مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون
عدنان الحبيشي-الوفاق

لما نهى النبي لوط عليه السلام عن تلك الفاحشة البغيضة والمخالفة للفطرة والخارجة عن القيم والأخلاق بل تعدى هذا الأمر كله إلى أن وقعوا في الشذوذ الجنسي والعياذ بالله والذي يقول عنه أصحاب الفطر السليمة ’’ والله لو لا أن أمر اللواط ’’ الشذوذ الجنسي’’ ورد ذكره في القرآن لما صدّقت أن ذكراً يعلو ذكراً ’’قاله عبد الملك بن مروان.. ولا شك ولا ريب أن المعصية تقول أختي أختي ولذلك قال أحد الحكماء: (المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة) قال أبو حفص الحداد: (المعصية بريد الكفر)
وبعد هذه المعصية وانتشارها ازدادت الفطر انتكاساً فلم يعد هناك استحياء ولا خجل ولذلك كان جوابهم على لوط عليه السلام (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) لم يطيقوا سماع من ينهاهم عن منكرهم وفاحشتهم بل تطور الأمر عندهم إلى العدوان والوقوف في وجه الحق وزادوا في التبجح حتى بينوا سبب ذلك العدوان وهي الطهارة والعفة والأمر بها والنهي عن ضدها وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين
(إنهم أناس يتطهرون) قال قدوة المفسرين قتادة بن دعامة السدوسي في هذه الآية : عابوهم والله بغير عيب بأنهم يتطهرون من أعمال السوء وذموهم بغير ذم
وفي التفسير الواضح: يا للعجب يأمرون بإخراج لوط ومن آمن به من القرية لأنهم أناس يتطهرون!! يا للعجب العاجب. من الناس من ينقمون على إخوانهم ، لأنهم آمنوا بربهم ، ودعوا غيرهم إلى الدين الحق!!
قال الشيخ الشعرواي: هل الطهر والطهارة مبرر لإخراج آل لوط من القرية؟ . . طبعا لا . . ولكنه أسلوب تهكم واستنكار..
وعن ابن عباس في قوله : ? إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ? ، قال : يتطهرون من الرجال والنساء في أدبارهنّ . وقال مجاهد : من أدبار الرجال ، وأدبار النساء ، استهزاء بهم .
وكما أراد قوم لوط اخراج نبيهم من قريتهم لطهارته فقد دخل النبي يوسف عليه السلام السجن لا لذنب ولا لجرم ولكن لطهارته وعفته وبعده عن الفاحشة والزنا .. سبحان الله وهل العفة والطهارة سبب للسجن والعقوبة أو الطرد والإبعاد ،
وهي سنة قديمة قال تعالى: (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ، وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ ، وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ. )
وفي قصة أصحاب الأخدود كما قال تعالى : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) فليس لهؤلاء جميعاً ذنب إلا الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والإستثناء في قوله: إلا أن يؤمنوا بالله .. استثناء يوضح براءة المؤمنين من العيوب والمنكرات فهو كما قال أهل العلم من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قول القائل : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
لكنها السنن فهكذا يفعل المفسدون بالأولياء والأتقياء وكذا النفوس عندما يستحوذ عليها الشيطان
تتغير الفِطر وترتكس الأخلاق وتنتكس العقول وتمسخ وتعشعش عليها الشياطين فتتحول عندها الحسنات إلى سيئات ثم تستكبر أن يعيش المؤمن الطاهر المتعفف فتعمل على طرده وإخراجه
ليتفرد بالبقاء الفاسدون الممسوخون
قال الزمخشري : وقولهم إنهم أناس يتطهرون سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش ، وافتخارا بما كانوا فيه من القذارة ، كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم : أبعدوا عنا هذا المتقشف ، وأريحونا من هذا المتزهد وأهله ومن يختص به من ذويه أو من المؤمنين.
ويقول سيد قطب : وما كان جواب قومه إلا أن قالوا : أخرجوهم من قريتكم ، إنهم أناس يتطهرون»! يا عجبا! أو من يتطهر يخرج من القرية إخراجا ، ليبقى فيها الملوثون المدنسون؟! ولكن لماذا العجب؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة؟ أليست تطارد الذين يتطهرون ، فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية - وتسميه تقديمة وتحطيما للأغلال عن المرأة وغير المرأة - أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك ولا تطيق أن تراهم يتطهرون لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين؟!
ويقول محمد رشيد بن علي رضا :للنقص والرذائل دركات ، كما أن للكمال والفضائل درجات ، فأولاها أن يلم بالرذيلة وهو يشعر بقبحها ، ويلوم نفسه عليها ، ثم يتوب إلى ربه منها ، ويليها أن يعود إليها المرة بعد المرة مستترا مستخفيا ، ويليها أن يصر عليها ، حتى يزول شعوره بقبحها ، ويليها أن يجهر بها ، ويكون قدوة سيئة للمستعدين لها ، ويليها أن يفاخر بها أهلها ، ويحتقر من يتنزهون عنها ، وهذه أسفل الدركات ، وهي درجة قوم لوط ، ولا يهبط إليها من يؤمن بالله واليوم الآخر ، بل وصف الله المؤمنين بأنهم إذا عملوا السيئات يعملونها بجهالة ثم يتوبون من قريب ، وأنهم لا يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون .

من أمثلة تغير الفطر حديثاً

• علق أحد المصريين على تلك الصورة الرائعة للدكتور محمد مرسي وهو يؤم العلماء في القصر الرئاسي فقال نحن مش بحاجة إلى إمام نحن بحاجة إلى رئيس !! يعني ناس طبعت على أن لا يحكمها إلا الفاسدون ولعل من أن أسرد هذه القصة التي رواها أحد المفسرين(جلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يوماً وسلمان وكعب وجماعة رضي الله تعالى عنهم وعن جميع الصحابة فقال : أخبروني أخليفة أنا أم ملك ؟ فقال له سلمان رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين! إن جبيت درهماً من هذا المال فوضعته في غيره حقه فأنت ملك ، وإن لم تضعه إلا في حقه فأنت خليفة ، فقال كعب : رحمه الله تعالى! ما ظننت أن أحداً يعرف الفرق بين الخليفة والملك غيري ولكن الله ملأ سلمان علما وحلما وعدلا ..)
• من صور انتكاس العقول وارتكاس الأخلاق وتغير الفطر عندما شن كثير من اليمنيين وللأسف حملة شرسة على الشيخ الزنداني عندما قال الخلافة قادمة... هل حكم الإسلام جريمة أم انتكست الفطر عند هؤلاء القوم؟!
• عندما تجد أناس يطالبون بالعلمنة وتغيير الدستور حسب أهوائهم وعندنا الدستور الرباني القرآن الكريم لكن في الإيمان بالله خلل وعندما يأتي من يطالب بتحكيم شرع الله نصفه بالإرهاب
إنهم أناس يتطهرون يتشددون يترهبون يتزهدون يريدون تحكيم شرع الله تعالى يريدون خلافة إسلامية –ما أعظمها من جريمة- هل طلب إعادة الخلافة إسلامية جريمة تستحق
أخرجوا المطاوعة من يمنكم إنهم أناس يريدون تحكيم شرع الله .. هل تحكيم شرع الله جريمة تستحق طلب الإخراج أو التشويه .. لكنها الانتكاسة والزيغ وتغير الفطر

من اتصف بهذه الصفات فعليه مراجعة إيمانه..
أضافة تعليق