(غمدان اليوسفي)
نحتاج لكثير من التأمل لندرك أن حزباً يتفتت الآن لم يعد قادراً على حماية نفسه إلا من خلال التشبث بصورة رمز قادته الأقدار إلى سرير أبيض لمعالجة جروح لاتعيد إليه من العمر والمجد شيئاً.
نحتاج كثيراً من العقل لنزرع قليلاً من النسيان في ذاكرة شخوص ملأ الرعب قلوبهم بعد رحيل راعي قذارتهم وإحساسهم بفقدان ذاكرة أمكنة سكنها وولى بلا رجعة.
يبحثون الآن عن وطن مضاد للنسيان، وحجارة تقدم رشوة للتأريخ ليسجل ما يستحيل تسجيله، لكن النسيان يأبى أن ينسى مرارات صناعة الخراب في وطن توارت أحلامه خلال ثلاث من السنين وثلاثة من العقود.
أولئك الباحثون عن تفجير مطبعة (الجمهورية)، يحاولون تحميلها وزر غياب صورة شخص طوى التأريخ صفحته، وعبثت الجغرافيا بتجاعيد وجهه، بينما لاتركن المطبعة لذاكرة الحبر، إنها تركن لذاكرة الحب أولاً، فالحب أقوى انطباعاً من الحبر.
لم تعتد مطبعتا (الجمهورية)، و(الثورة)، على لون الدم الذي صبغ تعز وصنعاء وعدن، لم تعتادا صورة جمعة الكرامة، وحرق ساحة الحرية بتعز، ومجزرة الإذاعة والتلفزيون وكنتاكي والستين وغيرها، وهنا يحاول الحبر التكفير عن ذنب حضور الصورة الكاذبة الخاطئة لرئيس ألفنا كذبه، وشبعنا صورته، وزرع الحقد فينا كما زرع الخراب في كل منحى من مناحي الحياة.
لابأس، ماتفعله هاتان المؤسستان حالياً هو محاولة الفوز في حرب مقاومة النسيان، لا أحد يريد أن ينسى، هم لايريدون أن ننسى صورته، أو بالأحرى لا يريدون لصورته أن تنسى تأريخاً تجرعناه بالدم والبارود.
ربما تحاول هاتان المؤسستان أن تسرقا شيئاً من المروءة التي أهدرتها حروف وجهت في صدور الناس رصاصاً وباروداً وأكاذيب، تحاولان سرقة شيء من الورد لتضعه على قبور أولئك الذين قتلهم صاحب الفخامة والحصانة.
لماذا يستكثر علي عبدالله صالح وأبناءه على أولئك الشهداء غيابه كي يستريحوا في قبورهم، ألا يستحون من دمهم حتى؟ لماذا يريد أن يعذبهم إن لم يكن بخطاباته فبصورته التي شوه ملامحها دمهم المسفوك في الساحات.
ليتهم يعرفون رائحة الدم التي أبكتنا في جمعة الكرامة، ليتهم اقتربوا من رأس جمال الشرعبي، ليتهم رأوا ابنته تبكيه في نقابة الصحفيين، ليتهم أمعنوا وأنصتوا لصرخة عتاب المنيعي، والطلقات في عيون أنس، والحسرة في عيون أفنان، ليعلموا كم أن صورته قاسية في عيون هؤلاء، كم هي شديدة الرعب في قلوب أمهات هؤلاء الأطفال.
أي وطن اختزله رمز الخراب في صورته، إنها صورة اختبأ خلف كبريائها ألف لص وقاتل، صورة أخفت من القهر أكثر من زرعها للبسمة، من يبتسم لصورته الآن غير أولئك المدفوعين بحفنة من الأرز والدجاج وتخزينة قات، ألا يستحي أن تكون قيمة صورته، (نص دجاج وواحد رز).
هاهي الصورة كما قيل، محاولة يائسة للاحتفاظ بالزمن، لكنه زمن نسي أن يحتفظ لنفسه بصورة الأمس، هو زمن يبحث في أفق الآتي، والآتي لابد أن يكون وطناً، وليس صنماً.
لن تهزمنا صورته بعد الآن، فلتلحق به صورة رحيله، وليلحق به زمنه، وليبقى تاريخه شاهداً أمام آلاف الأيتام والأرامل والمشردين، بأن رجلاً ما، مر من هنا وخلّف كل هذا الخراب.
رسائل
- الأستاذ ياسين المسعودي القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة صحيفة (الثورة).
- الأستاذ عبدالرحمن بجاش، نائب رئيس مجلس الإدارة.. كنتما الصورة الجميلة المستترة داخل هذه المؤسسة، ولازلتما أكثر نظافة وأقرب إلى زملائكم، مايحدث الآن مجرد قرصنة لشذاذ آفاق لم يعتادوا الهزيمة لا أكثر.. فلا تكترثا للأمر.
- الأستاذ سمير اليوسفي، فعلت ما بوسعك وأكثر، وشعورك بالخذلان حق أصيل لك، لكن شعورنا بقدرتك على استيعاب كوارث كهذه يجعلنا نطمئن، فالصورة الواهمة في غلاف الجمهورية لا تخفي قنابل الحرية التي تتفجر في صفحات الصحيفة!.
- الأستاذ علي العمراني.. أنت رجل بحجم المرحلة، وبحجم المكان، وقليل من شدة الواقع تُقوّيك أكثر مما تُضعفُكَ، لتكن كما أنت، ولا تبتئس
*الصحوة نت
نحتاج لكثير من التأمل لندرك أن حزباً يتفتت الآن لم يعد قادراً على حماية نفسه إلا من خلال التشبث بصورة رمز قادته الأقدار إلى سرير أبيض لمعالجة جروح لاتعيد إليه من العمر والمجد شيئاً.
نحتاج كثيراً من العقل لنزرع قليلاً من النسيان في ذاكرة شخوص ملأ الرعب قلوبهم بعد رحيل راعي قذارتهم وإحساسهم بفقدان ذاكرة أمكنة سكنها وولى بلا رجعة.
يبحثون الآن عن وطن مضاد للنسيان، وحجارة تقدم رشوة للتأريخ ليسجل ما يستحيل تسجيله، لكن النسيان يأبى أن ينسى مرارات صناعة الخراب في وطن توارت أحلامه خلال ثلاث من السنين وثلاثة من العقود.
أولئك الباحثون عن تفجير مطبعة (الجمهورية)، يحاولون تحميلها وزر غياب صورة شخص طوى التأريخ صفحته، وعبثت الجغرافيا بتجاعيد وجهه، بينما لاتركن المطبعة لذاكرة الحبر، إنها تركن لذاكرة الحب أولاً، فالحب أقوى انطباعاً من الحبر.
لم تعتد مطبعتا (الجمهورية)، و(الثورة)، على لون الدم الذي صبغ تعز وصنعاء وعدن، لم تعتادا صورة جمعة الكرامة، وحرق ساحة الحرية بتعز، ومجزرة الإذاعة والتلفزيون وكنتاكي والستين وغيرها، وهنا يحاول الحبر التكفير عن ذنب حضور الصورة الكاذبة الخاطئة لرئيس ألفنا كذبه، وشبعنا صورته، وزرع الحقد فينا كما زرع الخراب في كل منحى من مناحي الحياة.
لابأس، ماتفعله هاتان المؤسستان حالياً هو محاولة الفوز في حرب مقاومة النسيان، لا أحد يريد أن ينسى، هم لايريدون أن ننسى صورته، أو بالأحرى لا يريدون لصورته أن تنسى تأريخاً تجرعناه بالدم والبارود.
ربما تحاول هاتان المؤسستان أن تسرقا شيئاً من المروءة التي أهدرتها حروف وجهت في صدور الناس رصاصاً وباروداً وأكاذيب، تحاولان سرقة شيء من الورد لتضعه على قبور أولئك الذين قتلهم صاحب الفخامة والحصانة.
لماذا يستكثر علي عبدالله صالح وأبناءه على أولئك الشهداء غيابه كي يستريحوا في قبورهم، ألا يستحون من دمهم حتى؟ لماذا يريد أن يعذبهم إن لم يكن بخطاباته فبصورته التي شوه ملامحها دمهم المسفوك في الساحات.
ليتهم يعرفون رائحة الدم التي أبكتنا في جمعة الكرامة، ليتهم اقتربوا من رأس جمال الشرعبي، ليتهم رأوا ابنته تبكيه في نقابة الصحفيين، ليتهم أمعنوا وأنصتوا لصرخة عتاب المنيعي، والطلقات في عيون أنس، والحسرة في عيون أفنان، ليعلموا كم أن صورته قاسية في عيون هؤلاء، كم هي شديدة الرعب في قلوب أمهات هؤلاء الأطفال.
أي وطن اختزله رمز الخراب في صورته، إنها صورة اختبأ خلف كبريائها ألف لص وقاتل، صورة أخفت من القهر أكثر من زرعها للبسمة، من يبتسم لصورته الآن غير أولئك المدفوعين بحفنة من الأرز والدجاج وتخزينة قات، ألا يستحي أن تكون قيمة صورته، (نص دجاج وواحد رز).
هاهي الصورة كما قيل، محاولة يائسة للاحتفاظ بالزمن، لكنه زمن نسي أن يحتفظ لنفسه بصورة الأمس، هو زمن يبحث في أفق الآتي، والآتي لابد أن يكون وطناً، وليس صنماً.
لن تهزمنا صورته بعد الآن، فلتلحق به صورة رحيله، وليلحق به زمنه، وليبقى تاريخه شاهداً أمام آلاف الأيتام والأرامل والمشردين، بأن رجلاً ما، مر من هنا وخلّف كل هذا الخراب.
رسائل
- الأستاذ ياسين المسعودي القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة صحيفة (الثورة).
- الأستاذ عبدالرحمن بجاش، نائب رئيس مجلس الإدارة.. كنتما الصورة الجميلة المستترة داخل هذه المؤسسة، ولازلتما أكثر نظافة وأقرب إلى زملائكم، مايحدث الآن مجرد قرصنة لشذاذ آفاق لم يعتادوا الهزيمة لا أكثر.. فلا تكترثا للأمر.
- الأستاذ سمير اليوسفي، فعلت ما بوسعك وأكثر، وشعورك بالخذلان حق أصيل لك، لكن شعورنا بقدرتك على استيعاب كوارث كهذه يجعلنا نطمئن، فالصورة الواهمة في غلاف الجمهورية لا تخفي قنابل الحرية التي تتفجر في صفحات الصحيفة!.
- الأستاذ علي العمراني.. أنت رجل بحجم المرحلة، وبحجم المكان، وقليل من شدة الواقع تُقوّيك أكثر مما تُضعفُكَ، لتكن كما أنت، ولا تبتئس
*الصحوة نت