مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
د. محمد البلتاجي وشهادة لله وللوطن
د. محمد البلتاجي وشهادة لله وللوطن - ربما أغضبت كثيرين
بقلم د. عصام موسى

سكتُ فى أشهر مضت .. فما كان بينى وبين الرجل يخصنا سويا .. وشاء الله عزوجل أن نكوت على جبهتين مختلفتين ، هو فى قيادة الإخوان والحرية والعدالة بل وفي الدولة فى أخر عام ، وأنا فى حزب معارض بشراسة للإخوان ولسياستهم .

كان الرجل فى السلطة فسكت ..وفى الأمس القريب أصبح مطاردا مكلوما فى زهرة قلبه ( أسماء إبنته الوحيدة ) ، ومن ساعات قبض عليه ... فكان حق أن أكتب ، وللأسف حيث لن يقرأ صديق عمري لمدة تزيد عن ثلاثة وثلاثون عاما منها ثلاثة وعشرون عاما زمالة دراسة وعمل .

عرفت محمد البلتاجي ونحن نقف أمام شباك قبول المدينة الجامعية لطلاب كلية طب الأزهر بمدينة نصر ، لقد كنا أبناء الأقاليم القادمين من ربوع مصر ، فأنا من الغربية ومحمد من البحيرة ( لم يكن قد استقر على ما أظن بشبرا فيما بعد )

كان الكل يريد التعرف على أحد الثلاثة الأوائل بالثانوية الأزهرية (وأظنه كان الأول) كان حيى الوجه ، عذب الحديث ، لاتراه إلا مبتسما (حتى أنى لا أتذكر أنى رايته يوما غاضبا ) .

كان محمد منذ يومه الأول أحد رموز جماعة الإخوان فى الكلية بداية من عامه الأول ، وخلال أشهر ومع عقد أول إنتخابات لإتحاد الطلبة عام 1981 م ، أصبح محمد رمزا من رموز اتحاد طلاب كلية طب الأزهر ، بل وجامعة الأزهر كلها .

الغريب ؛ أنه برغم إنخراطه فى العديد من أنشطة الإتحاد (وكانت هذه الفترة هى الفترة الذهبية لإتحادات الطلاب الإسلامية) ونشاطه بالجماعة ( وهذا شئ أتوقعه فلم أكن منضما ولم يحاول محمد الحديث معى فى ذلك ) ، إلا أن محمدا كان أول دفعتنا بجدارة .

ومضت بنا السنون نحبه ونحب الحديث معه ، وأبداً لم يتحدث معى فى الإنضمام للجماعة (وكنت ساعتها أميل لخليط بين التيار القومى والإسلام السياسى ) .

وحدث شيئان فى السنة الأخيرة 1987 م ، كان معنا ما يزيد عن عشرين من أبناء الأساتذة بالكلية وكان الصراع على أشده للترتيب على الدفعة ، وظهر زميلان ( من أبناء الأساتذة بالكلية ) ينافسان على رقم واحد على الدفعة ، ورغم كل ما بذل من طرق مشروعة وغيرها فقد حاز محمد البلتاجى على الترتيب الأول بالدفعة .

ومع بداية عام الإمتياز فى بداية 1987 م طلب محمد منى الإنضمام إلى جماعة الإخوان ، ووافقت على الفور وكان أهم سبب بالنسبة لى أن أكون قريبا منه ، والغريب أن محمد وهو القيادى فى الجماعة فى هذا الوقت على مستوى الكلية كان هو المسؤول عن ربطى بالجماعة ( لا يمكننى أن أذكر ما حدث هنا ) .

الأهم أنه بعد أقل من ثلاثة أشهر إنسحبت ، فدخول الجماعة فى سن متقدم بعد تكون خبرة عقلية وثقافية يكون أمرا صعبا جدا ، فإنسحبت وعلم محمد بالتأكيد لكن أبدا لم يحدثنى فى هذا الموضوع ، وظل محمد كما هو بالنسبة لى .

وعندما عدت من السعودية لأشارك فى ثورة يناير .. وإنضممت لمستشفى عباد الرحمن ، وتقابلنا بعد غياب لمدة تزيد عن عشر سنوات ، وكان ساعتها بالمستشفى يعطى حديثا للتلفزيون الفرنسى أو الألمانى ترك الجميع ، وتعانقنا لمدة طويلة ، ولم أتمالك دموعى ، وعندما رفعت رأسى من على كتفه ، وجدت عينيه ممتلئة بالدمع أيضا .

هذا مايمكن أن أقوله ، وما لا أستطيع قوله أن الرجل له من المواقف التى قد تجعله الرجل الأول فى ثورة يناير ، سأحكيها يوما ما .

وفى النهاية ، وشهادة لله ، لو طلب منى أن أذكر إسم رجلين قابلتهما فى حياتى أتمنى أن يكون إبنى فى نبلهما وشرفهما وإخلاصهما ، سأقول أن أولهما هو د. محمد البلتاجى .

والله على ما أقول شهيد

د. عصام موسى
أستاذ مساعد بكلية طب الأزهر
وعضو الهيئة العليا بحزب مصر القوية
أضافة تعليق