بيني موريس
ترجمة/ الإسلام اليوم
من المزمع أن يتوجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالزيارة إلى جزيرة قبرص اليونانية في الشهر الجاري، والتي تُعَدّ الأولى على الإطلاق لمسئول إسرائيلي لإحدى جزر البحر الأبيض المتوسط المجاورة، كما تدرس نيقوسيا (عاصمة قبرص) في الوقت ذاته طلبًا إسرائيليًا لإقامة محطة لطائرتها العسكرية في قبرص.
وتأتِي هاتان الخطوتان- من جانب إسرائيل وقبرص- في إطار ما يسمى بتكوين تحالف إقليمي سريع مدفوع بالخوف المتبادل والعداء لتركيا، والتي تهدّد للإقدام على خطوة عسكرية تجاه البلدين، سواء بسبب أنشطة قبرص البحرية للحفر للتنقيب عن الغاز، مما جعل تركيا تتهمها بالاعتداء على المياه القبرصية التركية وربما على مخزونها من الغاز تحت الأرض.
أما بخصوص إسرائيل، فهو بسبب ما تضربه من حصار غير شرعي على قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، وبالفعل فقد زادت تركيا في الآونة الأخيرة من تواجدها البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط كما هدّدت بتوفير سفن لمرافقة السفن التي تحمل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك عقب قتل تسعة من الناشطين الأتراك كانوا على متن سفينة مرمرة التي كانت متوجهة لمساعدة قطاع غزة قبل عامين.
بيد أن هذا التحالف- الإسرائيلي القبرصي- ينبغي أن يُنظر إليه ضمن سياق أوسع، حيث إنه لم يتم بسبب الخوف من تنامي القوة الإسلامية في تركيا أو العداء لها فحسب لكنه كذلك لمواجهة زيادة نفوذ إيران في المنطقة، فضلاً عن صعود الأحزاب الإسلامية إلى سُدّة الحكم في بعض من الدول العربية كنتيجة أساسية لـ ’’الربيع العربي’’، وبتضافر هذه العوامل جميعًا كانت إسرائيل مدفوعة لإعادة تشكيل سياستها الخارجية المحيطة، والتي وضعها بن جوريون في الخمسينات، عقب احتدام الصراع العربي الإسرائيلي في عام 1948، حيث سعى بن جوريون لعقد تحالفات مع خصوم أعداء إسرائيل، سواء مع الدول غير العربية أو الأقليات الموجودة حول أو داخل البلدان العربية المجاورة، على سبيل المثال (إيران، تركيا، الأكراد، المسيحيين في لبنان وجنوب السودان).
نظرًا لهذا الواقع في الوقت الراهن- سواء لتفاقم الأزمة مع الدول العربية المجاورة وصعود الأحزاب الإسلامية وتزايد المشاكل مع الدول غير العربية في الخارج (إيران وتركيا وباكستان)- أصبحت إسرائيل مدفوعة لتوسيع نطاق مفهومها للعلاقات الدولية الودية المحتملة أو تغير سياستها الخارجية الموازية لتشمل دولاً أخرى مثل أذربيجان والهند واليونان وبلغاريا ورومانيا وقبرص اليونانية.
وفي السياق ذاته، قام رئيس جنوب السودان، سلفا كير، بزيارة إسرائيل الشهر الماضي، ومن المتوقع أن يرد نتنياهو الزيارة هذا العام، وتعود هذه العلاقة إلى عقود طويلة حينما كانت إسرائيل تزوّد المسيحيين في جنوب السودان والمتمردين بالسلاح وتدريبهم على حرب العصابات لمناهضة الحكومة السودانية المسلمة العربية في الشمال، أما الآن وبعد انفصال الجنوب، فمن المرجح أن تزدهر علاقاتها مع إسرائيل بما فيها العلاقات العسكرية.
جدير بالذكر أنّ الإعلان عن زيارة نتنياهو لنيقوسيا يأتي عقب التقارير التي أفادت بأن إسرائيل وقبرص اليونانية قامت بإبرام اتفاق للتعاون لحماية مواقع وعمليات الحفر للتنقيب عن الغاز، وقد علّقت حزب الله اللبناني في الآونة الأخيرة على هذه الأنشطة بأن الهدف منها إيجاد مبررات للهجوم على لبنان، تحت ذريعة وجود حقول للبترول تحت المياه اللبنانية الاقتصادية.
لعقود مضت، ظلّت قبرص اليونانية، واليونان كذلك، بعيدة عن إسرائيل أو التحالف معها مفضلة الصداقة والتجارة مع الدول العربية الأكثر ثراء والأكبر إقليميًا، إلا أنها في الآونة الأخيرة أيضًا أصبحت تبدي قلقها من تنامي نفوذ الإسلاميين، ولا سيما في تركيا والتي ينظر إليها من قبل واشنطن على أنه نظام معتدل ولكن هذه النظرة مغايرة في الدول المجاورة لها.
يشار أنّ إسرائيل وقبرص أبرمتا في شهر ديسمبر 2010 اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية الاقتصادية بينهما، وهو الاتفاق الذي تَمّ استنكاره من قبل تركيا بوصفه جنونا، كما زار وزير الدفاع القبرصي، ديمتري اليادس، إسرائيل لتوقيع اتفاقية تعاون استخبارتية مع نظيره ايهود باراك، كما يتهم القبارصة على ما يبدو بالحصول على المساعدة الإسرائيلية لمراقبة المجال الجوي فوق حقول الغاز ومعدات الحفر، ناهيك عن التدريبات المشتركة التي عقدت بين القبارصة والإسرائيليين، ويبقى من غير الواضح عما إذا كانت زيارة نتنياهو إلى قبرص ستكون تاريخية حقا، إلا أنّ الدلائل جميعها تشير إلى وجود تحالف أقوى.
*لإسلام اليوم
ترجمة/ الإسلام اليوم
من المزمع أن يتوجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالزيارة إلى جزيرة قبرص اليونانية في الشهر الجاري، والتي تُعَدّ الأولى على الإطلاق لمسئول إسرائيلي لإحدى جزر البحر الأبيض المتوسط المجاورة، كما تدرس نيقوسيا (عاصمة قبرص) في الوقت ذاته طلبًا إسرائيليًا لإقامة محطة لطائرتها العسكرية في قبرص.
وتأتِي هاتان الخطوتان- من جانب إسرائيل وقبرص- في إطار ما يسمى بتكوين تحالف إقليمي سريع مدفوع بالخوف المتبادل والعداء لتركيا، والتي تهدّد للإقدام على خطوة عسكرية تجاه البلدين، سواء بسبب أنشطة قبرص البحرية للحفر للتنقيب عن الغاز، مما جعل تركيا تتهمها بالاعتداء على المياه القبرصية التركية وربما على مخزونها من الغاز تحت الأرض.
أما بخصوص إسرائيل، فهو بسبب ما تضربه من حصار غير شرعي على قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، وبالفعل فقد زادت تركيا في الآونة الأخيرة من تواجدها البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط كما هدّدت بتوفير سفن لمرافقة السفن التي تحمل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك عقب قتل تسعة من الناشطين الأتراك كانوا على متن سفينة مرمرة التي كانت متوجهة لمساعدة قطاع غزة قبل عامين.
بيد أن هذا التحالف- الإسرائيلي القبرصي- ينبغي أن يُنظر إليه ضمن سياق أوسع، حيث إنه لم يتم بسبب الخوف من تنامي القوة الإسلامية في تركيا أو العداء لها فحسب لكنه كذلك لمواجهة زيادة نفوذ إيران في المنطقة، فضلاً عن صعود الأحزاب الإسلامية إلى سُدّة الحكم في بعض من الدول العربية كنتيجة أساسية لـ ’’الربيع العربي’’، وبتضافر هذه العوامل جميعًا كانت إسرائيل مدفوعة لإعادة تشكيل سياستها الخارجية المحيطة، والتي وضعها بن جوريون في الخمسينات، عقب احتدام الصراع العربي الإسرائيلي في عام 1948، حيث سعى بن جوريون لعقد تحالفات مع خصوم أعداء إسرائيل، سواء مع الدول غير العربية أو الأقليات الموجودة حول أو داخل البلدان العربية المجاورة، على سبيل المثال (إيران، تركيا، الأكراد، المسيحيين في لبنان وجنوب السودان).
نظرًا لهذا الواقع في الوقت الراهن- سواء لتفاقم الأزمة مع الدول العربية المجاورة وصعود الأحزاب الإسلامية وتزايد المشاكل مع الدول غير العربية في الخارج (إيران وتركيا وباكستان)- أصبحت إسرائيل مدفوعة لتوسيع نطاق مفهومها للعلاقات الدولية الودية المحتملة أو تغير سياستها الخارجية الموازية لتشمل دولاً أخرى مثل أذربيجان والهند واليونان وبلغاريا ورومانيا وقبرص اليونانية.
وفي السياق ذاته، قام رئيس جنوب السودان، سلفا كير، بزيارة إسرائيل الشهر الماضي، ومن المتوقع أن يرد نتنياهو الزيارة هذا العام، وتعود هذه العلاقة إلى عقود طويلة حينما كانت إسرائيل تزوّد المسيحيين في جنوب السودان والمتمردين بالسلاح وتدريبهم على حرب العصابات لمناهضة الحكومة السودانية المسلمة العربية في الشمال، أما الآن وبعد انفصال الجنوب، فمن المرجح أن تزدهر علاقاتها مع إسرائيل بما فيها العلاقات العسكرية.
جدير بالذكر أنّ الإعلان عن زيارة نتنياهو لنيقوسيا يأتي عقب التقارير التي أفادت بأن إسرائيل وقبرص اليونانية قامت بإبرام اتفاق للتعاون لحماية مواقع وعمليات الحفر للتنقيب عن الغاز، وقد علّقت حزب الله اللبناني في الآونة الأخيرة على هذه الأنشطة بأن الهدف منها إيجاد مبررات للهجوم على لبنان، تحت ذريعة وجود حقول للبترول تحت المياه اللبنانية الاقتصادية.
لعقود مضت، ظلّت قبرص اليونانية، واليونان كذلك، بعيدة عن إسرائيل أو التحالف معها مفضلة الصداقة والتجارة مع الدول العربية الأكثر ثراء والأكبر إقليميًا، إلا أنها في الآونة الأخيرة أيضًا أصبحت تبدي قلقها من تنامي نفوذ الإسلاميين، ولا سيما في تركيا والتي ينظر إليها من قبل واشنطن على أنه نظام معتدل ولكن هذه النظرة مغايرة في الدول المجاورة لها.
يشار أنّ إسرائيل وقبرص أبرمتا في شهر ديسمبر 2010 اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية الاقتصادية بينهما، وهو الاتفاق الذي تَمّ استنكاره من قبل تركيا بوصفه جنونا، كما زار وزير الدفاع القبرصي، ديمتري اليادس، إسرائيل لتوقيع اتفاقية تعاون استخبارتية مع نظيره ايهود باراك، كما يتهم القبارصة على ما يبدو بالحصول على المساعدة الإسرائيلية لمراقبة المجال الجوي فوق حقول الغاز ومعدات الحفر، ناهيك عن التدريبات المشتركة التي عقدت بين القبارصة والإسرائيليين، ويبقى من غير الواضح عما إذا كانت زيارة نتنياهو إلى قبرص ستكون تاريخية حقا، إلا أنّ الدلائل جميعها تشير إلى وجود تحالف أقوى.
*لإسلام اليوم