هويدي 26-11-2002
إذا كان أكبر إنجاز للمقاومة الفلسطينية أنها نجحت في إسقاط مشروع شارون, وفي ضرب منظومة الأمن الإسرائيلي, فإن أكبر غلط تقع فيه المقاومة هو أن توقف عملياتها الآن, استجابة لوهم التأثير في نتائج الانتخابات المقبلة, بحيث يخلي مجرمو الحرب الراهنون مكانهم لفريق آخر من مجرمي الحرب الجدد!
(1)
إحدي مشكلات الإعلام عندنا أنه ينقل إلينا كل يوم صورة شبه مفصلة لما يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين, في حين لا يتابع علي نحو دقيق التفاعلات الحاصلة داخل إسرائيل نفسها. أعني أننا نستشعر جيدا الوجع الفلسطيني لكننا لا نعرف الكثير عن الوجع الإسرائيلي, باستثناء الأرقام التي تعلن عن ضحايا كل عملية استشهادية أو فدائية, وحتي هذه الأرقام والمعلومات تخضع للرقابة, وعادة ما تكون أقل من الحقيقة, لتخفيف حجم الصدمة داخل المجتمع الإسرائيلي.
في ظل استمرار المقاومة, والعمليات الاستشهادية بوجه أخص, فإنه لا يكاد يخلو يوم من شكل من أشكال قمع الفلسطينيين وترويعهم. خلال الأيام العشرين الأولي من الشهر الحالي( نوفمبر) ظل يقتل كل يوم فلسطينيان ويصاب17 بجروح, ذلك فضلا عن عمليات التهديم والقصف والتجريف والتجويع, التي لم تنج منها مدينة أو قرية في القطاع والضفة. والسعار الذي أصاب الحكومة الإسرائيلية بعد عملية القدس الأخيرة خير شاهد علي ذلك.
إن شئت فقل: إنه مسلسل للقتل البطيء, ينقل إلي كثيرين منا شعورا بالإحباط واليأس, لا يخرج الناس من أجوائه ولا ينتشلهم من مستنقعه إلا أخبار العمليات الاستشهادية, التي تذكرهم بأن الله أكبر, وأن ثمة شيئا في الأمة لم يمت بعد, وإن كان الترويع الذي حل بالفلسطينيين لم ينل من إصرارهم علي الخلاص, ولا أطفأ في أعماقهم جذوة المقاومة.
المفارقة المثيرة واللافتة للنظر في هذا الصدد هي أن المجتمع الفلسطيني الأعزل علي الرغم من كل ما أصابه من تقتيل ودمار, لم يعرف الخوف, ويزداد صلابة وعنادا يوما بعد يوم, كما أن العمليات التي يقوم بها الفدائيون الاستشهاديون تكشف عن درجة عالية من تراكم الخبرة ورفعة الأداء والإقدام منقطع النظير. أما المجتمع الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة في البر والجو, والمحتمي بالقوة النووية فضلا عن المظلة الأمريكية, فإنه هو الذي أصبح مسكونا بالخوف حتي ارتد إلي صدره ذلك الترويع الذي حاول قادته إشاعته بين الفلسطينيين, وذلك جوهر الفرق بين الذين يريدون الدنيا والذين يريدون الآخرة.
في11/18 نشرت صحيفة هاآرتس أن الجيش الإسرائيلي يشهد أزمة تهرب خطيرة من الخدمة العسكرية, ازدادت بشكل حاد خلال الفترة الأخيرة مع تزايد الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. وأشارت الصحيفة إلي أن عدد الفارين من الخدمة العسكرية في العام الحالي(2002) وصل إلي2616 جنديا, أغلبهم من جنود الاحتياط, وكان عدد هؤلاء في العام الماضي1564 شخصا, الأمر الذي يعني أن ثمة ارتفاعا في عدد الفارين من الخدمة العسكرية بنسبة76.2%.
في11/5 نشرت صحيفة معاريف مقالة كتبها ايتان رابين عن قرية أنشئت لعلاج الجنود الإسرائيليين الذين يتم تسريحهم من الجيش, أشار فيها إلي أن تجاربهم مع الانتفاضة صدمتهم وهزتهم حتي شوهتهم نفسيا, حيث إن كثيرين منهم يحاولون البحث عن الهدوء والسكينة بعد تسريحهم, لذلك فإنهم يسافرون إلي الهند وتايلاند وغيرهما من دول الشرق الأقصي, لكنهم هناك يدمنون المخدرات ويعودون أشخاصا آخرين في حالة انهيار شبه تام, ولا يصلحون لشيء!
تحدث الكاتب عن ضابط من المسرحين كان ضمن وحدة الأركان, وقاتل الفلسطينيين لمدة عامين, وبعد انتهاء مدة خدمته سافر إلي تايلاند للهروب مما حدث له, لكنه لم ينجح, واتجه إلي تعاطي المخدرات, وبعد عودته تدهور أكثر وبدأ في إدمان الكوكايين, وشرع أهله في علاجه لكنهم بعد عدة أيام وجدوه ميتا, ولم يعرف أحد سبب وفاته.
هل سمعتم عن شيء من ذلك حدث بين الفلسطينيين؟!
(2)
في أوائل شهر نوفمبر الحالي أصدرت مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية تقريرا كشف النقاب عن مجموعة من المؤشرات ذات الدلالة التي برزت بعد الانتفاضة, منها ـ علي سبيل المثال ـ أن عدد الفقراء في إسرائيل تجاوز بعد عام الانتفاضة الأول1.2 مليون نسمة يمثلون20% من السكان, بحيث أصبح الدخل السنوي للواحد منهم في حدود356 دولارا فقط.
وأضاف التقرير في هذه النقطة أن13 ألف عائلة جديدة انضمت إلي دائرة الفقراء, بالمقارنة مع سنة2000, ويشكل العرب29% من أولئك الفقراء.
في الوقت نفسه أصدر بنك إسرائيل المركزي تقريرا آخر عن الوضع الاقتصادي في البلاد, ذكر أن نسبة البطالة هذا العام تجاوزت10.5%, وأنها ستتجاوز12% في السنة المقبلة. ومن المعلومات المثيرة التي أوردها التقرير أن نسبة العجز في الميزان التجاري ستصل إلي95%, وأن الاستثمارات الأجنبية ستنخفض بنسبة6.3%, وأن مستوي المعيشة سينخفض بنسبة2.2%.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
حين يصل عدد الإسرائيليين الذين تجاوزوا خط الفقر إلي1.2 مليون نسمة, فمعناه أن خمس السكان مرشحون لحزم حقائبهم والرحيل عن البلاد عند أول فرصة, ذلك أن هؤلاء إذا كانوا قد جاءوا إلي ما زعموا أنه أرض الميعاد بحثا عن الأمن وتحت إغراء تحسين مستوي معيشتهم, وإذا كان حلم الأمن قد تبخر للأسباب المعروفة, ولحق به حلم الرخاء, فما الذي يحفزهم علي البقاء في إسرائيل الآن؟!
علي صعيد آخر فإذا كان العجز التجاري ينشأ عن الاختلال فيما بين الصادرات والواردات, فإن ذلك العجز حين يصل إلي85% فمعناه أن الدولة الإسرائيلية لم تعد تصدر شيئا, ولن تخطئ إذا قلت إنها لم تعد تنتج شيئا لكي تصدره, معناه أن إسرائيل أصبحت تعتمد بشكل أكبر علي الاستيراد من الخارج, مع تناقص إنتاج سلع التصدير إلي الخارج.
في الوقت نفسه فإن تراجع الاستثمارات الخارجية لا يعني سوي شيء واحد هو: فقدان الثقة في مؤسسات وأوضاع ذلك البلد المضطرب, وفي حالة إسرائيل فإنها كانت تتمتع بميزة الدولة الأكثر رعاية في الاتفاقات التي عقدتها مع مختلف دول العالم, كما أنها كانت تحظي برعاية ودعم مباشرين وغير مباشرين عن طريق استثمار مبالغ خيالية فيها, حتي إن معظم النشاطات الاقتصادية الإسرائيلية لم تكن سوي فروع من المشروعات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية, وحين تتناقص الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل, فإن ذلك يعني أنها فقدت الصفات التي جعلت الآخرين يتعاملون معها بأفضلية.
ذلك بعض ما حدث خلال عامين للانتفاضة, ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث في إسرائيل لو قدر للانتفاضة أن تستمر لعامين مقبلين أو أكثر؟
(3)
أهم مما سبق أن العمليات الاستشهادية الجسورة التي تلاحقت خلال الأسبوعين الماضيين في تل أبيب والخليل والقدس, بعثت برسالة إلي كل مواطن إسرائيلي تبلغه بأن حياته في خطر حيثما ذهب, وإذا قال قائل إن ذلك هو حال الفلسطينيين أيضا فهذا صحيح, لكني أضيف أن إنجاز المقاومة الفلسطينية نجح في أن يرد الرسالة بمثلها, وأحيانا بأحسن منها. وإذا تساوي الطرفان في الشعور بالخطر, فالفلسطينيون هم الفائزون, باعتبار أن وجودهم في فلسطين هو قدر وليس أمامهم بديل آخر, أما الإسرائيليون فقدومهم إلي إسرائيل اختيار, وأمامهم بدائل أخري, بدليل أن آلافا منهم حزموا حقائبهم وعادوا إلي حيث أتوا.
الضحية الحقيقية لهذا التطور هي المشروع الصهيوني نفسه, الذي ادعي رواده أن وجود اليهود فيما زعموا أنه أرض الميعاد هو ملاذهم الآمن والأخير, وإذ عاودهم الخوف في عقر دورهم التي اغتصبوها فإن فكرة الملاذ لم يعد لها معني. أما ضحية الساعة ـ إذا جاز التعبير ـ فهو السيد أرييل شارون الذي هو الآن في النزع الأخير, ولن نستغرب إذا ما أنهت الانتفاضة حياته السياسية نهاية بائسة, وهو الذي جاء إلي السلطة علي وعد بأن يقضي علي الانتفاضة خلال ثلاثة أشهر, وها قد مر عشرون شهرا والانتفاضة مستمرة, وتزداد تمرسا وقوة حينا بعد حين, وتوجه إلي الجسم الإسرائيلي ضربات موجعة كل حين.
إن عبارة فشل حكومة شارون وسياسته أصبحت قاسما مشتركا في كتابات العديد من الكتاب والمعلقين الإسرائيليين, وهو ما يسجله عكيفا الدار ـ مثلا ـ في هاآرتس( عدد11/18) قائلا عن عدد القتلي الإسرائيليين في حرب الاستنزاف الحالية( التي يشنها الفلسطينيون) ينافس في حجمه عدد قتلاهم خلال18 عاما من الحرب في لبنان, وقد دعا في مقالته إلي الانسحاب وراء الجدار العازل خلال عام حتي إذا لم يتم التوصل إلي اتفاق, وانتقد بشدة الجمهور الإسرائيلي الذي تصوت أغلبيته لمصلحة شارون وسياسته قائلا: إنه لا يزال يتصرف مثل المرأة المضروبة التي تصر علي العودة إلي أحضان الرجل الشرير.
عوفر شيلح من كتاب يديعوت أحرونوت ذهب إلي أبعد, إذ إنه لم يتهم شارون بالفشل فحسب, وإنما شكك في قدرة الجيش( بقرتهم المقدسة!) علي التصدي للمقاومة الفلسطينية. فعقب عملية الخليل( التي قام بها شباب الجهاد الإسلامي وقتل فيها12 عسكريا إسرائيليا) كتب يوم11/19 قائلا: إذا كان ثلاثة من العرب قادرين علي المس بهذه الشدة بعشرات من حملة السلاح من رجالنا, فإن ذلك يضعف ثقتنا في القوة التي نعتمد عليها, وإذا كانوا قادرين علي الانتصار في معركة صغيرة واحدة, فلعل ثقتنا بأننا سننتصر في الصراعات الكبري تستند إلي الوهم.
بعد عشرين شهرا من وعد شارون بإنهاء الانتفاضة كتب حيمي شليف في معاريف(11/17) يقول: إن الإسرائيليين جميعا أصبحوا عالقين في زقاق الموت, وهو ما عبر عنه أيضا ناحوم برنياع في يديعوت أحرونوت(11/18) الذي وصف عملية الخليل بأنها إعلان مهين عن فشل سياسة حكومة شارون, وقال: إن الوضع قد أصبح خطيرا الآن, فمن الأفضل ألا نجعله أشد خطورة من خلال نشاط حكومي( قمعي) آخر.
(4)
مثلما يحدث في كل ملاحم التحرير, فمعركة الفلسطينيين مازالت طويلة, وكلما اشتد ساعد المقاومة ازداد الإسرائيليون شراسة, وغاية ما يمكن أن يقال في الوقت الراهن إن شارون وأمثاله فشلوا في كسر إرادة الفلسطينيين, الذين أحرزوا نقاطا في الجولة الراهنة تفوق ما حصله خصومهم المتعجرفون والمختالون بقوتهم, وفي هذا الصدد ينبغي ألا تفوتنا ملاحظة أنه في حين بدأت الأرض تهتز تحت أقدام شارون, ظهر في الأفق زعيم جديد لحزب العمل هو السيد عمران متسناع, الذي أطل علينا قائلا: إنه يسعي للتفاوض مع الفلسطينيين إذا تسلم الحكم, وأنه مقتنع بعدم جدوي العنف, وبضرورة إخلاء غزة من القوات والمستوطنين.
لكن أغرب ما في المشهد أن ينطلي الملعوب علي بعضنا, فيستدعوا المقولة التي عفا عليها الزمن وكذبها التاريخ, تلك التي تزعم أن حزب العمل أفضل للفلسطينيين والعرب من الليكود, وهو ما لمسناه في أمرين, الأول تلك التصريحات والكتابات التي ظهرت مرحبة بالسيد متسناع ومحتفية بكلامه, ومن تلك التصريحات ما صدر عن الرئيس ياسر عرفات( في11/20) حين رحب بالتعاون مع الزعيم الجديد لحزب العمل, وأعرب عن ثقته في أنه سيكمل الطريق الذي بدأه شريك السلام إسحاق رابين( من المفارقات أن رابين هو الذي دعا إلي تكسير عظام الفلسطينيين في انتفاضة عام87, وأن الرجل الذي كلف بتنفيذ تلك السياسة في الضفة الغربية كان السيد متسناع شخصيا!), أما الكتابات التي نعنيها فمن نماذجها ذلك التعليق الذي نشرته الحياة اللندنية في11/21 للأستاذ غسان شربل, وتساءل فيه عما إذا كان باستطاعة الفلسطينيين القيام بشيء لمنع بقاء شارون( في السلطة), وزيادة حظوظ الجنرال متسناع, الذي يبدو كمن جاء متأخرا.
الأمر الثاني الذي لمسناه في السياق الذي نحن بصدده هو تلك الجهود العربية التي بذلت لإقناع منظمتي فتح وحماس بوقف العمليات داخل إسرائيل, بدعوي أن ذلك الإيقاف, وما يستصحبه من تهدئة مفترضة, سوف يسحب ورقة الأمن من يد شارون في الانتخابات المقبلة التي ستتم هناك بعد شهرين, وإذا ما تحقق ذلك فإن الموضوع السياسي سوف يصبح المهيمن علي أجواء الانتخابات, الأمر الذي يتصور معه أولئك الناصحون أنه قد يوفر فرصة مواتية لفوز حزب العمل, وتسلم السيد متسناع للسلطة, ومعه فريقه الذي يتقدمه بن إليعازر وبيريز( تاني!!).
لا أعرف إن كانت الفكرة تستحق المناقشة أم لا؟! لكنني لا أتردد في وصفها بأنها عبثية من أولها إلي آخرها, وقد عري عبثيتها الدكتور زياد أبو عمرو رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي الفلسطيني, الذي كتب مقالا في نقدها نشرته صحيفة القدس العربي( في11/21), ومما ذكره في هذا الصدد أنه من العبث الاعتقاد بإمكان مساعدة حزب العمل من وراء ظهر شارون, الذي لن يستجيب للمبادرة, إذا ما طلب منه أن يقدم شيئا لفتح وحماس مقابل إيقافهما للعمليات.
كما أنه من العبث المراهنة علي حزب العمل وتفضيله علي الليكود, في حين يعلم الجميع أن كلا منهما أسوأ من الآخر, ناهيك عن أن حزب العمل ليست أمامه فرصة للفوز, وهو ما أجمعت عليه استطلاعات الرأي الإسرائيلية, ومن العبث أيضا تصور إمكان تغييب ورقة الأمن عن الانتخاب لمجرد اتفاق حماس وفتح( لاحظ أن حركة الجهاد الإسلامي استبعدت) علي وقف العمليات داخل إسرائيل, لأن السماح باستمرار العمليات ضد المستوطنات المقامة في الضفة مثلا, والتي لن يشملها الاتفاق, سيجدد إثارة موضوع الأمن الذي يتعذر استبعاده طالما ظل للاحتلال وجود.
(5)
بعد الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون من دمائهم وفلذات أكبادهم, فإن خيار المقاومة أصبح محسوما, خصوصا بعد ما ثبت أن الخيارات الأخري التي طرحت عبر أوسلو وأخواتها, كانت للتمويه أو لتقنين الاحتلال, وقد طوي القادة الإسرائيليون تلك الصفحة علي أي حال, حين أعلنوا أن كل ما فات بينهم وبين الفلسطينيين قد مات, والمشكلة التي نواجهها ليست في تعب المقاومة الفلسطينية التي ما برحت تلقن المحتلين دروسا موجعة كل حين, ولا في انكسار إرادة ذلك الشعب البطل المتمسك بحقه في الاستقلال, ولكنها في تعب الآخرين الذين يمسكون بالملف الفلسطيني من قريب أو بعيد, وإذا فهم أنه في أي قضية إذا تعب فريق الوكلاء والوسطاء أو عجز فإنه يتنحي كي يفسح المجال لفريق آخر, إلا أن الأمر اختلف في القضية الفلسطينية, الذي تعب فيها هؤلاء فاختاروا أن يكون التنحي من نصيب القضية لا من نصيبهم, في حين أنهم يقدمون أكبر خدمة للقضية لو أنهم رفعوا أيديهم عنها, خصوصا أن رجال المقاومة أثبتوا أنهم أهل لها, ليس فقط لأن التاريخ معهم ولأن لكل احتلال نهاية, ولكن قبل ذلك لأن الله ينصر من ينصره.
اللهم احم المقاومة من أصدقائها, أما أعداؤها فهي كفيلة بهم.
إذا كان أكبر إنجاز للمقاومة الفلسطينية أنها نجحت في إسقاط مشروع شارون, وفي ضرب منظومة الأمن الإسرائيلي, فإن أكبر غلط تقع فيه المقاومة هو أن توقف عملياتها الآن, استجابة لوهم التأثير في نتائج الانتخابات المقبلة, بحيث يخلي مجرمو الحرب الراهنون مكانهم لفريق آخر من مجرمي الحرب الجدد!
(1)
إحدي مشكلات الإعلام عندنا أنه ينقل إلينا كل يوم صورة شبه مفصلة لما يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين, في حين لا يتابع علي نحو دقيق التفاعلات الحاصلة داخل إسرائيل نفسها. أعني أننا نستشعر جيدا الوجع الفلسطيني لكننا لا نعرف الكثير عن الوجع الإسرائيلي, باستثناء الأرقام التي تعلن عن ضحايا كل عملية استشهادية أو فدائية, وحتي هذه الأرقام والمعلومات تخضع للرقابة, وعادة ما تكون أقل من الحقيقة, لتخفيف حجم الصدمة داخل المجتمع الإسرائيلي.
في ظل استمرار المقاومة, والعمليات الاستشهادية بوجه أخص, فإنه لا يكاد يخلو يوم من شكل من أشكال قمع الفلسطينيين وترويعهم. خلال الأيام العشرين الأولي من الشهر الحالي( نوفمبر) ظل يقتل كل يوم فلسطينيان ويصاب17 بجروح, ذلك فضلا عن عمليات التهديم والقصف والتجريف والتجويع, التي لم تنج منها مدينة أو قرية في القطاع والضفة. والسعار الذي أصاب الحكومة الإسرائيلية بعد عملية القدس الأخيرة خير شاهد علي ذلك.
إن شئت فقل: إنه مسلسل للقتل البطيء, ينقل إلي كثيرين منا شعورا بالإحباط واليأس, لا يخرج الناس من أجوائه ولا ينتشلهم من مستنقعه إلا أخبار العمليات الاستشهادية, التي تذكرهم بأن الله أكبر, وأن ثمة شيئا في الأمة لم يمت بعد, وإن كان الترويع الذي حل بالفلسطينيين لم ينل من إصرارهم علي الخلاص, ولا أطفأ في أعماقهم جذوة المقاومة.
المفارقة المثيرة واللافتة للنظر في هذا الصدد هي أن المجتمع الفلسطيني الأعزل علي الرغم من كل ما أصابه من تقتيل ودمار, لم يعرف الخوف, ويزداد صلابة وعنادا يوما بعد يوم, كما أن العمليات التي يقوم بها الفدائيون الاستشهاديون تكشف عن درجة عالية من تراكم الخبرة ورفعة الأداء والإقدام منقطع النظير. أما المجتمع الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة في البر والجو, والمحتمي بالقوة النووية فضلا عن المظلة الأمريكية, فإنه هو الذي أصبح مسكونا بالخوف حتي ارتد إلي صدره ذلك الترويع الذي حاول قادته إشاعته بين الفلسطينيين, وذلك جوهر الفرق بين الذين يريدون الدنيا والذين يريدون الآخرة.
في11/18 نشرت صحيفة هاآرتس أن الجيش الإسرائيلي يشهد أزمة تهرب خطيرة من الخدمة العسكرية, ازدادت بشكل حاد خلال الفترة الأخيرة مع تزايد الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. وأشارت الصحيفة إلي أن عدد الفارين من الخدمة العسكرية في العام الحالي(2002) وصل إلي2616 جنديا, أغلبهم من جنود الاحتياط, وكان عدد هؤلاء في العام الماضي1564 شخصا, الأمر الذي يعني أن ثمة ارتفاعا في عدد الفارين من الخدمة العسكرية بنسبة76.2%.
في11/5 نشرت صحيفة معاريف مقالة كتبها ايتان رابين عن قرية أنشئت لعلاج الجنود الإسرائيليين الذين يتم تسريحهم من الجيش, أشار فيها إلي أن تجاربهم مع الانتفاضة صدمتهم وهزتهم حتي شوهتهم نفسيا, حيث إن كثيرين منهم يحاولون البحث عن الهدوء والسكينة بعد تسريحهم, لذلك فإنهم يسافرون إلي الهند وتايلاند وغيرهما من دول الشرق الأقصي, لكنهم هناك يدمنون المخدرات ويعودون أشخاصا آخرين في حالة انهيار شبه تام, ولا يصلحون لشيء!
تحدث الكاتب عن ضابط من المسرحين كان ضمن وحدة الأركان, وقاتل الفلسطينيين لمدة عامين, وبعد انتهاء مدة خدمته سافر إلي تايلاند للهروب مما حدث له, لكنه لم ينجح, واتجه إلي تعاطي المخدرات, وبعد عودته تدهور أكثر وبدأ في إدمان الكوكايين, وشرع أهله في علاجه لكنهم بعد عدة أيام وجدوه ميتا, ولم يعرف أحد سبب وفاته.
هل سمعتم عن شيء من ذلك حدث بين الفلسطينيين؟!
(2)
في أوائل شهر نوفمبر الحالي أصدرت مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية تقريرا كشف النقاب عن مجموعة من المؤشرات ذات الدلالة التي برزت بعد الانتفاضة, منها ـ علي سبيل المثال ـ أن عدد الفقراء في إسرائيل تجاوز بعد عام الانتفاضة الأول1.2 مليون نسمة يمثلون20% من السكان, بحيث أصبح الدخل السنوي للواحد منهم في حدود356 دولارا فقط.
وأضاف التقرير في هذه النقطة أن13 ألف عائلة جديدة انضمت إلي دائرة الفقراء, بالمقارنة مع سنة2000, ويشكل العرب29% من أولئك الفقراء.
في الوقت نفسه أصدر بنك إسرائيل المركزي تقريرا آخر عن الوضع الاقتصادي في البلاد, ذكر أن نسبة البطالة هذا العام تجاوزت10.5%, وأنها ستتجاوز12% في السنة المقبلة. ومن المعلومات المثيرة التي أوردها التقرير أن نسبة العجز في الميزان التجاري ستصل إلي95%, وأن الاستثمارات الأجنبية ستنخفض بنسبة6.3%, وأن مستوي المعيشة سينخفض بنسبة2.2%.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
حين يصل عدد الإسرائيليين الذين تجاوزوا خط الفقر إلي1.2 مليون نسمة, فمعناه أن خمس السكان مرشحون لحزم حقائبهم والرحيل عن البلاد عند أول فرصة, ذلك أن هؤلاء إذا كانوا قد جاءوا إلي ما زعموا أنه أرض الميعاد بحثا عن الأمن وتحت إغراء تحسين مستوي معيشتهم, وإذا كان حلم الأمن قد تبخر للأسباب المعروفة, ولحق به حلم الرخاء, فما الذي يحفزهم علي البقاء في إسرائيل الآن؟!
علي صعيد آخر فإذا كان العجز التجاري ينشأ عن الاختلال فيما بين الصادرات والواردات, فإن ذلك العجز حين يصل إلي85% فمعناه أن الدولة الإسرائيلية لم تعد تصدر شيئا, ولن تخطئ إذا قلت إنها لم تعد تنتج شيئا لكي تصدره, معناه أن إسرائيل أصبحت تعتمد بشكل أكبر علي الاستيراد من الخارج, مع تناقص إنتاج سلع التصدير إلي الخارج.
في الوقت نفسه فإن تراجع الاستثمارات الخارجية لا يعني سوي شيء واحد هو: فقدان الثقة في مؤسسات وأوضاع ذلك البلد المضطرب, وفي حالة إسرائيل فإنها كانت تتمتع بميزة الدولة الأكثر رعاية في الاتفاقات التي عقدتها مع مختلف دول العالم, كما أنها كانت تحظي برعاية ودعم مباشرين وغير مباشرين عن طريق استثمار مبالغ خيالية فيها, حتي إن معظم النشاطات الاقتصادية الإسرائيلية لم تكن سوي فروع من المشروعات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية, وحين تتناقص الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل, فإن ذلك يعني أنها فقدت الصفات التي جعلت الآخرين يتعاملون معها بأفضلية.
ذلك بعض ما حدث خلال عامين للانتفاضة, ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث في إسرائيل لو قدر للانتفاضة أن تستمر لعامين مقبلين أو أكثر؟
(3)
أهم مما سبق أن العمليات الاستشهادية الجسورة التي تلاحقت خلال الأسبوعين الماضيين في تل أبيب والخليل والقدس, بعثت برسالة إلي كل مواطن إسرائيلي تبلغه بأن حياته في خطر حيثما ذهب, وإذا قال قائل إن ذلك هو حال الفلسطينيين أيضا فهذا صحيح, لكني أضيف أن إنجاز المقاومة الفلسطينية نجح في أن يرد الرسالة بمثلها, وأحيانا بأحسن منها. وإذا تساوي الطرفان في الشعور بالخطر, فالفلسطينيون هم الفائزون, باعتبار أن وجودهم في فلسطين هو قدر وليس أمامهم بديل آخر, أما الإسرائيليون فقدومهم إلي إسرائيل اختيار, وأمامهم بدائل أخري, بدليل أن آلافا منهم حزموا حقائبهم وعادوا إلي حيث أتوا.
الضحية الحقيقية لهذا التطور هي المشروع الصهيوني نفسه, الذي ادعي رواده أن وجود اليهود فيما زعموا أنه أرض الميعاد هو ملاذهم الآمن والأخير, وإذ عاودهم الخوف في عقر دورهم التي اغتصبوها فإن فكرة الملاذ لم يعد لها معني. أما ضحية الساعة ـ إذا جاز التعبير ـ فهو السيد أرييل شارون الذي هو الآن في النزع الأخير, ولن نستغرب إذا ما أنهت الانتفاضة حياته السياسية نهاية بائسة, وهو الذي جاء إلي السلطة علي وعد بأن يقضي علي الانتفاضة خلال ثلاثة أشهر, وها قد مر عشرون شهرا والانتفاضة مستمرة, وتزداد تمرسا وقوة حينا بعد حين, وتوجه إلي الجسم الإسرائيلي ضربات موجعة كل حين.
إن عبارة فشل حكومة شارون وسياسته أصبحت قاسما مشتركا في كتابات العديد من الكتاب والمعلقين الإسرائيليين, وهو ما يسجله عكيفا الدار ـ مثلا ـ في هاآرتس( عدد11/18) قائلا عن عدد القتلي الإسرائيليين في حرب الاستنزاف الحالية( التي يشنها الفلسطينيون) ينافس في حجمه عدد قتلاهم خلال18 عاما من الحرب في لبنان, وقد دعا في مقالته إلي الانسحاب وراء الجدار العازل خلال عام حتي إذا لم يتم التوصل إلي اتفاق, وانتقد بشدة الجمهور الإسرائيلي الذي تصوت أغلبيته لمصلحة شارون وسياسته قائلا: إنه لا يزال يتصرف مثل المرأة المضروبة التي تصر علي العودة إلي أحضان الرجل الشرير.
عوفر شيلح من كتاب يديعوت أحرونوت ذهب إلي أبعد, إذ إنه لم يتهم شارون بالفشل فحسب, وإنما شكك في قدرة الجيش( بقرتهم المقدسة!) علي التصدي للمقاومة الفلسطينية. فعقب عملية الخليل( التي قام بها شباب الجهاد الإسلامي وقتل فيها12 عسكريا إسرائيليا) كتب يوم11/19 قائلا: إذا كان ثلاثة من العرب قادرين علي المس بهذه الشدة بعشرات من حملة السلاح من رجالنا, فإن ذلك يضعف ثقتنا في القوة التي نعتمد عليها, وإذا كانوا قادرين علي الانتصار في معركة صغيرة واحدة, فلعل ثقتنا بأننا سننتصر في الصراعات الكبري تستند إلي الوهم.
بعد عشرين شهرا من وعد شارون بإنهاء الانتفاضة كتب حيمي شليف في معاريف(11/17) يقول: إن الإسرائيليين جميعا أصبحوا عالقين في زقاق الموت, وهو ما عبر عنه أيضا ناحوم برنياع في يديعوت أحرونوت(11/18) الذي وصف عملية الخليل بأنها إعلان مهين عن فشل سياسة حكومة شارون, وقال: إن الوضع قد أصبح خطيرا الآن, فمن الأفضل ألا نجعله أشد خطورة من خلال نشاط حكومي( قمعي) آخر.
(4)
مثلما يحدث في كل ملاحم التحرير, فمعركة الفلسطينيين مازالت طويلة, وكلما اشتد ساعد المقاومة ازداد الإسرائيليون شراسة, وغاية ما يمكن أن يقال في الوقت الراهن إن شارون وأمثاله فشلوا في كسر إرادة الفلسطينيين, الذين أحرزوا نقاطا في الجولة الراهنة تفوق ما حصله خصومهم المتعجرفون والمختالون بقوتهم, وفي هذا الصدد ينبغي ألا تفوتنا ملاحظة أنه في حين بدأت الأرض تهتز تحت أقدام شارون, ظهر في الأفق زعيم جديد لحزب العمل هو السيد عمران متسناع, الذي أطل علينا قائلا: إنه يسعي للتفاوض مع الفلسطينيين إذا تسلم الحكم, وأنه مقتنع بعدم جدوي العنف, وبضرورة إخلاء غزة من القوات والمستوطنين.
لكن أغرب ما في المشهد أن ينطلي الملعوب علي بعضنا, فيستدعوا المقولة التي عفا عليها الزمن وكذبها التاريخ, تلك التي تزعم أن حزب العمل أفضل للفلسطينيين والعرب من الليكود, وهو ما لمسناه في أمرين, الأول تلك التصريحات والكتابات التي ظهرت مرحبة بالسيد متسناع ومحتفية بكلامه, ومن تلك التصريحات ما صدر عن الرئيس ياسر عرفات( في11/20) حين رحب بالتعاون مع الزعيم الجديد لحزب العمل, وأعرب عن ثقته في أنه سيكمل الطريق الذي بدأه شريك السلام إسحاق رابين( من المفارقات أن رابين هو الذي دعا إلي تكسير عظام الفلسطينيين في انتفاضة عام87, وأن الرجل الذي كلف بتنفيذ تلك السياسة في الضفة الغربية كان السيد متسناع شخصيا!), أما الكتابات التي نعنيها فمن نماذجها ذلك التعليق الذي نشرته الحياة اللندنية في11/21 للأستاذ غسان شربل, وتساءل فيه عما إذا كان باستطاعة الفلسطينيين القيام بشيء لمنع بقاء شارون( في السلطة), وزيادة حظوظ الجنرال متسناع, الذي يبدو كمن جاء متأخرا.
الأمر الثاني الذي لمسناه في السياق الذي نحن بصدده هو تلك الجهود العربية التي بذلت لإقناع منظمتي فتح وحماس بوقف العمليات داخل إسرائيل, بدعوي أن ذلك الإيقاف, وما يستصحبه من تهدئة مفترضة, سوف يسحب ورقة الأمن من يد شارون في الانتخابات المقبلة التي ستتم هناك بعد شهرين, وإذا ما تحقق ذلك فإن الموضوع السياسي سوف يصبح المهيمن علي أجواء الانتخابات, الأمر الذي يتصور معه أولئك الناصحون أنه قد يوفر فرصة مواتية لفوز حزب العمل, وتسلم السيد متسناع للسلطة, ومعه فريقه الذي يتقدمه بن إليعازر وبيريز( تاني!!).
لا أعرف إن كانت الفكرة تستحق المناقشة أم لا؟! لكنني لا أتردد في وصفها بأنها عبثية من أولها إلي آخرها, وقد عري عبثيتها الدكتور زياد أبو عمرو رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي الفلسطيني, الذي كتب مقالا في نقدها نشرته صحيفة القدس العربي( في11/21), ومما ذكره في هذا الصدد أنه من العبث الاعتقاد بإمكان مساعدة حزب العمل من وراء ظهر شارون, الذي لن يستجيب للمبادرة, إذا ما طلب منه أن يقدم شيئا لفتح وحماس مقابل إيقافهما للعمليات.
كما أنه من العبث المراهنة علي حزب العمل وتفضيله علي الليكود, في حين يعلم الجميع أن كلا منهما أسوأ من الآخر, ناهيك عن أن حزب العمل ليست أمامه فرصة للفوز, وهو ما أجمعت عليه استطلاعات الرأي الإسرائيلية, ومن العبث أيضا تصور إمكان تغييب ورقة الأمن عن الانتخاب لمجرد اتفاق حماس وفتح( لاحظ أن حركة الجهاد الإسلامي استبعدت) علي وقف العمليات داخل إسرائيل, لأن السماح باستمرار العمليات ضد المستوطنات المقامة في الضفة مثلا, والتي لن يشملها الاتفاق, سيجدد إثارة موضوع الأمن الذي يتعذر استبعاده طالما ظل للاحتلال وجود.
(5)
بعد الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون من دمائهم وفلذات أكبادهم, فإن خيار المقاومة أصبح محسوما, خصوصا بعد ما ثبت أن الخيارات الأخري التي طرحت عبر أوسلو وأخواتها, كانت للتمويه أو لتقنين الاحتلال, وقد طوي القادة الإسرائيليون تلك الصفحة علي أي حال, حين أعلنوا أن كل ما فات بينهم وبين الفلسطينيين قد مات, والمشكلة التي نواجهها ليست في تعب المقاومة الفلسطينية التي ما برحت تلقن المحتلين دروسا موجعة كل حين, ولا في انكسار إرادة ذلك الشعب البطل المتمسك بحقه في الاستقلال, ولكنها في تعب الآخرين الذين يمسكون بالملف الفلسطيني من قريب أو بعيد, وإذا فهم أنه في أي قضية إذا تعب فريق الوكلاء والوسطاء أو عجز فإنه يتنحي كي يفسح المجال لفريق آخر, إلا أن الأمر اختلف في القضية الفلسطينية, الذي تعب فيها هؤلاء فاختاروا أن يكون التنحي من نصيب القضية لا من نصيبهم, في حين أنهم يقدمون أكبر خدمة للقضية لو أنهم رفعوا أيديهم عنها, خصوصا أن رجال المقاومة أثبتوا أنهم أهل لها, ليس فقط لأن التاريخ معهم ولأن لكل احتلال نهاية, ولكن قبل ذلك لأن الله ينصر من ينصره.
اللهم احم المقاومة من أصدقائها, أما أعداؤها فهي كفيلة بهم.