د. عامر الهوشان
منذ سنوات ومصطلح الإصلاح يتداول بكثرة في الأوساط العربية والإسلامية ، وبعد قيام الثورات العربية و خروج المظاهرات في كثير من تلك الدول تنادي بالإصلاح والتغيير ، أصبح هذا المصطلح أكثر شيوعا وتداولا ، لا في الأوساط الفكرية والنخبوية والثقافية فحسب ، بل حتى في الأوساط الشعبية العامة ، حيث أصبح المواطن العادي يتكلم عن الإصلاح ، بغض النظر عن مستوى فهمه لهذا المصطلح أو استيعابه لمحتواه ومعناه .
وبعد أن كتب الله تعالى لمعظم هذه الثورات بالنجاح والتغيير- ولعل أبرز الثورات التي نجحت في التغيير السياسي على الأقل : تونس ومصر وليبيا – بدأت المعركة الحقيقية حول تفسير مدلول ومفهوم مصطلح الإصلاح بين الجهات والتيارات الفكرية والإيديولوجية الموجودة في كل بلد من هذه البلاد ، فربما كانوا ولو ظاهريا مجتمعين على التغيير قبل الثورة ، ولكنهم اختلفوا اختلافا كبيرا وعميقا بعد نجاح الثورة ، ويمكن حصرالاختلاف بين تفسيرين ومفهومين لمصطلح الإصلاح ، ففيما يرى التيار الإسلامي أن الإصلاح لا بد أن يكون بالمفهوم الإسلامي ، نظرا لعدة اعتبارات ، لعل أهمها الأغلبية الإسلامية التي تتمتع بها شعوب هذه الدول ، إضافة إلى التجربة الطويلة المريرة مع العلمانية التي كانت تحكم هذه الدول قبل الثورات ، والتي مورست فيها جميع أصناف الاستبداد والديكتاتورية والظلم ، مما يخالف بشكل واضح وفاضح المبادئ العلمانية التي ما برحت تتبجح بها دون أي مصداقية أو أدنى تطبيق على أرض الواقع .
وفي المقابل ترى الفئات العلمانية أن تفسير مفهوم الإصلاح لا بد ان يكون علمانيا مدنيا ، بعيدا عما يسمونه الدولة الدينية أو الإلهية ، والتي يجعلون منها فزاعة يخوفون بها الناس ، ومع الدعم الغير محدود من الولايات المتحدة والدول الغربية والصهيونية لهذه الفئة في الدول العربية ، ومع كونها أقلية لا تمثل إرادة الشعوب وتوجهاتها ، إلا أنها تؤثر بشكل أو بأخر على الشارع العربي ، خاصة إذا صاحب ذلك بعض الابتزاز والمقايضة للمواطن البسيط ، الذي يخير بين أمنه واستقراره ولقمة عيشه ، وبين التنازل عن المشروع الإسلامي – الإصلاح الحقيقي – الذي اختاره وأراده ، من خلال العنف والبلطجة والتهديد بالجانب الاقتصادي ، حتى يصل المواطن إلى درجة يفكر فيها بالتخلي عن بعض طموحاته الإسلامية ، مقابل الأمن والاستقرار ولقمة العيش
ومن المعلوم أن العلمانية والليبرالية وغيرها من التيارات الفكرية الغربية ، دخلت البلاد العربية بعد انهيار الخلافة العثمانية وفشل الاستعمار العسكري الغربي المباشر ، حيث قرر استعمال الأسلوب غير المباشر للاستعمار ، من خلال عملائه في تلك الدول ، فرفعوا شعار العلمانية والمدنية والحرية وغيرها من الشعارات البراقة الكاذبة ، وحكموا بلاد المسلمين منذ خروج المستعمر ، فكانوا الحارس الأمين والخادم المطيع لأعداء الأمة من اليهود والنصارى ، ووقفوا حاجزا بين الأمة الإسلامية و تحكيم الشريعة الإسلامية فيها ، بل ومارسوا كل أنواع الظلم والقهر على أصحاب التيار الإسلامي ، حتى أذن الله تعالى بقيام الثورات العربية لتعود المعركة من جديد بين العلمانيين والإسلاميين ، حول تفسير مفهوم الإصلاح المنشود الذي قامت الثورات من أجله .
وقبل الدخول في بعض وجوه الاختلاف حول مصطلح الإصلاح بين الشريعة والعلمانية ، لا بد من توضيح نقطة في غاية الأهمية ، وهي أن مصطلح الإصلاح رغم كونه مصطلحا ذو دلالة نبيلة و عظيمة ، إلا أن العلمانيين والمفسدين وحتى الطغاة استخدموا هذا الإصطلاح لتلميع صورتهم وتبرير فسادهم وطغانهم .
لقد ذكر القرآن الكريم الإصلاح كمهمة ووظيفة للأنبياء والمرسلين ، فقال تعالى على لسان شعيب عليه السلام : ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) هود /88
وفي المقابل ادعى المنافقون الإصلاح بزعمهم ، قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) البقرة /11 ، بل نسب فرعون لنفسه الإصلاح من خلال اتهامه لموسى عليه السلام بالفساد ، قال تعالى : ( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) غافر/ 26 ، فلا يستغربن أحد ادعاء العلمانيين الإصلاح كما يفهمونه ويدعونه ، مع ظهور فسادهم و إفسادهم في الأرض .
إن أوجه الاختلاف بين المفهوم الإسلامي والمفهوم العلماني للإصلاح المنشود كثيرة ومتشعبة ، وسنقتصر في هذه العجالة على بعض الخطوط العريضة من أوجه الخلاف في المجال السياسي والاقتصادي .
الاختلاف في مفهوم الإصلاح السياسي
يفسر التيار الإسلامي مفهوم الإصلاح السياسي بعودة الحكم الإسلامي إلى حياة الناس ، المنضبط بضوابط القرآن والسنة وأحكام الشريعة الإسلامية ، والذي يقوم على قواعد محددة : السيادة والمرجعية في الحكم لله تعالى لا لغيره ، والسلطان والحكم للأمة ، من خلال اختيار حاكم واحد ينفذ شرع الله تعالى وأحكامه متقيدا بالشورى ، لتحقيق العدل والمساواة بين الناس الهدف الأسمى للحكم في الإسلام ، فالإسلام دين ودولة ومنهج حياة شامل ، وليس دينا للعبادات والشعائر والأخلاق فحسب ، كغيره من الأديان كالنصرانية واليهودية .
لقد نص القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية على وجوب أن تكون المرجعية في الحكم لله ورسوله ، قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء / 65 وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) النساء / 59 .
وفي السيرة النبوية من المواقف ما يؤكد هذا المعنى ، فقد رفض الرسول صلى الله عليه وسلم عرض قريش بالمال والسلطان والملك مقابل التنازل عن الحكم باسم الإسلام والدين ، كما رفض الرسول صلى الله عليه وسلم عرض قوم بني عامر بن صعصعة، بعد أن أتى إليهم، ودعاهم إلى الله تعالى، وعرض عليهم نفسه طالبا منهم النصرة لدينه، فأجابوه إلى ما أراد، إلا أنهم اشترطوا عليه قائلين: (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال : ( الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء ) فقالوا : لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليه ، فهم أرادوها ملكا ووراثة ، وأرادها الرسول صلى الله عليه وسلم دينا ودولة إسلامية ، أمره الله تعالى بإنشائها على الأرض ، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم رافضا لأي عرض يجعل السلطة والحكم لغير الله تعالى وشرعه ، حتى بيعة العقبة الثانية التي كانت بداية إنشاء دولة جديدة لم تكن معروفة للعرب من قبل ، الولاء والمرجعية فيها لله وحده ، لا للقبيلة أو غيرها من الكسروية والقيصرية التي كانت سائده في زمنه صلى الله عليه وسلم .
ويحلو للعلمانيين دائما أن يطلقوا على الحكم الإسلامي إسم الحكم الإلهي أو الديني ، للإيحاء بأنه مشابه للحكم ( الكنسي والكهنوتي ) الذي تحكم بالبلاد والعباد في أوروبا ، تشويها للحكم الإسلامي وقدحا به ، بينما الحكم الإسلامي يعني : حكم يقوم به البشر مستندين لشرع الله ، وقد أحسن الكاتب الأستاذ فهمي هويدي وأجاد حين كتب في جريدة الأهرام ( 14/10/1986 ) تحت عنوان ( أكذوبة الحكم الإلهي ) قائلا : ( تعرضت فكرة الدولة الإسلامية لعملية اغتيال معنوي ، باشرها العلمانيون المتطرفون ، واستخدموا فيها – غير الاجتراء والافتراء – مختلف أساليب التدليس والتزوير ، إذ حالوا أن يثبتوا في الأذهان ، أنها دعوة إلى (الحكم الإلهي) محملة بكل شرور تلك الحقبة السوداء من تاريخ التجربة الأوروبية في العصور الوسطى ، وهم في ذلك كله ما فتئوا يحتجون علينا بتاريخ لم ينبت لنا في أرض (والمقصود التاريخ الأوروبي مع الكنيسة ) ويخوفوننا بعفاريت لم تدخل لنا بيت ، ويصطنعون أوهاما وكوابيس ما أنزل الله بها من سلطان ، لا في ماضي المسلمين ولا في فكرهم ولا في تعاليم دينهم )
أما العلمانية التي تعني لغة ( اللادينية) أو (الدنيوية ) فهي تختلف مع المفهوم الإسلامي للإصلاح السياسي اختلافا كبيرا وعميقا ، فكيف إذا علمنا أن هذا المعنى اللغوي الدنيوي لا يقتصر على ما يقابل الأخروية فحسب ، بل يتعداه إلى ما هو أخص ، وهو ما لا صلة له بالدين مطلقا ، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد ، ولا علاقة للعلمانية من قريب أو بعيد بالعلم ، وإنما ترجمت الكلمة الأجنبية بهذا اللفظ (العلمانية) لأن الذين تولوا الترجمة لم يفهموا من كلمتي (الدين) و (العلم) إلا ما يفهمه الغربي النصراني منهما ، فالدين والعلم في مفهومه متضادان متعارضان ، فما يكون دينيا لا يكون علميا ، وما يكون علميا لا يكون دينيا ، فالدين في صف ، والعلمانية والعقل في طرف آخر .
وهذا يقودنا إلى سبب نشوء العلمانية في الغرب ، فقد ظلت النصرانية منذ نشأتها وعبر قرون طويلة من حياتها في المجتمعات الغربية : دينا لا دولة ، ورسالة محبة لا نظاما للحكم وقوانين للحياة ، وشعارها ( دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) وظلت سلطة الكنيسة للجانب الروحي فقط ، بينما يمارس الحكم السلطة الزمنية المدنية ، إلى أن تجاوزت الكنيسة حدود السلطة الروحية واغتصبت السلطة الزمنية ، وأدخلت المجتمعات الأوروبية مرحلة الانحطاط والتخلف ، بسبب معاداة الكنيسة للعلم والعلماء ، بل واضطهاد العلماء وقتلهم ضمن ما سمي بمحاكم التفتيش ، حتى قامت الثورة العلمانية على الكنيسة بما سمي حركة التنوير ، فأعادت الكنيسة إلى المعبد والروح ، وأعادت الحياة للسلطة الزمنية المدنية ، ونشأ بسبب ذلك أهم مبادئ العلمانية وهي فصل الدين عن الدولة والسياسة والحياة .
فالعلمانية إذن تفسر الإصلاح السياسي بإبعاد الدين تماما عن حياة الناس والحكم ، وتحصر مهمة الدين في الكنيسة والمعبد ، دون أن يتدخل من قريب أو بعيد بشؤون الناس وحياتهم ، فضلا عن أن يتدخل في السياسة والحكم ، مماثلة بهذه النظرة للعلاقة بين الكنيسة والدولة في المفهوم الغربي الأوروبي ، وهو ما يختلف اختلافا جوهريا مع التفسير الإسلامي للإصلاح السياسي المنشود ، المنضبط بضوابط الشريعة الإسلامية في المرجعية والتطبيق .
الاختلاف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي
لا شك أن الاختلاف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي بين الشريعة الإسلامية والعلمانية ، ناجم عن اختلاف النظرة إلى المرجعية والحاكمية بينهما ، ففيما ترى الشريعة الإسلامية أن الحاكمية والمرجعية لشرع الله تعالى المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية وغيرها من مصادر التشريع ، ترى العلمانية أن المرجعية للإنسان وحده ، فهو الذي يضع القوانين التي تحكم حياته على هذه الأرض ، ولا دور للإله والدين في شؤون الحياة كلها ، بدءا بالحكم والسياسة ، وصولا إلى الاقتصاد والتجارة والمال ، وانتهاء بالحياة الاجتماعية اليومية .
الإصلاح الاقتصادي في مفهوم الشريعة الاسلامية منضبط بضوابط الحلال والحرام ، التي فصلها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبقية مصادر التشريع الإسلامي ، بينما مفهوم الإصلاح الاقتصادي العلماني ليس له ضابط أو ميزان ، اللهم إلا المصالح المادية والشهوانية لأصحاب هذا الفكر والتوجه ، وسأتناول الربا والسياحة كمثالين لإظهار اختلاف مفهوم الإصلاح الاقتصادي بين الشريعة والعلمانية .
لا بأس بالتعامل بالربا في المصانع والمعامل والشركات والمصارف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي عند العلمانيين ، بل ربما يعتبرون الربا والتعامل به ضرورة لإنشاء دولة عصرية متقدمة ، وأن القول بحرمة التعامل بالربا تخلف ورجعية غير مفهومة ولا مبررة ، أو على أقل تقدير أمر ديني لا علاقة له بالسياسة الاقتصادية للدولة ، ورغم الفشل الذريع لأسلوب الربا والرأسمالية بشكل عام الذي بدا واضحا في السنوات الماضية ، والذي تسبب بأزمة مالية خانقة بأمريكا والغرب خاصة ، والتي ما تزال تداعياتها ظاهرة حتى اليوم ، إلا أن العلمانيين ما زالوا يدافعون عن هذا النظام والأسلوب بعناد شديد ، لا هدف له إلا عدم الاعتراف بفشل مذهبهم الرأسمالي و أفضلية النظرة الاقتصادية الإسلامية الربانية .
لقد حرم الإسلام الربا ، وجعل التعامل به من أكبر الكبائر ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله وسوله فإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) البقرة/ 278-279 ، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : ( الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات )
وأما السياحة فهي باب واسع للعلمانيين لكسب المال والتقدم الاقتصادي للدولة كما يزعمون ، ولذلك فهم لا يضعون أي قيد أو شرط أخلاقي للسياحة ، ولا يراعون مدى تأثير التيارات الفكرية الوافدة على الشعب المسلم ، فالغاية الأولى والأخيرة عندهم هو المال والمال فقط .
أما مفهوم الإصلاح الاقتصادي الإسلامي فهي مضبوطة بضوابط الشريعة الإسلامية ، التي تشترط في السياحة عدم التأثير الفكري المخالف لتعاليم الإسلام على الشعب من الوفود السياحية القادمة ، وكذلك الانضباط بالضوابط الأخلاقية التي جاء بها الإسلام ، فلا يجوز هتك الأعراض باسم السياحة ، ولا تخريب العقول باسم السياحة ، ولا الغزو الفكري العقائدي باسم السياحة ، كما كان يحصل في فترة الحكم العلماني للدول العربية الإسلامية .
إن أوجه الاختلاف في مفهوم الإصلاح المنشود بين الشريعة الإسلامية والعلمانية كثيرة ومتنوعة ، لا يتسع المجال لذكرها جميعا ، ولكن المهم في الأمر أن يعلم المسلمون جميعا وخاصة الأحزاب والتيارات الإسلامية الفاعلة ، أن الفرصة السانحة الآن لتطبيق الشريعة الإسلامية ربما لا تكرر أو تعود ، وأن ما يجري اليوم في مصر وتونس وليبيا هو حرب على التفسير لمفهود الإصلاح المنشود الذي سيطبق على هذه البلاد فيما بعد ، فهل سينتصر التفسير العلماني للإصلاح ، الذي جربه الشعب العربي المسلم لعقود من الزمان ، فلم ينل منه إلا استبدادا في الحكم ، وظلما وقهرا في المعاملة ، وضيقا وفقرا في لقمة العيش ، وبعدا عن الدين والإسلام ، وفسادا وإفسادا في المجتمع ؟؟!!!! أم سينتصر التفسير الإسلامي المنضيط بضوابط الشريعة الإسلامية الغراء ؟؟!!
*موقع المسلم *
منذ سنوات ومصطلح الإصلاح يتداول بكثرة في الأوساط العربية والإسلامية ، وبعد قيام الثورات العربية و خروج المظاهرات في كثير من تلك الدول تنادي بالإصلاح والتغيير ، أصبح هذا المصطلح أكثر شيوعا وتداولا ، لا في الأوساط الفكرية والنخبوية والثقافية فحسب ، بل حتى في الأوساط الشعبية العامة ، حيث أصبح المواطن العادي يتكلم عن الإصلاح ، بغض النظر عن مستوى فهمه لهذا المصطلح أو استيعابه لمحتواه ومعناه .
وبعد أن كتب الله تعالى لمعظم هذه الثورات بالنجاح والتغيير- ولعل أبرز الثورات التي نجحت في التغيير السياسي على الأقل : تونس ومصر وليبيا – بدأت المعركة الحقيقية حول تفسير مدلول ومفهوم مصطلح الإصلاح بين الجهات والتيارات الفكرية والإيديولوجية الموجودة في كل بلد من هذه البلاد ، فربما كانوا ولو ظاهريا مجتمعين على التغيير قبل الثورة ، ولكنهم اختلفوا اختلافا كبيرا وعميقا بعد نجاح الثورة ، ويمكن حصرالاختلاف بين تفسيرين ومفهومين لمصطلح الإصلاح ، ففيما يرى التيار الإسلامي أن الإصلاح لا بد أن يكون بالمفهوم الإسلامي ، نظرا لعدة اعتبارات ، لعل أهمها الأغلبية الإسلامية التي تتمتع بها شعوب هذه الدول ، إضافة إلى التجربة الطويلة المريرة مع العلمانية التي كانت تحكم هذه الدول قبل الثورات ، والتي مورست فيها جميع أصناف الاستبداد والديكتاتورية والظلم ، مما يخالف بشكل واضح وفاضح المبادئ العلمانية التي ما برحت تتبجح بها دون أي مصداقية أو أدنى تطبيق على أرض الواقع .
وفي المقابل ترى الفئات العلمانية أن تفسير مفهوم الإصلاح لا بد ان يكون علمانيا مدنيا ، بعيدا عما يسمونه الدولة الدينية أو الإلهية ، والتي يجعلون منها فزاعة يخوفون بها الناس ، ومع الدعم الغير محدود من الولايات المتحدة والدول الغربية والصهيونية لهذه الفئة في الدول العربية ، ومع كونها أقلية لا تمثل إرادة الشعوب وتوجهاتها ، إلا أنها تؤثر بشكل أو بأخر على الشارع العربي ، خاصة إذا صاحب ذلك بعض الابتزاز والمقايضة للمواطن البسيط ، الذي يخير بين أمنه واستقراره ولقمة عيشه ، وبين التنازل عن المشروع الإسلامي – الإصلاح الحقيقي – الذي اختاره وأراده ، من خلال العنف والبلطجة والتهديد بالجانب الاقتصادي ، حتى يصل المواطن إلى درجة يفكر فيها بالتخلي عن بعض طموحاته الإسلامية ، مقابل الأمن والاستقرار ولقمة العيش
ومن المعلوم أن العلمانية والليبرالية وغيرها من التيارات الفكرية الغربية ، دخلت البلاد العربية بعد انهيار الخلافة العثمانية وفشل الاستعمار العسكري الغربي المباشر ، حيث قرر استعمال الأسلوب غير المباشر للاستعمار ، من خلال عملائه في تلك الدول ، فرفعوا شعار العلمانية والمدنية والحرية وغيرها من الشعارات البراقة الكاذبة ، وحكموا بلاد المسلمين منذ خروج المستعمر ، فكانوا الحارس الأمين والخادم المطيع لأعداء الأمة من اليهود والنصارى ، ووقفوا حاجزا بين الأمة الإسلامية و تحكيم الشريعة الإسلامية فيها ، بل ومارسوا كل أنواع الظلم والقهر على أصحاب التيار الإسلامي ، حتى أذن الله تعالى بقيام الثورات العربية لتعود المعركة من جديد بين العلمانيين والإسلاميين ، حول تفسير مفهوم الإصلاح المنشود الذي قامت الثورات من أجله .
وقبل الدخول في بعض وجوه الاختلاف حول مصطلح الإصلاح بين الشريعة والعلمانية ، لا بد من توضيح نقطة في غاية الأهمية ، وهي أن مصطلح الإصلاح رغم كونه مصطلحا ذو دلالة نبيلة و عظيمة ، إلا أن العلمانيين والمفسدين وحتى الطغاة استخدموا هذا الإصطلاح لتلميع صورتهم وتبرير فسادهم وطغانهم .
لقد ذكر القرآن الكريم الإصلاح كمهمة ووظيفة للأنبياء والمرسلين ، فقال تعالى على لسان شعيب عليه السلام : ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) هود /88
وفي المقابل ادعى المنافقون الإصلاح بزعمهم ، قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) البقرة /11 ، بل نسب فرعون لنفسه الإصلاح من خلال اتهامه لموسى عليه السلام بالفساد ، قال تعالى : ( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) غافر/ 26 ، فلا يستغربن أحد ادعاء العلمانيين الإصلاح كما يفهمونه ويدعونه ، مع ظهور فسادهم و إفسادهم في الأرض .
إن أوجه الاختلاف بين المفهوم الإسلامي والمفهوم العلماني للإصلاح المنشود كثيرة ومتشعبة ، وسنقتصر في هذه العجالة على بعض الخطوط العريضة من أوجه الخلاف في المجال السياسي والاقتصادي .
الاختلاف في مفهوم الإصلاح السياسي
يفسر التيار الإسلامي مفهوم الإصلاح السياسي بعودة الحكم الإسلامي إلى حياة الناس ، المنضبط بضوابط القرآن والسنة وأحكام الشريعة الإسلامية ، والذي يقوم على قواعد محددة : السيادة والمرجعية في الحكم لله تعالى لا لغيره ، والسلطان والحكم للأمة ، من خلال اختيار حاكم واحد ينفذ شرع الله تعالى وأحكامه متقيدا بالشورى ، لتحقيق العدل والمساواة بين الناس الهدف الأسمى للحكم في الإسلام ، فالإسلام دين ودولة ومنهج حياة شامل ، وليس دينا للعبادات والشعائر والأخلاق فحسب ، كغيره من الأديان كالنصرانية واليهودية .
لقد نص القرآن الكريم والسنة والسيرة النبوية على وجوب أن تكون المرجعية في الحكم لله ورسوله ، قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء / 65 وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) النساء / 59 .
وفي السيرة النبوية من المواقف ما يؤكد هذا المعنى ، فقد رفض الرسول صلى الله عليه وسلم عرض قريش بالمال والسلطان والملك مقابل التنازل عن الحكم باسم الإسلام والدين ، كما رفض الرسول صلى الله عليه وسلم عرض قوم بني عامر بن صعصعة، بعد أن أتى إليهم، ودعاهم إلى الله تعالى، وعرض عليهم نفسه طالبا منهم النصرة لدينه، فأجابوه إلى ما أراد، إلا أنهم اشترطوا عليه قائلين: (أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال : ( الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء ) فقالوا : لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليه ، فهم أرادوها ملكا ووراثة ، وأرادها الرسول صلى الله عليه وسلم دينا ودولة إسلامية ، أمره الله تعالى بإنشائها على الأرض ، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم رافضا لأي عرض يجعل السلطة والحكم لغير الله تعالى وشرعه ، حتى بيعة العقبة الثانية التي كانت بداية إنشاء دولة جديدة لم تكن معروفة للعرب من قبل ، الولاء والمرجعية فيها لله وحده ، لا للقبيلة أو غيرها من الكسروية والقيصرية التي كانت سائده في زمنه صلى الله عليه وسلم .
ويحلو للعلمانيين دائما أن يطلقوا على الحكم الإسلامي إسم الحكم الإلهي أو الديني ، للإيحاء بأنه مشابه للحكم ( الكنسي والكهنوتي ) الذي تحكم بالبلاد والعباد في أوروبا ، تشويها للحكم الإسلامي وقدحا به ، بينما الحكم الإسلامي يعني : حكم يقوم به البشر مستندين لشرع الله ، وقد أحسن الكاتب الأستاذ فهمي هويدي وأجاد حين كتب في جريدة الأهرام ( 14/10/1986 ) تحت عنوان ( أكذوبة الحكم الإلهي ) قائلا : ( تعرضت فكرة الدولة الإسلامية لعملية اغتيال معنوي ، باشرها العلمانيون المتطرفون ، واستخدموا فيها – غير الاجتراء والافتراء – مختلف أساليب التدليس والتزوير ، إذ حالوا أن يثبتوا في الأذهان ، أنها دعوة إلى (الحكم الإلهي) محملة بكل شرور تلك الحقبة السوداء من تاريخ التجربة الأوروبية في العصور الوسطى ، وهم في ذلك كله ما فتئوا يحتجون علينا بتاريخ لم ينبت لنا في أرض (والمقصود التاريخ الأوروبي مع الكنيسة ) ويخوفوننا بعفاريت لم تدخل لنا بيت ، ويصطنعون أوهاما وكوابيس ما أنزل الله بها من سلطان ، لا في ماضي المسلمين ولا في فكرهم ولا في تعاليم دينهم )
أما العلمانية التي تعني لغة ( اللادينية) أو (الدنيوية ) فهي تختلف مع المفهوم الإسلامي للإصلاح السياسي اختلافا كبيرا وعميقا ، فكيف إذا علمنا أن هذا المعنى اللغوي الدنيوي لا يقتصر على ما يقابل الأخروية فحسب ، بل يتعداه إلى ما هو أخص ، وهو ما لا صلة له بالدين مطلقا ، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد ، ولا علاقة للعلمانية من قريب أو بعيد بالعلم ، وإنما ترجمت الكلمة الأجنبية بهذا اللفظ (العلمانية) لأن الذين تولوا الترجمة لم يفهموا من كلمتي (الدين) و (العلم) إلا ما يفهمه الغربي النصراني منهما ، فالدين والعلم في مفهومه متضادان متعارضان ، فما يكون دينيا لا يكون علميا ، وما يكون علميا لا يكون دينيا ، فالدين في صف ، والعلمانية والعقل في طرف آخر .
وهذا يقودنا إلى سبب نشوء العلمانية في الغرب ، فقد ظلت النصرانية منذ نشأتها وعبر قرون طويلة من حياتها في المجتمعات الغربية : دينا لا دولة ، ورسالة محبة لا نظاما للحكم وقوانين للحياة ، وشعارها ( دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) وظلت سلطة الكنيسة للجانب الروحي فقط ، بينما يمارس الحكم السلطة الزمنية المدنية ، إلى أن تجاوزت الكنيسة حدود السلطة الروحية واغتصبت السلطة الزمنية ، وأدخلت المجتمعات الأوروبية مرحلة الانحطاط والتخلف ، بسبب معاداة الكنيسة للعلم والعلماء ، بل واضطهاد العلماء وقتلهم ضمن ما سمي بمحاكم التفتيش ، حتى قامت الثورة العلمانية على الكنيسة بما سمي حركة التنوير ، فأعادت الكنيسة إلى المعبد والروح ، وأعادت الحياة للسلطة الزمنية المدنية ، ونشأ بسبب ذلك أهم مبادئ العلمانية وهي فصل الدين عن الدولة والسياسة والحياة .
فالعلمانية إذن تفسر الإصلاح السياسي بإبعاد الدين تماما عن حياة الناس والحكم ، وتحصر مهمة الدين في الكنيسة والمعبد ، دون أن يتدخل من قريب أو بعيد بشؤون الناس وحياتهم ، فضلا عن أن يتدخل في السياسة والحكم ، مماثلة بهذه النظرة للعلاقة بين الكنيسة والدولة في المفهوم الغربي الأوروبي ، وهو ما يختلف اختلافا جوهريا مع التفسير الإسلامي للإصلاح السياسي المنشود ، المنضبط بضوابط الشريعة الإسلامية في المرجعية والتطبيق .
الاختلاف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي
لا شك أن الاختلاف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي بين الشريعة الإسلامية والعلمانية ، ناجم عن اختلاف النظرة إلى المرجعية والحاكمية بينهما ، ففيما ترى الشريعة الإسلامية أن الحاكمية والمرجعية لشرع الله تعالى المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية وغيرها من مصادر التشريع ، ترى العلمانية أن المرجعية للإنسان وحده ، فهو الذي يضع القوانين التي تحكم حياته على هذه الأرض ، ولا دور للإله والدين في شؤون الحياة كلها ، بدءا بالحكم والسياسة ، وصولا إلى الاقتصاد والتجارة والمال ، وانتهاء بالحياة الاجتماعية اليومية .
الإصلاح الاقتصادي في مفهوم الشريعة الاسلامية منضبط بضوابط الحلال والحرام ، التي فصلها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبقية مصادر التشريع الإسلامي ، بينما مفهوم الإصلاح الاقتصادي العلماني ليس له ضابط أو ميزان ، اللهم إلا المصالح المادية والشهوانية لأصحاب هذا الفكر والتوجه ، وسأتناول الربا والسياحة كمثالين لإظهار اختلاف مفهوم الإصلاح الاقتصادي بين الشريعة والعلمانية .
لا بأس بالتعامل بالربا في المصانع والمعامل والشركات والمصارف في مفهوم الإصلاح الاقتصادي عند العلمانيين ، بل ربما يعتبرون الربا والتعامل به ضرورة لإنشاء دولة عصرية متقدمة ، وأن القول بحرمة التعامل بالربا تخلف ورجعية غير مفهومة ولا مبررة ، أو على أقل تقدير أمر ديني لا علاقة له بالسياسة الاقتصادية للدولة ، ورغم الفشل الذريع لأسلوب الربا والرأسمالية بشكل عام الذي بدا واضحا في السنوات الماضية ، والذي تسبب بأزمة مالية خانقة بأمريكا والغرب خاصة ، والتي ما تزال تداعياتها ظاهرة حتى اليوم ، إلا أن العلمانيين ما زالوا يدافعون عن هذا النظام والأسلوب بعناد شديد ، لا هدف له إلا عدم الاعتراف بفشل مذهبهم الرأسمالي و أفضلية النظرة الاقتصادية الإسلامية الربانية .
لقد حرم الإسلام الربا ، وجعل التعامل به من أكبر الكبائر ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله وسوله فإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) البقرة/ 278-279 ، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : ( الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات )
وأما السياحة فهي باب واسع للعلمانيين لكسب المال والتقدم الاقتصادي للدولة كما يزعمون ، ولذلك فهم لا يضعون أي قيد أو شرط أخلاقي للسياحة ، ولا يراعون مدى تأثير التيارات الفكرية الوافدة على الشعب المسلم ، فالغاية الأولى والأخيرة عندهم هو المال والمال فقط .
أما مفهوم الإصلاح الاقتصادي الإسلامي فهي مضبوطة بضوابط الشريعة الإسلامية ، التي تشترط في السياحة عدم التأثير الفكري المخالف لتعاليم الإسلام على الشعب من الوفود السياحية القادمة ، وكذلك الانضباط بالضوابط الأخلاقية التي جاء بها الإسلام ، فلا يجوز هتك الأعراض باسم السياحة ، ولا تخريب العقول باسم السياحة ، ولا الغزو الفكري العقائدي باسم السياحة ، كما كان يحصل في فترة الحكم العلماني للدول العربية الإسلامية .
إن أوجه الاختلاف في مفهوم الإصلاح المنشود بين الشريعة الإسلامية والعلمانية كثيرة ومتنوعة ، لا يتسع المجال لذكرها جميعا ، ولكن المهم في الأمر أن يعلم المسلمون جميعا وخاصة الأحزاب والتيارات الإسلامية الفاعلة ، أن الفرصة السانحة الآن لتطبيق الشريعة الإسلامية ربما لا تكرر أو تعود ، وأن ما يجري اليوم في مصر وتونس وليبيا هو حرب على التفسير لمفهود الإصلاح المنشود الذي سيطبق على هذه البلاد فيما بعد ، فهل سينتصر التفسير العلماني للإصلاح ، الذي جربه الشعب العربي المسلم لعقود من الزمان ، فلم ينل منه إلا استبدادا في الحكم ، وظلما وقهرا في المعاملة ، وضيقا وفقرا في لقمة العيش ، وبعدا عن الدين والإسلام ، وفسادا وإفسادا في المجتمع ؟؟!!!! أم سينتصر التفسير الإسلامي المنضيط بضوابط الشريعة الإسلامية الغراء ؟؟!!
*موقع المسلم *