بقلم : ســـلام الموجـري (1) -خاص الوفاق
لتونسَ يدٌ بيضاء على وحدة اليمن ... كما على الثورة .!!
هناك لتونسَ معروفٌ ويدٌ بيضاءُ على الربيع العربي – الآن - فلقد انقدحت شرارته من ’’سيدي بوزيد’’..!! فعمَّت بلاداً وعباداً واستضاء بنورها الشعوب لتشق مستقبلها ، كما اكتوى بنارها الظالمون ، فكانوا بين طريد مفزوع وحبيس مفجوع وهالكٍ مردوم ومحروقٍ مخلوع، وآخر ينتظر مصرعه وقد اقترب .!!
نعيش هذه الأيام الذكرى (22) للوحدة اليمنية فهناك جميلةٌ قديمةٌ لتونسَ .. قدَّمتها شخصيةٌ عملاقةٌ ، وعقليةٌ سبَّاقةٌ وهمةٌ دفَّاقةٌ ، تجاهله كثير من الباحثين ولم يشيروا إليه ، فللمغرب العربي دورٌ عظيمٌ سواءً كان في قيام ثورة اليمن الدستورية والسبتمبرية المتمثل بجهود الورتلاني الجزائري .. أو في محاولة إعادة الوحدة واللحمة لليمنيين والسعي لإصلاح نظام الإمامة ودحر المحتل الانكليزي..!!
وكانت تلك ممثلةٌ بجهودُ المفكر التونسي عبد العزيز الثعالبي ..
فلا خير فينا إذا لم نذكر تلك الجهود وذلك الجهاد بالإشادة والتقدير ، فقد زار الثعالبي اليمن عام 1924م وبقي زمناً التقى فيها بالإمام وتنقل بين المدن والتقى بمشايخها وسلاطينها ..
و زار عدن والتقى بالمفكرين وغيرهم كـ محمد على لقمان مدير نادي الأدب العربي حينها وسالم باسودان .
وقد أقام نادي الإصلاح العربي والإسلامي بعدن برئاسة أحمد الأصنج حفلَ تكريمٍ له..!!
جاء الثعالبي يحملُ همَّ النهوض باليمن وقدَّم للإمام برنامج لإصلاح الحكم حتى أنه ضمَّنه تشكيل مجلسٍ للأمة وعدةَ وزارتٍ وحدد مهامها فتظاهر الإمام بالموافقة على برنامجه وعدَّل فيه بعض التعديلات وقد دعا لعقد مؤتمر عام لأبناء اليمن . وحاول أن يقيم صلحاً ووحدةً بين اليمن الشمالي وسلطنة لحج ثم تلحق بقية السلطنات والمشيخات حينها ، وحمل إلى سلطانها رسائلَ متبادلة بين الإمام يحي و سلطان لحج فضل بن عبد الكريم العبدلي وقد قبل السلطان ببعض أفكاره وعقد مؤتمرا عاما للإصلاح بلحج ، إلا أن جمود وعنصرية الإمام ونفوذ المحتل الانكليزي على السلطنات والمشيخات حال دون ذلك .
وقام كذلك بجهودٍ للإصلاح بين الإمام والملك عبد العزيز أدت إلى توقف الحرب وتأخير اندلاعها ، وجرت بينهما مراسلات ، وقد ألَّف الثعالبي كتابا عن رحلته لليمن يقول فيه:
’’ كنتُ أعتقد بناءً على ما وصفه الرومان واليونان عن اليمن أنني سأجدها في المدنية والحضارة قطعةً من أوربا فوجدتُ أنه لا شيء في اليمن يسر غير الإمام والجيش وبقاء كل واحد منهما مرهون ببقاء الآخر وإذا فقد أحدهما فقد الآخر وحين إذاً لن يبقى بالبلاد غير الفوضى والتلاشي.’’
يقول المقالح:
’’ لقد كان إعادة تحقيق وحدة اليمن هدفاً كبيراً من أهداف هذا المفكر الذي حمل على عاتقه تجميع شتات الأمة المبعثرة وإزالة الخلافات بين قادتها في خطوات مدروسة وعميقة لإقامة الدولة العربية الواحدة’’.
’’يجب علينا نحن أبنا اليمن أن نحني رؤوسنا إجلالاً وتقديراً للثعالبي وللرعيل الرائع من أعلام العروبة والإسلام الذين كانوا ينظرون إلى الأرض العربية من المحيط إلى الخليج باعتبارها وطنا واحداً لأمةٍ واحدةٍ صهرها التاريخُ المشتركُ واللغةُ الواحدة والثقافة الواحدة.’’
ويتابع قائلا:
’’ لقد تمكن الثعالبي في ظروف بالغة الصعوبة وفي فترةٍ شبه مظلمة من أن يطوفَ باليمن شمالاً وجنوباً وان يضع الأسس الأولى لإعادة الوحدة اليمنية ومقاومة الاحتلال وقد شمل برنامجه المهم رؤىً وحدوية متقدمة لم تقف عند التنظير الفكري وإنما حددت المواقف العملية.’’
’’وتجلّى خلال ذلك العمل الوحدوي ما كان يمتاز به هذا المفكر من صبر وقدرة فائقة على الاحتمال والتوفيق بين وجهات النظر واللافت أن تلك المحادثات وذلك الماراثون الوحدوي لم يتم بين شطرين ودولتين وإنما بين الإمام يحيى بصنعاء وعدد من السلاطين الذين كانوا يحكمون الجنوب المبعثر تحت الاحتلال البريطاني’’.
كان على الثعالبي أن يقطع الجبال والوديان مشياً على الأقدام أو على ظهور الجمال والحمير إذ لم تظهر أول سيارة في شمال الوطن إلا في منتصف الثلاثينات وكانت هدية للإمام من (فورد) ولم يبدأ في ركوبها إلا بداية الأربعينيات فقد اعتبرها المتشددون حراماً يخالف القرآن وما سار عليه الأئمة.!!!!
وقد وصف الثعالبي الإمام يحي بقوله:
’’هو رجل وافر الذكاء غزير العلم حاضر الذهن لا عيب فيه سوى كرهه للمدنية العصرية وتجافيه عن نشر التعليم ’’ !!
كان الثعالبي يطمع أن يطور الإمامة إلى مؤسسة لأنه يخشى على اليمن بعد رحيل الإمام وكان يريد تشكيل حكومة ومجلس للأمة .
وقد ذكر أن الإمام تظاهر بالاستجابة لبرنامجه .... وبعد مرور اكثر من عقدين قُتل الإمام في 48م ثم قامت الجمهورية عام 62م وجاء الأئمة (المتجمهرون) إمام تلو إمام بأشكال عصرية وخطت البلاد خطوات للأمام وخطوات للخلف ولكن عقلية الإمام ظلت هي الحاكمة.!!
ونحن الآن نعيش مرحلة ثورة التغيير السلمية ، ثورة البناء وإرساء دعائم دولة العدالة والكرامة والتنمية ..!!
’’إن رحلته إلى اليمن في منتصف العشرينيات تطرح هموم اللحظة الراهنة رغم كل ما مر عليها من وقت يبدو طويلاً بمقياس العصر، كما تطرح كذلك رؤية عميقة تشير إلى أن ما كان بين العرب من التواصل الروحي والفكري والثقافي أكبر من أن ينقطع أو تنال منه المراحل الداكنة والعابرة.
وقد جاءت الأحداث في بعض هذه الأقطار مؤكدة للعالم أهمية التشابه في الظروف ، المشارقي منها والمغاربي، ومثبتة ما يجمع بينهم رغم الفوارق النسبية في مستويات التطور وهو ما يقدم الدليل القاطع على واحدية الأمة.
وكيف أن هذه المشكلات ستظل عالقة على سطح الواقع إلى أن تجد الأنظمة الصادقة الحل المناسب لإزالة التنافر الظاهر على السطح ليحل محله التضامن والتكامل غير القابل للتصدع تحت أي ظرف كان.
وتجدر الإشارة إلى أننا أحوج ما نكون في هذه الفترة ، إلى أن نقرأ مواقف مفكرينا في النصف الأول من القرن العشرين، وأن نراجع أدبياتهم التي كانت خالية من المؤثرات الأجنبية ، وكانت محكومة بدافعين اثنين هما :
دافع النهوض، ودافع الحث على التضامن وعدم الانصياع لما يرسمه الاحتلال من حدود وهمية تؤدي إلى التنافر وإلى الحروب أحياناً، بالإضافة إلى ما كان ذلك الاحتلال يخطط له من دفع كل قطر عربي إلى وضع تاريخ خاص به و إلى ابتداع ثقافة وربما لغة خاصة.
وتكشف الرحلة ، مدى جهلنا، نحن في اليمن بما كان يدور في حقبة العشرينيات والثلاثينيات سواء من مساع أو من مشاريع إيجابية لإخراج اليمن من عزلتها القاتلة ، أو لرأب الصدع بينها وجيرانها ؛ وتكاد تكون هذه الصفحة من تاريخ اليمن مجهولة ، فلم يتناولها المؤرخون الذين تناولوا أحداث اليمن في القرن العشرين، وفيهم أكاديميون مشهود لهم بالإطلاع والتحليل العميق.
تبدأ الرحلة في أغسطس عام 1924م، وكان هدفها الأول الدعوة إلى وحدة اليمنيين في دولة واحدة تكون مهمتها محاربة الاحتلال وتحرير الجنوب الخاضع له مباشرة وتطوير نظام حكم الإمامة بالشمال.
وقد اكتشف الثعالبي من خلال زيارته للجنوب أولاً، ثم الشمال ثانياً، أن الشعب اليمني واحد، وأن هناك إمكانية حقيقية منذ ذلك الوقت لإقامة الوحدة على أسس أهمها تحقيق الهدف العظيم وهو إجلاء المحتل والنهوض باليمن الواحد.
وقام بمحاولات جادة بين حاكم الشمال وسلاطين المحميات بالجنوب، وتؤكد تلك الوثائق نجاح الثعالبي في إعادة اللحمة بين اليمنيين ووضعهم جميعاً إزاء خيار واحد لا بديل له وهو خيار الوحدة.
ولكن جهوده باءت بالفشل لأسباب أهمها كما أشار في رسالة إلى صديقه شكيب أرسلان «أثر الحكم الفردي في تلك البلاد المضحكة»، وهو تعبير يكشف عن أسى ًمن موقف الإمام ورفضه للإصلاحات التي تسبق الوحدة، ومنها تأليف حكومة من رئيس وزراء، ووزير للخارجية، ووزير للداخلية ... الخ . لاعتقاد الإمام أن ذلك يضعف من صلاحياته ومن ادعائه بأنه يقوم بمهام الوزارات بمفرده دونما حاجة إلى هذه «الشكليات» التي من شأنها أن تكلف ميزانية الدولة الكثير.
ومن أهداف رحلته:
محاولة ردم هوة الخلاف بين الإمام والملك عبد العزيز حول حدود المملكتين، وقد شاركه في ذلك عدد من المفكرين كـ شكيب أرسلان وأمين الحسيني ورشيد رضا وغيرهم.
وقد نجح بمسعاه الإصلاحي في تأجيل الحرب بين البلدين من عام 1924 إلى عام 1934م، وهي الحرب التي انتهت باتفاقية الطائف ، والتي ظلت سارية إلى وقت ترسيم الحدود عام 2006م.
ولعل أهم إنجازاته تتجلى في إحساسه بأهمية توحيد الأمة في مواجهة الاحتلال وتجنب الوقوف عند المشكلات الثانوية بوصفها عائقاً للخلاص من الهيمنة الخارجية ، وعائقاً من التفرغ للإصلاح والنهوض.
لقد كانت رحلةُ الثعالبي إلى اليمن رحلةً شيقةً ورائعةً وفيها من التوثيق التاريخي ومن القصص والمواقف ما يستحقُ القراءةَ والإطلاع .!!
’’كتاب الرحلة اليمنية’’ :
يحتوي إلى جانب وصف الرحلة وثائق هامة في حينها، و جاء في قسمين وضم القسم الأول:
رحلته إلى اليمن التي وصف مراحلها بالتفصيل ، حيث أطنب في الحديث عن مشاهداته الدقيقة وملاحظاته الطريفة طوال سفره من عدن إلى صنعاء، ذهاباً وإياباً، ولم تفته شاردة ولا واردة.
ووصف جميع المدن والقرى التي مر بها، والمناظر الطبيعية التي شاهدها، والمغامرات التي واجهها، والأخطار التي تعرض لها خلال الرحلة .. الخ.
أما القسم الثاني:
أشار فيه إلى المساعي التي قام بها لدى الإمام يحيى وسلطان لحج ، لإقناعهم بعقد مؤتمر قومي عام للنظر في سبل توحيد اليمن وتخليصه من الهيمنة الأجنبية.
وهنا تقديراً وعرفاناً لهذا الرجل العظيم توجّبَ علينا أن نعرِّفَ أنفسَنا به فمن هو ؟ وما هي سيرته ؟
عبد العزيز الثعالبي (1876 م – 1944م).
إنه من أعلام الوطنية والإصلاح، وداعية للعروبة ومن الذين وقفوا في وجه طوفان المحتل، احتلالاً للبلاد، وتشويهاً لقيم العروبة والإسلام، وتدميراً للنفوس بتدمير أخلاقها، وغزواً ثقافياً عمل على تخريب المجتمعات ، بإحلال قيم مكان قيم، ونهب الثروات، وإفقار الناس..
إنه من جيل الرواد الذين ظهروا وهو جيل فريد في تكامل شخصيته.. فهو جيل السياسة، والجهاد، والاقتصاد، والإصلاح الاجتماعي، والديني، جيل التضحية في سبيل المثل التي يدافع عنها، والأرض التي احتلها الأجنبي، والشعب العربي المسلم الذي يستذله ويضطهده.
كان يقاتل على أكثر من جبهة .. يقاتل طغياناً غربياً متوحشاً لا يرحم، وتحمّل في جهاده الكثير من الأذى، اعتقالاً، وتعذيباً، ومحاكمات، ونفياً، ومصادرة، وتشويهاً للسمعة، ولم يعبأ بما أصابه ، لأنه يجاهد في سبيل الله، ومن أجل هذه الأمة، ودينها، وقيمها، وثرواتها، وكرامتها.!!!
مفكر وسياسي ، من القليلين الذين زاوجوا بين السياسي والديني، وبين المحلي والعالمي في عملهم؛ للتخلص من الاحتلال وظلمه والأخذ بيد المجتمع للرقي.
كان في تونس قطبا بارزا ضد الفرنسيين وضد أعداء الدين ، فهو كما يوصف بأنه داعية الإصلاح والتجديد والمقاومة .
كان جدُّه ، مجاهداً قاتل الفرنسيين الذين غزوا بلاده (الجزائر) عام 1830 وأصيب برصاصات في صدره، وكان له دور متميز، رفض إغراءات كبيرة حاول المحتل إغراءه بها، كمنصب قاضي القضاة، ثم غادر مدينته (بجاية) إلى تونس، مخلّفاً وراءه بيته وعقاره وأهله، ووطنه.
درس في تونس، وبعد أن نال الشهادة الابتدائية التحق بجامع الزيتونة وتخرج حاملا شهادة التطويع وتابع بعد ذلك دراساته العليا في المدرسة الخلدونية .
اعتبره الفرنسيون عدوهم الأول، فمنذ أن غزوا بلاده وهو طفل ، لم تفارق ذاكرته ما وعته من ذلك الاجتياح لجيش همجي جاء ليحتل ويقتل ويغتصب ويعتدي على الحرمات، كما لم ينسَ الدموعَ التي غسلت لحية جده ، وهو يرى الفرنسيين يحتلون تونس، بعد أن احتلوا بلده الجزائر.
لهذا اندفع إلى العمل السياسي منذ يفاعته، وعندما تألف في تونس أول حزب يدعو إلى مقاومة المحتل ، وتحرير تونس (عام 1895) انخرط الثعالبي في صفوفه، ثم أسس (الحزب الوطني الإسلامي) الذي كان يدعو إلى وحدة العالم العربي والإسلامي ، وكتب في الصحف، وخطب وحاضر داعياً إلى الاستقلال والحرية، فضيقت السلطات الخناق عليه، حتى اضطرته إلى الهرب من البلاد عام 1897 وبعد عودته من منفاه بعد أربع سنين، حاولت إغراءه ففشلت، فاعتقلته عام 1906 ودبرت مؤامرة خسيسة ضده، زعمت للناس أنه كافر، فتجمهر الرعاع، وهو مقيّد في طريقه إلى المحكمة، وهم يهتفون: (اقتلوا الثعالبي الكافر) .!!!!
ثم عرف الشعب الحقيقة، فثار ضد الاحتلال ، فأفرجوا عنه بعد حين، ثم أعادوا اعتقاله وطرده خارج البلاد عام 1912 فأضربت تونس كلها ثلاثة أيام، احتجاجاً على نفيه، ووقفت جميع الأعمال، فألح عليه المحتلون أن يعود ، فأبى ما لم يعدل الوضع السياسي للبلاد. فوعدوه بذلك ولكن بعد حين، لأن الحرب على الأبواب، فعاد قبيل نشوب الحرب العالمية الأولى.
وبعد انتهاء الحرب، استأنف الثعالبي نضاله، وسافر إلى باريس لشرح قضية بلاده، فقبضوا عليه سنة 1920 وكانوا ينقلونه بين سجون تونس وفرنسا، ثم نفوه من البلاد في اغسطس 1923.
لم تكن رحلاته اختيارية بل بعضها كان نفياً من المحتل، أو فراراً من بطش حاكم جائر ، وبعضها من أجل إيقاظ العرب والمسلمين وتخليصهم من جمودهم، وتمزقهم..
فرحلته الأولى قصد طرابلس الغرب، ثم بنغازي، ثم الإستانة عام 1898 واتصل بالعثمانيين، وشرح لهم قضية بلاده، ثم غادرها إلى مصر لأول مرة، وشرح قضية بلاده، ثم غادرها إلى الإستانة ثانية، وطالبها بتعزيز صلاتها بتونس، وبفتح أبواب المدرسة الحربية في وجه الطلاب التونسيين.
ثم عاد إلى تونس عام 1902 ثم كانت رحلته الثانية إلى الشرق...
ساءت الظروف فقرر أن يسافر الثعالبي إلى الشرق عام 1923 واستمرت رحلته هذه حتى عام 1937 زار بلدان عدة منها اليمن، وقام بدعاية قوية في الأوساط العربية والإسلامية لصالح القضية التونسية، وشارك في مؤتمر فلسطين عام 1930 وانتخب عضواً في لجنته التنفيذية.
ورحل إلى بلاد كثيرة و ما زارها للسياحة ، بل من أجل بلاده، وقضايا المسلمين، و كم عانى في تلك الأسفار من الضائقات المالية، والوعثاء.
وكان الثعالبي محل تبجيل الكل لما عرفوا من زهده ، وانصرافه عن مصالحه الشخصية إلى المصالح العامة، ولما عنده من علم وعقل وتضحية وبعد عن الأضواء.
وقد حفلت الصحافة ، خاصة المصرية ، بمقالاته التي فيها مشاهداته، ولقاءاته برجالات العالم ، وأثار كثيراً من القضايا عن المجتمع الإسلامي، وما يتصل به من شؤون السياسة والتعليم والاقتصاد، وأرسل شيخاً أزهرياً إلى الهند لدراسة قضية (المنبوذين) هناك، وكتب تقريراً تاريخياً عن الهند، كشف فيه من الحقائق الغائبة عن المسلمين ، و أن (غاندي) سرق الحركة الوطنية منهم، وكانوا يروجون له ولحركته دون أن يعرفوا أنهم مخدوعون.
والسبب في اهتمامه بالمنبوذين إنساني، ودعوي، أراد أن يرفع عنهم الظلم، كما علم أنهم يفكرون بترك الهندوسية، فطمع في إسلامهم، وقدم لهم ما يسهل دخولهم في الإسلام.
وكان في مصر، يسعى إلى تحقيق مشروعه الكبير، في التأسيس لثقافة إسلامية صافية من الشوائب ، كما دعا إلى إنشاء عصبة أمم إسلامية. !!
مصلح وتربوي:
كانت له مجموعة من الآراء للنهوض بالشعب، ومقاومة سائر ألوان التخلف، حتى يكون جديراً بتحرير بلاده.
وأن سبيل المقاومة إنما يكون في تأسيس ثقافة عربية إسلامية، تعيد الثقة بالأمة التي هي من أعظم أمم الأرض، وأقدرها على مواجهة الأحداث.
ولهذا ركز على تكوين جيل من الشباب ، قادر على العمل في سائر الميادين ، ودعاهم إلى التحرر من أشكال التخلف والجمود، وكان يطوف المدن والأرياف، ليلقي دروساً تشرح ما يجب أن يكون عليه الشعب من أجل النهوض.
كان يدعوهم إلى إصلاح نفوسهم، لتصلح أحوالهم، حتى يستبدلوا الحسن بالسيئ، وهذا لا يكون بغير العلم والتربية، فلا بد من الجامعات التي تقوم على أسس علمية سليمة في الإحياء والتجديد، بدلاً من تلك المتزمتة التي لا تخرج إلا ذوي عقول آلية تتحرك بإرادة غيرها.
ويدعو إلى التخصص، فالعالم يتخصص في التعليم، والاقتصادي بالاقتصاد، وهكذا..
ويدعو إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا يتسامح في جعل الطبيب قاضياً، والفقيه مهندساً..
ويدعو إلى المؤسساتية، وترك الأعمال الفردية..
ويدعو إلى دراسة الماضي لنعتبر ونستفيد من الأخطاء التي ارتكبها الأجداد، وأدت بالأمة إلى ما هي عليه من تخلف أطمع بها من دونها.
ودعا الشباب إلى نبذ كل رثٍّ بالٍ عفا عليه الزمن، وكان يقول:
’’يكفينا أن نحتفظ من ماضينا: بالدين، والأخلاق، واللغة العربية الفصحى. ’’
اهتم الثعالبي بتكوين كوكبة من الشباب يجيد الفرنسية، لشرح قضية بلادهم، واستجاب هؤلاء ، فنشروا مقالات في عدد من الصحف الفرنسية، ثم أنشأ الثعالبي لهؤلاء الشبان صحيفة باللغة الفرنسية للدفاع عن تونس عام 1907.
وكان لا يعترف بالحدود المصطنعة التي أقامها المحتل لتمزيقنا ، فهي لمصلحته ، وتمسك بها الزعماء من أجل مصالحهم هم، وهي ضد مصالح الشعوب ، فالأرض الإسلامية وطن لكل المسلمين..
وكان هذا عبر التاريخ الإسلامي، يتنقل المسلم من الدولة العباسية، إلى الأندلسية، إلى الفاطمية، فلا يحول دون تنقله حائل.
وكان يرى أننا أمة قوية عزيزة الجانب، ولها تأثير فعال في سير السياسية العالمية، وعلينا أن نعرف هذا، ونتحرك بحسبه.
نظرته للآخر:
يرى أن الغرب استيقظ في الساعة الأخيرة التي غفا فيها الشرق، مع أنه يعرف أنه لولانا ما أدرك فضيلة، ولا عرف الأديان والفلسفة، فكان الغرب بهذا جاحداً فضل أمتنا وحضارتنا عليه.
ومع ذلك، يرى الثعالبي أنه من أجل نهوضنا، علينا أن نقتبس من الغرب كل جديد من النظم الدنيوية، وأن ننأى عما دون ذلك من النواحي الأخلاقية، والقيم التي لا تنسجم وقيمنا الدينية والخلقية.
هـمُّ الأمة:
لم يكن ليحصر همه فيما يعانيه وطنه فحسب بل كان يحمل هموم الأمة على عاتقه، ويسعى إلى تقديم ما يستطيع من عون لها، وهذا ما نلمسه في حياته ورحلاته ومحاضراته. فقد وقف إلى جانب ليبيا في حربها مع الإيطالي عام 1911، ودعا إلى تقديم العون العسكري والمعنوي .
وصار مستشاراً للمفتي الحسيني، وألقى محاضرات سياسية، ودروساً دينية بالقدس، ودعا الفلسطينيين عامة، والشباب منهم خاصة، إلى الإعداد للجهاد من أجل التحرر من ربقة الانكليز، والتصدي للخطر اليهودي القادم، واستعادة مجد الأمة ، وكان يصور لهم الواقع أصدق تصوير، ويعتمد فيما يقول على الأدلة العقلية مبسطة في سلاسة مدهشة يفهمها العامي ويطرب لها، وكان يعلو بها بالمثقفين على شتى مستوياتهم ، وقد وصفته الصحف الفلسطينية بأنه (ابن خلدون الجديد).
الصحفي:
عرف ما للصحافة من آثار في النفوس ، و توجيه الرأي العام، فبادر إلى تأسيس (المنتظر) و (المبشر) و (سبيل الرشاد) فعطلها المحتل لجرأة محررها وشدة مقاومته لهم .
وقام بالكتابة في الصحف التونسية، ودعا طلابه إلى الكتابة فيها وفي الصحف الفرنسية، ثم أنشأ صحيفة بالفرنسية عام 1907 أسماها (لوتنزيان) أي التونسي، برأس مال كبير، وكتب فيها نخبة من الكتاب التونسيين، ثم أصدر عام 1908 جريدة باللغة العربية أسماها (التونسي) دعا فيها إلى إحياء الحكم الدستوري، وواجه بقوة، مؤامرات المحتل على العربية، فقد دعا المحتلون إلى اتخاذ العامية التونسية لغة رسمية للمدارس والدواوين، وانتقد بعنف، قرار الحكومة التونسية (العميلة) ، برصد مبلغ ضخم لوضع معجم للهجة العامية التونسية، وعارض قرار تأليف لجنة لكتابة تاريخ تونس بالعامية التونسية، وعلى نحو موال للمحتل. ولم يصبر المحتل على ما ينشر في (التونسي) فأمروا بتعطيلها.
وأصدرت الحكومة التونسية (العميلة) قانوناً جديداً للمطبوعات اشترطت فيه شروطاً تعجيزية حتى تمنع صدور الصحف الوطنية التي تدعو إلى المقاومة والتمسك بالإسلام.
أنشأ مجلة (الفجر) في 1920 وكان يكتب في كثير من الصحف التونسية والمصرية، والشامية، والعراقية، والفرنسية، ويبث عبر قلمه السيال، أفكاره النيرة، في جرأة أدهشت قراءه..
الرجل المتمكن:
كان خطيباً مفوّهاً، وكاتباً بارعاً، اتخذ من لسانه وقلمه سيفين صارمين لكفاحه السياسي والفكري ، وكان لكتاباته آثارها البالغة في النفوس.
ألف كتاب (روح القرآن) وترجمه إلى الفرنسية، ودعا فيه إلى الإصلاح والبعد عن الجمود، فأحدث ضجة بين أبناء الجالية الفرنسية بتونس.
و(تاريخ شمال أفريقيا) و(فلسفة التشريع الإسلامي) و(تاريخ التشريع الإسلامي) و(مذكراته) في خمسة أجزاء.
(معجزات محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) نُشر منهما جزءان فقط.
(محاضراته في جامعة آل البيت ببغداد).
(تونس الشهيدة) صدر بباريس بالفرنسية بعد الحرب العالمية الأولى، فاتهمه الفرنسيون بالتآمر على أمنهم، واعتقلوه ثم نقلوه إلى السجن في تونس، ومكث فيه تسعة أشهر عام 1920.
توفي عام 1944 بعد حياة حافلة بالكفاح، لم يذق خلالها طعم الراحة، ولا سعى لمصلحة ذاتية، فقد أعطى كل ما وهبه الله لقضية بلاده، ولقضايا العرب والمسلمين، ولقي ما لاقى في سبيل ذلك.
كان كما وصفه العلامة ابن عاشور:
’’برز الثعالبي بعد الحرب العالمية الأولى، بما له من ماضٍ في السياسة والإصلاح الديني والاجتماعي، فبعث معالم النهضة التونسية، وأصبح زعيم النهضة المطلق’’.
فنسأل الله له الرحمة والجنة،،،
(سبق نشره في صحيفة الغد اليمنية..)
(1) باحث وكاتب يمني مقيم في جزر القمر.
لتونسَ يدٌ بيضاء على وحدة اليمن ... كما على الثورة .!!
هناك لتونسَ معروفٌ ويدٌ بيضاءُ على الربيع العربي – الآن - فلقد انقدحت شرارته من ’’سيدي بوزيد’’..!! فعمَّت بلاداً وعباداً واستضاء بنورها الشعوب لتشق مستقبلها ، كما اكتوى بنارها الظالمون ، فكانوا بين طريد مفزوع وحبيس مفجوع وهالكٍ مردوم ومحروقٍ مخلوع، وآخر ينتظر مصرعه وقد اقترب .!!
نعيش هذه الأيام الذكرى (22) للوحدة اليمنية فهناك جميلةٌ قديمةٌ لتونسَ .. قدَّمتها شخصيةٌ عملاقةٌ ، وعقليةٌ سبَّاقةٌ وهمةٌ دفَّاقةٌ ، تجاهله كثير من الباحثين ولم يشيروا إليه ، فللمغرب العربي دورٌ عظيمٌ سواءً كان في قيام ثورة اليمن الدستورية والسبتمبرية المتمثل بجهود الورتلاني الجزائري .. أو في محاولة إعادة الوحدة واللحمة لليمنيين والسعي لإصلاح نظام الإمامة ودحر المحتل الانكليزي..!!
وكانت تلك ممثلةٌ بجهودُ المفكر التونسي عبد العزيز الثعالبي ..
فلا خير فينا إذا لم نذكر تلك الجهود وذلك الجهاد بالإشادة والتقدير ، فقد زار الثعالبي اليمن عام 1924م وبقي زمناً التقى فيها بالإمام وتنقل بين المدن والتقى بمشايخها وسلاطينها ..
و زار عدن والتقى بالمفكرين وغيرهم كـ محمد على لقمان مدير نادي الأدب العربي حينها وسالم باسودان .
وقد أقام نادي الإصلاح العربي والإسلامي بعدن برئاسة أحمد الأصنج حفلَ تكريمٍ له..!!
جاء الثعالبي يحملُ همَّ النهوض باليمن وقدَّم للإمام برنامج لإصلاح الحكم حتى أنه ضمَّنه تشكيل مجلسٍ للأمة وعدةَ وزارتٍ وحدد مهامها فتظاهر الإمام بالموافقة على برنامجه وعدَّل فيه بعض التعديلات وقد دعا لعقد مؤتمر عام لأبناء اليمن . وحاول أن يقيم صلحاً ووحدةً بين اليمن الشمالي وسلطنة لحج ثم تلحق بقية السلطنات والمشيخات حينها ، وحمل إلى سلطانها رسائلَ متبادلة بين الإمام يحي و سلطان لحج فضل بن عبد الكريم العبدلي وقد قبل السلطان ببعض أفكاره وعقد مؤتمرا عاما للإصلاح بلحج ، إلا أن جمود وعنصرية الإمام ونفوذ المحتل الانكليزي على السلطنات والمشيخات حال دون ذلك .
وقام كذلك بجهودٍ للإصلاح بين الإمام والملك عبد العزيز أدت إلى توقف الحرب وتأخير اندلاعها ، وجرت بينهما مراسلات ، وقد ألَّف الثعالبي كتابا عن رحلته لليمن يقول فيه:
’’ كنتُ أعتقد بناءً على ما وصفه الرومان واليونان عن اليمن أنني سأجدها في المدنية والحضارة قطعةً من أوربا فوجدتُ أنه لا شيء في اليمن يسر غير الإمام والجيش وبقاء كل واحد منهما مرهون ببقاء الآخر وإذا فقد أحدهما فقد الآخر وحين إذاً لن يبقى بالبلاد غير الفوضى والتلاشي.’’
يقول المقالح:
’’ لقد كان إعادة تحقيق وحدة اليمن هدفاً كبيراً من أهداف هذا المفكر الذي حمل على عاتقه تجميع شتات الأمة المبعثرة وإزالة الخلافات بين قادتها في خطوات مدروسة وعميقة لإقامة الدولة العربية الواحدة’’.
’’يجب علينا نحن أبنا اليمن أن نحني رؤوسنا إجلالاً وتقديراً للثعالبي وللرعيل الرائع من أعلام العروبة والإسلام الذين كانوا ينظرون إلى الأرض العربية من المحيط إلى الخليج باعتبارها وطنا واحداً لأمةٍ واحدةٍ صهرها التاريخُ المشتركُ واللغةُ الواحدة والثقافة الواحدة.’’
ويتابع قائلا:
’’ لقد تمكن الثعالبي في ظروف بالغة الصعوبة وفي فترةٍ شبه مظلمة من أن يطوفَ باليمن شمالاً وجنوباً وان يضع الأسس الأولى لإعادة الوحدة اليمنية ومقاومة الاحتلال وقد شمل برنامجه المهم رؤىً وحدوية متقدمة لم تقف عند التنظير الفكري وإنما حددت المواقف العملية.’’
’’وتجلّى خلال ذلك العمل الوحدوي ما كان يمتاز به هذا المفكر من صبر وقدرة فائقة على الاحتمال والتوفيق بين وجهات النظر واللافت أن تلك المحادثات وذلك الماراثون الوحدوي لم يتم بين شطرين ودولتين وإنما بين الإمام يحيى بصنعاء وعدد من السلاطين الذين كانوا يحكمون الجنوب المبعثر تحت الاحتلال البريطاني’’.
كان على الثعالبي أن يقطع الجبال والوديان مشياً على الأقدام أو على ظهور الجمال والحمير إذ لم تظهر أول سيارة في شمال الوطن إلا في منتصف الثلاثينات وكانت هدية للإمام من (فورد) ولم يبدأ في ركوبها إلا بداية الأربعينيات فقد اعتبرها المتشددون حراماً يخالف القرآن وما سار عليه الأئمة.!!!!
وقد وصف الثعالبي الإمام يحي بقوله:
’’هو رجل وافر الذكاء غزير العلم حاضر الذهن لا عيب فيه سوى كرهه للمدنية العصرية وتجافيه عن نشر التعليم ’’ !!
كان الثعالبي يطمع أن يطور الإمامة إلى مؤسسة لأنه يخشى على اليمن بعد رحيل الإمام وكان يريد تشكيل حكومة ومجلس للأمة .
وقد ذكر أن الإمام تظاهر بالاستجابة لبرنامجه .... وبعد مرور اكثر من عقدين قُتل الإمام في 48م ثم قامت الجمهورية عام 62م وجاء الأئمة (المتجمهرون) إمام تلو إمام بأشكال عصرية وخطت البلاد خطوات للأمام وخطوات للخلف ولكن عقلية الإمام ظلت هي الحاكمة.!!
ونحن الآن نعيش مرحلة ثورة التغيير السلمية ، ثورة البناء وإرساء دعائم دولة العدالة والكرامة والتنمية ..!!
’’إن رحلته إلى اليمن في منتصف العشرينيات تطرح هموم اللحظة الراهنة رغم كل ما مر عليها من وقت يبدو طويلاً بمقياس العصر، كما تطرح كذلك رؤية عميقة تشير إلى أن ما كان بين العرب من التواصل الروحي والفكري والثقافي أكبر من أن ينقطع أو تنال منه المراحل الداكنة والعابرة.
وقد جاءت الأحداث في بعض هذه الأقطار مؤكدة للعالم أهمية التشابه في الظروف ، المشارقي منها والمغاربي، ومثبتة ما يجمع بينهم رغم الفوارق النسبية في مستويات التطور وهو ما يقدم الدليل القاطع على واحدية الأمة.
وكيف أن هذه المشكلات ستظل عالقة على سطح الواقع إلى أن تجد الأنظمة الصادقة الحل المناسب لإزالة التنافر الظاهر على السطح ليحل محله التضامن والتكامل غير القابل للتصدع تحت أي ظرف كان.
وتجدر الإشارة إلى أننا أحوج ما نكون في هذه الفترة ، إلى أن نقرأ مواقف مفكرينا في النصف الأول من القرن العشرين، وأن نراجع أدبياتهم التي كانت خالية من المؤثرات الأجنبية ، وكانت محكومة بدافعين اثنين هما :
دافع النهوض، ودافع الحث على التضامن وعدم الانصياع لما يرسمه الاحتلال من حدود وهمية تؤدي إلى التنافر وإلى الحروب أحياناً، بالإضافة إلى ما كان ذلك الاحتلال يخطط له من دفع كل قطر عربي إلى وضع تاريخ خاص به و إلى ابتداع ثقافة وربما لغة خاصة.
وتكشف الرحلة ، مدى جهلنا، نحن في اليمن بما كان يدور في حقبة العشرينيات والثلاثينيات سواء من مساع أو من مشاريع إيجابية لإخراج اليمن من عزلتها القاتلة ، أو لرأب الصدع بينها وجيرانها ؛ وتكاد تكون هذه الصفحة من تاريخ اليمن مجهولة ، فلم يتناولها المؤرخون الذين تناولوا أحداث اليمن في القرن العشرين، وفيهم أكاديميون مشهود لهم بالإطلاع والتحليل العميق.
تبدأ الرحلة في أغسطس عام 1924م، وكان هدفها الأول الدعوة إلى وحدة اليمنيين في دولة واحدة تكون مهمتها محاربة الاحتلال وتحرير الجنوب الخاضع له مباشرة وتطوير نظام حكم الإمامة بالشمال.
وقد اكتشف الثعالبي من خلال زيارته للجنوب أولاً، ثم الشمال ثانياً، أن الشعب اليمني واحد، وأن هناك إمكانية حقيقية منذ ذلك الوقت لإقامة الوحدة على أسس أهمها تحقيق الهدف العظيم وهو إجلاء المحتل والنهوض باليمن الواحد.
وقام بمحاولات جادة بين حاكم الشمال وسلاطين المحميات بالجنوب، وتؤكد تلك الوثائق نجاح الثعالبي في إعادة اللحمة بين اليمنيين ووضعهم جميعاً إزاء خيار واحد لا بديل له وهو خيار الوحدة.
ولكن جهوده باءت بالفشل لأسباب أهمها كما أشار في رسالة إلى صديقه شكيب أرسلان «أثر الحكم الفردي في تلك البلاد المضحكة»، وهو تعبير يكشف عن أسى ًمن موقف الإمام ورفضه للإصلاحات التي تسبق الوحدة، ومنها تأليف حكومة من رئيس وزراء، ووزير للخارجية، ووزير للداخلية ... الخ . لاعتقاد الإمام أن ذلك يضعف من صلاحياته ومن ادعائه بأنه يقوم بمهام الوزارات بمفرده دونما حاجة إلى هذه «الشكليات» التي من شأنها أن تكلف ميزانية الدولة الكثير.
ومن أهداف رحلته:
محاولة ردم هوة الخلاف بين الإمام والملك عبد العزيز حول حدود المملكتين، وقد شاركه في ذلك عدد من المفكرين كـ شكيب أرسلان وأمين الحسيني ورشيد رضا وغيرهم.
وقد نجح بمسعاه الإصلاحي في تأجيل الحرب بين البلدين من عام 1924 إلى عام 1934م، وهي الحرب التي انتهت باتفاقية الطائف ، والتي ظلت سارية إلى وقت ترسيم الحدود عام 2006م.
ولعل أهم إنجازاته تتجلى في إحساسه بأهمية توحيد الأمة في مواجهة الاحتلال وتجنب الوقوف عند المشكلات الثانوية بوصفها عائقاً للخلاص من الهيمنة الخارجية ، وعائقاً من التفرغ للإصلاح والنهوض.
لقد كانت رحلةُ الثعالبي إلى اليمن رحلةً شيقةً ورائعةً وفيها من التوثيق التاريخي ومن القصص والمواقف ما يستحقُ القراءةَ والإطلاع .!!
’’كتاب الرحلة اليمنية’’ :
يحتوي إلى جانب وصف الرحلة وثائق هامة في حينها، و جاء في قسمين وضم القسم الأول:
رحلته إلى اليمن التي وصف مراحلها بالتفصيل ، حيث أطنب في الحديث عن مشاهداته الدقيقة وملاحظاته الطريفة طوال سفره من عدن إلى صنعاء، ذهاباً وإياباً، ولم تفته شاردة ولا واردة.
ووصف جميع المدن والقرى التي مر بها، والمناظر الطبيعية التي شاهدها، والمغامرات التي واجهها، والأخطار التي تعرض لها خلال الرحلة .. الخ.
أما القسم الثاني:
أشار فيه إلى المساعي التي قام بها لدى الإمام يحيى وسلطان لحج ، لإقناعهم بعقد مؤتمر قومي عام للنظر في سبل توحيد اليمن وتخليصه من الهيمنة الأجنبية.
وهنا تقديراً وعرفاناً لهذا الرجل العظيم توجّبَ علينا أن نعرِّفَ أنفسَنا به فمن هو ؟ وما هي سيرته ؟
عبد العزيز الثعالبي (1876 م – 1944م).
إنه من أعلام الوطنية والإصلاح، وداعية للعروبة ومن الذين وقفوا في وجه طوفان المحتل، احتلالاً للبلاد، وتشويهاً لقيم العروبة والإسلام، وتدميراً للنفوس بتدمير أخلاقها، وغزواً ثقافياً عمل على تخريب المجتمعات ، بإحلال قيم مكان قيم، ونهب الثروات، وإفقار الناس..
إنه من جيل الرواد الذين ظهروا وهو جيل فريد في تكامل شخصيته.. فهو جيل السياسة، والجهاد، والاقتصاد، والإصلاح الاجتماعي، والديني، جيل التضحية في سبيل المثل التي يدافع عنها، والأرض التي احتلها الأجنبي، والشعب العربي المسلم الذي يستذله ويضطهده.
كان يقاتل على أكثر من جبهة .. يقاتل طغياناً غربياً متوحشاً لا يرحم، وتحمّل في جهاده الكثير من الأذى، اعتقالاً، وتعذيباً، ومحاكمات، ونفياً، ومصادرة، وتشويهاً للسمعة، ولم يعبأ بما أصابه ، لأنه يجاهد في سبيل الله، ومن أجل هذه الأمة، ودينها، وقيمها، وثرواتها، وكرامتها.!!!
مفكر وسياسي ، من القليلين الذين زاوجوا بين السياسي والديني، وبين المحلي والعالمي في عملهم؛ للتخلص من الاحتلال وظلمه والأخذ بيد المجتمع للرقي.
كان في تونس قطبا بارزا ضد الفرنسيين وضد أعداء الدين ، فهو كما يوصف بأنه داعية الإصلاح والتجديد والمقاومة .
كان جدُّه ، مجاهداً قاتل الفرنسيين الذين غزوا بلاده (الجزائر) عام 1830 وأصيب برصاصات في صدره، وكان له دور متميز، رفض إغراءات كبيرة حاول المحتل إغراءه بها، كمنصب قاضي القضاة، ثم غادر مدينته (بجاية) إلى تونس، مخلّفاً وراءه بيته وعقاره وأهله، ووطنه.
درس في تونس، وبعد أن نال الشهادة الابتدائية التحق بجامع الزيتونة وتخرج حاملا شهادة التطويع وتابع بعد ذلك دراساته العليا في المدرسة الخلدونية .
اعتبره الفرنسيون عدوهم الأول، فمنذ أن غزوا بلاده وهو طفل ، لم تفارق ذاكرته ما وعته من ذلك الاجتياح لجيش همجي جاء ليحتل ويقتل ويغتصب ويعتدي على الحرمات، كما لم ينسَ الدموعَ التي غسلت لحية جده ، وهو يرى الفرنسيين يحتلون تونس، بعد أن احتلوا بلده الجزائر.
لهذا اندفع إلى العمل السياسي منذ يفاعته، وعندما تألف في تونس أول حزب يدعو إلى مقاومة المحتل ، وتحرير تونس (عام 1895) انخرط الثعالبي في صفوفه، ثم أسس (الحزب الوطني الإسلامي) الذي كان يدعو إلى وحدة العالم العربي والإسلامي ، وكتب في الصحف، وخطب وحاضر داعياً إلى الاستقلال والحرية، فضيقت السلطات الخناق عليه، حتى اضطرته إلى الهرب من البلاد عام 1897 وبعد عودته من منفاه بعد أربع سنين، حاولت إغراءه ففشلت، فاعتقلته عام 1906 ودبرت مؤامرة خسيسة ضده، زعمت للناس أنه كافر، فتجمهر الرعاع، وهو مقيّد في طريقه إلى المحكمة، وهم يهتفون: (اقتلوا الثعالبي الكافر) .!!!!
ثم عرف الشعب الحقيقة، فثار ضد الاحتلال ، فأفرجوا عنه بعد حين، ثم أعادوا اعتقاله وطرده خارج البلاد عام 1912 فأضربت تونس كلها ثلاثة أيام، احتجاجاً على نفيه، ووقفت جميع الأعمال، فألح عليه المحتلون أن يعود ، فأبى ما لم يعدل الوضع السياسي للبلاد. فوعدوه بذلك ولكن بعد حين، لأن الحرب على الأبواب، فعاد قبيل نشوب الحرب العالمية الأولى.
وبعد انتهاء الحرب، استأنف الثعالبي نضاله، وسافر إلى باريس لشرح قضية بلاده، فقبضوا عليه سنة 1920 وكانوا ينقلونه بين سجون تونس وفرنسا، ثم نفوه من البلاد في اغسطس 1923.
لم تكن رحلاته اختيارية بل بعضها كان نفياً من المحتل، أو فراراً من بطش حاكم جائر ، وبعضها من أجل إيقاظ العرب والمسلمين وتخليصهم من جمودهم، وتمزقهم..
فرحلته الأولى قصد طرابلس الغرب، ثم بنغازي، ثم الإستانة عام 1898 واتصل بالعثمانيين، وشرح لهم قضية بلاده، ثم غادرها إلى مصر لأول مرة، وشرح قضية بلاده، ثم غادرها إلى الإستانة ثانية، وطالبها بتعزيز صلاتها بتونس، وبفتح أبواب المدرسة الحربية في وجه الطلاب التونسيين.
ثم عاد إلى تونس عام 1902 ثم كانت رحلته الثانية إلى الشرق...
ساءت الظروف فقرر أن يسافر الثعالبي إلى الشرق عام 1923 واستمرت رحلته هذه حتى عام 1937 زار بلدان عدة منها اليمن، وقام بدعاية قوية في الأوساط العربية والإسلامية لصالح القضية التونسية، وشارك في مؤتمر فلسطين عام 1930 وانتخب عضواً في لجنته التنفيذية.
ورحل إلى بلاد كثيرة و ما زارها للسياحة ، بل من أجل بلاده، وقضايا المسلمين، و كم عانى في تلك الأسفار من الضائقات المالية، والوعثاء.
وكان الثعالبي محل تبجيل الكل لما عرفوا من زهده ، وانصرافه عن مصالحه الشخصية إلى المصالح العامة، ولما عنده من علم وعقل وتضحية وبعد عن الأضواء.
وقد حفلت الصحافة ، خاصة المصرية ، بمقالاته التي فيها مشاهداته، ولقاءاته برجالات العالم ، وأثار كثيراً من القضايا عن المجتمع الإسلامي، وما يتصل به من شؤون السياسة والتعليم والاقتصاد، وأرسل شيخاً أزهرياً إلى الهند لدراسة قضية (المنبوذين) هناك، وكتب تقريراً تاريخياً عن الهند، كشف فيه من الحقائق الغائبة عن المسلمين ، و أن (غاندي) سرق الحركة الوطنية منهم، وكانوا يروجون له ولحركته دون أن يعرفوا أنهم مخدوعون.
والسبب في اهتمامه بالمنبوذين إنساني، ودعوي، أراد أن يرفع عنهم الظلم، كما علم أنهم يفكرون بترك الهندوسية، فطمع في إسلامهم، وقدم لهم ما يسهل دخولهم في الإسلام.
وكان في مصر، يسعى إلى تحقيق مشروعه الكبير، في التأسيس لثقافة إسلامية صافية من الشوائب ، كما دعا إلى إنشاء عصبة أمم إسلامية. !!
مصلح وتربوي:
كانت له مجموعة من الآراء للنهوض بالشعب، ومقاومة سائر ألوان التخلف، حتى يكون جديراً بتحرير بلاده.
وأن سبيل المقاومة إنما يكون في تأسيس ثقافة عربية إسلامية، تعيد الثقة بالأمة التي هي من أعظم أمم الأرض، وأقدرها على مواجهة الأحداث.
ولهذا ركز على تكوين جيل من الشباب ، قادر على العمل في سائر الميادين ، ودعاهم إلى التحرر من أشكال التخلف والجمود، وكان يطوف المدن والأرياف، ليلقي دروساً تشرح ما يجب أن يكون عليه الشعب من أجل النهوض.
كان يدعوهم إلى إصلاح نفوسهم، لتصلح أحوالهم، حتى يستبدلوا الحسن بالسيئ، وهذا لا يكون بغير العلم والتربية، فلا بد من الجامعات التي تقوم على أسس علمية سليمة في الإحياء والتجديد، بدلاً من تلك المتزمتة التي لا تخرج إلا ذوي عقول آلية تتحرك بإرادة غيرها.
ويدعو إلى التخصص، فالعالم يتخصص في التعليم، والاقتصادي بالاقتصاد، وهكذا..
ويدعو إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا يتسامح في جعل الطبيب قاضياً، والفقيه مهندساً..
ويدعو إلى المؤسساتية، وترك الأعمال الفردية..
ويدعو إلى دراسة الماضي لنعتبر ونستفيد من الأخطاء التي ارتكبها الأجداد، وأدت بالأمة إلى ما هي عليه من تخلف أطمع بها من دونها.
ودعا الشباب إلى نبذ كل رثٍّ بالٍ عفا عليه الزمن، وكان يقول:
’’يكفينا أن نحتفظ من ماضينا: بالدين، والأخلاق، واللغة العربية الفصحى. ’’
اهتم الثعالبي بتكوين كوكبة من الشباب يجيد الفرنسية، لشرح قضية بلادهم، واستجاب هؤلاء ، فنشروا مقالات في عدد من الصحف الفرنسية، ثم أنشأ الثعالبي لهؤلاء الشبان صحيفة باللغة الفرنسية للدفاع عن تونس عام 1907.
وكان لا يعترف بالحدود المصطنعة التي أقامها المحتل لتمزيقنا ، فهي لمصلحته ، وتمسك بها الزعماء من أجل مصالحهم هم، وهي ضد مصالح الشعوب ، فالأرض الإسلامية وطن لكل المسلمين..
وكان هذا عبر التاريخ الإسلامي، يتنقل المسلم من الدولة العباسية، إلى الأندلسية، إلى الفاطمية، فلا يحول دون تنقله حائل.
وكان يرى أننا أمة قوية عزيزة الجانب، ولها تأثير فعال في سير السياسية العالمية، وعلينا أن نعرف هذا، ونتحرك بحسبه.
نظرته للآخر:
يرى أن الغرب استيقظ في الساعة الأخيرة التي غفا فيها الشرق، مع أنه يعرف أنه لولانا ما أدرك فضيلة، ولا عرف الأديان والفلسفة، فكان الغرب بهذا جاحداً فضل أمتنا وحضارتنا عليه.
ومع ذلك، يرى الثعالبي أنه من أجل نهوضنا، علينا أن نقتبس من الغرب كل جديد من النظم الدنيوية، وأن ننأى عما دون ذلك من النواحي الأخلاقية، والقيم التي لا تنسجم وقيمنا الدينية والخلقية.
هـمُّ الأمة:
لم يكن ليحصر همه فيما يعانيه وطنه فحسب بل كان يحمل هموم الأمة على عاتقه، ويسعى إلى تقديم ما يستطيع من عون لها، وهذا ما نلمسه في حياته ورحلاته ومحاضراته. فقد وقف إلى جانب ليبيا في حربها مع الإيطالي عام 1911، ودعا إلى تقديم العون العسكري والمعنوي .
وصار مستشاراً للمفتي الحسيني، وألقى محاضرات سياسية، ودروساً دينية بالقدس، ودعا الفلسطينيين عامة، والشباب منهم خاصة، إلى الإعداد للجهاد من أجل التحرر من ربقة الانكليز، والتصدي للخطر اليهودي القادم، واستعادة مجد الأمة ، وكان يصور لهم الواقع أصدق تصوير، ويعتمد فيما يقول على الأدلة العقلية مبسطة في سلاسة مدهشة يفهمها العامي ويطرب لها، وكان يعلو بها بالمثقفين على شتى مستوياتهم ، وقد وصفته الصحف الفلسطينية بأنه (ابن خلدون الجديد).
الصحفي:
عرف ما للصحافة من آثار في النفوس ، و توجيه الرأي العام، فبادر إلى تأسيس (المنتظر) و (المبشر) و (سبيل الرشاد) فعطلها المحتل لجرأة محررها وشدة مقاومته لهم .
وقام بالكتابة في الصحف التونسية، ودعا طلابه إلى الكتابة فيها وفي الصحف الفرنسية، ثم أنشأ صحيفة بالفرنسية عام 1907 أسماها (لوتنزيان) أي التونسي، برأس مال كبير، وكتب فيها نخبة من الكتاب التونسيين، ثم أصدر عام 1908 جريدة باللغة العربية أسماها (التونسي) دعا فيها إلى إحياء الحكم الدستوري، وواجه بقوة، مؤامرات المحتل على العربية، فقد دعا المحتلون إلى اتخاذ العامية التونسية لغة رسمية للمدارس والدواوين، وانتقد بعنف، قرار الحكومة التونسية (العميلة) ، برصد مبلغ ضخم لوضع معجم للهجة العامية التونسية، وعارض قرار تأليف لجنة لكتابة تاريخ تونس بالعامية التونسية، وعلى نحو موال للمحتل. ولم يصبر المحتل على ما ينشر في (التونسي) فأمروا بتعطيلها.
وأصدرت الحكومة التونسية (العميلة) قانوناً جديداً للمطبوعات اشترطت فيه شروطاً تعجيزية حتى تمنع صدور الصحف الوطنية التي تدعو إلى المقاومة والتمسك بالإسلام.
أنشأ مجلة (الفجر) في 1920 وكان يكتب في كثير من الصحف التونسية والمصرية، والشامية، والعراقية، والفرنسية، ويبث عبر قلمه السيال، أفكاره النيرة، في جرأة أدهشت قراءه..
الرجل المتمكن:
كان خطيباً مفوّهاً، وكاتباً بارعاً، اتخذ من لسانه وقلمه سيفين صارمين لكفاحه السياسي والفكري ، وكان لكتاباته آثارها البالغة في النفوس.
ألف كتاب (روح القرآن) وترجمه إلى الفرنسية، ودعا فيه إلى الإصلاح والبعد عن الجمود، فأحدث ضجة بين أبناء الجالية الفرنسية بتونس.
و(تاريخ شمال أفريقيا) و(فلسفة التشريع الإسلامي) و(تاريخ التشريع الإسلامي) و(مذكراته) في خمسة أجزاء.
(معجزات محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) نُشر منهما جزءان فقط.
(محاضراته في جامعة آل البيت ببغداد).
(تونس الشهيدة) صدر بباريس بالفرنسية بعد الحرب العالمية الأولى، فاتهمه الفرنسيون بالتآمر على أمنهم، واعتقلوه ثم نقلوه إلى السجن في تونس، ومكث فيه تسعة أشهر عام 1920.
توفي عام 1944 بعد حياة حافلة بالكفاح، لم يذق خلالها طعم الراحة، ولا سعى لمصلحة ذاتية، فقد أعطى كل ما وهبه الله لقضية بلاده، ولقضايا العرب والمسلمين، ولقي ما لاقى في سبيل ذلك.
كان كما وصفه العلامة ابن عاشور:
’’برز الثعالبي بعد الحرب العالمية الأولى، بما له من ماضٍ في السياسة والإصلاح الديني والاجتماعي، فبعث معالم النهضة التونسية، وأصبح زعيم النهضة المطلق’’.
فنسأل الله له الرحمة والجنة،،،
(سبق نشره في صحيفة الغد اليمنية..)
(1) باحث وكاتب يمني مقيم في جزر القمر.