مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
التخلف والفوضى .. تصنعها الأنظمة الديكتاتورية
سعد عبد المجيد | 07-04-2012 13:12

من ينظر لحالة الفوضى – غير الخلاقة - التى تعم أنحاء مدن وشوارع وميادين مصر فى الأوقات الحالية والشهور الماضية، يجد أنها تحصيل حاصل، وليست بالشىء الجديد. وليس من الإنصاف بحال القول: إن حالات الفوضى والتسيب والاستهتار والسرقات والسطو المسلح أو الخطف والتهديد والابتزاز... إلخ الموجودة فى أنحاء مصرنا، هى نتيجة للثورة الشعبية، ضد الحكم المستبد. بل الحقيقة تقول: ’’إن هذه الحالة هى المستمرة منذ سنوات طويلة، وكانت واحدة من سمات وصنع حكم حسنى المتمارض ومن سبقه من الفاشلين الذين حكموا مصر’’.

فمن يدور أو يسير حالياً فى شوارع وسط القاهرة، مثل شوارع عبد العزيز ومحمد على باشا والأزهر وجوهر القائد والمنصورية وشبرا والسوّاح وناهية ومَمفِرست بحى بولاق الدكرور أو ميادين العتبة والتحرير والسيدة زينب وعبد المنعم رياض، ومزلقانات بولاق الدكرور وأرض اللواء ومطار إمبابة أو فى شوارع وميادين محافظات ومدن مصر الأخرى، يجد نفسه أمام صورة، لم تتغير كثيراً عن السنوات التى سبقت ثورة 25 يناير 2012.

قبل حوالى 4 سنوات كنت فى زيارة لصديق صحفى، يسكن فى شارع العشرين المتفرع من شارع الملك فيصل بمنطقة الأهرامات، فى غرب القاهرة. كان الوقت مساءً، حاولت بسيارتى تخطى ميدان صغير تتقاطع عليه عدة شوارع، فلم أتمكن من المرور، ومن ثم قمت بصف سيارتى فى أقرب مكان قرب التقاطع، حيث مضى وقت طويل، دون فك الفوضى المرورية، لعدم وجود إشارات ضوئية أو رجل مرور أو فريق من البلدية، يساعد الناس وينظم حركة المرور، لمئات السيارات المتراشقة مع بعضها البعض. ثم، مشيت على قدمى للوصول للشارع المقصود. نفس الأمر وجدته قبل يومين بنفس الشارع والتقاطع، حيث تعمه الفوضى، خاصة عند مدخله، بما تقوم به الميكروباصات الخدمية من سد لمدخل الشارع.

أيضاً قبل سنوات وبشكل متكرر، كنت أتحاشى زيارة منزل شقيقتى، بشارع النزهة المتفرع من شارع ناهية بحى بولاق الدكرور، حيث يصعب السير فيه، حتى على الأقدام، وكانت فوضى وتسيب شوارع بولاق سببًا رئيسيًا لنقل شقيقتى منزلها لشارع التعاون المرتبط بشارعى الهرم وفيصل. غير أنها استجارت بالرمداء هروبًا من النيران البولاقية!.

لقد تعمد الحكم العسكرى الديكتاتورى والدولة الأمنية طوال السنين الماضية، ترك الأمور العامة - اختصاص عمل البلديات والحكم المحلى - تسير فى كنف ’’الفوضى’’، لكى يغرق الشعب فى متاهات وصراعات يومية تافهة، تشغله وتحطم معنوياته، فلا يقدر على تنظيم معارضة للنظام وانتقاده والدعوة لتغييره. وهذه الحالة ساعدت النظام الديكتاتورى العسكرى والأمنى وعصابته المسماة زورا بـ ’’رجال الأعمال’’ - الحقيقة أنهم ’’لصوص أعمال’’-، فى البقاء بالحكم جبراً وقسراً، طوال عشرات السنين.

بعد الثورة الشعبية أيضاً، وضح بجلاء وجود تباطؤ شديد وتعمد دوام نفس حالة الفوضى، نتيجة لعدم السماح بتشكيل حكومة وطنية - قومية موسعة، تتولى إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. مما وضع نفسية المواطنين فى مأزق جديد، لدرجة انتشار عبارة ’’ما الذى تغير.. كل شىء كما هو؟!’’ بين المواطنين وهى تعبر عن حالة الإحباط واليأس.

غير أننى، وسط الفوضى غير الخلاقة والمتعمدة، مؤمن بأن الأغلبية من شعبنا الصبور الطيب، لن تفقد إيمانها بالتحول الديمقراطى السلمى، وبإمكانية النجاح فى التخلص من حالة الفوضى المفروضة على بلادنا، منذ عشرات السنين. أما كيفية الخروج من مأزق الفوضى غير الخلاقة، فهذا سيكون موضوع مقالتى القادمة بإذن الله تعالى. يقول الحق تبارك وتعالى: ’’إن الله مع الصابرين’’.
*المصريون
أضافة تعليق