أ. فريد أبو مريم
علامات استفهام و عدة تساؤلات تدور في أذهان الكثير من الناس عن شتى الرغبات، والعجيب
في الأمر أنها تصب كلها في خانة واحدة، فالرغبة في الحياة هو الأمر المشترك في هذه الدنيا بين
جميع المخلوقات ، لكن هناك من الرغبات الكثير، منها من تلتقي ومنها من تتعارض وتفترق ولا تتلاقى
للأبد، و يكاد أصحابها ينقسمون لقسمين لا ثالث لهما، قسم رغبته تنتهي وتفنى في حياته الدنيا وآخر
تستمر رغبته في الحياة الأولى إلى الحياة الآخرة.
لكن هذا العجب يزول حينما يعود الإنسان لربه فيقرأ من كتابه ويتدبر معانيه فإن وفقه الله للفهم الصحيح
ويسّر له السبيل ، وذلّل له العقبات ، كان ذلك بالنسبة له و لكل قارئ متأني متدبر اندثارا للضباب، و زوالا
للغموض، ووضوحا للحقيقة.
و قد أدهشني ما أرى و أسمع عن أناس لا يراعون القيّم، ويعبثون بكل ما هو جدّ، ولا يحترمون خصوصيات
الآخرين، بل ويخدشون مشاعرهم،ويستصغرون مكانتهم، ويهينون وضعهم ،بل ويحتقرون صبرهم وكل ما هو
جميل فيهم، ويعتبرونه ضعفا وحقارة.
فعندما أرى هذا الغي يصدر من قبل الكثير من الناس أحسب نفسي الوحيد الذي يرغب في الحياة الدنيا
والآخرة وبالتالي الفوز برضوان الله !!!
و لكن حينما أرى اجتهاد ذلك الفتى في سبيل إرضاء الله سواء ببذل الغالي والنفيس في سبيله أو بما أتاه
الله من إيمان فلا زال يكد ويجد حتى يلقى مولاه.
فهومنذ نعومة أظافره لا يدّخر جهدا في سبيل هذه الغاية.
فتجده شديد الحرص على تنظيف مراحيض بيوت الله وأماكن الوضوء، فتظهر رغبته في الحياة الأبدية قوية لشديد
تمسكه بخدمة بيوت الله وإحسانه لعمارها.
و من لا يتذكر بصمة ذلك الشاب وهو يقتنص فرص قطف الحسنات بتقديمه لخدمة بسيطة في ظاهرها لكنها
عملاقة في أصلها فيقلد سقاية الحجاج في البقاع المقدسة، فيقوم بسقاية المشيعين في المقبرة وفي
عز اشتداد الحرارة.
وحين أرى تمسك تلك الفتاة بما أعطاها الله من عزة واعتزازها بكل ما هو نبيل فيكاد الصبر يغار من صبرها،لكنه
سرعان ما يدرك أنه عنصر خفي إنما يتجلى جماله و يسطع نجمه في تصرفاتها.
فيظهر أجمل مما كان يتصور فتبصر مدى حرصها على نظافة المسجد رغم حصولها على أرقى الشهادات وامتلاكها
للكفاءة العلمية والمهنية لكنك تلمس النشاط والحيوية في حركاتها فلا تبخل مثيلاتها من دعوتهن إلى هذه المثل
وبشتى الوسائل والحيّل لأجل التأثير وشد الانتباه فتغرس الفضيلة في النفوس وتثير المفاتن العالية المقام
الغالية الثمن الباهظة الضريبة وطبعا هي ليست مفاتن جسدها ولا ميلاتها العاهرة ولا محاسن ممتلكاتها الآنية
الفانية من ألبسة فاخرة وحلي باهظة فهي تدرك أن كل هذا الجمال سيتحول في يوم ما إلى أشلاء مترامية
وعظام نخرة يتحاشى ملاقاتها كائنا من كان.
تلك هي البنت الصالحة التي تشبه الصحراء في نقاءها وصفاء سماءها وذهبية رمالها فهي بمثابة جمال
يخبئ ما أجمل منه .....
فبالإضافة لجمالها الظاهر هناك في باطن كيانها من بشائر الخير ما يفيد وما ينفع كل الشرائح .....
فهو الجمال المزدوج وأثره واضح جلي.
فهذه الصحراء التي تبدو قاحلة هي في الحقيقة أرض طيبة تدّخر في جوفها المياه لتنفجر في عز الأزمة.
فحين أرى اندفاع هذا الشاب نحو العلا وتشبثه بالأعمال الجليلة وطموحه إلى بلوغ رضوان الله
وأيضا حين أرى تلك الفتاة الصبورة القانتة العابدة الخدومة الخجولة والتي تعي أن العمل في هدوء والمداومة عليه
أفضل بكثير من تقديم الشكليات وكثرة الكلام والحماسة المفرطة.
ولمّا أرى هذا الفتى وتلك الفتاة ورغبتهما في الحياة العالية المقام الغالية الثمن برفقة الكثير من أطياف المجتمع
أحسب نفسي أكبر الخاسرين.
فيظهر من تصرفات تلك الفتاة وذاك الفتى وكأن الحياة تنبعث من جديد ويسود الأمل فتدمع السماء بإذن ربها
فرحا، مما يجعل اليقين راسخا في النفوس أن الأعمال الصالحة لا تذهب أدراج الرياح ، إنما يستجاب لها وقت
ما يشاء وكيف ما يشاء ، فهل تستحق هذه الأرض الطيبة العناية أم لا !!!
و الإجابة طبعا تستحق التمعن والتروي ليس في الاستحقاق من غير ه وإنما في كيفية المحافظة على حبات
الرمال الذهبية والكنوز التي تحتويها
فالحياة رغبة لأن فيها غاية ليس من اليسير بلوغها، فهي باهظة التكاليف وهنا تكمن قيمتها، إذ أن الفلّاح بعد عام
من الكدّ والجدّ يتحصل على الغّلة فيشعر بالفخر و الاعتزاز ربما أكثر ممن يحصلون على مستحقاتهم دون عناء.
والحقيقة أن رغبة الحياة مشتركة بين من يرغب في الحياة الأبدية وبين من يرغب في الحياة الدنيا، فمن كانت
رغبته في الحياة الدنيا أقوى فقد اختار لنفسه القصيرة الأمد، فهذه الرغبة تنتهي وتزول حين وفاته، لكنه بعد رحيله
يتمنى العودة للحياة الدنيا لأنه هناك يتيقن أن رغبته في الحياة قبل وفاته أخطأت الهدف وأنها ليست الرغبة الحقيقية
في الحياة
وعلى خلافه هناك من له رغبة في الحياة الأبدية فتجده يبذل الغالي والنفيس في سبيل إرضاء الحي الذي لا يموت.
لأنه يعلم علم اليقين أن الرغبة في الحياة الدنيا وقتها قصير
ولأنه يدرك تمام الإدراك أنه إذا سُئل الأموات لكانت إجابتهم كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى (قال كم لبثتم في الأرض
عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ) المؤمنون : 112 ، 113
ولنا في القرآن الكريم السند الذي به الوفرة من الدلائل التي تؤكد رغبة الإنسان في الحياة، فالإنسان أثناء انتقاله من
الأولى إلى الآخرة يقول ’’ (حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون ، لعلي اعمل صالحا فيما تركت) المؤمنون -
الآية (99-100)
فهو يرغب في العودة للحياة الدنيا ليس للتمتع والتنطع والتسكع وإنما لتقوية الإيمان بالأعمال الصالحة وكسب الصفات
التي يتصف بها أهل الصلاح والفلاح وبالتالي الحصول على رضا الله والفوز والغنيمة بالرغبة الحقيقية في الحياة الدنيا
والآخرة بفضل ورحمة ممن يتصف بغفار الذنوب وساتر العيوب وكاشف الغم عن كل الشعوب...
*تربيتنا
علامات استفهام و عدة تساؤلات تدور في أذهان الكثير من الناس عن شتى الرغبات، والعجيب
في الأمر أنها تصب كلها في خانة واحدة، فالرغبة في الحياة هو الأمر المشترك في هذه الدنيا بين
جميع المخلوقات ، لكن هناك من الرغبات الكثير، منها من تلتقي ومنها من تتعارض وتفترق ولا تتلاقى
للأبد، و يكاد أصحابها ينقسمون لقسمين لا ثالث لهما، قسم رغبته تنتهي وتفنى في حياته الدنيا وآخر
تستمر رغبته في الحياة الأولى إلى الحياة الآخرة.
لكن هذا العجب يزول حينما يعود الإنسان لربه فيقرأ من كتابه ويتدبر معانيه فإن وفقه الله للفهم الصحيح
ويسّر له السبيل ، وذلّل له العقبات ، كان ذلك بالنسبة له و لكل قارئ متأني متدبر اندثارا للضباب، و زوالا
للغموض، ووضوحا للحقيقة.
و قد أدهشني ما أرى و أسمع عن أناس لا يراعون القيّم، ويعبثون بكل ما هو جدّ، ولا يحترمون خصوصيات
الآخرين، بل ويخدشون مشاعرهم،ويستصغرون مكانتهم، ويهينون وضعهم ،بل ويحتقرون صبرهم وكل ما هو
جميل فيهم، ويعتبرونه ضعفا وحقارة.
فعندما أرى هذا الغي يصدر من قبل الكثير من الناس أحسب نفسي الوحيد الذي يرغب في الحياة الدنيا
والآخرة وبالتالي الفوز برضوان الله !!!
و لكن حينما أرى اجتهاد ذلك الفتى في سبيل إرضاء الله سواء ببذل الغالي والنفيس في سبيله أو بما أتاه
الله من إيمان فلا زال يكد ويجد حتى يلقى مولاه.
فهومنذ نعومة أظافره لا يدّخر جهدا في سبيل هذه الغاية.
فتجده شديد الحرص على تنظيف مراحيض بيوت الله وأماكن الوضوء، فتظهر رغبته في الحياة الأبدية قوية لشديد
تمسكه بخدمة بيوت الله وإحسانه لعمارها.
و من لا يتذكر بصمة ذلك الشاب وهو يقتنص فرص قطف الحسنات بتقديمه لخدمة بسيطة في ظاهرها لكنها
عملاقة في أصلها فيقلد سقاية الحجاج في البقاع المقدسة، فيقوم بسقاية المشيعين في المقبرة وفي
عز اشتداد الحرارة.
وحين أرى تمسك تلك الفتاة بما أعطاها الله من عزة واعتزازها بكل ما هو نبيل فيكاد الصبر يغار من صبرها،لكنه
سرعان ما يدرك أنه عنصر خفي إنما يتجلى جماله و يسطع نجمه في تصرفاتها.
فيظهر أجمل مما كان يتصور فتبصر مدى حرصها على نظافة المسجد رغم حصولها على أرقى الشهادات وامتلاكها
للكفاءة العلمية والمهنية لكنك تلمس النشاط والحيوية في حركاتها فلا تبخل مثيلاتها من دعوتهن إلى هذه المثل
وبشتى الوسائل والحيّل لأجل التأثير وشد الانتباه فتغرس الفضيلة في النفوس وتثير المفاتن العالية المقام
الغالية الثمن الباهظة الضريبة وطبعا هي ليست مفاتن جسدها ولا ميلاتها العاهرة ولا محاسن ممتلكاتها الآنية
الفانية من ألبسة فاخرة وحلي باهظة فهي تدرك أن كل هذا الجمال سيتحول في يوم ما إلى أشلاء مترامية
وعظام نخرة يتحاشى ملاقاتها كائنا من كان.
تلك هي البنت الصالحة التي تشبه الصحراء في نقاءها وصفاء سماءها وذهبية رمالها فهي بمثابة جمال
يخبئ ما أجمل منه .....
فبالإضافة لجمالها الظاهر هناك في باطن كيانها من بشائر الخير ما يفيد وما ينفع كل الشرائح .....
فهو الجمال المزدوج وأثره واضح جلي.
فهذه الصحراء التي تبدو قاحلة هي في الحقيقة أرض طيبة تدّخر في جوفها المياه لتنفجر في عز الأزمة.
فحين أرى اندفاع هذا الشاب نحو العلا وتشبثه بالأعمال الجليلة وطموحه إلى بلوغ رضوان الله
وأيضا حين أرى تلك الفتاة الصبورة القانتة العابدة الخدومة الخجولة والتي تعي أن العمل في هدوء والمداومة عليه
أفضل بكثير من تقديم الشكليات وكثرة الكلام والحماسة المفرطة.
ولمّا أرى هذا الفتى وتلك الفتاة ورغبتهما في الحياة العالية المقام الغالية الثمن برفقة الكثير من أطياف المجتمع
أحسب نفسي أكبر الخاسرين.
فيظهر من تصرفات تلك الفتاة وذاك الفتى وكأن الحياة تنبعث من جديد ويسود الأمل فتدمع السماء بإذن ربها
فرحا، مما يجعل اليقين راسخا في النفوس أن الأعمال الصالحة لا تذهب أدراج الرياح ، إنما يستجاب لها وقت
ما يشاء وكيف ما يشاء ، فهل تستحق هذه الأرض الطيبة العناية أم لا !!!
و الإجابة طبعا تستحق التمعن والتروي ليس في الاستحقاق من غير ه وإنما في كيفية المحافظة على حبات
الرمال الذهبية والكنوز التي تحتويها
فالحياة رغبة لأن فيها غاية ليس من اليسير بلوغها، فهي باهظة التكاليف وهنا تكمن قيمتها، إذ أن الفلّاح بعد عام
من الكدّ والجدّ يتحصل على الغّلة فيشعر بالفخر و الاعتزاز ربما أكثر ممن يحصلون على مستحقاتهم دون عناء.
والحقيقة أن رغبة الحياة مشتركة بين من يرغب في الحياة الأبدية وبين من يرغب في الحياة الدنيا، فمن كانت
رغبته في الحياة الدنيا أقوى فقد اختار لنفسه القصيرة الأمد، فهذه الرغبة تنتهي وتزول حين وفاته، لكنه بعد رحيله
يتمنى العودة للحياة الدنيا لأنه هناك يتيقن أن رغبته في الحياة قبل وفاته أخطأت الهدف وأنها ليست الرغبة الحقيقية
في الحياة
وعلى خلافه هناك من له رغبة في الحياة الأبدية فتجده يبذل الغالي والنفيس في سبيل إرضاء الحي الذي لا يموت.
لأنه يعلم علم اليقين أن الرغبة في الحياة الدنيا وقتها قصير
ولأنه يدرك تمام الإدراك أنه إذا سُئل الأموات لكانت إجابتهم كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى (قال كم لبثتم في الأرض
عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ) المؤمنون : 112 ، 113
ولنا في القرآن الكريم السند الذي به الوفرة من الدلائل التي تؤكد رغبة الإنسان في الحياة، فالإنسان أثناء انتقاله من
الأولى إلى الآخرة يقول ’’ (حتى إذا جاء أحدكم الموت قال رب ارجعون ، لعلي اعمل صالحا فيما تركت) المؤمنون -
الآية (99-100)
فهو يرغب في العودة للحياة الدنيا ليس للتمتع والتنطع والتسكع وإنما لتقوية الإيمان بالأعمال الصالحة وكسب الصفات
التي يتصف بها أهل الصلاح والفلاح وبالتالي الحصول على رضا الله والفوز والغنيمة بالرغبة الحقيقية في الحياة الدنيا
والآخرة بفضل ورحمة ممن يتصف بغفار الذنوب وساتر العيوب وكاشف الغم عن كل الشعوب...
*تربيتنا