مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
اسـتقواء هنـا واسـتنفار هنــاك
هويدي 24-12-2002

إذا وضعنا المبادرة الأمريكية الأخيرة في سياق مجمل الخطاب السياسي الأمريكي الراهن‏,‏ وقرأناها في ضوء خبراتنا التاريخية بأمثال تلك الممارسات ظاهرة الجاذبية والبراءة‏,‏ فإننا سنخرج بانطباعات مثيرة للاهتمام‏,‏ يختلط فيها العبث بالدهشة والعجب‏!‏

‏(1)‏
المبادرة التي أعنيها هي التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكية كولين باول في الثاني عشر من الشهر الحالي‏,‏ وتلقيناها تحت عنوان محتشم ورصين هو‏:‏ مبادرة المشاركة من أجل الديمقراطية والتنمية‏(‏ في العالم العربي بوجه أخص‏),‏ وكان مدير التخطيط السياسي بالخارجية الأمريكية ريتشارد هاس قد مهد لتلك المبادرة بمحاضرة ألقاها في‏12/4,‏ أي قبل أسبوع من تاريخ إطلاقها‏,‏ حملت عنوانا آخر بريئا وبناء هو‏:‏ نحو مزيد من الديمقراطية في العالم الإسلامي‏,‏ ولا أظن أنها مجرد مصادفة أن يعلن باول مبادرته أمام جهة لها موقفها المعادي للعرب والمسلمين هي مؤسسة التراث‏(‏ هيرتيدج فاونشدين‏),‏ في حين ألقي هاس محاضرته أمام جهة أخري أشد عداء للاثنين‏,‏ هي مجلس العلاقات الخارجية‏(‏ ايباك‏)‏ الناطق باسم إسرائيل في واشنطن‏.‏
عنوان المبادرة الذي تم انتقاؤه بعناية‏,‏ شأنه في ذلك شأن الصيغة التي كتب بها نصها الذي يعطي انطباعا لدي قارئه أنها من قبيل الأعمال الرسالية والخيرة التي يقوم بها الأخ الكبير الطيب‏,‏ للأخذ بيد أشقائه الأصغر والنهوض بهم‏.‏ لكن خبرتنا التاريخية مع القوي العظمي تعلمنا أن الأفكار المجردة والعناوين الجذابة والبريئة هي التي احتمي بها الطامعون والطغاة لتسويغ ممارستهم‏,‏ وما مصطلح الاستعمار المشتق من العمران إلا نموذج لذلك‏,‏ يفيدنا في هذا المعني كتاب السياسي الأمريكي النزيه وليام فولبرايت غطرسة القوة‏,‏ ذكر فيه أن الحروب الحديثة كانت أسبابها الحقيقية مختلفة تماما عن الأسباب المعلنة‏,‏ وضرب لنا أمثلة عديدة لذلك‏,‏ منها أن الولايات المتحدة ذهبت إلي كوبا عام‏1898‏ رافعة شعار تحريرها من الطغيان الأسباني‏,‏ وعلي الرغم من أن أسبانيا كانت مستعدة لدفع ثمن باهظ لكي تتجنب الدخول في الحرب‏,‏ فإن الولايات المتحدة لم تأبه بذلك‏,‏ ومضت في مقاتلتها حتي رحلت عن كوبا‏,‏ وبعد أن تحقق الهدف المعلن‏,‏ فإنها لم تطلق سراحها‏,‏ وإنما وضعتها أولا تحت حمايتها ثم ضمتها إلي أملاكها‏.‏

ثمة مبادرة مماثلة حدثت مع الفلبين‏,‏ التي كانت بدورها تحت الاحتلال الأسباني‏,‏ فقامت الولايات المتحدة بشرائها بخمسة وعشرين ألف دولار‏,‏ وفرضت عليها الاحتلال‏,‏ وبدلا من أن تعترف أمريكا بأن احتلالها للفلبين كانت وراءه أطماع إمبريالية‏,‏ متطلعة إلي ثروات البلاد وأسواقها‏,‏ فإن الرئيس الأمريكي ماكنللي لجأ إلي حيلة أخري‏,‏ فأعلن علي الملأ أن الله أوحي إليه بأن من واجب أمريكا أن تنهض بعبء تربية الفلبين‏,‏ ورفع شأن أبنائها وتحضيرهم وتنصيرهم‏,‏ ثم ختم بيانه بإعلانه‏:‏ إننا سوف نبذل قصاري جهدنا معهم‏,‏ لأنهم إخواننا في الدين الذين مات المسيح من أجلهم‏.‏

‏(2)‏
عندي بعد ذلك ملاحظتان علي المبادرة من حيث شكلها وفكرتها الأساسية‏.‏ الأولي‏:‏ أنها تتحدث بنعومة وحذر عن مشاركة من أجل كذا وكذا‏,‏ الأمر الذي يعطي انطباعا بأنها يد أمريكية ممدودة إلي حكومات وشعوب المنطقة للتعاون من أجل أهدافها النبيلة‏,‏ لكن ذلك الأدب الزائد في طرح الموضوع خصوصا حين يصدر عن الولايات المتحدة‏,‏ يبعث علي القلق بأكثر مما يبعث علي الارتياح‏..‏ لماذا؟
ببساطة لأن كلمة المشاركة ساقطة من القاموس السياسي الأمريكي‏,‏ الذي اعتمد لغة أخري في مخاطبة المجتمع الدولي‏,‏ ذلك أن ممارسات القوة الإمبريالية الوحيدة في العالم تقطع بما لا يدع مجالا للشك بأنها لا تعتمد مبدأ المشاركة مع أي أحد‏,‏ وإنما هي تتحرك منفردة‏,‏ وتأمر فتطاع‏(‏ وهو ما يزعج بعض القادة الأوروبيين‏),‏ وحين تستدعي الآخرين فإن ذلك يكون من باب التجمل فقط‏(‏ كما حدث مع القوات الدولية في أفغانستان‏),‏ أو من باب جبر الخواطر‏,‏ كما حدث في حالة عرض الموضوع العراقي علي الأمم المتحدة‏,‏ والدعوة لإقامة تحالف لإسقاط نظام بغداد‏,‏ بل إن الإدارة الأمريكية حين لجأت إلي هاتين الخطوتين‏,‏ فإنها لم تكف عن القول بأنها ستتصرف منفردة إذا لزم الأمر‏.‏

تتصل بهذه الملاحظة مفارقة مضحكة تشكك في جدية المبادرة‏,‏ إذ في حين جاء عنوانها مؤكدا أنها من أجل الديمقراطية‏,‏ فإن السيد باول استهلها بالمطالبة بإزاحة الرئيس عرفات من رئاسة السلطة الوطنية‏,‏ وعلي الرغم من أنه من الزعماء النادرين في العالم العربي الذين تم انتخابهم ديمقراطيا‏!‏
الملاحظة الثانية أخطر وأبعد أثرا‏,‏ إذ من الواضح أن الإدارة الأمريكية اختارت لا أن تراقب التطورات الحاصلة في المنطقة‏,‏ ولا أن تكتفي بتوجيه النصح لمن يهمه الأمر‏,‏ وإنما قررت أن تنزل بنفسها إلي الساحة ـ بمالها ورجالها وسلطانها ـ لإجراء التغيير المنشود تحت مظلة المشاركة‏,‏ إن شئت فقل إنها قررت أن تراهن علي تطويع العالم العربي‏,‏ عبر اختطاف إرادة التغيير الحقيقية من أيدي أصحابها الأصليين‏,‏ الذين يعنيهم أمر نهوضه‏,‏ ويدركون أكثر من غيرهم شروط النهوض واستحقاقاته ومقاصده‏.‏

الفكرة ليست جديدة تماما‏,‏ إذ باسم المشاركة أيضا زحفت جيوش الاستعمار الأوروبي علي إفريقيا في القرن التاسع عشر‏,‏ ففي مؤتمر عقد عام‏1884‏ ودعا إليه المستشار الألماني بسمارك لتنظيم المنافسة بين الدول الأوروبية علي النفوذ في إفريقيا‏,‏ قال الرجل في جلسة الافتتاح‏:‏ إن الحكومة الإمبراطورية دعت إلي عقد هذا المؤتمر‏,‏ انطلاقا من إيمانها بأن جميع الحكومات المدعوة لحضوره تحدوها الرغبة في إشراك سكان إفريقيا الأصليين في التقدم الحضاري‏,‏ عبر فتح هذه القارة أمام التجارة‏,‏ وعبر توفير وسائل التعليم لسكانها‏,‏ ومن خلال تشجيع البعثات‏,‏ وكل ما من شأنه نشر المعارف‏,‏ وتيسير القضاء علي العبودية خاصة تجارة الرقيق‏.‏

‏(3)‏
تحت العنوان الجذاب ومن عباءته خرجت أفكار جيدة ظاهرة البراءة‏,‏ كلها تدور حول الدعم الأمريكي لتوسيع فرص التنمية السياسية والاقتصادية والتعليمية في العالم العربي‏,‏ وهو أمر لا غرابة فيه كما أسلفنا‏.‏ إذ من المتوقع والطبيعي أن تغلف الأهداف بغلالة من العبارات السمحة والدعوة النبيلة‏.‏
بسبب من ذلك فلا تعليق لنا علي قائمة الأفكار والمشروعات الجيدة التي تحدثت عنها اليزابيث تشيني‏(‏ ابنة نائب الرئيس‏)‏ التي هي عضو رئيسي في فريق الانتداب والوصاية الجديدة علي المستقبل العربي‏,‏ وهي المشروعات التي تضمنت تنظيم حلقات لدراسة دور المجالس التشريعية‏,‏ وإنشاء مدرسة لتنظيم الحملات الانتخابية‏,‏ وإصدار ترجمات عربية لكتب العلوم السياسية والاقتصاد الأمريكية‏,‏ ووضع برنامج لإشاعة اللامركزية في التعليم‏,‏ وإنشاء كلية خاصة للبنات في السعودية‏..‏ إلخ‏.‏

أما ما يستحق التسجيل والتعليق حقا فهو التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز‏(‏ في‏12/16)‏ وركز علي الأفكار الأمريكية المطروحة للتأثير علي الرأي العام في العالم العربي والإسلامي‏.‏ صحيح أن تلك الأفكار ليست جزءا من المبادرة التي أعلنت‏,‏ إلا أنها تأتي في سياقها وتصب في مقاصدها‏,‏ فتدعو تلك الأفكار مثلا إلي تقديم تمويل سري لإنشاء مدارس دينية‏,‏ بهدف نشر الأفكار الإسلامية المعتدلة‏(‏ من وجهة النظر الأمريكية بطبيعة الحال‏),‏ وتقديم أموال للصحفيين لكتابة مقالات تخدم الأهداف الأمريكية‏,‏ بالإضافة إلي العمل علي مساندة قوي داخلية لتنظيم مظاهرات وتجمعات مؤيدة للسياسة الأمريكية‏.‏
أيضا ليست جديدة هذه الأفكار‏,‏ فقد سجلها ووثقها كتاب الحرب الباردة الثقافية‏,‏ وعرض لنا بالتفصيل كيف اختبرت ومورست في مواجهة الاتحاد السوفيتي‏,‏ لكن الجديد والمثير في الأمر أن تلك الممارسات تمت في سنوات الحرب الباردة‏,‏ ثم كشف النقاب عنها بعد ثلاثة أو أربعة عقود من خلال جهود الباحثين الذين نقبوا في آلاف الوثائق والتقارير التي أفرج عنها‏,‏ لكن الموقف اختلف في حالتنا‏,‏ حيث أعلن عن بعض أهم التدابير قبل وقوعها‏,‏ وعرفنا الآن أن الأمريكيين سينشئون مدارس تعلمنا الإسلام‏,‏ وسيدفعون أموالا لبعض الصحفيين‏,‏ وسيحركون مظاهرات لمصلحتهم في العواصم العربية‏,‏ أي أنهم سيتدخلون في تلقيننا لتعاليم ديننا‏,‏ وفي تشكيل إدراكنا‏,‏ وفي تحريك الرأي العام وإعادة صياغته‏.‏

‏(4)‏
هذا الاستقواء في الخارج يقابله استنفار ولوثة في الداخل‏,‏ يعد الهوس الأمني أبرز تجلياتها‏,‏ فهذه الأيام بدأ حملة تبصيم وتصوير كل من تجاوز سن الثامنة عشرة من المهاجرين الذين ينتمون إلي‏18‏ بلدا عربيا وإسلاميا‏,‏ بهدف تحديد الإرهابيين المحتمل ظهورهم في المستقبل‏,‏ كما ذكر تقرير الشرق الأوسط من لوس أنجلوس‏(‏ نشر في‏12/18),‏ الأمر الذي أدي إلي تجمع الآلاف منهم أمام مكاتب الهجرة‏,‏ وأعاد إلي الأذهان تجربة القمع الذي مارسته السلطات الأمريكية إزاء اليابانيين المقيمين علي أراضيها‏,‏ عقب الهجوم الياباني علي الأسطول الأمريكي في بيرل هاربر إبان الحرب العالمية الثانية‏.‏
وإلي جانب الإجراءات التي اتخذت للتنصت علي المكالمات الهاتفية ومراقبة الرسائل الإلكترونية‏,‏ أعلن قبل أيام قليلة أن السلطات الفيدرالية اتخذت‏58‏ إجراء أمنيا جديدا في المطارات في إطار التحوط لاحتمالات الأعمال الإرهابية‏,‏ أحدثها مطالبة المسافرين علي الطائرات بمنع إقفال حقائبهم‏,‏ لكن المثير للدهشة هو تلك القرارات التي اتخذت لتوسيع نطاق التجسس داخل الولايات المتحدة‏,‏ إذ طبقا لقانون المعلومات الإرهابية ونظام الردع سيتم تجنيد قرابة‏11‏ مليون أمريكي للعمل كمخبرين‏,‏ لتقديم معلومات للأجهزة الحكومية حول أية أعمال مثيرة للشبهة‏(‏ القدس العربي ـ‏2002/7/17).‏

ليس ذلك فحسب‏,‏ وإنما طبقا للنظام الجديد الذي أطلق عليه اسم تيبس‏TIPS‏ سيبصح كل أمريكي تحت الملاحظة والمراقبة‏,‏ إذ سوف يخضع لرقابة ساعي البريد وجامع القمامة والسباك ومهندس الهاتف وسائق السيارة العمومية أو الأجرة‏(‏ التاكسي‏),‏ إذ أصبح كل واحد من هؤلاء مطالبا بالمسارعة إلي كتابة تقرير عن أي شيء يثير شبهته‏,‏ سواء فيما يخص الشخص أو مرافقيه أو ضيوفه‏.‏
في الآونة الأخيرة دخلت وزارة الدفاع الأمريكية علي الخط‏,‏ واتجهت إلي فحص المعلومات التي تتجمع لدي أجهزة الحاسب الآلي‏,‏ وتخص مئات الآلاف من الأمريكيين‏,‏ في تحول وظيفي خطير يشرك الجيش في التجسس علي المدنيين‏,‏ وهي المهمة التي تقوم بها أجهزة فرض القانون‏,‏ وهو ما دعا أحد أساتذة القانون الدستوري الأمريكي ـ كريستوفر بايلي ـ إلي رفع صوت الاحتجاج والقول بأن الارتباط المباشر لموظف عسكري بعمليات فرض القانون يعد عملا إجراميا‏.‏

وتساءل في مقالة له نشرتها صحيفة نيويورك تايمز ونقلتها الشرق الأوسط في‏12/20:‏ هل يسعون للتعرف علي هوية معارضي الحرب‏(‏ ضد العراق‏)‏ من المتظاهرين الذين تعسفوا معهم خلال الستينيات‏(‏ خلال حرب فيتنام‏)‏؟ وهل سيكونون مستعدين لتعقب المزيد من المدنيين واعتقالهم دون محاكمة‏,‏ كما فعلوا بالأمريكيين من أصول يابانية في الحرب العالمية الثانية؟ وهل أصبح التصدي للإرهاب نوعا من الهوس بالتحقق من أنشطة البعض‏,‏ كما حدث خلال التصدي للشيوعية إبان الخمسينيات والستينيات؟
ليست هذه هي المرة الأولي التي يحاول فيها الجيش الأمريكي التجسس علي الناس‏,‏ متجاوزا في ذلك حدود القانون‏,‏ فقد فعلها في أواخر الستينيات‏,‏ حيث قام سرا بجمع معلومات حول ما يزيد علي مليون من الأمريكيين حسني السير والسلوك‏,‏ ضمن جهد منظم لتعقب معارضي الحرب الفيتنامية وإلحاق الأذي بهم‏,‏ وهي المعلومة التي كشف عنها الكاتب‏,‏ الذي كان يعمل ضابطا آنذاك في المخابرات العسكرية‏,‏ حيث علم أن الجيش تعاقد مع‏1500‏ عميل يرتدون الملابس المدنية‏,‏ كانت مهمتهم مراقبة المتظاهرين في أنحاء البلاد والتعرف علي مثيري الشغب منهم‏.‏

‏(5)‏
تهيمن علي السياسة الأمريكية ظاهرة البارانويا التي تعني توجس المرء وشعوره بأن ثمة عالما أو كائنا عدائيا يتربص به ويتآمر عليه‏,‏ هذه الفكرة رصدها وأثبتها المؤرخ ريتشارد هوفشتاتر‏,‏ وألقي فيها محاضرة شهيرة بجامعة أوكسفورد‏,‏ صدرت في كتاب نشر عام‏89,‏ عرضه الأستاذ محمد يوسف عدس في دراسة نشرتها له مجلة الهلال في عدد أول ديسمبر الحالي‏.‏
عرض هوفشتاتر لنظرية المؤامرة الكامنة في التاريخ السياسي الأمريكي وارجع مصدرها الي التأثر بثقافة النبوءات الانجيلية‏,‏ الحاكمة لعقلية الاصولين البروتستانت‏,‏ والنابعة من تأويلات لسفردانياك وسفر النبوءات في العهدين القديم والجديد‏.‏ وتتبع مظاهرها بالتفصيل منذ تسعينيات القرن الثامن عشر‏,‏ وحتي انتهت بالمؤامرة الشيوعية التي تذرع بها ماك آرثر بعد الحرب العالمية الثانية ليشن حملة تطهير إرهابية شملت العديد من المفكرين والمثقفين والمنظمات الأمريكية‏(‏ لم تكن حكاية الإرهاب والقاعدة قد ظهرت بعد‏).‏ ولكي يضرب المؤلف مثلا علي تجليات نظرية المؤامرة الوهمية التي تعصف بالعقل الأمريكي بين الحين والآخر‏,‏ فإنه استعار قصة مسكونة بالمؤامرات الوهمية كان الأمريكيون يرددونها في ستينيات القرن العشرين‏(‏ نشرتها نيويورك تايمز في‏63/7/21),‏ تقول القصة التي صدقها الناس‏:‏ إن‏35‏ ألفا من القوات الشيوعية الصينية يحملون أسلحتهم ويرتدون زيا عسكريا بلون أزرق إمعانا في التمويه‏,‏ يقتربون من الحدود المكسيكية ويتأهبون لغزو سان دياجو‏,‏ وأن الحكومة الفيدرالية الأمريكية سلمت أو هي في سبيل تسليم زمام قيادتها البحرية والجوية إلي كولونيل روسي يعمل
في الأمم المتحدة وعلي نحو تقريبي فإن كل أمريكي مشهور أو قائد كبير في العالم الحر هو في الحقيقة عميل شيوعي‏..‏ وأن الجيش الأمريكي الذي يقوم بالتدريب علي حرب العصابات في ولاية جورجيا‏,‏ في عملية تسمي أفعي الماء الثالثة هو في الحقيقة جيش للولايات المتحدة‏,‏ يتخفي في الزي العسكري الأمريكي ويتأهب للاستيلاء علي بلادنا‏!‏
ألا تفسر لنا هذه الخلفية تلك الصرعة الأمريكية التي تري في كل عربي أو مسلم إرهابيا‏,‏ وفي كل حادث يقع بأي مكان بالكرة الأرضية أنه من عمل تنظيم القاعدة؟
أضافة تعليق