بقلم د. عبد العزيز السيد عبد العزيز
الحَدُ: الحاجزُ بين الشيئين، وحدُ الشيءِ منتهاهُ.
والخُلُقُ:(لغةً) بسكون اللام وضمها: السجيةُ، والخُلُقُ حالة للنفس رَاسِخةٌ تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية، والجمع: أخلاق.
وعلى ذلك فالأخلاقُ مجموعة من استجابات القبول والرفض في مواقف معينة توجه صاحبها إلى نمط معين من السلوك يصبح في الغالب سمة أو سجية يعرف بها صاحبها. والأخلاق مرتبطة بالجانب الانفعالي لا يحدها العقل، أو يضبطها الفكر.
ففي معلقة (عنترة بن شداد) يقول:
هَلاٌ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ *** إن كنتِ جاهلةً بما لم تعْـلميِ
يخبرك من شَهِدَ الوقيعةَ أنَني *** أغشى الوغى وأعِفُ عند المغْنَمِ
فأرى مغَانِمَ لو أشاءُ حَوَيتُها *** فيَصُدُنـي عنها الحَيَا وتَـكَرٌمي
فالأخلاق هنا(الحياء والتكرم) هي منبع السلوك وليس العقل أو المنطق، حيث استجابات القبول أو الرفض في النفس هي ما توجه للشجاعة والإقدام في الوغى رغم ما فيه من خطر وهلاك؛ وهي أيضاً التي تَصُدُ عن جمع المغانم.
ومن جانب آخر فالخلق نقطة وسط بين طرفين هما طرفي النقيض، وقربها من طرف يعني بعدها عن الطرف الآخر بنفس القدر؛ ومن هنا فللأخلاقِ حدٌ متى جاوزته صارت عدواناً، ومتى قصٌرت عنه كان نقصاً ومهانة.
فللغضب حدٌ، وهو الشجاعة المحمودة، والأنفة من الرذائل والنقائص، وهذا كماله، فإذا جاوز حدٌه تعدى صاحبه وجار، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل.
وللحرص حدٌ، وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها، فمتى نقص من ذلك كان مهانةً وإضاعةً، ومتى زاد عليه كان شرهاًً ورغبةً فيما لا يُحمد الرغبة فيه.
وللحسدِ حدٌ، وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره، فمتى تعدى ذلك صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومتى نقص عن ذلك كان دناءةً وضعف همة وصِغرُ نفسٍ، ففي الحديث النبوي الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم:’’ لا حسد إلا في اثنتين رجلاً آتاه الله مالاً فسلطه على هلكتهِ في الحق، ورجل آتاه الله الحكمةَ فهو يقضي بها ويعلمُها الناس’’. فهذا حسد منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود، لا حَسَدْ مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود.
والجود له حدٌ بين طرفين، فمتى جاوز حدهٌ صار إسرافاً وتبذيراً، ومتى نقَصَ عنه صار بخلاً وتقتيراً.
وللشجاعة حدٌ، متى جاوزته صارت تهوراً، ومتى نقصت عنه صارت جبناً وخوراً.
وحدٌ الشجاعة الإقدام في مواضع الإقدام، والإحجام في مواضع الإحجام؛ كما قال معاوية بن أبي سفيان لعمرو بن العاص رضي الله عنهما: أعياني أن أعرفَ أشجاعاً أنت أم جباناً، تُقدِمُ حتى أقول من أشجع الناس، وتَجبُنُ حتى أقول من أجبن الناس، فقال :
شُجاعٌ إذا أمكنتني فرصةً *** فإن لم تكن لي فرصة فجبانٌ
وللغيرة حدٌ، إذا جاوزته صارت تهمة وظناً سيئاً بالبريء، وإذا قصرت عنه كانت تغافلاً ومبادئ دياثة.
وللتواضع حدٌ، إذا جاوزه كان ذلاً ومهانة، ومتى قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.
وللعز حدٌ، إذا جاوزه كان كبراً وخلقاً مذموماً، وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.
وضابط هذا كلٌه العدل، وهو الأخذ الوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط ، ومن هنا قيل: خير الأمور الوسط.
د. عبد العزيز السيد عبد العزيز
أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد
جامعة الملك خالد
*تربيتنا
الحَدُ: الحاجزُ بين الشيئين، وحدُ الشيءِ منتهاهُ.
والخُلُقُ:(لغةً) بسكون اللام وضمها: السجيةُ، والخُلُقُ حالة للنفس رَاسِخةٌ تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية، والجمع: أخلاق.
وعلى ذلك فالأخلاقُ مجموعة من استجابات القبول والرفض في مواقف معينة توجه صاحبها إلى نمط معين من السلوك يصبح في الغالب سمة أو سجية يعرف بها صاحبها. والأخلاق مرتبطة بالجانب الانفعالي لا يحدها العقل، أو يضبطها الفكر.
ففي معلقة (عنترة بن شداد) يقول:
هَلاٌ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ *** إن كنتِ جاهلةً بما لم تعْـلميِ
يخبرك من شَهِدَ الوقيعةَ أنَني *** أغشى الوغى وأعِفُ عند المغْنَمِ
فأرى مغَانِمَ لو أشاءُ حَوَيتُها *** فيَصُدُنـي عنها الحَيَا وتَـكَرٌمي
فالأخلاق هنا(الحياء والتكرم) هي منبع السلوك وليس العقل أو المنطق، حيث استجابات القبول أو الرفض في النفس هي ما توجه للشجاعة والإقدام في الوغى رغم ما فيه من خطر وهلاك؛ وهي أيضاً التي تَصُدُ عن جمع المغانم.
ومن جانب آخر فالخلق نقطة وسط بين طرفين هما طرفي النقيض، وقربها من طرف يعني بعدها عن الطرف الآخر بنفس القدر؛ ومن هنا فللأخلاقِ حدٌ متى جاوزته صارت عدواناً، ومتى قصٌرت عنه كان نقصاً ومهانة.
فللغضب حدٌ، وهو الشجاعة المحمودة، والأنفة من الرذائل والنقائص، وهذا كماله، فإذا جاوز حدٌه تعدى صاحبه وجار، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل.
وللحرص حدٌ، وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها، فمتى نقص من ذلك كان مهانةً وإضاعةً، ومتى زاد عليه كان شرهاًً ورغبةً فيما لا يُحمد الرغبة فيه.
وللحسدِ حدٌ، وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره، فمتى تعدى ذلك صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومتى نقص عن ذلك كان دناءةً وضعف همة وصِغرُ نفسٍ، ففي الحديث النبوي الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم:’’ لا حسد إلا في اثنتين رجلاً آتاه الله مالاً فسلطه على هلكتهِ في الحق، ورجل آتاه الله الحكمةَ فهو يقضي بها ويعلمُها الناس’’. فهذا حسد منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود، لا حَسَدْ مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود.
والجود له حدٌ بين طرفين، فمتى جاوز حدهٌ صار إسرافاً وتبذيراً، ومتى نقَصَ عنه صار بخلاً وتقتيراً.
وللشجاعة حدٌ، متى جاوزته صارت تهوراً، ومتى نقصت عنه صارت جبناً وخوراً.
وحدٌ الشجاعة الإقدام في مواضع الإقدام، والإحجام في مواضع الإحجام؛ كما قال معاوية بن أبي سفيان لعمرو بن العاص رضي الله عنهما: أعياني أن أعرفَ أشجاعاً أنت أم جباناً، تُقدِمُ حتى أقول من أشجع الناس، وتَجبُنُ حتى أقول من أجبن الناس، فقال :
شُجاعٌ إذا أمكنتني فرصةً *** فإن لم تكن لي فرصة فجبانٌ
وللغيرة حدٌ، إذا جاوزته صارت تهمة وظناً سيئاً بالبريء، وإذا قصرت عنه كانت تغافلاً ومبادئ دياثة.
وللتواضع حدٌ، إذا جاوزه كان ذلاً ومهانة، ومتى قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.
وللعز حدٌ، إذا جاوزه كان كبراً وخلقاً مذموماً، وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.
وضابط هذا كلٌه العدل، وهو الأخذ الوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط ، ومن هنا قيل: خير الأمور الوسط.
د. عبد العزيز السيد عبد العزيز
أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد
جامعة الملك خالد
*تربيتنا