أحمد بابانا العلوي
خاص الوفاق
اقرا قرات مقال الاستاذ توفيق بوعشرين في جريدة اخبار اليوم بعنوان الياسمين يطلق عطره حول فوز حزب النهضة بالمرتبة الاولى في الانتخابات التونسية و ما لفت انتباهي هوالعبارة التالية
التونسيون اعطوا اصواتهم لحزب يعد بمحاربة الفساد والقمع والمزاوجة بين الاسلام والدولة المدنية الديمقراطية ويدافع عن الهوية العربية الاسلامية و اذا كنت اوافق الكاتب بان هذه العبارة الاخيرة تشكل بالفعل المرتكز الاساس الذي قامت عليه حركة النهضة التونسية في مواجهة الدولة البورقيبية ذات النزعة التغريبية الفرنكفونية اما فيما يتعلق بعبارة الجمع بين الاسلام والدولة المدنية الديموقراطية فهنا ارى ان هناك خلط مفاهمي في اللغة السياسية خاصة المتداولة في الصحافة وبالتالي لا بد في تصوري من التدقيق في هذا الامر حتى نكون على بينة مما نعنيه من الكلام او المصطلحات التي نقدمها للناس لكي لا يختلط عليهم الامر
اولا الاسلام دين ومنهج وعقيدة وشريعة تفرعت عنها ثقافة وحضارة وقوة تسعى عبر التاريخ وليس خارج التاريخ الى ان تكون فاعلة
ثانيا ان مفهوم المدنية الذي ابدعه فلاسفة الاسلام الاوائل اصبح ملتبسا الى حد ما لان هناك من يريد استبدال شعار الدولة العلمانية بالدولة المدنية لاعتبارات سياسية نظرا للحمولة التي يتضمنها مفهوم العلمانية من المعاني التي لا تتلائم مع الثقافات السائدة في المجتمعات الغير الغربيةمع العلم ان المفهوم الذي استعمله الفيلسوف لوك هو الحكومة المدنية وشتان بين المصطلحين
ثالثا الديموقراطية وتعني الاجراء التدبيري لتاسيس النظم الاجتماعية على الحرية المسؤولة اي الخاضعة للشرائع والقوانين وقد استعمل ارسطو مصطلح الديموقراطية باعتبارها نظام ضمن النظم السياسية في كتابه السياسة وهو في الحقيقة السياسات بالجمع وليس بالمفرد politiques les
فالديمقراطية نظام سياسي واسلوب للحكم وتدبير الشان العام وفق اصول وقواعد مؤسسة على ارادة الاغلبية من المواطنين مع ضمان حق الاقلية في التعبير عن رايها والتمتع بكافة حقوقها الطبيعية في اطار سيادة القانون والشرائع الناظمة للعلاقات الاجنماعية
ومن ثم فان هذا الاسلوب التدبيري او السياسي انما يندرج ضمن مرجعيات سوسيو ثقافية وحضارية ودينية وتاثير وتاثر متبادل
بحقائق العصر ومتطلباته من اجل الانخراط بفعالية في السيرورة الحضارية والاسهام في صياغة ملامح النظام العالمي الذي هو في
طور التشكل والتبلور وتاسيسا على ذلك فان الامر لا يتعلق بالشكل بقد ر ما يهم الجوهر اي العمق الحضاري
رابعا من هذا المنطلق فان مفهوم مدنية الدولة انما يعني التمد ن السياسي والتمد ن بمعنى التجذ ر الحضاري اي القدرة على الفعل الحضاري والثقافي ضمن منظومة لها حضور فعلي في الصيرورة التاريخية اي انها قادرة على الفعل التاريخي وبالتالي خارج هذا الاطار سنكون فقط مندرجين ضمن سياق التقليد الذي هو القابلية للاستعمار بكل اشكاله ومظاهره والسبب في ذلك يعود الى ان النخب فقد ت عمقها الحضاري والثقافي
والخلاصة التي اريد ان اقف عندها في هذه العجالة ان الباحث الموضوعي لابد له ان يقر بان الاسلام مدني بطبعه لانه يقوم على ركيزتين اساسيتين حرية الضمير والمسؤولية الفردية والجماعية فقط عندما تختل الموازين ويغيب الوعي ترتكس المجتمعا ت في حماة الطغيان وبراثين التخلف والاستبداد والاستحما ر ومن ثم تفقد ضميرها وتفقد حريتها ومن فقد حريته وضميره خرج من التاريخ
خاص الوفاق
اقرا قرات مقال الاستاذ توفيق بوعشرين في جريدة اخبار اليوم بعنوان الياسمين يطلق عطره حول فوز حزب النهضة بالمرتبة الاولى في الانتخابات التونسية و ما لفت انتباهي هوالعبارة التالية
التونسيون اعطوا اصواتهم لحزب يعد بمحاربة الفساد والقمع والمزاوجة بين الاسلام والدولة المدنية الديمقراطية ويدافع عن الهوية العربية الاسلامية و اذا كنت اوافق الكاتب بان هذه العبارة الاخيرة تشكل بالفعل المرتكز الاساس الذي قامت عليه حركة النهضة التونسية في مواجهة الدولة البورقيبية ذات النزعة التغريبية الفرنكفونية اما فيما يتعلق بعبارة الجمع بين الاسلام والدولة المدنية الديموقراطية فهنا ارى ان هناك خلط مفاهمي في اللغة السياسية خاصة المتداولة في الصحافة وبالتالي لا بد في تصوري من التدقيق في هذا الامر حتى نكون على بينة مما نعنيه من الكلام او المصطلحات التي نقدمها للناس لكي لا يختلط عليهم الامر
اولا الاسلام دين ومنهج وعقيدة وشريعة تفرعت عنها ثقافة وحضارة وقوة تسعى عبر التاريخ وليس خارج التاريخ الى ان تكون فاعلة
ثانيا ان مفهوم المدنية الذي ابدعه فلاسفة الاسلام الاوائل اصبح ملتبسا الى حد ما لان هناك من يريد استبدال شعار الدولة العلمانية بالدولة المدنية لاعتبارات سياسية نظرا للحمولة التي يتضمنها مفهوم العلمانية من المعاني التي لا تتلائم مع الثقافات السائدة في المجتمعات الغير الغربيةمع العلم ان المفهوم الذي استعمله الفيلسوف لوك هو الحكومة المدنية وشتان بين المصطلحين
ثالثا الديموقراطية وتعني الاجراء التدبيري لتاسيس النظم الاجتماعية على الحرية المسؤولة اي الخاضعة للشرائع والقوانين وقد استعمل ارسطو مصطلح الديموقراطية باعتبارها نظام ضمن النظم السياسية في كتابه السياسة وهو في الحقيقة السياسات بالجمع وليس بالمفرد politiques les
فالديمقراطية نظام سياسي واسلوب للحكم وتدبير الشان العام وفق اصول وقواعد مؤسسة على ارادة الاغلبية من المواطنين مع ضمان حق الاقلية في التعبير عن رايها والتمتع بكافة حقوقها الطبيعية في اطار سيادة القانون والشرائع الناظمة للعلاقات الاجنماعية
ومن ثم فان هذا الاسلوب التدبيري او السياسي انما يندرج ضمن مرجعيات سوسيو ثقافية وحضارية ودينية وتاثير وتاثر متبادل
بحقائق العصر ومتطلباته من اجل الانخراط بفعالية في السيرورة الحضارية والاسهام في صياغة ملامح النظام العالمي الذي هو في
طور التشكل والتبلور وتاسيسا على ذلك فان الامر لا يتعلق بالشكل بقد ر ما يهم الجوهر اي العمق الحضاري
رابعا من هذا المنطلق فان مفهوم مدنية الدولة انما يعني التمد ن السياسي والتمد ن بمعنى التجذ ر الحضاري اي القدرة على الفعل الحضاري والثقافي ضمن منظومة لها حضور فعلي في الصيرورة التاريخية اي انها قادرة على الفعل التاريخي وبالتالي خارج هذا الاطار سنكون فقط مندرجين ضمن سياق التقليد الذي هو القابلية للاستعمار بكل اشكاله ومظاهره والسبب في ذلك يعود الى ان النخب فقد ت عمقها الحضاري والثقافي
والخلاصة التي اريد ان اقف عندها في هذه العجالة ان الباحث الموضوعي لابد له ان يقر بان الاسلام مدني بطبعه لانه يقوم على ركيزتين اساسيتين حرية الضمير والمسؤولية الفردية والجماعية فقط عندما تختل الموازين ويغيب الوعي ترتكس المجتمعا ت في حماة الطغيان وبراثين التخلف والاستبداد والاستحما ر ومن ثم تفقد ضميرها وتفقد حريتها ومن فقد حريته وضميره خرج من التاريخ