفع الغطاء عنه لتم الإجهاز عليه من فئات الاستئصال السريع بمدفعيتهم الثقيلة في الإعلام والسياسة والأجهزة وأرشيفه ملئ بالكوارث والفضائح منذ ظهر ذلك على الساحة سواء تتعلق بمواقف أو بأشخاص، بل إن كوارث الأب الروحي نفسه في غضون يومين فقط كفيلة بتجريس وتدمير الحزب ومن فيه لو أُضيئت الإشارة الخضراء للإعلام الذي يتوق للنهش. يوم الاثنين الماضي قرأنا فتوى برهامي بأن من هنأ مسيحياً باء بسخط الله، ويوم الأربعاء كانت فتواه بجواز ترك الرجل لزوجته تتعرض للاغتصاب لينجو هو بنفسه!. والفتوى الأولى لا معنى لها، ووقتها غبي، وهي لا تصدر عن رجل يفهم في الدين ويتحدث في السياسة ويُفترض أن يسعى حزبه للحكم، وإذا لم يكن لديه هذا السعي فما قيمة الحزب، وما عمله، فتوى تجدد الاحتقان والكراهية والطائفية مع مصريين آخرين شركاء في الوطن والمصير. لقد هب الأزهر والأوقاف والدولة والمواطنون لتهنئة المسيحيين في عيدهم بغض النظر عن مضمون ذلك العيد والرؤية الدينية له. وفتوى برهامي تطول السيسي لأنه ذهب بنفسه للكاتدرائية مهنئاً، وهو الضامن الوحيد تقريباً لبقاء ’’النور’’ على قدميه حتى اليوم. والفتوى الأخرى وبعد شرح برهامي لها في الفضائيات وشكواه من أنه تم نشرها مبتورة تصب في النهاية في نفس النتيجة وهي أن يترك الرجل زوجته وبالتبعية أي امرأة من بيته - أخته، أمه، ابنته، أو إحدى قريباته - للذئاب وينقذ نفسه إذا كان معرضاً للموت. هل هذا هو الإسلام، هل الإسلام يعلم المسلمين الجبن والنذالة والسفالة والانحطاط؟!. لا أنت شيخ ولا عالم دين حتى لو حصلت على ليسانس في الشريعة، فلا يكفي ذلك لتكون مفتياً، ولا أنت سياسي حتى لو كان هناك حزب تابع لك لأن سلوكك وتصرفاتك تكشف عن شخص هاو لا يتمتع بالحكمة ولا المسؤولية. ألم تكن ممارسة الطب والنجاح فيه أنفع لك، وأكثر إفادة للناس؟!.
المصريون
أكثر الأسماء بروزاً فيما يسمى الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب ’’النور’’ هو ياسر برهامي الذي يوصف بأنه نائب رئيس الدعوة السلفية. لم يسعدني الحظ لرؤية رئيس تلك الدعوة مرة واحدة يتحدث في الإعلام، فهل يحتكر ياسر الشاشات، هل يمنعها عن رئيسه، هل يظن أنه وجه إعلامي جذاب، نجم فضائي؟!. لا أعلم دوراً محدداً لهذا الرجل منذ برز على الساحة، دور برع فيه وقدم شيئاً مفيداً للمجتمع والسياسة والدين. من هو برهامي، ما دوره وعمله ووظيفته، فهذا يأتي استكمالا لمقالي هنا أمس عن فائدة حزب ’’النور’’ في الحياة السياسية، والإضافة التي يقدمها للحياة الحزبية، والقضية الرئيسية التي يتبناها ويدافع عنها، والمصالح المجتمعية التي يعبر عنها. واضح أننا أمام نتوء حزبي آخر بلا فاعلية حقيقية، مجرد رقم يضاف إلى عدد كبير من الدكاكين الحزبية رغم أن بدايته جاءت قوية ومبشرة وحصل على المرتبة الثانية في أول برلمان بعد ثورة 25 يناير والوحيد حتى الآن، وتوقعي أنه لن يحصد نتائج مماثلة في البرلمان القادم بعد أن انكشف الأداء الضعيف للإسلاميين، وانفصالهم عن الواقع الحياتي، وأن البراعة في تقديم خدمات اجتماعية في شارع أو حي أو قرية لا يكفي لإدارة دولة شديدة التعقيد والتنوع، وبعد أن ثبت أن رفع الشعار الديني مجرد لعب على المشاعر، وبالمقابل فإن التيارات المدنية تتشارك معهم في عدم القدرة على إدارة وبناء دولة، وهذه النتيجة البائسة حصيلة عقود من الحكم الشمولي والفردي انتهى إلى تصحر سياسي شامل في مصر. هل ’’النور’’ حزب وظيفي، نشأ بالإيحاء أو التوجيه، لأهداف معينة، ودوره أن يظهر ويختفي ويعلو وينخفض كلما استدعت الحاجة والضرورة لدى من يحركه من خلف الستار؟!. ياسر برهامي الأب الروحي لهذا الحزب، هل هو شيخ، داعية، فقيه، عالم، مجتهد، أم هو كل ذلك؟!. هل هو سياسي، مفكر، كاتب، مؤلف، ناشط، حقوقي، أم هو كل ذلك؟!. يُقال إنه طبيب، فأين عمله في الطب، هل يعمل في مستشفى، مستوصف، عيادة، أم اعتزل المهنة، لم نره يتحدث في الطب، ماهي مهاراته في الطب، ماذا قدم لخدمة المجتمع والبشرية في هذا العلم الحيوي؟!. هل ياسر برهامي هو كل ذلك في نفس الوقت، سوبرمان طرزان، ’’ سبع صنايع’’؟!. لست ضد برهامي، لكني مع الوضوح والتحديد، ولست مع اللعب على كل الأحبال، ولست مع الهرولة سراً إلى أحمد شفيق مثلا، والإنكار ثم الاعتراف بأنه ذهب إليه بعد أن حاصره الإعلام وضيق الخناق عليه، لماذا لم يذهب في وضح النهار، ويصطحب معه الكاميرات، فقد كان شفيق ينتظر إعلانه رئيساً، أم هو اللعب صباحاً مع الإخوان، والتسلل ليلا إلى شفيق، وقد استمرت اللعبة مع الإخوان، فلما أوشكت مركبهم على الغرق قفز ’’النور’’ منها إلى مركب 3 يوليو، وقبل ذلك كان الإخلاص للسلطة المباركية وأجهزة أمنها واعتبار 25 يناير خروجاً على الحاكم الشرعي الذي لا يجوز حتى لو كان ظالماً وقام بجلد الظهر، ثم حدثت الاستدارة الكاملة ناحية الثورة بعد نجاحها وقطف ثمارها في حزب سياسي صار رقماً مهماً في معادلة الحكم والسياسة ومجالاً للجذب بين الخصمين اللدودين الإخوان من جهة والقوى المدنية من جهة حتى مال ’’النور’’ إلى الكفة الراجحة ودخل بلاط السلطان الجديد ومازال مدللاً لليوم ولم تقترب السلطة من مساجده وجمعياته وأمواله وعناصره وأظن أن علاقته الجيدة مع السلطة ستستمر فهو من موالي السلطان في كل عصر وأوان. ولذلك ليس بمستغرب أنه طوال الأيام الماضية لا يتوقف عن طلب الجلوس مع المرشحين للرئاسة وخصوصاً عبد الفتاح السيسي الذي يتهيأ له القصر حتى يطرح الأسئلة عليهما ويدرس إجابتيهما ليقرر من يدعمه. كلنا يعرف مسبقا أنه سيدعم السيسي، وليس صباحي، فالسيسي هو من يوفر له الحماية، ولو رفع الغطاء عنه لتم الإجهاز عليه من فئات الاستئصال السريع بمدفعيتهم الثقيلة في الإعلام والسياسة والأجهزة وأرشيفه ملئ بالكوارث والفضائح منذ ظهر ذلك على الساحة سواء تتعلق بمواقف أو بأشخاص، بل إن كوارث الأب الروحي نفسه في غضون يومين فقط كفيلة بتجريس وتدمير الحزب ومن فيه لو أُضيئت الإشارة الخضراء للإعلام الذي يتوق للنهش. يوم الاثنين الماضي قرأنا فتوى برهامي بأن من هنأ مسيحياً باء بسخط الله، ويوم الأربعاء كانت فتواه بجواز ترك الرجل لزوجته تتعرض للاغتصاب لينجو هو بنفسه!. والفتوى الأولى لا معنى لها، ووقتها غبي، وهي لا تصدر عن رجل يفهم في الدين ويتحدث في السياسة ويُفترض أن يسعى حزبه للحكم، وإذا لم يكن لديه هذا السعي فما قيمة الحزب، وما عمله، فتوى تجدد الاحتقان والكراهية والطائفية مع مصريين آخرين شركاء في الوطن والمصير. لقد هب الأزهر والأوقاف والدولة والمواطنون لتهنئة المسيحيين في عيدهم بغض النظر عن مضمون ذلك العيد والرؤية الدينية له. وفتوى برهامي تطول السيسي لأنه ذهب بنفسه للكاتدرائية مهنئاً، وهو الضامن الوحيد تقريباً لبقاء ’’النور’’ على قدميه حتى اليوم. والفتوى الأخرى وبعد شرح برهامي لها في الفضائيات وشكواه من أنه تم نشرها مبتورة تصب في النهاية في نفس النتيجة وهي أن يترك الرجل زوجته وبالتبعية أي امرأة من بيته - أخته، أمه، ابنته، أو إحدى قريباته - للذئاب وينقذ نفسه إذا كان معرضاً للموت. هل هذا هو الإسلام، هل الإسلام يعلم المسلمين الجبن والنذالة والسفالة والانحطاط؟!. لا أنت شيخ ولا عالم دين حتى لو حصلت على ليسانس في الشريعة، فلا يكفي ذلك لتكون مفتياً، ولا أنت سياسي حتى لو كان هناك حزب تابع لك لأن سلوكك وتصرفاتك تكشف عن شخص هاو لا يتمتع بالحكمة ولا المسؤولية. ألم تكن ممارسة الطب والنجاح فيه أنفع لك، وأكثر إفادة للناس؟!.
المصريون