د.محمد العبدة
بعد أن اعترف الغرب بالائتلاف الوطنى السورى كممثل للشعب السورى، وهذا يعنى ضمنًا عدم الاعتراف بنظام بشار الأسد، فوجئ الناس بالمشروع الذى حمله الإبراهيمى وهو بقاء بشار فى السلطة وتشكيل حكومة مشتركة بين المعارضة (معارضة الداخل) القريبة من النظام وبين شخصيات من النظام، وقيل فى الإعلام إنه مشروع أمريكى – روسى. وزيادة على هذا التناقض الصارخ فى السياسة المعلنة كانت أوروبا وأمريكا لا تكفان عن القول إنهم لن يتدخلوا عسكريًا لصالح الثورة، وأيضًا لن يدعموا الثورة بأسلحة نوعية لإنهاء الوضع المأساوى، وإنهاء المجازر التى ترتكب يوميًا تحت سمع العالم وبصره، والحقيقة هى أنه يجب أن نكف عن الثقة بالغرب ونكف عن المطالبة بالمساعدة لأن الغرب يفكر تفكيرًا مغايرًا.
يبدو لى أننا لم نتفهم الغرب حق الفهم، ونعلم أنه لا يفكر من ناحية المصالح فقط كما يتردد عند كثير من الكتاب أو ممن يسمون أنفسهم محللين سياسيين، (وما أكثرهم فى هذه الأيام)، بل لأن الغرب ينتهج سياسة مدروسة فيها مصالحه وفيها أيضًا أفكاره ومبادئه التى يسعى لفرضها أو للتشويش على المبادئ المخافة له. سأضرب مثالين من الحديث والقديم لنرى كيف يفكر الغرب، يوضح صاحب كتاب (الشرق والغرب – الشرخ الأسطورى) ما قام به الغرب أثناء الاستعمار وبعد رحيله حيث لم يطمئن إلى الذين يتحدثون بلغة أوروبا نفسها أى لغة الديمقراطية وحق الشعوب فى تقرير المصير، بل اختارت إحياء المشاعر العرقية والطائفية التى جرى توطيدها ومأسستها على الصعيد السياسى.
أليس هذا التفكير السياسى المبنى على دعم الأقليات على حساب الأكثرية هو الذى طبق فى العراق، وهو الذى يطبق فى سوريا، فأمريكا تتحدث دائمًا عن الأقليات، وتبدى قلقها والمقصود الطائفة العلوية بالذات، وتقرير الأمم المتحدة الأخير حول الصراع فى سوريا يتحدث عن صراع طائفى وهذا غير صحيح لأن أهل السنة لم يدمروا القرى النصيرية، بينما النظام يدمر سوريا كلها والغرب يرى هذا ويعرفه ولكن التقرير ينبه لحماية الطائفة.
وأما المثال القديم الذى يمثل العقلية الأوروبية وكيف يتعاملون مع الشعوب الأخرى فهو ما جرى بين روما ومدينة قرطاجة من صراع وحروب، وكانت قرطاجة من أغنى وأجمل المدن فى ذاك العصر. أرسلت روما مندوبها (قنصلها) إلى قرطاجة، وتحدث هذا القنصل عن فوائد السلم وفظائع الحرب وقال لأهل قرطاجة: ألقوا سلاحكم وسلموها فستأخذ روما على عاتقها أمر حمايتكم فأجابوه إلى طلبه ثم قال لهم: سلمونى سفنكم الحربية فهى كثيرة النفقة ولا فائدة منها بعد أن تعهدت روما بالدفاع عنكم ضد أعدائكم، ففعل المسالمون ما أشار به، وحينئذ قال لهم: شكرًا على تنازلكم ولم يبق إلا أن تقوموا بتضحية أخرى وهى أن روما دفعًا لكل عصيان أمرتنى أن أهدم قرطاجة، وروما تسمح لكم بالإقامة فى أى مكان تختارونه، هنا أدرك أهل قرطاجة أخطار المذهب السلمى. وسواء كانت هذه الرواية دقيقة أم هى رمزية ولكنها تمثل تمامًا طريقة الغرب.
الغرب لا يريد المساعدة الحقيقية، وهذا واضح، والغرب يدندن كثيرا حول حماية الأقليات، والسبب أيضًا معروف، والغرب يخشى أن يسقط النظام فجأة والقوة على الأرض هى القوة الإسلامية وهذا ليس فى صالحه كما يزين له شياطين الإنس، إذن ما الواجب علينا إزاء هذه التحديات الهائلة؟
الواجب هو المزيد من التوحد بين الفصائل المجاهدة الثائرة والمزيد من التعاون بين الفصائل السياسية على أن يكون تعاوناً صادقًا مخلصًا والمزيد من الدعم المالى والإغاثى للثورة وللشعب المحاصر المنكوب، وأركز على هذا الدعم ليزيد فى صمود هذا الشعب البطل.
عارض الائتلاف الوطنى مشروع الإبراهيمى ولم يقبل به، ولكن هذا لا يكفى، بل يجب عليه أن يحاصر هذا المشروع وأمثاله ويبين ما به من خلل وعوار، وأنه يتعارض مع بدهيات مطالب الشعب السورى ويتعارض مع اعتراف أصدقاء سوريا بالائتلاف، بل يتعارض مع المبادئ الإنسانية. وفى المقابل يجب أن يطرح المشروع الصحيح الذى يحقق طموحات الشعب السورى.
المصريون
بعد أن اعترف الغرب بالائتلاف الوطنى السورى كممثل للشعب السورى، وهذا يعنى ضمنًا عدم الاعتراف بنظام بشار الأسد، فوجئ الناس بالمشروع الذى حمله الإبراهيمى وهو بقاء بشار فى السلطة وتشكيل حكومة مشتركة بين المعارضة (معارضة الداخل) القريبة من النظام وبين شخصيات من النظام، وقيل فى الإعلام إنه مشروع أمريكى – روسى. وزيادة على هذا التناقض الصارخ فى السياسة المعلنة كانت أوروبا وأمريكا لا تكفان عن القول إنهم لن يتدخلوا عسكريًا لصالح الثورة، وأيضًا لن يدعموا الثورة بأسلحة نوعية لإنهاء الوضع المأساوى، وإنهاء المجازر التى ترتكب يوميًا تحت سمع العالم وبصره، والحقيقة هى أنه يجب أن نكف عن الثقة بالغرب ونكف عن المطالبة بالمساعدة لأن الغرب يفكر تفكيرًا مغايرًا.
يبدو لى أننا لم نتفهم الغرب حق الفهم، ونعلم أنه لا يفكر من ناحية المصالح فقط كما يتردد عند كثير من الكتاب أو ممن يسمون أنفسهم محللين سياسيين، (وما أكثرهم فى هذه الأيام)، بل لأن الغرب ينتهج سياسة مدروسة فيها مصالحه وفيها أيضًا أفكاره ومبادئه التى يسعى لفرضها أو للتشويش على المبادئ المخافة له. سأضرب مثالين من الحديث والقديم لنرى كيف يفكر الغرب، يوضح صاحب كتاب (الشرق والغرب – الشرخ الأسطورى) ما قام به الغرب أثناء الاستعمار وبعد رحيله حيث لم يطمئن إلى الذين يتحدثون بلغة أوروبا نفسها أى لغة الديمقراطية وحق الشعوب فى تقرير المصير، بل اختارت إحياء المشاعر العرقية والطائفية التى جرى توطيدها ومأسستها على الصعيد السياسى.
أليس هذا التفكير السياسى المبنى على دعم الأقليات على حساب الأكثرية هو الذى طبق فى العراق، وهو الذى يطبق فى سوريا، فأمريكا تتحدث دائمًا عن الأقليات، وتبدى قلقها والمقصود الطائفة العلوية بالذات، وتقرير الأمم المتحدة الأخير حول الصراع فى سوريا يتحدث عن صراع طائفى وهذا غير صحيح لأن أهل السنة لم يدمروا القرى النصيرية، بينما النظام يدمر سوريا كلها والغرب يرى هذا ويعرفه ولكن التقرير ينبه لحماية الطائفة.
وأما المثال القديم الذى يمثل العقلية الأوروبية وكيف يتعاملون مع الشعوب الأخرى فهو ما جرى بين روما ومدينة قرطاجة من صراع وحروب، وكانت قرطاجة من أغنى وأجمل المدن فى ذاك العصر. أرسلت روما مندوبها (قنصلها) إلى قرطاجة، وتحدث هذا القنصل عن فوائد السلم وفظائع الحرب وقال لأهل قرطاجة: ألقوا سلاحكم وسلموها فستأخذ روما على عاتقها أمر حمايتكم فأجابوه إلى طلبه ثم قال لهم: سلمونى سفنكم الحربية فهى كثيرة النفقة ولا فائدة منها بعد أن تعهدت روما بالدفاع عنكم ضد أعدائكم، ففعل المسالمون ما أشار به، وحينئذ قال لهم: شكرًا على تنازلكم ولم يبق إلا أن تقوموا بتضحية أخرى وهى أن روما دفعًا لكل عصيان أمرتنى أن أهدم قرطاجة، وروما تسمح لكم بالإقامة فى أى مكان تختارونه، هنا أدرك أهل قرطاجة أخطار المذهب السلمى. وسواء كانت هذه الرواية دقيقة أم هى رمزية ولكنها تمثل تمامًا طريقة الغرب.
الغرب لا يريد المساعدة الحقيقية، وهذا واضح، والغرب يدندن كثيرا حول حماية الأقليات، والسبب أيضًا معروف، والغرب يخشى أن يسقط النظام فجأة والقوة على الأرض هى القوة الإسلامية وهذا ليس فى صالحه كما يزين له شياطين الإنس، إذن ما الواجب علينا إزاء هذه التحديات الهائلة؟
الواجب هو المزيد من التوحد بين الفصائل المجاهدة الثائرة والمزيد من التعاون بين الفصائل السياسية على أن يكون تعاوناً صادقًا مخلصًا والمزيد من الدعم المالى والإغاثى للثورة وللشعب المحاصر المنكوب، وأركز على هذا الدعم ليزيد فى صمود هذا الشعب البطل.
عارض الائتلاف الوطنى مشروع الإبراهيمى ولم يقبل به، ولكن هذا لا يكفى، بل يجب عليه أن يحاصر هذا المشروع وأمثاله ويبين ما به من خلل وعوار، وأنه يتعارض مع بدهيات مطالب الشعب السورى ويتعارض مع اعتراف أصدقاء سوريا بالائتلاف، بل يتعارض مع المبادئ الإنسانية. وفى المقابل يجب أن يطرح المشروع الصحيح الذى يحقق طموحات الشعب السورى.
المصريون