د. عبدالعزيز المقالح
غض النظر عن التسمية ومن أطلقها، وكيف جرت على الألسنة والأقلام، وما دار ويدور عن المؤثرات الدافعة إلى قيام تلك الثورات وتتابعها المثير للدهشة، بغض النظر عن ذلك كله، فإن الحراك الشعبي الذي صاحب ثورات الربيع العربي في عدد من الأقطار العربية، كان ضرورياً لتحريك البركة العربية الآسنة والخروج من حالات الجمود التي كانت قد تلبّست الواقع العربي،
وجعلته يكرر نفسه ويدور في حلقة مفرغة من معاني التغيير والنظر إلى المستقبل. وقد رأى كثيرون في هذا الذي حدث إيقاظاً لروح الثورات الوطنية التحررية التي شهدتها الخمسينات والستينات، وأسهمت في تحرير عدد من الأقطار العربية من الاحتلال الأجنبي استعداداً للخلاص من كابوس الاحتلال الصهيوني الاستيطاني.
ويمكن الحديث بوثوق تام أن تلك الثورات الربيعية قد خلقت موجة من التفاؤل ودفعت الشارع العربي إلى المشاركة، وحدث مع تلك المشاركة شيء غير مسبوق في حياتنا العربية، وهي أن الثورات السابقة كانت تقوم بها الأحزاب أو الجيوش، أما هذه فقد قادها الشعب كله من خلال طلائعه الشابة من دون قيادة حزبية تقليدية، ولا يحكمها نسق أيديولوجي مسبق يعبئها ويحفزها، كان دافع إرادة التغيير هو الأساس الذي انتظم فعله السياسي والثوري، وجاءت بدافع الخلاص من حالة الجمود والركود وما رافقهما من فساد واستئثار قلة معينة بالحكم. وبدأ الحديث في الداخل العربي وفي الخارج عن أن ما بعد تلك الثورات لن يكون كما كان قبلها، وقد حدث ذلك بالفعل في عدد من الأقطار الثائرة وتأخر أو بالأصح تأرجح في بعضها الآخر لأسباب تبدو لعيون المحللين السياسيين عائدة إلى غياب الطليعة المنظمة القادرة على قطف ثمار النصر، ووضع الأمور في مكانها الصحيح، وفقاً للأهداف التي تتوخى الثورة تحقيقها.
وبما أن الطليعة المنظمة للثورة ولاقتطاف نتائجها لمصلحة الشعب، قد كانت غائبة أو شبه غائبة أو بتعبير أدق غير منظمة ولا موحدة، فقد بقيت الأوضاع في حالة من الارتباك، وبدأت الجماهير التي تحمّست للثورة تتراجع قليلاً أو تتساءل بقلق: ماذا كسبنا من وراء هذا الذي حدث؟ وكيف يمر الوقت من دون أن تتجلى للشعب حقيقة الموقف؟ صحيح أن الأوضاع لن تعود إلى ما كانت عليه، ولكن ذلك لا يكفي، وتغيير الأشخاص أو استبدال آخرين بهم لا يمت إلى معنى الثورة بصلة. يضاعف من هذه الالتباسات ما شاع ويشيع بين قوى الثورة من خلافات وانقسامات، إذا لم تساعد على إفراغ الثورة ذاتها من معناها، فإنها لن تتمكن من إيقاف حالة الاشتباك السائد لا بين وجهات النظر وإنما بين المواقف العملية التي قد تنزلق إليها بعض الفئات.
ولكن، ورغم كل ما قيل ويقال، فإن الوعي الذي ارتفعت درجته لدى الشارع العربي وإحساسه لأول مرة بأهمية التغيير، وبأن الشعب هو صاحب الحق الأول في تسيير أموره بعد أن اكتشف أن كثيراً ممن أنابهم لحكمه قد تنكبوا الطريق ولم يراعوا أمانة الإنابة، وصار من حقه أن يثور وأن يختار من يحقق أحلام السواد الأعظم من الفقراء والبسطاء الذين لم يشهدوا في مرحلة التحرر الوطني، ومنذ خروج الاستعمار في الثورات القومية، أي تغيير يذكر في حياتهم الاجتماعية والثقافية، وفي ما هو أهم من كل ذلك وأعني به الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
غض النظر عن التسمية ومن أطلقها، وكيف جرت على الألسنة والأقلام، وما دار ويدور عن المؤثرات الدافعة إلى قيام تلك الثورات وتتابعها المثير للدهشة، بغض النظر عن ذلك كله، فإن الحراك الشعبي الذي صاحب ثورات الربيع العربي في عدد من الأقطار العربية، كان ضرورياً لتحريك البركة العربية الآسنة والخروج من حالات الجمود التي كانت قد تلبّست الواقع العربي،
وجعلته يكرر نفسه ويدور في حلقة مفرغة من معاني التغيير والنظر إلى المستقبل. وقد رأى كثيرون في هذا الذي حدث إيقاظاً لروح الثورات الوطنية التحررية التي شهدتها الخمسينات والستينات، وأسهمت في تحرير عدد من الأقطار العربية من الاحتلال الأجنبي استعداداً للخلاص من كابوس الاحتلال الصهيوني الاستيطاني.
ويمكن الحديث بوثوق تام أن تلك الثورات الربيعية قد خلقت موجة من التفاؤل ودفعت الشارع العربي إلى المشاركة، وحدث مع تلك المشاركة شيء غير مسبوق في حياتنا العربية، وهي أن الثورات السابقة كانت تقوم بها الأحزاب أو الجيوش، أما هذه فقد قادها الشعب كله من خلال طلائعه الشابة من دون قيادة حزبية تقليدية، ولا يحكمها نسق أيديولوجي مسبق يعبئها ويحفزها، كان دافع إرادة التغيير هو الأساس الذي انتظم فعله السياسي والثوري، وجاءت بدافع الخلاص من حالة الجمود والركود وما رافقهما من فساد واستئثار قلة معينة بالحكم. وبدأ الحديث في الداخل العربي وفي الخارج عن أن ما بعد تلك الثورات لن يكون كما كان قبلها، وقد حدث ذلك بالفعل في عدد من الأقطار الثائرة وتأخر أو بالأصح تأرجح في بعضها الآخر لأسباب تبدو لعيون المحللين السياسيين عائدة إلى غياب الطليعة المنظمة القادرة على قطف ثمار النصر، ووضع الأمور في مكانها الصحيح، وفقاً للأهداف التي تتوخى الثورة تحقيقها.
وبما أن الطليعة المنظمة للثورة ولاقتطاف نتائجها لمصلحة الشعب، قد كانت غائبة أو شبه غائبة أو بتعبير أدق غير منظمة ولا موحدة، فقد بقيت الأوضاع في حالة من الارتباك، وبدأت الجماهير التي تحمّست للثورة تتراجع قليلاً أو تتساءل بقلق: ماذا كسبنا من وراء هذا الذي حدث؟ وكيف يمر الوقت من دون أن تتجلى للشعب حقيقة الموقف؟ صحيح أن الأوضاع لن تعود إلى ما كانت عليه، ولكن ذلك لا يكفي، وتغيير الأشخاص أو استبدال آخرين بهم لا يمت إلى معنى الثورة بصلة. يضاعف من هذه الالتباسات ما شاع ويشيع بين قوى الثورة من خلافات وانقسامات، إذا لم تساعد على إفراغ الثورة ذاتها من معناها، فإنها لن تتمكن من إيقاف حالة الاشتباك السائد لا بين وجهات النظر وإنما بين المواقف العملية التي قد تنزلق إليها بعض الفئات.
ولكن، ورغم كل ما قيل ويقال، فإن الوعي الذي ارتفعت درجته لدى الشارع العربي وإحساسه لأول مرة بأهمية التغيير، وبأن الشعب هو صاحب الحق الأول في تسيير أموره بعد أن اكتشف أن كثيراً ممن أنابهم لحكمه قد تنكبوا الطريق ولم يراعوا أمانة الإنابة، وصار من حقه أن يثور وأن يختار من يحقق أحلام السواد الأعظم من الفقراء والبسطاء الذين لم يشهدوا في مرحلة التحرر الوطني، ومنذ خروج الاستعمار في الثورات القومية، أي تغيير يذكر في حياتهم الاجتماعية والثقافية، وفي ما هو أهم من كل ذلك وأعني به الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.