د. عبد الولي الشميري
لا أدري كيف ولا إلى متى سيظل الشباب أتباعا للمغامرين القدامى، ووقودا لصراعات خاسرة في عقر الدار ووسط الأهل، يتطاعنون بالتهم والفتن، مرة لتعصب فكري، ومرة لتبعية عشائرية، أو حزبية عتيقة، أو لقروية مناطقية ضيقة!!! أين يقع الخلل وما هي الأسباب؟ هذه الأسئلة تحتاج إلى كتاب من عشرة فصول؛ لكن ما يسعنا في هذا المقال هو أن نستعرض ظواهر هذه الحالة من التجهيل والمسخ والتعقيد، والتنفير والتفشيل، ونشير لبعض أسبابها، ومنها :
1ـ أولاً: غياب التنشئة الصحيحة للطفولة في بيئة سليمة التفكير والسلوك، في ظل جمود تربوي حتى في أداء الشعائر الدينية ، فهي تمثل حركات وسكنات تقليدية بلاروح، لا تنهى عن فحشاء ولا تزجر عن منكر.
2ـ غياب التربية المجتمعية المستنيرة التي لا تصادر قدرات العقل، ولا تعطل المواهب، ولا تكرس الموروث العقدي الفاسد، وتخفف من الانتماء العرفي إلى عصور الجاهلية الأولى.
3ـ عدم وجود منهج فكري تربوي لترشيد الفكر من الصغر محملا بالإجابات الصحيحة المقنعة في أطوار عمر الطفولة والشباب قادرا على الإقناع والإشباع بتربية فكرية متينة وصحيحة، لينطلق أبناء الجيل إلى الجامعات في الداخل والخارج وهم أِشبه بمفكرين وفلاسفة، فأين ذلك المنهج الفكري الشامل إزاء كافة القضايا والأفكار والفلسفات القديمة والحديثة؟
إن ذلك المنهج لا يوجد، وحل محله إما الفراغ المطلق أو التناقل الشفهي من أشخاص لا ثقافة لهم ولا وعي، سواء من آباء أو أساتيذ أو أحزاب أو طوائف كل كما يحلو له ومن هنا نشأت انحرافات فكرية، وانعكست على سلوكيات انحرافيه مروعة كالتطرف والتشدد، والانفلات السلوكي المحزن لدى المراهقين والشباب. ومما نأسف له أن معظم الموروث الاجتماعي القبلي فكريا وعقديا وسلوكيا لا صلة له بالمقدسات الإسلامية، وليس له صفة اللاهوتية الروحية كما يعتقد البعض، وما يسمونها العادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية لا تساعد على نشأة سليمة قويمة، بل تنشئ بيئة مظهرية نفاقية لا تهتم بالجوهر.
والأكثر حزنا أن بعض وجهاء القبيلة، والمهووسين بدساتير القبيلة منذ العصر الجاهلي مازالوا يقدسونها وكأن لم يبعث رسول ولم تتنزل من الله شريعة.
ويرون في هذه العادات والأعراف والقيود والأغلال قضية مصير ومصادر تشريع، والخروج عنها أشبه بالكفر، بينما الاحتكام إليها جاهلية بل هو عين الجهل، وأسوأ حركات التجهيل والتقليد الأعمى، التي ما أنزل الله بها من سلطان: (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وبسبب تلك الثقافة الخرقاء تتقاتل القبائل، وتتناحر الأسر ولو مع أقربائها وتتراكم الثارات وتدق طبول الحروب:
وأحيانا على بكر أخينا
إذا ما لم نجد إلا أخانا
والعاقل الأمثل للأسف شعاره الافتراضي:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشد غزية أرشد
وقد أفرزت تلك الثقافة المغلوطة انحرافا فكريا ما أنزل الله به من سلطان، وبدافع الهوى والتعصب يضرون الأجيال بأشد وأفتك الأضرار، وحتى الذين نراهم يحافظون على الصلوات الخمس جماعة ومسابح الاستغفار بين أصابعهم، نراهم عندما يختلفون على يسير من المال، أو على شبر من الأرض، يبادرون باستخدام الأسلحة النارية فيقتلون ويسفكون الدماء المحرمة، بدون حق ويحسبون أنها نوع من الرجولة والبطولة، وإن علموا أنها أعظم الجرائم بعد الكفر لا يكفرها مليون صلاة ولا صيام الف شهر( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) وتبا لصلاة أولئك القتلة ولصيامهم ولحجهم، ولزكاتهم، فلو كانت صلواتهم مقبولة وصيامهم مرفوعا لفهموا أن هدم الكعبة التي يصلون نحوها حجرا حجراً أهون على الله من ذلك الدم الذي سفكوه، كما نرى أن التربية الحولاء للشباب تفرز منافقين وأتباعا ومنتحرين، فما أفحش ما فعله شاب جاهل باسم النخوة والغيرة عندما شاهد شقيقته المنتقبة في أحد المتاجر تشتري بعض حاجاتها وقد انحسر عن رأسها الخمار وانكشف نقابها، فأخذته نعرة الجاهلية وبادرها بطعنة من خنجره فأرداها قتيلة، ولا تعلم بأي ذنب قتلت، فأي جريمة وأي فاحشة كبرى ارتكبها ذلك الشاب وهو عائد من المسجد بعد أداء صلاة العصر، ولكني لا أحمله وحده وزر الجريمة الكبرى التي ارتكبها ولكن الجناة هم ثلاثة: التربية الفكرية الجاهلية المنحرفة، والمجتمع الذي أدمن على تقديس الأعراف والعادات والتقاليد أكثر من الإيمان بالله واليوم الآخر، و الدولة المسئولة عن تثقيف الفرد وتنشئة الشباب تنشئة قويمة سليمة، إن التربية الدينية وتحفيظ القرآن الكريم لابد أن ترافقها تربية سلوكية عملية تطبيقية في التعامل مع المجتمع وأن الدين ليس عبادة فقط. ورحم الله الشيخ المرحوم محمد الغزالي حين قال: مالم يتطابق سلوك حافظ القرآن مع تعاليمه في المعاملات مع الناس فإنما يمثل نسخة إضافية موضوعة على الرف لا أكثر. و ليس أدل على ذلك من القتل الجماعي الذي قد يحدث بسبب خلاف على متر من الأرض.!!!!
4ـ الظلم الذي يتعرض له الشباب الذين بلغوا من التعليم مبلغا نافعا وتخرجوا من الجامعات بشهادات وتخصصات وصلوا إليها بعد عناء ومشقة لينال المجتمع من ثقافتهم حظا أو يغيروا مجرى الحياة نحو الأفضل، فيصطدمون بعدم تقدير كفاءاتهم وظيفيا، وماديا ومعنويا، وبغيرة المتسلطين على كراسي الوظيفة العامة؛ إلا من كان له وساطة أو قرابة من مسئول صاحب قرار، أو من شخصية ذات نفوذ، أو من مال يقدمه قربانا وأنى له بذلك؟ والسبب في ذلك الظلم أن الممسكين بمقاعد القرار والمنفذين لسياسة الحاضر هم بقايا عصر التخلف من الرافضين للتحديث على أساس الكفاءات، وما نسمعه من مفاضلات وإعلانات ومسابقات إنما هي إجراءات صورية بينما نرى غالبا أن النتائج تكون محسومة سلفا.
5ـ الحاجة المادية التي طأطأت أعناق الشباب وسلبتهم الشعور بالكرامة وألجأتهم إلى أعمال دونية، وإلى الانخراط وراء من بيده المال والسلطة، من المتسلطين بدون وعي ولا ثقافة من أنصاف الأميين وأصحاب النعرات الجاهلية والقبلية والمناطقية المنكرة كما يتعرضون لانتقام الغيرة والحقد الوراثي ضد التفوق.
6ـ عدم وجود خطط استراتيجية واضحة لاستيعاب قوافل المتخرجين الذين يعدون بعشرات الآلاف في كل المجالات،
7ـ الشباب من الجنسين يعيشون شعورا من الإنهاك والإجهاد وهموم الحياة، ومكافحة الالتزامات، ويرى الشباب أن لا حصة لهم في سياسة دولة تحكم وطنهم وتتحكم في موارده، وزاد من الطين بلة وجود عشرات الآلاف من الشابات المتخرجات من جامعات العالم، يعانين من عدم إتاحة الفرصة العملية لهن في مواقعهن الطبيعية وتخصصاتهن الدراسية، وحرموا جميعا ذكورا وإناثا من عدم مواصلة تأهيلهم وتطوير إمكاناتهم بمواصلة الدراسات العليا، وتذليل هموم الحياة التي يعانون منها، فما يعانيه الطالب والطالبة الجامعية داخل وخارج وطنهم يكفي لقتل مواهبهم وإبداعاتهم وطموحهم. فأنى لمثل هذا الجيل القادم من وراء الأسلاك الشائكة من التعقيد والمعانات المريرة، أن يخرج طاقاته ومواهبة وأحلامه الوردية لبناء وطنه، وهو الذي تربى وعانى الأكدار في محيط آسن ومستنقع متعفن من التراكمات الوراثية والعرفية القائمة على التفاضل الطبقي والقبلي، والفئوي، والمناطقي.
8ـ التبعية السياسية الخطيرة التي أصبحت تتمثل في الأحزاب الثرية بالأموال والتي لا تمتلك وقودا ولا فداء لجمودها ولطموح المغامرين على رؤوسها إلا التضحية بالشباب المضطر لما في أيديهم، من المتفرغين العاطلين عن الوظائف والأعمال، والذين تجلدهم الحاجة والبؤس، فهم وقود للصراعات القديمة الحديثة، بمقابل أو بدون مقابل،
عاطلا يلوي بلا شغل ولا
يتمنى غير حلم السكن
كل ما يملكه في عمره
حبه الأهل وبغض الزمن
إنها: انحراف ثقافة، وأخطاء نشأة، وأزمة أخلاق :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
*الجمهورية
[email protected]
لا أدري كيف ولا إلى متى سيظل الشباب أتباعا للمغامرين القدامى، ووقودا لصراعات خاسرة في عقر الدار ووسط الأهل، يتطاعنون بالتهم والفتن، مرة لتعصب فكري، ومرة لتبعية عشائرية، أو حزبية عتيقة، أو لقروية مناطقية ضيقة!!! أين يقع الخلل وما هي الأسباب؟ هذه الأسئلة تحتاج إلى كتاب من عشرة فصول؛ لكن ما يسعنا في هذا المقال هو أن نستعرض ظواهر هذه الحالة من التجهيل والمسخ والتعقيد، والتنفير والتفشيل، ونشير لبعض أسبابها، ومنها :
1ـ أولاً: غياب التنشئة الصحيحة للطفولة في بيئة سليمة التفكير والسلوك، في ظل جمود تربوي حتى في أداء الشعائر الدينية ، فهي تمثل حركات وسكنات تقليدية بلاروح، لا تنهى عن فحشاء ولا تزجر عن منكر.
2ـ غياب التربية المجتمعية المستنيرة التي لا تصادر قدرات العقل، ولا تعطل المواهب، ولا تكرس الموروث العقدي الفاسد، وتخفف من الانتماء العرفي إلى عصور الجاهلية الأولى.
3ـ عدم وجود منهج فكري تربوي لترشيد الفكر من الصغر محملا بالإجابات الصحيحة المقنعة في أطوار عمر الطفولة والشباب قادرا على الإقناع والإشباع بتربية فكرية متينة وصحيحة، لينطلق أبناء الجيل إلى الجامعات في الداخل والخارج وهم أِشبه بمفكرين وفلاسفة، فأين ذلك المنهج الفكري الشامل إزاء كافة القضايا والأفكار والفلسفات القديمة والحديثة؟
إن ذلك المنهج لا يوجد، وحل محله إما الفراغ المطلق أو التناقل الشفهي من أشخاص لا ثقافة لهم ولا وعي، سواء من آباء أو أساتيذ أو أحزاب أو طوائف كل كما يحلو له ومن هنا نشأت انحرافات فكرية، وانعكست على سلوكيات انحرافيه مروعة كالتطرف والتشدد، والانفلات السلوكي المحزن لدى المراهقين والشباب. ومما نأسف له أن معظم الموروث الاجتماعي القبلي فكريا وعقديا وسلوكيا لا صلة له بالمقدسات الإسلامية، وليس له صفة اللاهوتية الروحية كما يعتقد البعض، وما يسمونها العادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية لا تساعد على نشأة سليمة قويمة، بل تنشئ بيئة مظهرية نفاقية لا تهتم بالجوهر.
والأكثر حزنا أن بعض وجهاء القبيلة، والمهووسين بدساتير القبيلة منذ العصر الجاهلي مازالوا يقدسونها وكأن لم يبعث رسول ولم تتنزل من الله شريعة.
ويرون في هذه العادات والأعراف والقيود والأغلال قضية مصير ومصادر تشريع، والخروج عنها أشبه بالكفر، بينما الاحتكام إليها جاهلية بل هو عين الجهل، وأسوأ حركات التجهيل والتقليد الأعمى، التي ما أنزل الله بها من سلطان: (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وبسبب تلك الثقافة الخرقاء تتقاتل القبائل، وتتناحر الأسر ولو مع أقربائها وتتراكم الثارات وتدق طبول الحروب:
وأحيانا على بكر أخينا
إذا ما لم نجد إلا أخانا
والعاقل الأمثل للأسف شعاره الافتراضي:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشد غزية أرشد
وقد أفرزت تلك الثقافة المغلوطة انحرافا فكريا ما أنزل الله به من سلطان، وبدافع الهوى والتعصب يضرون الأجيال بأشد وأفتك الأضرار، وحتى الذين نراهم يحافظون على الصلوات الخمس جماعة ومسابح الاستغفار بين أصابعهم، نراهم عندما يختلفون على يسير من المال، أو على شبر من الأرض، يبادرون باستخدام الأسلحة النارية فيقتلون ويسفكون الدماء المحرمة، بدون حق ويحسبون أنها نوع من الرجولة والبطولة، وإن علموا أنها أعظم الجرائم بعد الكفر لا يكفرها مليون صلاة ولا صيام الف شهر( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) وتبا لصلاة أولئك القتلة ولصيامهم ولحجهم، ولزكاتهم، فلو كانت صلواتهم مقبولة وصيامهم مرفوعا لفهموا أن هدم الكعبة التي يصلون نحوها حجرا حجراً أهون على الله من ذلك الدم الذي سفكوه، كما نرى أن التربية الحولاء للشباب تفرز منافقين وأتباعا ومنتحرين، فما أفحش ما فعله شاب جاهل باسم النخوة والغيرة عندما شاهد شقيقته المنتقبة في أحد المتاجر تشتري بعض حاجاتها وقد انحسر عن رأسها الخمار وانكشف نقابها، فأخذته نعرة الجاهلية وبادرها بطعنة من خنجره فأرداها قتيلة، ولا تعلم بأي ذنب قتلت، فأي جريمة وأي فاحشة كبرى ارتكبها ذلك الشاب وهو عائد من المسجد بعد أداء صلاة العصر، ولكني لا أحمله وحده وزر الجريمة الكبرى التي ارتكبها ولكن الجناة هم ثلاثة: التربية الفكرية الجاهلية المنحرفة، والمجتمع الذي أدمن على تقديس الأعراف والعادات والتقاليد أكثر من الإيمان بالله واليوم الآخر، و الدولة المسئولة عن تثقيف الفرد وتنشئة الشباب تنشئة قويمة سليمة، إن التربية الدينية وتحفيظ القرآن الكريم لابد أن ترافقها تربية سلوكية عملية تطبيقية في التعامل مع المجتمع وأن الدين ليس عبادة فقط. ورحم الله الشيخ المرحوم محمد الغزالي حين قال: مالم يتطابق سلوك حافظ القرآن مع تعاليمه في المعاملات مع الناس فإنما يمثل نسخة إضافية موضوعة على الرف لا أكثر. و ليس أدل على ذلك من القتل الجماعي الذي قد يحدث بسبب خلاف على متر من الأرض.!!!!
4ـ الظلم الذي يتعرض له الشباب الذين بلغوا من التعليم مبلغا نافعا وتخرجوا من الجامعات بشهادات وتخصصات وصلوا إليها بعد عناء ومشقة لينال المجتمع من ثقافتهم حظا أو يغيروا مجرى الحياة نحو الأفضل، فيصطدمون بعدم تقدير كفاءاتهم وظيفيا، وماديا ومعنويا، وبغيرة المتسلطين على كراسي الوظيفة العامة؛ إلا من كان له وساطة أو قرابة من مسئول صاحب قرار، أو من شخصية ذات نفوذ، أو من مال يقدمه قربانا وأنى له بذلك؟ والسبب في ذلك الظلم أن الممسكين بمقاعد القرار والمنفذين لسياسة الحاضر هم بقايا عصر التخلف من الرافضين للتحديث على أساس الكفاءات، وما نسمعه من مفاضلات وإعلانات ومسابقات إنما هي إجراءات صورية بينما نرى غالبا أن النتائج تكون محسومة سلفا.
5ـ الحاجة المادية التي طأطأت أعناق الشباب وسلبتهم الشعور بالكرامة وألجأتهم إلى أعمال دونية، وإلى الانخراط وراء من بيده المال والسلطة، من المتسلطين بدون وعي ولا ثقافة من أنصاف الأميين وأصحاب النعرات الجاهلية والقبلية والمناطقية المنكرة كما يتعرضون لانتقام الغيرة والحقد الوراثي ضد التفوق.
6ـ عدم وجود خطط استراتيجية واضحة لاستيعاب قوافل المتخرجين الذين يعدون بعشرات الآلاف في كل المجالات،
7ـ الشباب من الجنسين يعيشون شعورا من الإنهاك والإجهاد وهموم الحياة، ومكافحة الالتزامات، ويرى الشباب أن لا حصة لهم في سياسة دولة تحكم وطنهم وتتحكم في موارده، وزاد من الطين بلة وجود عشرات الآلاف من الشابات المتخرجات من جامعات العالم، يعانين من عدم إتاحة الفرصة العملية لهن في مواقعهن الطبيعية وتخصصاتهن الدراسية، وحرموا جميعا ذكورا وإناثا من عدم مواصلة تأهيلهم وتطوير إمكاناتهم بمواصلة الدراسات العليا، وتذليل هموم الحياة التي يعانون منها، فما يعانيه الطالب والطالبة الجامعية داخل وخارج وطنهم يكفي لقتل مواهبهم وإبداعاتهم وطموحهم. فأنى لمثل هذا الجيل القادم من وراء الأسلاك الشائكة من التعقيد والمعانات المريرة، أن يخرج طاقاته ومواهبة وأحلامه الوردية لبناء وطنه، وهو الذي تربى وعانى الأكدار في محيط آسن ومستنقع متعفن من التراكمات الوراثية والعرفية القائمة على التفاضل الطبقي والقبلي، والفئوي، والمناطقي.
8ـ التبعية السياسية الخطيرة التي أصبحت تتمثل في الأحزاب الثرية بالأموال والتي لا تمتلك وقودا ولا فداء لجمودها ولطموح المغامرين على رؤوسها إلا التضحية بالشباب المضطر لما في أيديهم، من المتفرغين العاطلين عن الوظائف والأعمال، والذين تجلدهم الحاجة والبؤس، فهم وقود للصراعات القديمة الحديثة، بمقابل أو بدون مقابل،
عاطلا يلوي بلا شغل ولا
يتمنى غير حلم السكن
كل ما يملكه في عمره
حبه الأهل وبغض الزمن
إنها: انحراف ثقافة، وأخطاء نشأة، وأزمة أخلاق :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
*الجمهورية
[email protected]