مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
كفكف دموعك يا عظيم
حالية الحنش
إن عظمة الرجال لا تكمن في صلابتها وقوتها فحسب ، بل في لين قلوبها ورقة طبعها ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يبكي عند النوازل ويتأثر تأثراً شديداً ، وهذا الصديق عليه رضوان الله كان رجل أسيف ، بمعنى أنه كان سريع البكاء عندما يشاهد أي موقف مؤثر ، حتى عمر رضي الله عنه وهو المعروف بشدته وقوته كانت عيناه تتفطران من الدمع عندما يقرأ القرأن أو يتذكر موقفاً حدث له في الجاهلية ، فبكاء الرجل عزة وكرامة ورفعة وليس عيبا مطلقاً كما صورت بذلك ثقافتنا الموروثة ، وإني لمن أشد المستغربين من بعض الذين تحجرت قلوبهم عندما شاهدوا هذا الجبل الشامخ يبكي لإجل مستقبلهم ومستقبل أبناءهم ومع ذلك يسخرون منه ومن دموعه الغالية ، ولكم أحسست كما أحس كل يمني صادق الولاء لهذا الوطن بصدق مشاعر هذا الرجل العظيم وسموه عندما بكى وهو يشاهد القتلة يفلتون من حكم الدنيا بسبب ذلك القانون الذي كان يتمنى أنه لم يشهد إقراره ، ولكن بسبب رؤيته الثاقبة ومعرفته بالمصير المؤلم لهذا البلد المنكوب حضر تلك الجلسة رغما عنه ، وعندما لم يقوى على فعل شيء أنزل تلك العبرات الغالية ، إن نزولها يدل على دلالات عدة لمن كان له قلب ووعى ، نزولها تعني أنه لم ينسى منظر الشهداء وهم يتساقطون ودماؤهم الطاهرة تملأ أرجاء الساحات ، نزولها يعني أنه لم ينسى نواح الثكالى على فلذات أكبادهن ، نزولها يدل على أنه قلبا وروحا مع كل بيت منكوب في بلده ليعلن أنه سيكون الوالد لكل يمني ويمنية ، ولهذا نقول له بكل ود ، لا تبكي أيها الغالي على قلوبنا فدموعك الرائعة قد أحيت ضمائر كثير من الناس لفتح صفحة جديدة وطي صفحات مليئة بالاحقاد والضغائن ، أعادت دموعك الشرخ الذي كان بدأ في الاتساع في قلب وطني الغالي ، جعلت من كل يمني يقف مع نفسه ويحاسبها ويعاهدك على الوقوف إلى جانبك حتى يعاد لهذا البلد إشراقه من جديد بعد سنوات من البؤس والشقاء ، لقد شاهدت فيك روح والدي الراحل وأنت تسقط تلك العبرات فنزلت دموعي رغما عني وردد لساني بلا إرادة مني قائلا ، لا تبكي يا والدي فدموعك غالية ، ولا تحسب أنك بتلك الدموع خسرت كبريائك بل كسبت ملايين القلوب التي رأت فيك الامل المشرق لهذه الثورة الفتية وهنا فقط تحرك قلمي مخرجا هذه الابيات :
كفكفْ دموعكَ يا عظيم فإنها
قد فجرتْ نهرَ الحروفِ لديا
باتت تكلموني وتسألُ نفسها
أوَ قدْ بكتْ تلكَ الجبالُ عِشيا
فأجبتٌها مهلاً حروفي إعلمي
من يخرجٌ الدمع العزيزغنيا
إن كان عزاً للبلاد نزولها
لا ليسَ عيباً في الرجالِ بٌكيا
ومن هنا نقول لك سر أيها الوالد الغالي وكل يمني غيور سيكون يدك وعينك التي تساعدك على البناء والاعمار ، نعلم أن مهمتك شاقة لانها أشبه بثقب الصخور الصماء ، فالفساد مستشري بشكل كبير في كيان الوطن وليس من السهل إزالته ، و لكن عزيمتك ستقهره وتقوض بنيانه ، إبدأ بإصلاح القوانين لانها أساس الحكم والعدل في البلاد ، اصلح المحاكم واحرص على إستقلاليتها ونزاهتها ليطمئن الناس على أنفسهم وممتلكاتهم ، أعد ثروات البلاد المنهوبة من قبل الشركات التي باعنا لها النظام السابق لانها تقدر بالمليارات ، أصلح المؤسسات وأعد بناءها على الطرق الحديثة لتلحق بركب الحضارة لاننا عندما ندخل مؤسسة حكومية في بلدي نسأل أنفسنا هل نحن في القرن الواحد والعشرين ، والعجيب أنه حتى سفاراتنا في الدول المتقدمة تأخذ نفس المنحنى في الداخل فتجد الفوضى تعم المكان والمراجعين والطلاب كأنهم طالبي مساعدات على باب الرئيس يدخلون الاوراق من الشبابيك ، لا تدع الجيش ألعوبة في يد بعض المشائح والاسر ، إبن اليمن والدنا فاليمن أمانة في عنقك ، نعلم أنها أمانة عظيمة وثقيلة ولكنك من وضعك الله في هذا الطريق لهذا الهدف السامي فهذا قدرك ومسؤليتك أعانك الله عليها وأيدك ببصيرته وحكمته.
*الصحوة نت
أضافة تعليق